الفصل السابع

التجاريين (المركنتاليين) في الاطار النظري للتطبيق

بداية تكوين التجاريين  

تعد هذه المرحلة بداية التفكير في منهج تكوين الدولة الحالي وبمعناها الحديث ونهاية حكم الكنيسة والاقطاع الذي ساد اوربا لفترة طويلة وتتحدد هذه الفترة منذ بداية عام 1500 م حيث كانت بداية المركنتالية والتي بني بها الفكر الاقتصادي الاوربي وتدرج في تطوره بهذه المرحلة واستمرت لغاية 1776م مع ظهور نظرية آدم سميث في انكلترا . 

التجاريين (المركنتالية) تعني الحكومة القوية المسيطرة على الافراد المقيمين ضمن حدود البلاد وسيادة دولة الملك وليس رجل الدين او الاقطاعي وبمعنى آخر الدولة ذات الحدود الدولية وبشكلها القائم في البلدان العربية في الوقت الحاضر .

مبادئ الفكر التجاري  

ان مبادئ الفكر التجاري تتجسد في الآتي :

1ـ تثمين المعدن النفيس وايلاءه اهمية كبيرة .

2ـ تحقيق الفائض في الميزان التجاري .

3ـ تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية .

4ـ ضرورة ترتيب اوجه النشاط الاقتصادي وحسب مردودها من المعادن النفسية وزيادة السكان .

لقد كان صراع دموي ما تم بين الكنيسة والاقطاع وبين المظلومين من السكان والذين يمثلون الاقنان واستغرق فترة طويلة ، واطالت الاعتداءات العلماء ورجال الفكر الحديث لأنها تمثل واقع جديد يتعارض مع ارادة الكنيسة والاقطاع .

وقد مارست المرحلة التجارية أعمالها مع بداية ضعف الكنيسة والاقطاع ونشوء الدولة بمعناها الحديث ⁽¹⁾ ، وتمت السيطرة على شؤون البلاد وتم الاتفاق القسري بين الجيل الصاعد ورجال الكنيسة والاقطاع بعد سيطرة الطبقة الصاعدة وضعف دور الكنيسة عل امور الدولة وقد تم الاتفاق على ان الجيل الصاعد يهتم بأمور الدولة والشؤون الاقتصادية (التجاريين) وتنشغل الكنيسة في الامور الروحية وعلاقة الانسان بالباري عزوجل وبهذا انتهت سيطرة الكنيسة وكما توضح لنا في اعلاه لم يكن الامر سهلاً بل استمرت الحروب وتمرد من طرف اتحاد الكنيسة والاقطاع على الافراد المتطلعين الى ما هو حديث من الجيل الناشئ ، ان الجيل الجديد يشعر بعدم صلاحية الكنيسة وحكمها لانها لا تؤمن بالتغيير والاكتشاف والتطور الحديث واستعملت العنف بمختلف أشكاله من اجل البقاء ⁽²⁾.

ان الصراع بين القديم والقوى الشابة الرافضة للقديم تأثرت بالثورة الفكرية الحديثة التي سادت اوربا ضد افكار الاقطاع ورجال الدين وتضمنت التأكيد على حق الافراد ، والتي انبثقت منها (حقوق الانسان) في اوربا وعلى اثرها حصل صراع داخل الكنيسة أدى الى انشقاق رجال الكنيسة الانكليز بين مؤيد للحداثة وبين الرافض فانشق البروتستانت على الكاثوليك وهم الاكثر تجاوباً مع الافكار التجارية فأيدوا التجاريين على تكوين دولة وباركوا مبدأ الاقتصاد في النفقات وعدم الاسراف في الموارد الذي كان يمارس من قبل السلطة المذهبية للكنيسة الكاثوليكية والأخذ بنظام الاستثمار لأغراض التطور وتنمية الاموال ⁽³⁾ ، وهي تعكس الأفكار الرأسمالية الجديدة وكذلك تضمنت بعض المفاهيم الانسانية واستبعاد كل ماهو قديم وقد ارجعوا اسبابه في التخلف الذي عاشته اوربا الى افكار الكنيسة ، وبرز الوعي من خلال الاحتكاك بالمجتمعات المتطورة ، ولم يكن في ذلك الحين مجتمع اكثر تطور من العرب المسلمين ونُقلت الافكار وتأثر بها المتعلمين من الجيل الرافض للقديم وعلى أثرها حصلت اختراعات وتطور في المعارف والعلوم مثل الدورة الدموية على يد كوبيرنكس على سبيل المثال لا الحصر فكفرت الكنيسة قسم منها وقتلت القسم الآخر وهناك مؤهلات اخرى ظهرت كوجود الذهب والفضة على اثر الاستكشافات الجغرافية التي سيرد ذكرها ، كلها كانت حوافز للتغيير وانشقاق الكنيسة ومساندة البروتستانت المسيحيين للجيل الصاعد وان انشقاق الكنيسة كان له وقع كبير في ضعف وانهاء دورها وكما ان طرد البروتستانت من اراضيهم من قبل الكاثوليك بالعنف كان عامل ايجابي للجيل الجديد حيث تركوا العديد من الاراضي والاموال وغادروا انكلترا فاستُغلت من قبل الجيل الناشئ للقيام بالنشاطات الاقتصادية وبتشجيع الدولة القومية . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ مدحت القريشي ، تطور الفكر الاقتصادي ، مصدر سابق ، ص79 .

2ـ سعيد النجار ، تاريخ الافكار الاقتصادية من المركنتالية الى الرأسمالية الحديثة ، مصدر سابق ، ص32 .

3ـ لبيب شقير ، تاريخ الفكر الاقتصادي ، مصدر سابق ، ص115 .