آية وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ... وزعمهم بدلالتها على المتقدمين على امير المؤمنين |
2058
01:07 صباحاً
التاريخ: 14-11-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2019
1644
التاريخ: 17-11-2019
2234
التاريخ: 14-11-2019
481
التاريخ: 17-11-2019
2394
|
قالوا: وجدنا الله تعالى قد مدح أبا بكر في مسارعته إلى تصديق النبي صلى الله عليه وآله، وشهد له بالتقوى على القطع والثبات، فقال الله تعالى:
{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الزمر: 33 - 35] .
وإذا ثبت أن هذه الآية نزلت في أبي بكر على ما جاء به الأثر، استحال أن يجحد فرض الله تعالى، وينكر واجبا، ويظلم في أفعاله، ويتغير عن حسن أحواله، وهذا ضد ما تدعونه عليه وتضيفونه إليه من جحد النص على أمير المؤمنين عليه السلام فقولوا في ذلك كيف شئتم لنقف عليه.
قيل لهم: قد أعلمناكم فيما سلف أن تأويل كتاب الله تعالى لا يجوز بأدلة الرأي، ولا تحمل معانيه على الأهواء، ومن قال فيه بغير علم فقد غوى، والذي ادعيتموه من نزول هذه الآية في أبي بكر على الخصوص فهذا راجع إلى الظن، والعمل عليه غير صادر عن اليقين، وما اعتمدتموه من الخبر فهو مخلوق، وقد سبرنا الأخبار ونخلنا الآثار فلم نجده في شئ منها معروف، ولا له ثبوت من عالم بالتفسير موصوف، ولا يتجاسر أحد من الأمة على إضافته إلى النبي صلى الله عليه وآله فإن عزاه إلى غيره فهو كداود ومقاتل بن سليمان(1) وأشباههما من المشبهة الضلال، والمجبرة الاغفال الذين أدخلوا في تأويل كلام الله تعالى الأباطيل، وحملوا معانيه على ضد الحق والدين، وضمنوا تفسيرهم الكفر بالله العظيم، والشناعة للنبيين والملائكة المقربين عليهم السلام أجمعين، ومن اعتمد في معتقده على دعاوى ما وصفناه فقد خسر الدنيا والآخرة بما بيناه، وبالله العصمة وإياه نسأل التوفيق.
على أن أكثر العامة وجماعة الشيعة يروون عن علماء التأويل وأئمة القول في معاني التنزيل أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام على الخصوص، وإن جرى حكمها في حمزة وجعفر وأمثالهما من المؤمنين السابقين، وهذا يدفع حكم ما ادعيتموه لأبي بكر ويضاده، ويمنع من صحته ويشهد بفساده، ويقضي بوجوب القول به دون ما سواه، إذا كان واردا من طريقين، ومصطلحا عليه من طائفتين مختلفين، ومتفقا عليه من الخصمين المتباينين، فحكمه بذلك حكم الاجماع، وما عداه فهو من طريق - كما وصفناه - مقصور على دعوى الخصم خاصة بما بيناه، وهذا ما لا يحيل الحق فيه على أحد من العقلاء، فممن روى ذلك على ما شرحناه:
إبراهيم بن الحكم، عن أبيه، عن السدي، عن ابن عباس، في قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33].
قال: هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام(2) ورواه عبيدة بن حميد، عن منصور، عن مجاهد، مثل ذلك سواء(3). وروى سعيد، عن الضحاك، مثل ذلك أيضا(4). وروى أبو بكر الحضرمي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، في قوله تعالى: { والذي جاء بالصدق } " هو رسول الله صلى الله عليه وآله، صدق به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام "(5).
وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير(6)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، مثل ذلك سواء(7).
وقد روى أصحاب الحديث من العامة عن طرقهم خاصة أنها نزلت في النبي صلى الله وآله وحده دون غيره من سائر الناس.
فروى علي بن الحكم، عن أبي هريرة، قال: بينا هو يطوف بالبيت إذ لقيه معاوية بن أبي سفيان، فقال له أبو هريرة: يا معاوية، حدثني الصادق المصدق والذي جاء بالصدق وصدق به: أنه يكون أمرا يود أحدكم لو علق بلسانه منذ خلق الله السماوات والأرض، وأنه لم يل ما ولي(8).
ورووا عن السدي وغيره من السلف، عن قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33] قال: جاء بالصدق عليه السلام، وصدق به نفسه عليه السلام (9).
وفي حديث لهم آخر، قالوا: جاء محمد صلى الله عليه وآله بالصدق، وصدق به يوم القيامة إذا جاء به شهيدا(10).
