أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-10-2016
2258
التاريخ: 15-1-2019
5518
التاريخ: 1-12-2016
2239
التاريخ: 19-10-2016
2383
|
العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية.
1- العامل الأسري.
كانت العائلة وما تزال أهم وأقدم منظمة اجتماعية في المجتمعات البدائية والمتحضرة على حد سواء. وهي الوحدة الأولية للجماعة وعن طريقها يستمر جريان الحضارة من الماضي الى الحاضر والمستقبل وهي باقية ما بقي الإنسان، والعائلة متواجدة بوجود العلاقة المترابطة بين الزوج والزوجة واطفالهما (1) .
واحياناًً تكون الرابطة في العائلة اما عن طريق الزواج او الدم او التبني وستكون بصورة مستقلة وبينهم تفاعلات مستمرة بقيامهم بادوار اجتماعية معينة (2) وقد تتعدى احياناُ فتشمل الأعمام والأخوال وبهذا فانها تكون للسنة الاولى للقبيلة وهذا ما هو معروف منذ اقدم العصور (3) .
وكذلك هو الحال بالنسبة للاسرة في العراق القديم (Kimtu) وبالسومرية (IM-RI-A) (4) فقد اشتملت على الاب والام والاولاد، ويمكن ان تتضمن ايضاُ كل من يعيش معهم في البيت او ضمن سلطة الاب او ولي الامر بصورة عامة كالاخوة والاخوات، اما العبيد فانهم لا يعدون من صلب الاسرة وانما جزء من ممتلكاتها (5) الا ان ذلاك لم يشمل الاماء اللواتي يتزوجن من اسيادهن وكذلك الاولاد المولودين عن طريق ذهاب الزواج (6) .
وليس ثمة معرفة عن عدد او معدل افراد الاسرة الواحدة وذلك لعدم وجودا إحصائيات عن عدد افرادها لا سيما وان هناك عدد من الاماء (المحظيات) اللائي يشاركن الزوجة بزوجها فضلاُ عن ان الاسرة العراقية القديمة كانت تتميز بالرغبة في زيادة عدد افرادها والتركيز على الذكور لما لذلك الامر من اعانة للاب او للاسرة بصورة عامة، على الاوضاع المعيشية الصعبة (7).
وفي الواقع ان الدراسات التي اختصت بالعائلة او الاسرة العراقية القديمة (8) لم توضح بصورة جلية طبيعة نظام العائلة فيما اذا كان نظاماُ أبويا (Patriarchy) او انه نظام يستند الى الأمومة (matriarchy) او مكانة كل منها في تاريخ العائلة العراقية القديمة.
يذكر البعض ان نظام العائلة البابلية كان نظاماُ ابوياُ. أي ان للرجل صلاحيات وامتيازات فائقة تصل الى حد استعباد افراد الاسرة، ويفسر هذا الموقف للرجل بسبب تسلطه على وسائل الانتاج في المجتمع، وان شاركت المرأة في عملية الانتاج، الا ان مشاركتها تكون بصورة تبعية للرجل (9) .
ويرى باحث اخر ان النظام المحوري للاسرة قد مر بتقلبات قيادية ما بين المرأة والرجل وبحقب تاريخية مختلفة (10). وربما ان ذلك راجع الى الاعتبارات الخاصة بالتقدم وتطور الحياة الاقتصادية وانتساب الاولاد لاحد الأبويين (11) .
ان مسألة النظام الاسري وتراوح مركزيته بين الام والاب تحتاج الى قراءة في بدايات التاريخ وبالاعتماد على الشرائع والقوانين والاساطير التي تعكس طبيعية المجتمعات وحتى البدائية منها. وبالقليل نأخذ ، نرى ان البداية كانت للرجل، أي ان الاب كان مركز العائلة في حين تأتي المرأة كتابعة اليه مع بقية اولاده .
