المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



تدوين الشعر الجاهلي  
  
16279   03:32 مساءاً   التاريخ: 23-03-2015
المؤلف : ناصر الدين الأسد
الكتاب أو المصدر : مصادر الادب الجاهلي
الجزء والصفحة : ص134-142
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-03-2015 4732
التاريخ: 23-03-2015 12724
التاريخ: 5-12-2019 2072
التاريخ: 23-03-2015 3970

الحديث عن تدوين الشعر الجاهلي لا تستقيم أمامنا طرائقه إلا إذا عبّدنا من حوله سبل الحديث عن نشأة التدوين العام وأوائل المؤلفات المدونة. وذلك لأنه لا تخصيص إلا بعد تعميم؛ فإذا كان الأصل الكلي -وهو التدوين عامة-ما زال غامض النشأة، مشكوكًا في بداياته، منكورًا قدمه وسبقه، فإن الفراغ الجزئي -وهو تدوين الشعر الجاهلي بخاصة-لا يصح أن يقوم وحده معلقًا في الفضاء، وحوله سحب الشك والإنكار(1).

فإذا أضفنا إلى ذلك أن هذا التدوين العام: سواء أكان تفسيرًا حديثًا أم لغة أم أدبًا عامًا -يشتمل في طياته على شعر جاهلي، بل على شعر جاهلي كثير-استبنَّا، لهذين الأمرين مجتمعين، ضرورة الإلمام بأطراف من نشأة التدوين على أن نوجز القول إيجازًا، ونقتضبه اقتضابًا، ونكتفي منه باللمحة الدالة. فلسنا نقصد إلى هذا الحديث لذاته، وإنما نتوسل به إلى موضوعنا الأصيل، ونتخذه معبرًا نجتازه إلى بحث تدوين الشعر الجاهلي.

وأول ما يعرض لنا، قبل المضي في البحث، سؤالان تعتمد على إجابتهما خطواتنا التالية. الأول: هل كانت الصحف من الكثرة والشيوع بمنزلة يتيسر معها أن يوجد التدوين؟ والثاني: ما هو المظهر اللغوي، أو الصورة اللغوية للتدوين في صدر الإسلام؟

وتبدو لنا قيمة السؤال الأول في أن التدوين والتأليف لا يقوم لهما وجود إلا إذا كانت الصحف التي تتخذ للكتابة من الوفرة والانتشار بمنزلة يتيسر معها، لمن أراد، أن يشتري منها ما يفي بحاجته، فيستطيع أن يضم بعضها إلى بعض، ويؤلف أجزاءها، ويجعل من مجموعة هذه الصحف ديوانًا مؤلفًا. أما إذا كانت الصحف مفقودة أو نادرة أو عزيزة مرتفعة الثمن لا يُستطاع الحصول عليها إلا بشق النفس أو بعد أن يُبذل في شرائها من المال ما لا يطيقه إلا الموسرون الأثرياء، فإن استخدام الصحف للكتابة في هذه الحالة لا يكون إلا في نطاق ضيق محدود لا يتيسر معه وجود التدوين والتأليف.

ويبدو لنا، مما عثرنا عليه من روايات ونصوص، أن الصحف كانت منذ الصدر الأول كثيرة شائعة، وأنه كانت لها أسواق أو متاجر خاصة تباع فيها، ويقوم على بيعها رجال يختصون بهذا الضرب من التجارة ويُعرفون به ويلقبون بالوراقين. ويبدو لنا كذلك أن هذه الصحف كانت أثمانها زهيدة يستطيع الناس أن ينالوا منها ما يريدون من غير أن يتكلفوا من أمر مالهم رهقًا.

ومما يدل على هذا الضرب من التجارة، وعلى توافر الصحف في الأسواق، وسهولة الحصول عليها، ما رُوي من أن علي بن أبي طالب خطب الناس في الكوفة، فقال: من يشتري علمًا بدرهم؟ فاشترى الحارث الأعور صحفًا بدرهم، ثم جاء بها عليًّا، فكتب له علمًا كثيرًا(2). وما رُوي أيضًا عن أبي الشعثاء سليم بن أسود قال: كنت أنا وعبد الله بن مرداس، فرأينا صحيفة، فيها قصص وقرآن، مع رجل من النخع، قال: فواعدنا المسجد، قال، فقال عبد الله بن مرداس: أشتري صحفًا بدرهم(3) "يريد أن ينسخها فيها". وعن إبراهيم أن علقمة اشترى ورقًا فأعطى أصحابه فكتبوه له(4). وعن وكيع عن محل قال، قلت لإبراهيم: لا بد للناس من المصاحف. فقال: اشتر المداد والورق واستعن "يعني من يكتب له"(5).

