أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-03-2015
21978
التاريخ: 23-03-2015
2590
التاريخ:
8924
التاريخ: 5-12-2019
2464
|
كما هو معلوم ان طبيعة العرب شعرية، لأنهم ذوو نفوس حساسة وشعور دقيق تقعدهم الكلمة وتقيمهم، شان صاحب الفروسية والنجدة المعبر عنها عند الافرنج بالشفاليري. وكان العرب على الاجمال أهل حافظة، اذا اعجبهم البيت حفظوه وتناقلوه .. فيشيع على السنتهم كبارا وصغارا ويتحدثون به في انديتهم ومجتمعاتهم. فاذا كان هجواً سقط المقول فيه، وإذا كان مدحا اشتهر اسمه. ولكن الهجو كان غالبا عليهم، وقد وفق بعض الشعراء الى شيوع اشعارهم لحقتها. وكان الاعشى من اسير الناس شعرا، وكذلك زهير والنابغة وامرؤ القيس.
فالقبيلة إذا هجاها شاعر فحل، حط الهجو منها خصوصا إذا كان الهجو مطابقا للواقع، والا رد شاعرها عنها فتعود الى مقامها. وليس في العربي قبيلة الا هجيت، فمن القبائل التي لم يؤثر الهجو فيها قبائل تميم وبكر وائل واسد وأمثالها. ومن القبائل التي أثر فيها الهجاء مع مقامها في الشجاعة احياء من قيس منهم غني وباهلة ومحارب واحياء من اد بن طابخة منهم تيم وعكل وغيرهما. وهناك قبائل حظها من الشعراء المديح، كبني مخزوم من قريش.
وكانت القبيلة إذا مدحت فاخرت سائل القبائل لا سيما إذا كان مادحها من غير ابنائها. ويحكى ان شعراء تميم كانوا يذكرون قيسا بالمدح والاعجاب، فافتخرت قيس على تميم. وما زالت تميم منكسة رؤوسها حتى قام لبيد العامري وهو من قيس، فذكر تميما في شعره واطراها وفعل ذلك شاعر آخر من قيس، فتكلمت عند ذاك تميم وافتخرت (1).
ومن امثله تأثير هجو الشعراء في القبائل شعر حط من قدرت الحبطات وهم بطن من تميم، فقال الشاعر فيهم:
رأيت الخمر من شر المطايا كما الحبطات شر بني تميم
وهل اهلك ظليم البراجم الا قول الشاعر:
ان ابانا فقحة لدارم مكا الظليم فقحة(2) البرجم
وقد اهلك بني العجلان قول الشاعر:
إذا الله عادى أهل لؤم ودقة فعادى بني العجلان رهط بن مقبل
قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل
ولا يردون الماء الا عشية إذا صدر الوراد عن كل منهل(3)
ويشبه ذلك بيت جرير في بني نمير من عامر بن صعصعة في الدولة الاموية، فانه جعل كل نميري إذا سئل عن نسبه قال انه عامري، وهذا هو البيت:
فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وبعكس ذلك ما اصاب بني أنف الناقة من الرفعة، فقد كان الرجل منهم إذا سئل عن نسبه قال من بني قريع وهو نسب آخر لهم، حتى قال الحطيئة فيهم:
قوم هم الانف والاذناب غيرهم ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا
فأصبحوا يفاخرون بقبيلتهم.
على ان الشعراء لم يكونوا يتعمدون هجاء غير القبائل الظاهرة النابهة، فسلمت القبائل الخاملة من هجوهم. وشانهم في ذلك مثل شان الصحف السياسية في البلاد الاجنبية.. فان الاحزاب يهمها انحياز احدى الصحف المهة الى جانبها، كما كان يهم القبيلة او الجماعة في الجاهلية ان ينصرها شاعر مشهور فتبذل له ما يريد في سبيل نصرتها. ولذلك فان الاعشى لما وفد على الرسول ومدحه، فبلغ ابا سفيان ذلك، جمع رجال من قريش وقال لهم: (والله لئن اتي محمدا واتبعه ليضرمن عليم نيران العرب بشعره فاجمعوا له مائة من الإبل) ففعلوا فأخذها وانطلق الى بلده (4).
وكان لشعر الاعشى تأثير كبير في النفوس، وكان معسرا. وجاء الاعشى يقصد مكة فسمعت امرأة المحلق به، فحثت زوجها ان يدعوه للضيافة قبل سواه ويذبح له لأنه إذا قال شعرا شاع. فدعاه المحلق ونحر له ناقة وبالغت المرأة في اكرامه واكرام رفاقه وكان في عصابة قيسية.. فملا جرى الشراب في عروقه سال المحلق عن عياله فشكا له حال بناته .. ولما وافى سوق عكاظ انشد قصيدة مطلعها:
أرقتُ وما هذا السهاد المؤرق وما بي من سقم وما بي معشق
ثم تخلص الى مدح المحلق واطرائه في السخاء وكرم الأخلاق والناس يسمعون، فلما فرع من الانشاد انسل الناس الى المحلق يهنئونه وهرع الاشراف من كل قبيلة يتسابقون إليه يخطبون بناته، فلم تمس منهن واحدة الا في عصمة رجل أفضل من أبيها ألف ضعف (5)، وكذلك فعل مسكين الدرامي في إنفاق الخمر السود(6). ومن شدة تأثرهم بالشعر ان الشاعر ربما لقب بلفظ ورد في بيت من اشعاره كما لقب المرقش والنابغة والمخرق وافنون وغيرهم(7) حتى في الغناء، فان السامع ربما تأثر من معنى الشعر أكثر من نغمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) العمدة ج2
(2) الفقحة: السوأة
(3) البيان والتبيين ج2
(4) الأغاني ج8.
(5) العمدة ج1
(6) تاريخ التمدن الإسلامي ج3
(7) لطائف المعارف
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|