تؤكد الأساطير السومرية والبابلية المعنى ذاته أي ان الرجل هو الذي مثل محور العائلة حيث نجد ان في اسطورة الخليقة البابلية (اينوما ايليش)، ان الاب كان يقف على الهرم الاسري اذ نقرأ في الاسطورة:
"...حين كانت مياه (الابسو) الموجود الاول والدهم والام تيامة والدة جميعهم." فهنا نلاحظ ان الاله (ابسو) هو الاله المذكر قد سبق الاله تيامة في معرض الكلام عن ترتيب العائلة الالهية.
مع تطور الحياة وتبدل الكثير من اساليبها اخذ المجتمع بالتغير التدريجي في ابرز ملامحه لا سيما العائلة، وقد زاد في هذا الامر الاستقرار الواصح الكثير من العائلات وانخراطها في عمل الارض والفلاحة واهتمامهم بالخصوبة (12) ، من هنا نشأ الاهتمام بالمرأة وخاصة الام او الزوجة واخذت تمثل جانب الانجاب والخصوبة والتكاثر الذي يراف الارض المزروعة عن طريق طقوس والمراسيم اهمها السحر التشاكلي (13) .
لقد عثر في قوية جرمو الزراعية على مجموعة من الدمى الانثوية تمثل نساء حبالى مع تركيز النحت والمبالغة في الاعضاء الانثوية اعتقاداُ منهم بانها تمثل مصدر عطاء للكل (14) ، ويرى احد الباحثين ان ما جعل المراة تتصدر او تتزعم اسرياُ على الرجل، هو اهتداءها الى التدجين والزراعة قبل الرجل، لهذا فقد اصبحت الامومة شيء مقدس واكثر اولوية على الرجل (15) ، اصف لذلك ان الملكية اخذت تنتقل من خلال النساء، أي ان الاولاد اخذوا يتبعون الالم في النسب واصبح الرجل يشعر بانه مرتبطاُ تبعاُ مع المرأة التي مثلت الوفرة و الخصوبة والحياة (16) .
اما الرأي القائل بان الاقوام البدائية في هذه المرحلة، أي في الالف السادس قبل الميلاد تقريباُ، تجهل دور الاب في الانجاب وتعتقد ان الاولاد ينحدرون من روح الاجداد المتقمصة في المرأة، فانه لا يستمد أي دليل مادي او تاريخي، لان المجتمعات منذ القدم ادركت ان الزواج والانجاب عملية تقع على كاهل الطرفين (17) .عموماُ فان هناك ادلة ونصوص من حضارة وادي الرافدين تشير الى تزعم المرأة وسيطرتها على الاسرة، وقد تمثل هذا بسيطرة عدد من الالهات مثل الالهة (انانا = عشتار)، وكذلك الالهه ننمخاخ التي كانت بمثابة المشرفة على مجالس الآلهة انو وانليل وغيرها من المجالس، وقد انتقلت هذه المهام فيما بعد الى الالهة (انانا = عشتار) (18) كما ان هناك نصوص تشير الى تزعم المرأة وسيطرتها على جزء كبير من المجتمع ذلك المتمصل بسيطرة الالهة (ايريشكيكال) التي كانت السيدة المطلقة التصرف في عالم الاموات (19) .
ان هذه الادلة مجتمعة تشير الى وجود سيطرة حقيقية للمرأة وقد عرف الباحثون هذه المرحلة بعصر سيطرة الام (20) ، الا ان هذا الوضع القيادي او التزعمي للمرأة لم يدم طويلا، لان الرجل بطبيعته البايلوجية (ذو نزعة تسلطية) لذلك فقد اخذ بالسيطرة على موارد الانتاج ووسائلة فضلاُ عن محاولة الرجل بانتزاع جميع انواع الزعامة من المرأة. وقد صورت الاساطير السومرية مثل هذا الامر، اذ ظهر هناك الى جانب الالهة الام (رمز الخصوبة) اله شاب او حبيب اقل منها مركزاُ (في البداية) لكنه يشبهها في الخصائص ويجسد مثلها فكرة الخصوبة (21) ، وهذا واضحاُ في اقتران الالهة (دموزي) بالالهة عشتار(22) : وكذلك انتقال سلطة عالم الاموات من الالهة ايرشكيكال الى الاله نركال زوجها والذي هيمن على العالم السفلي وفق اسطورة خاصة بهما (23) .