وكان مطر بن دهمان مولى علي بن أبي طالب يُدعى مطرًا الوراق(6)؛ ويروي أبو عبيدة أن المهلب قال لبنيه في وصيته: يا بني لا تقوموا في الأسواق إلا على زراد أو وراق(7)

ومما يؤيد ما ذكرناه من انتشار الصحف وبيعها في الأسواق وسهولة الحصول عليها وجود طبقة من النساخ كان بعضهم يحترف النساخة ويؤجر عليها. وممن كان ينسخ في الصحف: عمرو بن نافع مولى عمر بن الخطاب(8)، ومالك بن دينار الذي قال(9): دخل عليَّ جابر بن زيد، وأنا أكتب مصحفًا، فقلت: كيف ترى صنعتي هذه يا أبا الشعثاء؟ فقال: نعم الصنعة صنعتك، ما أحسن هذا تنقل كتاب الله من ورقة إلى ورقة، وآية إلى آية، وكلمة إلى كلمة، هذا الحلال لا بأس به. وكان سلمة بن دينار الأعرج أيضًا من هؤلاء النساخين(10)، وكان يأتيه الناس يكتبون حديثه، وممن كان يأتيه ابن شهاب الزهري، فكان الزهري يأخذ ورقة من ورق الأعرج فيكتب فيها الحديث ثم يقرأه ثم يمحوه مكانه؛ وربما قام بها معه، فيقرأها ثم يمحوها.

ومهما يكن عمل هؤلاء النساخ، أو الموضوع الذي ينسخونه، فإن الذي يعنينا من أمرهم أن قيام طبقة خاصة من النساخ دليل نضمه إلى الأدلة السابقة، فتشير كلها إلى توافر الصحف في الأسواق، ووجود محال خاصة لتجارتها، وقيام أفراد يختصون ببيعها وبالنسخ عليها، واستطاعة الناس آنذاك شراءها(11).

فإذا كان ذلك كذلك، فما هو المظهر اللغوي، أو الصورة اللغوية، للتدوين في هذا العصر المبكر؟ ونقصد بذلك الألفاظ التي كانوا يطلقونها ليدلوا بها على مجموعة الصحف المدونة. فإذا كانوا قد عرفوا التدوين والتأليف فلا شك في أنهم استخدموا ألفاظًا خاصة لمجموعة صحفهم تختلف عن ألفاظهم الدالة على الصحيفة المفردة. وسنعرض هنا بعض هذه الأبيات ليزداد اطمئناننا إلى معرفتهم بالتدوين آنذاك. فمنها:

الدفتر: ذكر الصولي(12) أنه ما سمع شيء في اشتقاقه إلا أنه عربي فصيح.

وقد ورد ذكره في كلام لعمر بن الخطاب، حينما جاءه بنو عدي يكلمونه في أمر ترتيب عطائهم في الديوان، فقال(13): بخ بخ بني عدي، أردتم الأكل على ظهري لأن أذهب حسناتي لكم، لا والله حتى تأتيكم الدعوة، وإن أطبق عليكم الدفتر. يعني: ولو أن تكتبوا آخر الناس.

وقال ابن شهاب الزهري(14): خرجنا مع الحجاج بن يوسف إلى الحج، فلما كنا بالشجرة، قال: تبصروا الهلال، فإن في بصري عهدة. فقال له نوفل بن مساحق: أتدري مم ذاك؟ ذاك من كثرة نظرك في الدفاتر.

