الماء من المصادر الأساسية لحياة الإنسان والحيوان لذلك وجدت الـــــمدن  في أماكن توافر المياه. ومنذ اللحظة التي اكتشـف فيها الإنسان النار والمأوى بدأت مشكلات التلوث البيئي إذ كـان التلوث لا يشكل تأثيراً واضحاً  .

وتعد المياه من أهم مقومات البيئة وقد شملتها التخريبات الكبيرة نتيجة لفعاليات الإنسان غير المسؤولة . إن الحاجة إلى مصادر المياه الصالحة للشرب والاستعمالات الأخرى في تزايد مستمر في المجتمعات ولاسيما  المتقدمة منها إذ وصلت الحالة الحرجة في أن مصادر مياهها لا تكفيها مباشرةً و بدون معالجة و منها مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية.

لقد أدى تصريف  فضلات المياه الصناعية والسكنية في مسطحات المياه الطبيعية من انهار وجداول وبحيرات إلى تحويلها إلى مستودعات للمياه القذرة الآسنة ذات روائح كريهة معدمة فيها الحياة المائية ( علي ، 1987) وتساهم الصناعة بشكل كبير في تلوث البيئة المائية لان نسبة كبيرة من  تدفقاتها تحتوي على مواد كيميائية ومركبات تتكون كنواتج عرضــية إذ شكل حجم هذه التدفقات حوالي %18 من مجموع مياه الفضلات الكلية في مدينة كاليفورنيا عام 1971 (SCCWRP , 1973) . أن الصناعة تأخذ الماء النقي كيميائياً وتستغله في العمليات الصناعية المختلفة ثم تعيده ملوثاً بالمواد الكيميائية المختلفة ،  الصلبة والسائلة والغازية مغيرة ً من صفاته الفيزيائية والكيميائية ( آدم ، 1985) .

ويعرف التلوث بأنه التغيير في تركيب احد العناصر الرئيسية للبيئة وقد يحدث هذا التغيير بصورة طبيعية أو بتأثير الإنسان أو الحيوان ، و إن أغلب المشاكل البيئة الحالية هي نتيجة التصرف غير المقبول للإنسان مما يتسبب في التلوث البيئي لتحقيق مصلحة ذاتية ( حسين ، 2000) .

أما المخلفات الصناعية السائلة فتعرف بأنها أي سائل يتخلف عن العمليات الإنتاجية في المصنع الذي من الممكن أن يؤثر على استعمالات المصدر المائي أو يؤثر على العمليات الإنتاجية للمعامل التي تقع علــــى مقربة منــه أو يؤثـــر في الحياة والصحـــة للأحـــياء المستعملة لهذا المصدر (علي ، 1990 ). إنّ التغيير النوعي أو الكمي في الصفات الفيزيائية أو الكيميائية أو البايولوجية للعناصر البيئية يسبب التلوث (بوران وابو ديه ، 1996) . كذلك فانّ  مصطلح التلوث المائي يطلق على الجسم المائي الملــوث بمـواد كيميــــائية سامـــــــة تــؤدي إلى هـــلاك العديــد مـن الكائنـــــــات الحية (السعدي وجماعته ، 1986 ) . تعاني الأنهار العراقية من زيادة الملوثات، وخصوصا في السنوات الأخيرة إذ إنّ عدد المصانع و الأرض المزروعة و الأسمدة المستعملة و عدد السكان و التطور العمراني ازداد ازدياداً عموديا وأفقياً وهذه الزيادة أدت إلى زيادة الملوثات المطروحة وخصوصا السائلة منها .    

وتشير التقارير إلى أن معظم أنهار العالم ملوثة ولكن بدرجات متفاوتة فمثلا نهر الراين أصبح ملوثا ً حتى أطلق عليه أطول مجرى للمياه القذرة في العالم (علي،  1987) وان ما يقرب من (500) مليون شخص في العالم يعانون سنويا من مشاكل استعمال المياه الملوثة وان (10) ملايين شخص ومعظمهم من الأطفال يتعرضون للوفيات نتيجة الإصابة بالأمراض المعدية  إضافة إلى أخطار التلوث بالمواد الكيميائية السامة والمواد المشعة  ( WHO, 1976) . ويعد حق العيش في بيئة نظيفة من أهم الحقوق والحريات العامة للفرد إذ تضمنت الاتفاقات الدولية ذلك وتم التأكيد فيها على ضرورة التكاتف والتعاون الدولي لغرض معالجة المشكلات البيئية ،   ونتيجــة للمخـــاطر البيئـية الكبــيرة أصبح قلـق الإنســان كبيرا ً وأصبــح التلوث البيئــي يهــدد البشــر أكثر مما تهــدده الحروب وتركز قلــق النـاس جميعا ً حول المـاء الذي يشربونه والهواء الـذي يستنـشقونـه ، ونتيجـة لذلك تم عقـد المؤتمرات واللقاءات والاتفاقيــات الدوليـة حــول الحــد مـن مخاطـر التلـوث وأجريت دراسـات عالميـة لتحديـد التلـوث في بعـض دول العــالـم .