أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015
2605
التاريخ: 22-03-2015
2312
التاريخ: 22-03-2015
1698
التاريخ: 1-04-2015
7394
|
تمثلت لوحة الطيف في استحضار الماضي والمتع الزائلة، أو الرغبة في استدرار عاطفة ذوت مع السنين وانحسرت من حياة صاخبة كانت تعج باللهو أيام الشباب، أو الالتجاء إلى الطيف لردم الهوة بين اليقظة والحلم لتحقيق المعادلة الناقصة في الحياة، والاتجاه نحو اكتمالها في المنام، أو اتخاذها رمزاً ومدخلاً لينفذ الشاعر من خلالها إلى غرضه، بالرغم من قلة لوحة الطيف الافتتاحية والسمعية منها بالذات، بيد أننا وجدنا الشاعر يحاول جاهداً أن يسبغ على صورته الصوت والحركة، لأن الصورة في الأساس بصرية، على أن تطور لوحة الطيف قد تأخر عن المرحلة المبكرة في حياة الشعراء.
ومن خلال النماذج التي سنتناولها نجد تعجب الشعراء من زيارة الطيف على بعد الدار، وشحط المزار، ووعرة الطريق، واشتباه السبل، واهتدائه إلى المضاجع من غيرها ويرشده، وعاضد يعضده، وكيف قطع بعيد المسافة بلا حافر ولاخف، في أقرب مدة وأسرع زمان ... ."(1)
قال تأبط شراً:
يا عيدُ مالَكَ منْ شوقٍ وإيراقِ ... ومَرِّ طيفٍ على الأهوالِ طَرّاقِ
يَسري على الأَيْنِ والحَيّات محتفياً ... نفسي فداؤكَ مِنْ سارٍ على ساقِ(2)
تمثلت الصورة السمعية لدى الشاعر من أدوات مختلفة، وأصوات متعددة، خارجية وداخلية، ابتداءً من النداء المفرد المعرفة في (يا عيد)، والاستفهام المراد به التعجب (مالَكَ)، وانتهاءً في تفسير الصورة.
ومنحَ الشاعر الطيفَ تجسيماً حتى جرى على ضرب من الحيّات حافياً كان ابتداءً، وكأنه في التفصيلات الأخر سائر على قدَم، مع استخدام صيغة المبالغة في (طرّاف) وتكرار الحروف مثل: القاف، والراء والسين في البيتين لتتجانس الموسيقى الداخلية، لتكون صورة سمعية ندركها بأسماعنا.
واحتل السؤال لوحة الطيف عند عمرو بن قميئة، وهو ما تبقى له بعد أن نأت أُمامةُ عنه، ولم توافِهِ إلاّ في ميعادها ليلاً، وقد اتخذ من الحبيبة رمزاً لقومه بعد أنْ حلّت القطيعة بينه وبينهم، فكان الطيف منفذاً للتعبير عن تلك العلاقة المضطربة المتوترة:
نأتك أُمامةُ إلا سؤالاً ... وإلاّ خيالاً يُوافي خَيالاً
يوافي مع الليلِ مِيعادُها ... ويأبى مع الصُّبْحِ إلاّ زيالا(3)
وتتجلى الصورة السمعية في لفظة ذات دلالة سمعية هي (الميعاد)، ولا يتم إلاّ بتقريره من طرفين، بيد أنه هنا لم يكن على ميعاد ظاهري، ولكنه إيماء داخلي، فضلاً عن الأنسنة المتمثلة بالتجسيم الذي خلعه الشاعر على الطيف.