وورد ذكر الدفتر كذلك في الشعر الإسلامي المبكر. قال جندل بن المثنى الطهوي(15):

هلا بحجر يا ربيع تبصر قد قُضي الدين وجف الدفتر

الكراسة: وربما سموا مجموعة الصحف أو الأوراق كراسة؛ قال إبراهيم(16) وما فرغ علقمة "ابن قيس النخعي المتوفى سنة 62" من مصحفه حتى بعث إلى أصحابه الكراسة والكراستين والورقة والورقتين.

وكان الضحاك يقول(17): لا تتخذوا للحديث كراريس ككراريس المصاحف.

الكتاب: وقد مر بنا، في حديثنا عن أدوات الكتابة، بعض ما ورد فيه لفظ الكتاب من الشعر الجاهلي، وقلنا آنذاك إن الكتاب مصدر كالكتابة، ولكنه لكثرة استعماله ودورانه أصبح اسمًا يطلق على الشيء المكتوب. وسنعرض بعض الروايات التي يرد فيها لفظ الكتاب بمعنى: الديوان أو الصحف المجموعة، وبذلك يكون معناه آنذاك كمعناه عندنا الآن.

فقد جاء ابن قرة بكتاب إلى ابن مسعود وقال(18): وجدته بالشام فأعجبني فجئتك به. قال: فنظر فيه ابن مسعود، ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم الكتب وتركهم كتابهم.

وهذا عبيدة بن عمرو السلماني المرادي "-72" دعا بكتبه عند موته، فمحاها، وقال(19): أخشى أن يليها أحد بعدي فيضعوها في غير مواضعها.

وكذلك وضع كريب "-98" عند موسى بن عقبة حمل بعير من كتب ابن عباس "-68"(20). وأوصى كذلك أبو قلابة عبد الله بن زيد "-104، 105، 107" أن تُدفع كتبه بعد موته إلى أيوب السختياني إن كان حيًّا وإلا فلتحرق(21). وكذلك أمر شعبة بن الحجاج ابنه أن يغسل كتبه ويدفنها بعد موته(22).

ألفاظ أخرى: وكانوا كذلك يطلقون على الكتاب المجموع لفظ: المصحف -ويقصدون به مطلق الكتاب لا القرآن الكريم وحده. فمن ذلك ما ذكره بقية قال(23): دفع إليَّ بحير مصحفًا لخالد بن معدان "الكلاعي المتوفى سنة 104" فيه علمه أخذه منه مكتوبًا في تختين وله مثل دفتي المصحف وله عرى وأزرار.

وثمة ألفاظ أخرى ذكرنا بعضها في الفصل الأول، وليس من هدفنا استقصاء هذا البحث، وإنما أوردنا هذه اللمحة العامة لنبين أن الألفاظ التي كانوا يطلقونها على تلك المجموعات توضح -بصورتها اللغوية وبالأخبار التي وردت فيها-أن القوم قد عرفوا التدوين بالمعنى الاصطلاحي منذ عهد التابعين الأولين ومن قبلهم الصحابة أنفسهم. بل لقد أوردنا في الفصل الأول ألفاظًا استعملت في الجاهلية تدل على المجموع المدون وكانت خاصة بالكتب الدينية مثل: السفر والزبور، وذكرنا هناك من أمثلة الكتب المدونة: التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى من العرب، وأشرنا إلى مجلة لقمان مع سويد بن الصامت(24)، وكتابات دانيال زمن عمر بن الخطاب، وأن عمر بن الخطاب نفسه انتسخ كتابًا من كتب أهل الكتاب في أديم فغضب من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم(25).

ويبدو أن هذه الكتب قد بلغت في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب من الكثرة والانتشار ما كان يُخشى منه الضلال والانصراف إليها عن قراءة القرآن.

قال القاسم بن محمد(26) إن عمر بن الخطاب بلغه أنه قد ظهرت في أيدي الناس كتب، فاستنكرها وكرهها، وقال: "أيها الناس، إنه قد بلغني أنه ظهرت في أيديكم كتب، فأحبها إلى الله أعدلها وأقومها، فلا يبقين أحد عنده كتابًا إلى أتاني به، فأرى فيه رأيي. قال: فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها، ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف؛ فأتوه بكتبهم، فأحرقها بالنار".

