لم يجد موضوع الاعلام التربوي معالجة واضحة ومباشرة على الصعيد الدولي الا في عام 1977، عندما انعقدت الدورة السادسة والثلاثين للمؤتمر الدولية للتربية..

وطبقاً للتوصية الصادرة عن هذه الدورة تحت الرقم 71، اتخذ المكتب الدولي للتربية الاجراءات اللازمة لتنمية الاعلام التربوي في المستويات العالمية والاقليمية والوطني عبر ما سمي بالشبكة الدولية للإعلام التربوي.

وعلى الرغم من أن التوصية المشار اليها قد حددت مجالات الاعلام التربوي وحصرتها في: انتاج وتسجيل ونقل الافكار والآراء والنظريات والحقائق والانظمة والاحصاءات والانشطة الثقافية والفنية وغيرها من المعلومات والبيانات المتصلة بالنظم والعملية التعليمية التي تسهم في تحسين نوعية التربية(1)، الا ان النقاش المتصل والخلاف المستمر حول التداخل يبين مفهوم الاعلام التربوي والاعلام التعليمي لا يزال مستمراً.

فالاعلام التعليمي قد ينحصر في البرامج التعليمية المسموعة والمرئية بصفة خاصة، الا ان مفهوم الاعلام التربوي يظل هو المفهوم الاوسع والاشمل على اعتبار ان المؤسسات التي تقوم بدور التربية في المجتمع تتسع لتشمل كل مؤسسات التعليم، بالإضافة الى مؤسسات اخرى كوسائل الاعلام والاسرة والاندية ودور العبادة وغيرها، وهي مؤسسات يكتسب منها الفرد كثيراً من عناصر ومكونات شخصيته وسلوكه وثقافته سواء أكان بطريقة إرادية او غير إرادية.

أنها تقدم التعليم بشكل مقصود من خلال برامج محو الأمية، وتأهيل المعلمين، وشرح المقررات الدراسية وغيرها وذلك من خلال إطار ملتزم بأهداف التربية وقيم المجتمع وأخلاقياته. ((فالإعلام [أياً كانت توجهاته وتخصصاته] الذي يقدم للناس دون التزام أخلاقي، يصيح أعلاماً غير تربوي وهو في هذه الحالة يشكل خطرا على العملية التربوية نفسها))(2) .

ومن هذه المناقشة السريعة، يتبين لنا تلك العلاقة الوثيقة بين التربية والإعلام، كما يتبين لنا متانة العلاقة بين الإعلام وعلم الاجتماع التربوي، على اعتبار أن فلسفة التربية تستمد من الواقع الاجتماعي، وأن وسائل الإعلام تسعى إلى تحسين هذا الواقع نحو الأفضل، كما أن وسائل الإعلام قد أحدثت انفجارا معرفياً هائلا، وأن هذا التزايد في كمية المعلومات ونوعيتها قد حتم إعادة النظر في الأساليب التقليدية في مجال التربية، وفرض في الوقت نفسه على وسائل الإعلام أن تساهم بدورها في هذا المجال تلبية لحاجة المجتمع من التجديد التربوي الذي يواكب متغيرات العصر، على اعتبار ((أن وسائل الإعلام تعتبر من أهم الوسائل التربوية في هذا العصر حيث تقدم موادا علمية وثقافية متنوعة، وتعتبر من الوسائل الشيقة التي تجذب الناس من مختلف الأعمار من الجنسين، وهي أداة هامة من أدوات التربية المستديمة ومن أدوات النهوض بالمجتمع ثقافيا))(3) .

ــــــــــــــــــــــــ

1. مجلة التربية الجديدة، نظم المعلومات والانتفاع بالمعرفة، بيروت، العدد 27، ديسمبر 1983.

 (2) مصطفى رجب، الإعلام التربوي في مصر، واقعه ومشاكله، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1989، ص6.

(3) محمد السيد سلطان، مقدمة في التربية، ط 4؛ القاهرة؛ دار المعارف؛ 1979 ة ص58.