أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-8-2019
463
التاريخ: 6-8-2019
554
التاريخ: 13-8-2019
581
التاريخ: 10-8-2019
511
|
أهم ما يذكر في هذا الموضوع عند الطرفين هي رؤية الله تعالى، فقد أثبتها أهل السنة والجماعة لكل المؤمنين في الآخرة، وعندما نقرأ صحاح السنة والجماعة كالبخاري ومسلم مثلا نجد روايات كثيرة تؤكد الرؤية حقيقة لا مجازا (1)، بل نجد فيها تشبيها لله سبحانه، وأنه يضحك (2) ويأتي ويمشي وينزل إلى سماء الدنيا (3) بل ويكشف عن ساقه التي بها علامة يعرف بها (4) ويضع رجله في جهنم فتمتلئ وتقول قط قط (5) إلى غير ذلك من الأشياء والأوصاف التي يتنزه الله جل وعلا عن أمثالها. وأذكر أنني مررت بمدينة لامو في كينيا (6) بشرق إفريقيا، ووجدت إماما من الوهابية يحاضر المصلين داخل المسجد ويقول لهم: بأن لله يدين ورجلين وعينين ووجها، ولما استنكرت عليه ذلك! قام يستدل بآيات من القرآن قائلا: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] وقال أيضا: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37] وقال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ } [الرحمن: 26، 27] قلت: يا أخي، كل هذه الآيات التي أدليت بها وغيرها إنما هي مجاز وليست حقيقة! أجاب قائلا: كل القرآن حقيقة وليس فيه مجاز!! قلت: إذن ما هو تفسيركم للآية التي تقول: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى} [الإسراء: 72] ، فهل تحملون هذه الآية على المعنى الحقيقي؟ فكل أعمى في الدنيا يكون أعمى في الآخرة؟ أجاب الشيخ: نحن نتكلم عن يد الله وعين الله ووجه الله، ولا دخل لنا في العميان! قلت: دعنا من العميان، فما هو تفسيركم في الآية التي ذكرتها: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ }؟ التفت إلى الحاضرين وقال لهم: هل فيكم من لم يفهم هذه الآية، إنها واضحة جلية كقوله سبحانه: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88].
قلت: أنت زدت الطين بلة! يا أخي نحن إنما اختلفنا في القرآن، ادعيت أنت بأن القرآن ليس فيه مجاز وكله حقيقة! وادعيت أنا بأن في القرآن مجازا وبالخصوص الآيات التي فيها تجسيم لله تعالى أو تشبيه، وإذا أصررت على رأيك فيلزمك أن تقول، بأن كل شيء هالك إلا وجهه، معناه يداه ورجلاه وكل جسمه يفنى ويهلك ولا يبقى منه إلا الوجه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا! ثم التفت إلى الحاضرين قائلا: فهل ترضون بهذا التفسير؟ سكت الجميع ولم يتكلم شيخهم المحاضر بكلمة فودعتهم وخرجت داعيا لهم بالهداية والتوفيق. نعم هذه عقيدتهم في الله في صحاحهم وفي محاضراتهم، ولأقول إن بعض علمائنا ينكر ذلك ولكن الأغلبية يؤمنون برؤية الله سبحانه في الآخرة، وأنهم سوف يرونه كما يرون القمر ليلة البدر ليس دونها سحاب، ويستدلون بالآية {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23]. (7) وبمجرد اطلاعك على عقيدة الشيعة الإمامية في هذا الصدد (8) يرتاح ضميرك، ويسلم عقلك بقبول تأويل الآيات القرآنية التي فيها تجسيم أو تشبيه لله تعالى وحملها على المجاز والاستعارة، لا على الحقيقة ولا على ظواهر الألفاظ، كما توهمه البعض.
يقول الإمام علي (عليه السلام) في هذا الصدد: لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، الذي ليس لصفته حد محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود... (9). ويقول الإمام محمد الباقر (عليه السلام) في الرد على المشبهة: وكل ما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم... (10). ويكفينا في هذا رد الله سبحانه في محكم كتابه قوله: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] وقوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ } [الأنعام: 103] وقوله لرسوله وكليمه موسى (عليه السلام) لما طلب رؤيته: {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: 143] ولن الزمخشرية (11) تفيد التأبيد كما يقول النحاة. كل ذلك دليل قاطع على صحة أقوال الشيعة الذين يعتمدون فيها على أقوال الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) معدن العلم وموضع الرسالة، ومن أورثهم الله علم الكتاب. ومن أراد التوسع في هذا البحث فما عليه إلا الرجوع إلى الكتب المفصلة لهذا الموضوع ككتاب كلمة حول الرؤية للسيد شرف الدين صاحب المراجعات (12).
________________
(1) صحيح البخاري: ج 9 ص 156 وج 6 ص 157 - 158.
(2) صحيح مسلم: ج 1 ص 166 ح 299 (ك الإيمان ب 81).
(3) صحيح البخاري: ج 2 ص 66، وج 9 ص 175، صحيح مسلم: ج 1 ص 168 ح 302.
(4) صحيح البخاري: ج 9 ص 159.
(5) صحيح البخاري: ج 9 ص 164.
(6) كينيا: جمهورية في شرق إفريقيا الاستوائية على المحيط الهندي عاصمتها نيروبي. المنجد - قسم الأعلام - ص 605.
(7) روي عن عبد العظيم الحسني، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قال علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في قول الله عز وجل: *(وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)* قال: يعني مشرقة تنتظر ثواب ربها (بحار الأنوار: ج 4 ص 28).
(8) راجع: كشف المراد للعلامة الحلي: ص 296، حق اليقين في معرفة أصول الدين: ج 1 ص 39، بحار الأنوار: ج 4 ص 16 (كتاب التوحيد).
(9) نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: خطبة رقم 1 ص 39.
(10) بحار الأنوار للمجلسي: ج 69 ص 293 ح 23، المحجة البيضاء: ج 1 ص 219. (3) سورة الشورى: الآية 11.
(11) إذ أن الزمخشري من القائلين باستحالة رؤية الله تعالى - كما عليه الإمامية - إذ أن الرؤية تستلزم التشبيه والتجسيم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - ولن عند الزمخشري - إنها تشعر باستحالة المنفي بها عقلا - إلا إذا قامت على تخصيصها قرينة متصلة أو منفصلة أو قرينة عقلية - إذ أن نسبة جواز الرؤية إلى الله تعالى كنسبة الولد إليه كما صرح بذلك الزمخشري وأن حالها في النفي هو تأكيد النفي الذي تعطيه لا وذلك أن لا تنفي المستقبل، تقول: لا أفعل غدا، فإذا أكدت نفيها قلت: لن أفعل غدا، والمعنى أن فعله نفي حالي، كقوله: *(لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له)* فقوله: *(لا تدركه الأبصار)* نفي للرؤية فيما يستقبل ولن تراني تأكيد وبيان الخ راجع: الكشاف للزمخشري: ج 2 ص 154.
(12) مع الصادقين للدكتور التيجاني: ص 25 - 28.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|