اذن ضمن الواضح ان النظام الابوي كان الابرز في تاريخ العلاقات الزوجية والاسرية، الا انه لم يكن الوحيد فقد مرت تلك العلاقات أيضا بسيطرة الام وانتساب الاولاد اليها. الا ان هذه الفترة التاريخية لم تدم طويلاُ اذ سرعان ما رجعت سيطرة الاب ومحوريته في الكيان الاسري في التاريخ الاجتماعي.
عموما ، فان اول عمليه اجتماعية تقوم بها الاسرة بالنسبة لاي فرد منها لاجل الطفل هي عملية التنشئة الاجتماعية، حيث كانت الاسرة العراقية القديمة معتمدة اعتماداُ كلياً على نفسها في تقديم معظم الواجبات والخدمات لأفرادها فضلاُ عن تربية الاولاد اجتماعياُ واخلاقياُ ولسي كما في الوقت الحاضر وجود المدارس والمنظمات الاجتماعية والتربوية (24) .
وبعد ان تتجاوز الاسرة العراقية تربية طفلها من طور الرضاعة وما ان يتعدى سنواته الاولى، تأخذ الاسرة بتدريبه وتعليمه منذ نعومه اظافره على بعض الحرف والمهارات، لا سيما وان بعض الحرف كانت متوارثة في بعض العوائل من الاباء الى الابناء (25) بل ان بعض الاسرة العراقية القديمة نراها تتمنى اولاداً من اجل الحفاظ على هذه المهن او لانها تملك اولاداُ يساعدون في هذه الحرف والمهن (26) .
بالمقابل نجد ان المجتمع العراقي القديم واعرافه المتواترة حثت الاولاد على الالتزام بصنعة وحرف ابائهم حيث تشير بعض النصوص السومرية الى مثل ذلك الامر:-
"من العار ان يصبح النجار غزالاُ
من العار ان يصبح التاجر فناناُ
من العار ان يصبح البناء حمالاً
من العار ان يصبح الكاهن زماراُ" (27)
ولكون التنشئة الاجتماعية مسؤولية اساسية من مسؤوليات الاسرة التي وتعتمد اطفالها بالتدريب على اكتساب عادات المجتمع والقيم المقبولة فيه (28)، فان العراقيون القدماء قد عرفوا ذلك وتنبهوا اليه وكانوا شديدي الحرص على نقل تراثهم الحضاري وتقاليدهم من جيل الى جيل (29). وربما كانت النصائح الاسرية الطريق الابرز والانفع في نقل هذه القيم والاعراف، لان الطفل لا يستطيع ان يتخلص منها ويكون قد شب عليها وبالتالي تصبح جزء اساسي من مكونات شخصيته (30).
وعلى هذا الاساس عدت الاسرة اهم عامل في نقل المورث والتراث (31) والاسرة العراقية كان لها تأثيراُ كبيراُ على ابناءها، وهذا ما نستشفه من قوة العلاقات التي تشد اعضاءها لكونهم يعيشون عيشة تضامنية.
ومما لا شك فيه ان علاقة الاخوة في العائلة العراقية القديمة كانت قوية الى جانب العلاقة بين الاباء والابناء (32) وقد اوضحت الاساطير السومرية طبيعة هذه الرابطة الاخوية والتي اوضحت بان الاخر يحل محل الاب في كثير من الاحيان فضلاُ عن تزعمه للأسرة بعد وفاة ابيه (33) .
واورد لنا الاستاذ كريمر من هذه الاساطير التاي انعكست على الواقع الاجتماعي السومري، علاقة الالهة (انانا = عشتار) مع اخيها الاله (اوتو = شمس) وكيف انها كانت تطلب مساعدته وتستشيره في كثير من الامور لا سيما امور الزواج. وكذلك عندما مرض الاله (انكي = ايا) اخذت اخته الاله ننخرساك بعلاجه وتسأله دائماُ كما جاء في النص المسماري:-
"يا اخي ما الذي يؤلمك" (34) .
