أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-7-2017
6002
التاريخ: 25-03-2015
36129
التاريخ: 29-09-2015
1408
التاريخ: 30-09-2015
1830
|
لا يجري الإنتاج الأدبي والفنيّ بمعزلٍ عن المجتمع والبيئة، والمبدع محكومٌ، إلى حدٍ بعيد، بمحيطه الذي يعيش فيه، ويكوّن جزءاً منه يبادله التفاعل أخذاً وعطاءً، وتأثّراً وتأثيراً، فهو يتأثر بالطبيعة التي تحيط به وتفعل في تكوين صوره ورؤاه ونشاطه وتختلف معطيات الطبيعة باختلافها وتنوعها: فهناك البحار الصاخبة والجبال الجبارة والغابات الغامضة والأنهار المتدفقة والسماء الغائمة الراعدة والرياح المزمجرة.. وهناك الصحاري الساكنة والرمال الممتدّة تحت لهيب الشمس الساطعة والسماء الصافية والليالي الساجية ذات النجوم البراقة.. وإنّ هذه البيئات تختلف حتى في الألوان والظلال والأحاسيس والروائح. ويستدعي اختلافها اختلافاً ضرورياً في الواقع البشريّ من حيث التكوين الجسديّ والطباع وضروب المعيشة والنواحي الذوقيّة والرؤى الفكرية والفنيّة، واللغة وضروب التعبير. وإنّ انتقال الإنسان من بيئةٍ إلى أخرى لا يمحو آثار الأولى بل يجعلها في حوار جديد مع معطيات الثانية تتكون منه رؤى وانعكاسات جديدة متميزة.
ولا يقف الأمر عند تأثيرات الطبيعة، فهنالك ما هو أكثر أهميّة، هنالك البيئة البشرية بكل ما تعنيه من السكون أو الاصطخاب، والتجانس أو التشعّب، والتنوع والتقلّب.. ولا يستطيع المبدع، وهو خليّة من المجتمع، أن يتملّص من آثاره أو يجمُدَ عند تغيُّره. إن البيئة البشرية تعني الثقافة والحضارة وطرق المعيشة والمسكن والملبس والحالة الطبقية والإنتاج الاقتصادي والتقاليد والعادات والأذواق والعلوم والفنون والعمران والحياة الفكرية والشرائع والأشكال السياسيّة. والتمازج بين الشعوب وتلاقح الحضارات والانتصارات والهزائم والاستقرار أو الاضطراب.. وما إلى ذلك من الظروف الاجتماعية ذات التأثير الأكيد على الإنسان عموماً والمبدعين ونتاجهم خصوصاً. وبالمقابل تخضع هذه البيئة لتأثير المبدعين فيها، فالتفاعل بينهما متبادل بل يُعَدّ العاملُ الفكريّ والفنّي من أبرز أسباب التغيير الاجتماعي.
ومن هنا انطلق المذهب التاريخي النقدي الذي عُني بدراسة البيئة ومدى تأثيرها في الآداب والفنون وتأثرها بها ودلالة هذه الإبداعات على ملامح البيئة وتصويرها لتياراتها الخفيّة والظاهرة وإرهاصاتها المستقبليّة. يقول طه حسين في دراسته الأولى للمعري "إن الرّجل وماله من آثار وأطوار نتيجةٌ لازمة وثمرة ناضجة لطائفةٍ من العلل اشتركتْ في تأليف مزاجه وتصوير نفسه.. والخطأ كلّ الخطأ أن ننظر إلى الإنسان نظرتنا إلى الشيء المستقل عما قبله وبعده، الذي لا يتصل بشيء مما حوله، ولا يتأثر بشيءٍ مما سبقه أو أحاط به".
وهذا لا يعني أن المبدعين يتماثلون في طبيعة موقفهم من البيئة تأثيراً وتأثراً، بل يعني طابعاً عاماً يشملهم، فيطبع معظم نتاجهم ونتاج معظمهم بصبغةٍ معيّنة هي صبغة العصر، مع احتفاظ كل منهم بخصوصيته وفرادته. ومن هذا التأثير البيئي العام يتكوّن بشكل عفوي، على صعيدي الممارسة والإنتاج "مذهب" لا تتضح معالمه أول الأمر ولا تلحظ قواعده، بل يحتاج إلى مرور عشرات السنين حتى يأتي الدارسون والنقاد والمنظرون الذين يتأملون تلك الظاهرة وأسبابها وتجلياتها وتطورها ثم يخلصون إلى استخلاص قواعدها وفلسفتها وتحديد معالمها وأعلامها ومصطلحاتها وظروفها المكانية والزمانية، وتأثيرها وتأثرها.. فإذا بمدرسة نقدية كاملة تنشأ حول هذا المذهب أو ذاك..
إنّ "المذهب" تكوّنٌ جماعيّ لا يقتصر على فردٍ واحد بل يشمل عدداً كبيراً من المبدعين جمعت بينهم ذوقيّة واحدة وأمزجة متشابهة لوقوعهم تحت تأثير مناخ بيئي عامٍ.. ولهذا دُعيت الرومانسية "مرض العصر" تشبيهاً لها بالجائحة.
والمذهب لا يأتي فجأة فينسخ ما قبله، ولا يزول فجأة أمام موجة مذهبية جديدة، بل يتكون تدريجياً حيث تتعايش آثار المدرسة السابقة والمدرسة الراهنة، ثم تزول الآثار القديمة رويداً رويداً كما يضمحل ضوء النهار أمام زحف الليل، ثم لا يلبث المذهب أن يتلاشى تدريجياً أمام مدرسة لاحقة. وتتزامن آثار المدرستين لدى كاتب بعينه، في بعض الأحيان، أو لدى عددٍ من الكتاب والمبدعين في فترة واحدة. وقد يكون للمذهب بعد انطوائه عودة بملامح جديدة -بل قد توجد في وقت واحد ملامحُ لمدارسَ عديدة، كما هو الأمر في الأدب العربي الحديث حيث تشاهدُ معاً اتجاهات المدارس التقليدية والإبداعية والرمزية والواقعية. والسبب في ذلك اختلاف الشروط الخاصة التي يخضع لها كلٌ من الأدباء والمبدعين كتنوع الظروف والثقافات والأيديولوجيات والمستوى الحضاري والتفاعل مع التيارات الجديدة أو الغربية، وسرعة تطوّر الأديب أو تباطؤه في الاستجابة والتلاؤم واختلاف المواهب والمزايا الفردية. وأخيراً إنها سُنة التطور الطبيعي التي تنافي المفاجأة والطفرة، وتخضع لقانون الفعل وردّ الفعل.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|