ثم يلتفت إلى الخطاب بعد أن كان غيبة بأداة استفهام (أنّى) التي تطرق الأسماع، وما توحيه تشكيلة حرف الميم منْ إيقاع في العجز من البيت الأول بما يخدم الصورة السمعية، قال عبيد بن الأبرص:
طافَ الخيالُ علينا ليلةَ الوادي ... منْ أم عمروٍ، ولم يلممْ لميعادِ
أنّى اهتديتَ لركبٍ طالَ سيرهُمُ ... في سَبْسَبٍ بينَ دكداكٍ وأعقادِ(4)
في حين كان الطيف عند الحارث بن حلّزة على عجل حينا طرقهم أسرع من الذي يسير الليل كله فلازمهم ولم يقم، كما ونسمع استفهام الشاعر عن كيفية اهتداء الطيف إليهم، وهو لا يقوى على المشي بعد أن قطع القوم الأرض الغليظة المستوية الصلبة بسيرهم حتى أصابهم الإعياء:
طَرَقَ الخَيالُ ولا كليلةِ مُدْلجِ ... سَدِكاً بأرحلنا ولم يتَعَرَّجِ
أنى اهتديتَ وكنتَ غير رَجيلةٍ ... والقوم قد قطعوا متان السّجسجِ(5)
من الأمور المتعارف عليها أن الأحلام تقرب البعيد، ومن هنا بدأ قيس بن الخطيم مستفهماً بـ (أنّى) سرى طيفها وهي غير بعيدة عنه، أو أنها بعدت عنه وهي غير سروب، فانطلق صوته يعبّر عمّا في أعماقه:
أنّى سَرَيْتِ وكنتِ غيرَ سَروبِ ... وتقربُ الأحلامُ غيرَ قريبِ
ما تمنعني يقظى فقد تؤتينَهُ ... في النوم غيرَ مُصردٍ محسوب
كان المنى بلقائها فلقيتها ... فلهوتُ من لهو امرئٍ مكذوب(6)
وينتقل قيس بن الخطيم إلى البيت الثاني مستحضراً صورة سمعية أخرى عما تؤتيه في النوم غير مقلل أو محسوب، وقد أراد به العدّ للكثرة، ونفي التقليل، متجاوزاً ذلك إلى البيت الثالث الذي ارتفع فيه صوت الشاعر لتقرير معنى الكذب صراحة وتأكيده بالقول جهة الإخبار الذي يحتمل هنا وجه عدم الصدق، فضلاً عن وجود التكرار اللفظي (سريت-سروب) و (تقرب-تقريب)، وتكرار حرفي السين والقاف، لتشكيل إيقاع صوتي لإبراز الصورة السمعية.
ويفتتح الحطيئة لوحته بأداة التنبيه (ألا) ليشد أسماعنا إلى ما يروم قوله، مستعرضاً بُعْدَ المسافة، معدداً مخاطر الطريق التي لا تنجو منها العتاق إلاّ بالسرعة وكأننا نسمع وقع سنابكها، فضلاً عن الصحراء التي تجبرهم على عدم النطق مخافة العدو، ووسط تلك الصورة السمعية التي كثّفها الشاعر، طرقهم طيف هند، وثمة شبه بين لوحة الحطيئة ولوحة الحارث بن حلزة التي مر ذكرها، بيد أن لوحة الحطيئة أكثر إشراقاً وعناية فنية، لكونه يحكك شعره أولاً، ولقوة شاعريته ثانياً، وما يحمله من الإرث الثقافي ثالثاً، قال الحطيئة:
أَلا طرقتْ هندُ الهنود وصحبتي ... بحورانَ حورانِ الجنود هجودُ
وكم دون هند منْ عدوّ وبلدةٍ ... بها للعتاق الناجياتِ بَريدُ
وخَرقٍ يُجِرُّ القومَ أنْ ينطقوا بهِ ... وتمشي به الوجناءُ وهي لهيدُ(7)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) طيف الخيال: 4.
(2) ديوانه: ق22/ 103-104.
(3) ديوانه: ق 11/ 55.
(4) عبيد بن الأبرص: ق 16/ 47.
(5) الحارث بن حلزة اليشكري: 22. السدك: الملازم. لم يتعرج: لم يقم. الرجيلة: القوية على المشي: متان: ما غلظ من الأرض. السجسج: المكان المستوى الصلب.
(6) قيس بن الخطيم: ق 2/ 55-57.
(7) الحطيئة: ق 73/ 284- 285. بريد: سرعة. لهيد: قد لهدها رحلها: أي أثقلها وضغطها. يجر القدم: أي لا يتكلمون من الفرق كما يجر الفصيل لكيلا يوضع. الوجناء: الغليظة. وانظر شعر خفاف بن ندبة السلمي: ق 1/ ب1-3/ 27، وانظر كعب بن زهير بن أبي سلمى: 113-114.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|