ونرى ان عملية التنشئة الاجتماعية تكاد تكون عملية متبادلة في الاسرة العراقية القديمة لا سيما بين الاخوات وكما يصفهم احد الالواح:
"يكرم الابن اباه... ويبجل صغير القدر الكبير..
يحترم الاخ الصغير اخاه الكبير، ويرشد الولد الاكبر
اخاه الاصغر ويتمسك بقراراته... احترم اخاك
الاكبر،... لا تغضب كلمة اختك الكبرى." (35)
وايضاُ نجد ان الاعراف والحكم الاخلاقية تؤكد هذا الامر وتحث على الاولاد على ضرورة التمسك بتقاليد العائلة واهمية الاستجابة لنصائحهم وطرق تربيتهم، اذ نقرأ في احد النصوص عن ذلك:
"اكرم اباك وامك لكي تطول ايامك على الارض
يا بني لا تجلب عليك لعنة ابيك وامك والا فانك لن تفرح ببنيك." (36) .
وقد اكد الوازع الديني على اهمية اطاعة الوالدين لا سيما الام التي كانت تحمل العبء الاكبر عن التربية لتواجدها في البيت اكثر من الرجل. اذ يقول المثل السومري في ذلك:
"اطع كلام امك كانه امر الهي" (37)
لاسيما وان الام احتلت الصدارة في تركيبه المجتمع الصالح، وبالمقابل نجد ان العنف واللوم والتعنيف بالكلام يقع على الولد العاق وبصيغة دعاء وتمني (38) اذ نقرأ في النص:
"الطفل العاق، ليت امه الم تلده وليت ربه لم يخلقه" (39) .
وتعد الام اهم عامل في عملية التنشئة الاجتماعية للطفل وذلك بحكم قيامها بادراة وتدبر المنزل وتربية الاطفال ومشاركتها للرجال في كثيرة من الاعمال، فضلاُ لتعرضها وهي في هذا المجال لكثيرة من المتاعب والمخاطر لا سيما مخاطر الولادة، فهناك نص سومري في هذا الخصوص يذكر:
"الرجل المريض لا يقلق البال، اما المرأة التي في المخاض فهي المريضة حقا" (40) .
وقد ذكر ان من الاعمال التي تقوم بها المرأة في العراق القديم في بيتها هي تربية الاولاد من اول يوم ، حتى قيل ان وظيفة الام الاساسية هي تربية الاولاد، فضلاُ عن الرضاعة لوحدها او ان تقوم بمساعدتها مرضعة اخرى (musangtu) (41) .
ومن الطبيعي ان تتأثر مكانة الاولاد بمكانة الاسرة في المجتمع، ان الطفل الذي ينشأ في بيوت الاغنياء يختلف اختلافاُ بيناُ عن الطفل الذي ينشأ في بيوت الفقر او بيوت الرق، لان الطفل كما يرث الامور المادية فانه يرث ايضاُ المكانة الاجتماعية (42).
لان كلتا الاسرتين (الغنية والفقيرة) سوف تنشئ اطفالها وتربيهم حسب وضعها ومكانتها المادية والاجتماعية، وتقدم بتهيئته واعداده لأخذ دورة في المجتمع وحياته المستقبلية بما يتلائم مع توجهات هذه الاسرة (43) .
ومن الملاحظ ان النساء العاملات مثلاُ يصطحبن معهن اطفالهن الى ورش العمل وكذلك يفعل الاباء، فكان يتقاضى الاطفال ايضاُ اجوراُ مقابل عملهم تبلغ احياناُ الى ثلاث كود من الشعير لكل طفل سواء كان ولداُ ام بنتاُ (44). كما كانت بعض الامهات يعملن اطفالهن لا سيما البنات بعض الامور المنزلية كطبخ الطعام وتحظير الخبز وغسل الملابس وتحضير المسارج للانارة (Shat nuri) وفي الريف فقد كان الامر يشتمل على رعي الاغنمام والماشية (45) .