وقد رووا أيضا في ذلك ما اختصوا بروايته دون غيرهم، عن مجاهد في قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} أنه رسول الله صلى الله عليه وآله، والذي صدق به أهل القرآن، يجيئون به يوم القيامة، فيقولون: هذا الذي دعوتمونا إليه قد اتبعنا ما فيه(11).
وقد زعم جمهور متكلمي العامة وفقهائهم أن الآية عامة في جميع المصدقين برسول الله صلى الله عليه وآله، وتعلقوا في ذلك بالظاهر أو العموم، وبما تقدمه من قول الله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ * وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } [الزمر: 32، 33].
وإذا كان الاختلاف بين روايات العامة وأقاويلهم في تأويل هذه الآية على ما شرحناه، وإذا تناقضت أقوالهم فيه بما بيناه سقط جميعها بالمقابلة والمكافأة، وثبت تأويل الشيعة للاتفاق الذي ذكرناه، ودلالته على الصواب حسب ما وصفناه، والله الموفق للصواب.
فإن قال قائل منهم: كيف يتم لكم تأويل هذه الآية في أمير المؤمنين عليه السلام، وهي تدل على أن الذي فيه قد كانت له ذنوب كفرت عنه بتصديقه رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث يقول الله تعالى: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الزمر: 35]. ومن قولكم أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يذنب ذنبا، ولا قارف معصية، صغيرة ولا كبيرة، على خطأ ولا عمد، فكيف يصح أن الآية - مع ما وصفنا - فيه؟! قيل لهم: لسنا نقول في عصمة أمير المؤمنين عليه السلام بأكثر من قولنا في عصمة النبي صلى الله عليه وآله، ولا نزيد على قول أهل العدل في عصمة الرسل عليهم السلام من كبائر الآثام، وقد قال الله تعالى في نبيه صلى الله عليه وآله {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] .وقال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 117] . وقال تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ } [الشرح: 2، 3] . فظاهر هذا الكلام يدل على أنه قد قارف الكبائر، وقد ثبت أنه مصروف عن ظاهره بضروب من البرهان، فكذلك القول فيما تضمنته الآية في أمير المؤمنين عليه السلام.
وجه آخر: أن المراد بذكر التكفير إنما هو ليؤكد التطهير له صلوات الله عليه من الذنوب، وهو وإن كان لفظه لفظ الخبر على الاطلاق، فإنه مشترط بوقوع الفعل لو وقع، وإن كان المعلوم أنه غير واقع أبدا للعصمة، بدليل العقل الذي لا يقع فيه اشتراط.
وجه آخر: وهو أن التكفير المذكور بالآية إنما تعلق بالمحسنين الذين أخبر الله تعالى بجزائهم من التنزيل، وجعله جزاء للمعني بالمدح للتصديق دون أن يكون متوجها إلى المصدق المذكور، وهذا يسقط ما توهمه الخصوم.
____________________
(1) مقاتل بن سليمان بن بشير البلخي، من أعلام المفسرين، كان متروك الحديث إذ نسبه الكثيرون إلى الكذب ووضع الحديث، عاش في بغداد وتوفي بالبصرة في سنة 150 هـ. " تهذيب التهذيب 10: 279 / 501، الجرح والتعديل 8: 354 / 1630، سير أعلام النبلاء 7: 201 / 79، وفيات الأعيان 5: 255 / 733 ".
(2 و 3) مناقب ابن شهرآشوب 3: 92، تلخيص الشافي 3: 215، تفسير الحبري:
315 / 62.
(4) مناقب ابن شهرآشوب 3: 92، مجمع البيان 8: 777، شواهد التنزيل 2: 122 / 813.
(5) كشف الغمة 1: 324، تلخيص الشافي 3: 214.
(6) (عن أبي بصير) ليس في ب، ح، م، وعلي بن أبي حمزة يروي عن الصادق عليه السلام مباشرة وكذلك بتوسط أبي بصير، راجع معجم رجال الحديث 11: 227.
(7) تلخيص الشافي 3: 215، وانظر مناقب ابن المغازلي 269 / 317، كفاية الطالب: 233، ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 418 و 419 / 924 / 925.
(8) تلخيص الشافي 3: 214.
(9) مجمع البيان 8: 777، تلخيص الشافي 3: 214.
(10) تلخيص الشافي 3: 214.
(11) تلخيص الشافي 3: 215، الدر المنثور 7: 229، تفسير الطبري: 24: 4، تفسير القرطبي 15: 256.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|