أقرأ أيضاً
التاريخ: 15/9/2022
1737
التاريخ: 5/9/2022
1621
التاريخ: 20-9-2016
1808
التاريخ: 5-7-2019
1352
|
إعلم أنه ينقسم ما يتصور صدوره من العباد من الأفعال والتروك إلى أقسام ثلاثة:
الأول: ما يقدرون عليه ويتمكنون من إتيانه بسهولة وسعة من دون ضيق وحرج، كتكلمهم، بالصدق والكذب وأكلهم وشربهم.
الثاني: ما لا يقدرون عليه ولا يطيقونه، كطيرانهم إلى السماء وعدم تنفسهم مع حياتهم.
الثالث: ما يقدرون عليه مع ضيق وشدة وعسر وحرج، كصومهم في مرضهم وإنفاقهم جميع ما يملكون وقطعهم لحوم أبدانهم عند تنجسها.
ثم إنه لا إشكال عقلا في جواز كون القسم الأول متعلقا للتكاليف الإلهية بعثا وزجرا وترخيصا، بل الأحكام التكليفية كلها أو جلها إنما تعلقت بهذا النوع من أفعالهم، فالمطلوبات والمنهيات والمرخصات بحسب الغالب أفعال أو تروك مقدورة للمكلفين بلا عسر في إتيانها ولا حرج.
وأما القسم الثاني فلا إشكال أيضا في عدم تعلق تكليف إلهي بهذا النوع فعلا وتركا، ويدل عليه من العقل حكمه القطعي بقبح أن يكلف العاقل غيره بما لا يقدر عليه، فضلا عن الحكيم تعالى.
ومن النقل قوله تعالى: «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» والوسع هو الطاقة وصحيحة هشام ... «اللّه أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقون».
وخبر الاحتجاج ... «و ذلك حكمي في جميع الأمم أن لا أكلف خلقا فوق طاقتهم».
وأما القسم الثالث فالذي يستفاد من الكتاب والسنة واستقر عليه كلمات الأصحاب رضي الله عنهم كون تعلق التكليف الإلزامي بالفعل الذي فيه عسر وحرج منفيا في هذه الشريعة، وسموا هذا الحكم الكلي بقاعدة نفي الحرج أو نفي العسر، فلهذه القاعدة موضوع ومحمول، موضوعها كل فعل أو ترك فيه حرج وشدة على المكلف، ومحمولها نفي حكمه الإلزامي والإخبار عن عدم تعلق ذلك به في الشريعة، أو رفع نفس الموضوع الحرجي ادعاء وتنزيلا بلحاظ نفي حكمه.
فالغسل في شدة البرد والقيام للصلاة والصيام في شهر رمضان بالنسبة إلى المريض والهرم ونحو ذلك، أفعال حرجية رفع حكمها في هذه الشريعة بأدلة نفي العسر والحرج.
تنبيهات:
الأول: استدل القوم على هذه القاعدة بأدلة،
فمن الآيات قوله تعالى نقلا لمسألة النبي الأعظم «صلّى اللّه عليه وآله وسلم» ليلة المعراج: «رَبَّنا ولا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا» والأصر الأمر الشديد العسر.
وقوله تعالى: «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ».
وقوله تعالى: «ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ».
وقوله تعالى: «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ».
ومن الأخبار قوله «صلّى اللّه عليه وآله وسلم» في حديث الرفع: «رفع عن أمتي الخطاء والنسيان. وما لا يطيقون» إلى آخره.
ورواية عبد الأعلى فيمن وضع على إصبعه مرارة قال: «يعرف هذا وأشباهه من كتاب اللّه ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ إلى آخره» امسح على المرارة.
والحديث المشهور: «بعثت بالشريعة السمحة السهلة» وغير ذلك.
الثاني: أدلة نفي الحرج رافعة للأحكام الشرعية في موارد ودافعة لها في أخرى.
فالحكم المجعول الذي لا حرج في أصل جعله وتشريعه إذا عرضت له الحرجية في بعض الموارد تكون حكومة قاعدة الحرج عليه بالرفع، لأجل شمول إطلاق دليل الحكم لذلك المورد.
والحكم الذي يكون جعله من أصله حرجيا تكون حكومتها عليه بالدفع فلا جعل ولا إنشاء أصلا لمكان الحرج.
ثم إنهم جعلوا من أمثلة الرفع العفو عن دم الجروح والقروح للمصلي والعفو عن نجاسة ثوب المربية للصبي ورفع شرطية الطهارة عن صلاة المبطون والمسلوس في بعض الفروض، والترخيص في الإفطار للمريض والحامل والمرضعة والشيخ والشيخة وذي العطاش، وسقوط القيام عن صلاة المريض والهرم، وإباحة المحرمات عند الاضطرار.
ومن أمثلة الدفع.
تشريع القصر في السفر، وتشريع الطلاق، وعدم وجوب السواك، وعدم وجوب صلاة الليل وصلاة الجماعة وغير ذلك.
الثالث: لا إشكال في خروج بعض الموارد من تحت هذه القاعدة وعدم شمولها لها
كوجوب الجهاد للدعوة إلى الإسلام، ووجوب الدفع عن الأهل والمال ولو بالقتال ونحوه على القول به.
فحينئذ نقول هل يكون خروجها من تحت القاعدة بالتخصيص كتخصيص قاعدة نفي الضرر ببعض الأحكام الضررية، أو بالتخصص بدعوى عدم وجود العسر والحرج فيها حقيقة، فإن أدلة نفي الحرج غير قابلة للتخصيص فهي نظير قوله تعالى: «وَ مَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ» وقوله تعالى: «وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» فليس ما تخيل كونه من باب الحرج إلا كما تخيل كونه ظلما للعباد من الأحكام ... فأدلة تلك الموارد كاشفة عن الخروج الموضوعي وإن كنا لم نعرف وجهه، وجهان أظهرهما الأول.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|