اما الاباء فقد حرصوا على تعليم اولادهم مهنهم وحرفهم، وبما ان المجتمع العراقية القديم يكاد يكون مجتمعاُ زراعيا بحتاً فقد وصلت الينا وثيقة سومرية من مدينة (نفـّر) تتضمن نصائح وتعليمات زراعية قدمها الاب المزارع الى ابنه بغية تعلميه حراثه الارض والبذار للموسم الزراعي اذ يقول الفلاح لابنه ما نصه:
"عندما تكون على وشك الاشراف على حقلك (لزراعته) راقب بعين يقظة فتحة السدود والقنوات والتلول (حتى) اذا اغرقت الحقل لا يرتفع الماء فيه ارتفاعاُ كبيراً او عندما تنتهي من بزلة من الماء، لاحظ ارض الحقل المشبعة بالماء كي تبقى لك ارض نشطه" (46) .
وتستمر النصائح والارشادات للابن ولا ينسى الفلاح يضمن كلامه برضا الالهة الخاصة بالمزارع والمحصول، اذ يقول له: "بعد ان تخترق البرعمة سطح الارض اقم الصلاة للالهة "نن كيليم" " (47) .
ثم يختم الفلاح وصاياه لابنه ويذكره بان هذه الارشادات انما هي من عند الاله ننورتا الفلاح الحقيقي وابن كبير الالهه السومرية "انليل" (48) .
ومن المهام التي تقع على عاتق الاسرة في تنشئتها لابناءها هي تعليمهم القراءة والكتابة وما يتعدى ذلك الى اكتسابهم بعض من العلوم والمعارف التي كانت سائدة انذاك، فنظام التعليم والمدارس عموماُ كان موجوداً في بلاد سومر في وقت مبكر يرجع الى حدود 2500 ق.م بدليل كثرة النصوص المدرسية التي عثر عليها في مدينة شروباك (تل فاره) (49) .
ان اهتمام الاسرة في تعليم ابناءها القراءة والكتابة واجادتها راجع الى كون المتعلم او الكاتب كان يتمتع بمكانة مرموقة في المجتمع العراقي القديم (50) لما اعطيت الكتابة والكاتب من مكانة رفيعه فنرى ان المعتدات الدينية خصصت اله معينة للكتابة والمعرفة مثل الالهة (ندابا) الخاصة بالكتابة والحساب والاله (انكي=أي) الذي عرف عنه بانه سيد المعرفة والحكمة (51).
ولم يقتصر التعليم في المدارس العراقية القديمة على تعلم الكتابة المسمارية واللغتين السومرية والاكدية، بلى ان هناك فروعاً مهمة من العلوم والمعارف كانت من المواضيع التي درسها الطلاب وخاصة الطلبة المتقدمين في مستواهم الدراسي والعلمي (52) . ومن هذه المعارف كان هناك الرياضيات والفلك والطب والسحر وغيرها من العلوم التطبيقية البحتة (53) ، ويبدو ان المدرسة من هذا النوع كانت تسمى (بيت الحكمة = بيت مـُمُ) وكانت بمثابة المعاهد العالية (54) ومع هذا فقد كان النوعان من المدارس ملحقان بالمعابد (55) لا سيما وان الغرض الاساسي كان تدريب الكهنة لتوليتهم الوظائف الادراية (56) .
ولم يكن متاحاً لجميع الاسر العراقية ان تزج بابناءها في سلك التعليم والتعلم لانه كان امتياز مقصوراً على اطفال الاغنياء والمتتنفذين من الامراء والكهنة وغيرهم تحمل الاجور والنفقات الدراسية، ولعل صبياُ او يتيماً فقيراً يحالفه الحظ فيرسل للمدرسة اذا ما تبناه رجل ثري (57) .
وتشير النصوص المسمارية الى ان التعليم لم يكن مقتصراُ على الذكور بل كان من الممكن للاناث ان يتعلمن فظهرت لنا بعض الكاتبات البارعات و معظمهن من الكاهنات من صنف الناديتو(58) ، وبنات الملوك والامراء (59) ،فضلاً عما يستدل عليه من وجود إلهه معينة للكتابة من الاناث والتي وصفت بانها كاتبة الجميع (الكاتبة العظيمة للسماء) (60) .
