المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



العصر الذهبي للكلاسيكية  
  
2370   05:14 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : عبد الرزاق الأصفر
الكتاب أو المصدر : المذاهب الأدبية لدى الغرب
الجزء والصفحة : ص16-819
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد الحديث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-08-2015 30501
التاريخ: 25-03-2015 4797
التاريخ: 29-09-2015 2086
التاريخ: 27-7-2017 16286

بلغت الكلاسيكية الفرنسية بعد ماليرب ذروتها في النصف الثاني من القرن السابع عشر. وتقسم هذه الفترة إلى قسمين: أولهما فترة الإزدهار من 1660-1688 والثاني فترة الانتقال من 1688-1715.

أولاً-فترة الازدهار:

وقد أسهمت فيها عوامل وظروف عديدة أبرزها:

1-رعاية لويس الرابع عشر الذي كان ملكاً قوياً، حصر السلطات كلها بيده. وهو الذي قال قولته المشتهرة: "أنا الدولة" وفي عهده ازدهرت الصناعة والزراعة والتجارة والنظم الإدارية والاقتصاد، واهتم بتقوية الجيش والبحرية، وخاض حروباً كثيرة مع جيرانه حاز فيها انتصارات كثيرة، ولكنها آلت في النهاية إلى إضعاف فرنسا وضعضعة اقتصادها وتبديد ثرواتها وألحقت المآسي والآلام بالشعب الفرنسيّ.

عرف لويس الرابع عشر برعايته الآداب والفنون والعلوم مادّياً ومعنوياً وتقريبه الأدباء الكبار ومنحهم المسكن والمرتبات، ولذلك بلغت الحركة الأدبية في عهده أوج الازدهار، فظهر في المسرح كوريني وراسين وموليير وفي الشعر والنقد بوالو وفي الحكايات لافونتين وفي النقد لابرويير، وفي الفلسفة ديكارت وباسكال، وفي الخطابة فينيلون وبوسوييه، وفي التاريخ سان سيمون، وغير هؤلاء عديدون، وبرز عددٌ من الفنانين والنحاتين والمعماريين والعلماء والممثلين. ورعى الأكاديمية وافتتح المعاهد والكليات وأنشأ المكتبات.. وأعادَ للعبقري اعتباره واحترامه.

2-جمهور النخبة المثقفة وكان يتألف من الحاشية الملكية ورجال الحكم والبلاط-ومن الطبقة البورجوازية:

آ- البلاط الملكي: كان لويس الرابع عشر يختار حاشيته من النبلاء. وكان هؤلاء يتنافسون في التقرب منه وخدمته وابتغاء رضاه ويبذّرون أموالهم للظهور بالمظهر اللائق، وسرعان ما يفضي بهم التبذير إلى الإفلاس والافتقار، فيعيشون منتظرين إحسان الملك وهكذا يزداد سلطانه رسوخاً بضعف نفوذ من دونه. وقد وجد الأدباء في البلاط والحاشية جمهوراً مشجِّعاً، فثّم الثقافة والذوق والتشجيع والكرم والتنافس في المظهر الثقافي الراقي. وتألقت في هذا المحيط سيداتٌ ذكيات على جانب من الثراء والثقافة والذوق، كن يشاركن في القضايا السياسية والمناقشات الدينية، ويفتتحن الصالونات الأدبية في بيوتهن.. وإليهن يُعزى تشجيع كثير من الأدباء والارتقاء بفن المحادثة الرقيقة التي تتميز بالذكاء والحساسية والإرهاف مع لطف الكناية والتورية والإيجاز مع العمق.

... ... والحقيقة أن فرساي واللوفر وسواهما من القصور لم تشهد أفضل من هذا الجمهور برجاله ونسائه وسياسييه وأدبائه وعلمائه وفنانيه من حيث المستوى الثقافيّ والمقدرة على الفهم والنقد والتذوق، والتحلي برعاية المبدعين وتشجيعهم.

ب-الطبقة البورجوازية: انتشر العلم في هذه الطبقة التي برزت في مجتمعات المدن ولا سيما العاصمة. وبينما كان النبلاء يفلسون الواحد تلو الآخر، كان البورجوازيون يزدادون غنىً ويسراً، فكانوا يعلّمون أبناءهم في أفضل المدارس وعلى يد خيرة الأستاذة والمربين، فيتخرجون في الكليات الجامعية أو في معاهد اليسوعيين مزودين بالمعرفة العالية، ثم يبحثون عن منصب في الدولة، لائقٍ بهم يشترونه بالمبالغ الكبيرة، وقد كانت هذه الطبقة تجمع إلى جانب الثراء، الإقبال على الأدب وتشجيع الأدباء والتنافس في اجتذابهم، مما جعل منهم جمهوراً آخر يضاف إلى جمهور البلاط والنبلاء، يُحْسن تقدير الانتاج الكلاسيكي الرفيع، ويشجع أصحابه ويحرص على الظهور في الأوساط الأدبيّة وفي المقاعد العالية في صالات العروض المسرحيّة.

3-التأثيرات الخارجية:

تتلخص هذه المؤثرات بالعوامل الآتية:

1-المجادلات والمناظرات الدينية بين أصحاب الاتجاهات البروتستانتية والكاثوليكية والجانسينيّة والصوفية. وقد برز أثر ذلك في أدب الخطباء مثل بوسُّوييه وفينيلون ولدى أمثال راسين وبوالو.

2-الدمار والضعف في بنية الدولة في أواخر حكم لويس الرابع عشر من جراء الحروب والكوارث التي لحقت بالشعب، مما ترك أصداءً مأساوية عميقة لدى الكتاب أمثال فينيلون ولا برويير، ومهد بالتالي لظهور الرومانسية.

3-الآداب الأجنبية: أثرّ الأدب الإيطالي في الأدب الفرنسي الكلاسيكي، في النصف الأول من القرن السابع عشر (تأثير لاتاسّ) وقلّد كوريني ومعاصروه الأدب المسرحي الإسباني (تأثير سيرفانتس ولوبي دي فيغا وكالديرون) وبقي أدباء الملهاة الفرنسيون يقلدون الملهاة الإسبانية حتى نهاية القرن السابع عشر. ولكنهم سرعان ما تخلصوا من هذه المؤثرات التقليدية منذ عام 1660 إلاّ في القليل النادر، فموليير مثلاً بدأ بتقليد الطليان ثم قلد الإسبان في مسرحية (دون جوان) وفيما عدا ذلك كان فرنسياً بكلّ معنى الكلمة. أما لافونتين فقد قلّد خرافات الأقدمين (إيسوب).

أما الناثرون الكبار فلم يتأثروا بأي صدى خارجي.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.