وقد تعني لفظة الكتب هنا: الكتب الدينية؛ ولكنها قد تحتمل أيضًا سائر الكتب. فالخوف من الضلال والانصراف إلى هذه الكتب عن القرآن الكريم ينسحب على الكتب جميعها؛ وقد تتضمن هذه الكتب بعض ما كان يدونه.

الجاهليون من كتب حكمهم وعلمهم(27)؛ وقد تتضمن كتب الأدب والأخبار الجاهلية التي تقص أخبار الجاهلية وأشعارها بما فيها من أيام ووقائع ومنازعات، فتثير الخصومات، وتحيي حمية الجاهلية، مما لا تحمد عقباه. فإذا كانوا آنذاك ينهون عن رواية الشعر الجاهلي الذي يبعث هذه المنازعات، فإن الأولى أن يحرقوا ويمزقوا تلك الكتب التي تشتمل على هذه الأخبار والأشعار.

ثم لا يكاد يمضي من القرن الأول نصفه حتى ترى قيام نادٍ فيه مكتبة عامة تحوي كتبًا في شتى الموضوعات، يؤمها الناس فيقرءون ما يشاءون منها؛ فقد كان "عبد الحكم بن عمرو بن عبد الله بن صفوان الجمحي قد اتخذ بيتًا، فجعل فيه شطرنجات ونردات وفرقات، ودفاتر فيها من كل علم. وجعل في الجدار أوتادًا، فمن جاء علق ثيابه على وتد منها، ثم جر دفترًا فقرأه، أو بعض ما يُلعب به فلعب به مع بعضهم"(28).

وليس في هذا ما يُستغرب فقد كان عدد القارئين الكاتبين كبيرًا حتى إن الضحاك بن مزاحم -في النصف الثاني من القرن الأول-كان في مكتبة ثلاثة آلاف صبي، وكان يطوف عليهم على حمار(29).

وهل أدل على هذه النهضة العلمية التأليفية المبكرة في القرن الأول من أن خالد بن يزيد بن معاوية -وقد كان خطيبًا شاعرًا وفصيحًا جامعًا وجيد الرأي كثير الأدب-وقد انصرف إلى العلم وتأليف الكتب وترجمة بعضها إلى العربية، فكان أول من ترجم كتب النجوم والطب والكيمياء(30).

ومما يدل على وجود خزائن الكتب في زمن الأمويين، وعلى قدم حركة النقل والترجمة، ما ذكره ابن جلجل في ترجمة ماسرجويه من أنه "كان يهودي المذهب سريانيًّا، وهو الذي تولى في الدولة المروانية تفسير كتاب أهرن بن أعين القيس إلى العربية، ووجده عمر بن عبد العزيز في خزائن الكتب، فأمر بإخراجه ووضعه في مصلاه، فاستخار الله في إخراجه إلى المسلمين للانتفاع به، فلما تم له في ذلك أربعون صباحًا أخرجه إلى الناس وبثه في أيديهم"(31).

فمنذ مطلع القرن الأول الهجري إذن حتى نهايته -فيما تتبعناه-كانت صحف الكتابة كثيرة، موجودة في الأسواق، زهيدة الأثمان، وبذلك وجدت الكتب والمدونات. وكان عدد القارئين كثيرًا؛ ولم تكن هذه الكتب والمدونات خاصةً بالأفراد أو مقصورة على الاستعمال الشخصي، بل لقد كانت تُعرض في مكتبات عامة كما رأينا. وكانت، فوق هذا، تباع في الأسواق لمن أراد أن يشتريها ويقتنيها؛ فقد ذكروا أن همام بن منبه كان يشتري الكتب لأخيه وهب بن منبه "المتوفى سنة 110هـ" وكان وهب هذا مشهورًا بسعة اطلاعه وكثرة الكتب التي قرأها(32).

غير أن هذا إجمال عام يقتضينا أن نشير إشارة موجزة إلى أنواع هذا التدوين، وذكر الموضوعات التي كانوا يدونونها؛ لنستبين الصلة بين التدوين العام وتدوين الشعر الجاهلي خاصة. ونقصد من هذا العرض السريع أن نوضح أن تدوين الحديث والتفسير واللغة والأنساب والشعر قد بدأ منذ عهد مبكر جدًّا؛ وأنه ليس صحيحًا ما يذكر من أن التدوين لم يعرفه العرب إلا في آخر القرن الثاني ومطلع القرن الثالث.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وتفصيل ذلك أن المشهور المتداول أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيت تثقل بالرواية الشفهية جيلاً بعد جيل نحو مائة سنة أو تزيد، حتى قيض لها أن تدون. وأقدم زمن تحدده الروايات لتدوين الحديث يتصل بعهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز.