ان اهتمام الاسرة العراقية القديمة بتنشئة اطفالها وحرصها على تعليمها القراءة والكتابة وما يلحق بها من امور ثقافية وعلمية، جعلت ترسل اطفالها الى المدرسة في اوقات المبكرة من العمر(61) وذلك لما تتطلبه المدرسة والتعليم عموماً من فترة زمنية لازمة للتعليم حتى وصفت بانها تبدأ من (الصبا الى الرجولة)(62) ، وما يتبعها بعد ذلك من فترة تعلم تخصصية في احد فروع المعرفة(63).
لم تكتف العائلة العراقية القديمة بارسال ابناءها الى المدرسة وتركهم بدون مراقبة او متابعة لامور دراستهم، فقد وصل الينا نص مسماري طريف يوضح مدى العلاقة المترابطة بين نشاط الطالب ومتابعة الاب والام له حيث يذكر:-
"كنت اذهب الى المدرسة، كنت اقرأ لوح واتناول غذائي
ومن ثم احضر لدرسي الجديد لأنتهي من كتابته
وقبل المساء كانت الواح التمارين تجلب الي
فاشرح لابي ما يتضمنه لوح تماريني
انا عطشان اعطوني ماء لأشرب، اغسلوا قدمي وهيئو فراشي ايقضوني مبكراً.
وعند دخولي البيت كنت اجد ابي جالساً هناك
وبعد ان امثل امام ابي كنت اقول انا جوعان اعطوني خبزاً
فاني ذاهب لانام لكي لا اتأخر والا اقتص مني معلمي"(64) .
ومن الطبيعي ان يتجاوب الاهل مع ابنهم الطالب المجد والمنهك من الدراسة اذ نقرأ:
"عندما كنت انهض في الصباح مبكراً
كنت الاقي امي فاقول لها:
اماه! اعطيني غذائي لاذهب الى المدرسة
فتعطيني امي رغيفي. اجل لقد كانت تعطيني رغيفي وانطلق"(65) .
ان استجابة الاطفال لأوامر اهلهم اثناء تعلمهم وتربيتهم يختلف من بيت لاخر حيث نجد ان بعض الاباء يوبخون ابناءهم المتكاسلين عن المدرسة والمتهاملين في تحصيلهم الدراسين والابناء المتذمرين من مشقة طلب العلم لا سيما وان العلامات المسمارية كانت تأخذ اشكالاً معقدة وكثيرة(66). فقد جاء حول هذا الامر نص سومري يتكون مما يقرب من مئة وثمانين سطراًً يبدأ بحوار بين احد الاباء وابن له متكاسلاً ولا يهتم بتحصيله الدراسي نأخذ من هذا النص ما هو في صلب اهتمام الاب بتعليم ابنه في المدرسة اذ نقرأ من هذا الحوار:-
"الاب: الى اين ذهبت
الابن: لم اذب الى أي مكان
الاب: فاذا لم تذهب الى أي مكان. لم تقضي وقتك متكاسلاً؟ اذهب الى المدرسة وقف امام والد مدرستك (الاستاذ) واقرأ واجبك. وافتح محفظتك المدرسة واكتب درسك ودع اخاك الاكبر (الاستاذ المساعد) يكتب لك
درسك الجديد. وبعد ان تنهي واجبك وترفع تقريرك الى المشرف عليك، عد
الي ولا تتسكع في الطريق، اسمع هل تعرف ماذا قلت؟...
الابن: نعم اعرفه وسأتلوه عليك"
ثم يعيد الابن ما تلاه عليه اباه من ارشادات ونصائح فيقول له الاب:
"انت يامن تتسكع في الميدان العام. هل تريد ان تحقق النجاح؟ اذن
فاقصد الاجيال الاولى، اذهب الى المدرسة. انها ستكون وذات نفع لك
يابني اذهب الى الاجيال الاولى واستفسر منها"(67) .