أما كتب اللغة والشعر والأدب عامة، فإن المعروف أنها لم يبدأ تدوينها إلا في نهاية القرن الثاني الهجري ومطلع القرن الثالث. بل لقد وجد من ينكر هذا التاريخ المتأخر، ويعد ما وصل إلينا من مدونات منسوبة إلى رجال نهاية القرن الثاني لم يكن إلا دروسًا شفهية لم يدونوها وإنما دونها تلامذتهم أو تلامذة تلامذتهم ثم نسبوها إلى شيوخهم. وبذلك لا يبدأ التدوين، فيما يرى هذا الفريق، إلا في نهاية القرن الثالث الهجري. "انظر ما كتبه المستشرق هـ. أ. ر. جب في مجلة الأدب والفن -السنة الأولى، الجزء الثاني، سنة 1943، بعنوان "بدء التأليف النثري" وخاصة من ص12-18".

(2) ابن سعد 6: 116، وتقييد العلم: 90.

(3) تقييد العلم: 55.

(4) مصاحف السجستاني: 133.

(5) مصاحف السجستاني: 169 و172، وانظر: 90 "هامش: 4" من هذا الكتاب.

(6) المصدر السابق: 177.

(7) الحيوان 1: 52.

(8) مصاحف السجستاني: 86.

(9) المصدر السابق: 131.

(10) تقييد العلم: 59.

(11) أما ما رُوي من قول عمرو بن ميمون: ما زلت ألطف أنا وعمر بن عبد العزيز في أمر الأمة حتى قلت له: يا أمير المؤمنين، ما شأن هذه الطوامير التي يكتب فيها بالقلم الجليل يمد فيها وهي من بيت مال المسلمين؛ فكتب في الآفاق أن لا يكتبن في طومار بقلم جليل ولا يمدن فيه.

 

قال: فكانت كتبه إنما هي شبر أو نحوه "ابن سعد 5: 295-296"؛ وما رُوي أيضًا من أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن حزم: أما بعد، فكتبت تذكر أن القراطيس التي قبلك قد نفدت وقد قطعنا لك دون ما كان يقطع لمن كان قبلك، فأدق قلمك وقارب بين أسطرك واجمع حوائجك؛ فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به. "المصدر السابق"، فهذان النصان لا ينقضان ما قدمنا، ولا يعنيان أن الصحف آنذاك كانت قليلة نادرة غالية الثمن، كما ذهب الأستاذ جب في مقالته عن "بدء التأليف النثري" ص6. فنص هاتين الروايتين واضح في أن ذلك أنما هو "لطف في أمر الأمة" وكره لأن "يخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به". فمرده إذن إلى القصد والاعتدال والتوفير وعدم الإسراف والتبذير.

(12) أدب الكتاب: 108.

(13) ابن سعد 3/ 1: 212.

(14) تقييد العلم: 140.

(15) الصولي: أدب الكتاب: 108.

(16) مصاحف السجستاني: 169.

(17) تقييد العلم: 47.

(18) تقييد العلم: 53.

(19) ابن سعد 6: 63.

(20) ابن سعد 5: 216.

(21) ابن سعد 7/ 1: 135 و7/ 2: 17.

(22) تقييد العلم: 62.

(23) مصاحف السجستاني: 134-135.

(24) ابن هشام، السيرة 2: 68.

(25) تقييد العلم: 51-52.

(26) تقييد العلم: 52.

(27) انظر ص165-169 من هذا البحث.

(28) الأغاني 4: 253.

(29) ياقوت: إرشاد "ترجمة الضحاك بن مزاحم".

(30) البيان والتبيين 1: 328.

(31) طبقات الأطباء والحكماء: 61.

(32) تهذيب التهذيب 11: 67، وابن سعد 5: 395.

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.