وقد بذل الاب قصارى جهده حتى يتمكن اولاده من التعلم والاستمرار في المدارس حتى يصل الامر الى ان يقوم الاباء باسترضاء المعلمين او ربما لزيارة الحصص (الخصوصية) التعليمية للطالب، اذن ان الامر كان بمثابة توطيد العلاقة بين البيت والمدرسة من اجل مصلحة الطالب وتقويمه نحو الاتجاه الصحيح(68) .
ويذكر احد النصوص السومرية حول هذا الموضوع بان الطالب اشار على ابيه ناصحاً اياه بان خير ما يفعله في هذا الشأن استرضاء المدرس وان يدعوه الى بيته ويسترضيه ببعض الهدايا. ويعتبر الاستاذ كريمر بان هذه الحالة سابقة تاريخية فيما يخص (التملق المدرسي) في تاريخ الانسان(69) .
وقد جاء في النص السومري ايضاًَ:
"لقد استمع الاب الى نصيحة ابنه التلميذ وجاء المدرس من المدرسة وبعد ان دخل البيت اجلسه في اشرف مكان وقام التلميذ على خدمته واخذ يستعيد امام ابيه كل ما تعلمه من كتابه الالواح ثم ان الاب قدم الخمر الى المدرس وقدم له الطعام وكساه بحله جديدة واهداه هديه ووضع الخاتم في اصبعه وطابت نفس المعلم من هذا الاكرام... وقال للطالب لقد احسنت في انجاز اعمال المدرسة كل الاحسان واصبحت رجل علم"(70) .
وهكذا فأن من مسؤوليات الاسرة تجاه الابن فيما يتعلق بتربيته وتعليمه، ان يتابع جميع اموره الحياتية والمدرسية حتى يتمكن من معالجة أي خطأ او زلل يقوم به الولد وهذا ما يؤكده احد الاباء السومريين بقوله:
"لن اكون رجلاً اذا لم اراقب ابني"(71) .
ولم تخل تربية بعض الاسر العراقية القديمة من ترفيه ابناءهم والمبالغة في دلالهم وما ينتج عن ذلك من سوء في التصرف لبعض الاولاد وبالتالي عد الاستجابة لرغبات الاهل وتحقيق امانيهم في اولادهم. فنقرأ في احد النصوص السومرية كيف ان احد الاباء قد شعر اخيراً بسوء تربية لابنه وترفيهه الى حد الليونة والكسل:-
"... انا لم ادفعك قط طول حياتي الى حمل الاقصاب الى اجمة القصب وحزم البردي التي يحملها الصغير والكبير.
انت لم تحملها في حياتك قط
انني لم اقل لك ابداً سر وراء عرباتي
ولم ارسلك للعمل او حرث حقلي
انني لم ارسلك للعمل كعامل (اجير)
ولم اقل لك في حياتي اذهب واعمل وساعدني في معيشي"(72) .
ويأخذ الاب بتذكير ابنه بان غيره من الابناء واقرباءه صاروا يعاونون ابائهم في الزراعة ويحرصون على توفير حاجات اباءهم الضرورية وفي مقدمتها السمن والصوف، ثم يزجره بعنف قائلاً له:
"اما انت فلست رجلاً على الاطلاق"(73) .
ومع ذلك فان عاطفة الابوه وحنانها تبرز في نهاية النص عندما يتبدد غضب الاب ويرق قلبه ويأخذ بتمني الخير والسعادة لابنه مع جميع اسباب النجاح اذ يخاطبه قائلاً:-
"عسى ان يحميك الهك ننار مع من يخاصمك
عسى ان يحميك الهك ننار ممن يهاجمك
وان تجد دائماً حظوة الهك
وان يعلو شانك بكرم خلقك
وان تكون كبير بين حكماء مدينتك
وان يذكر اسمك في المدينة في افضل المجالس" (74) .
عموماًَ فان اهتمام الاسرة العراقية القديمة بالتربية والتنشئة الاجتماعية لاولادهم وفق ما يفرضه المجتمع من تقاليد وعادات قويمة، يصب بالنهاية لمصلحة الاسرة والاب في كل حال من الاحوال، لان الاسرة كانت نسيج واحد كما بصورها المثل السومري القديم:
"الزوجة مستقبل الرجل
والابنه خلاص الرجل
والابن ملجأ الرجل"(75)
2- العامل الديني.
يعد الدين في المجتمعات كافة من اهم النظم الاساسية المكونة للنظام الاجتماعي العام (المجتمع) وهو المحور الاساسي للنظم الاجتماعية الاخرى التي بدورها تقولب الفعاليات البشرية في المجتمع(76) مع تركيزه (الدين) بالعلاقة مع القوة العليا (الغيبية) والتي هي فوق مستوى ادراك غالبية الافراد.
ويشيد (دوركهايم) الى ان الدين يمثل كلاً يتكون من معتقدات وشعائر ومراسيم ترتبط باشياء مقدسة تجمع اتباعه واعضاءه بوحدة او مجموعة واحدة متماسكة كالكنيسة او المسجد او المعبد وغير ذلك(77).
ومن الصعب تقديم تعريف واحد للدين وذلك لتعدد الديانات واختلاف مفاهيمها، الا ان اغلب التعاريف تشابه من حيث صفاته العامة؛ فهو عموماً نظام روحي موجه ومحدد للسلوك البشري ويستند على معتقدات وشعائر تحدد العلاقة بين المجتمع وبين ما يعبدون من جهة اخرى، متضمناً ذلك الشعائر والاحتفالات والعبادات على اختلاف انواعها(78) .
ان الاغلب الاديان علاقة بالنظم الاجتماعية والعائلية فنراها تنظم احوال الافراد والاسر في المجتمع من خلال دخول الدين في جزئيات الحياة الاجتماعية كالزواج والولادة والتنشئة والتربية وغيرها. لذا نرى ان الدين ينظم السلوك البشري سواء كان فردياً او جماعياًَ من خلال تركيزه على الخير والشر والثواب والعقاب(79) .
لقد ذكر علماء الاجتماع ان من الوظائف التي تقوم بها الاسرة هي تعليم الابناء وتلقينهم كل ما يتعلق بمعتقداتهم الدينية في المجتمع والطقوس التي يمارسها، فالاسرة هي الجهة الأكثر مسؤولية في تنشئة الابناء من الناحية الدينية والعقائدية(80) .
والفرد منذ عهد طفولته يأخذ بتعلم العقائد الدينية ويكون لها اثرا واضحاً على سلوكه وحياته وتنشئته في المجتمع من خلال الوصايا والارشادات التي يجب عليهم الالتزام بها مع الاخرين (81) .
وفي الواقع ان العامل الديني في التنشئة الاجتماعية يبرز بصورة جلية من خلال ارتباط الفرد بالقوى الغيبية ومدى تأثيرها على سلوكه في الحياة وتحقيق النجاح او الفشل فيها، وقد اهتمت الاسرة العراقية القديمة منذ اوقات مبكرة بتنشئة ابنائها على التمسك بالقيم الدينية وعن طريق زرع الايمان في صدور الابناء وتعظيم الخوف من الالهة وطاعتها، فيذكر احد النصوص المسمارية حول ذلك ما نصه:-
"كان الاب يأخذ اولاده الصفار في فجر كل يوم فوق سطح الدار حيث يتمشون ويتعبدون ويتطلعون الى شروق الشمس"(82) .
وكانت التعاليم الدينية التي ينهل منها الفرد بمختلف طرقها، تعلمه كيفية الخشوع والتضرع لطلب رضا الالهة ومغفرتها، لان التكفير عن الذنوب قد شمل جميع اصناف البشر أي ان الخطيئة قد شملت الناس كلهم كما جاء في النصوص:
"من هو الذي لم يرتكب خطيئة
ان البشر مهما كانت مراكزهم يرتكبون الخطيئة"(83) .
بالمقابل فقد جاءت النصائح الدينية عن سيئات الفرد نقرأ منها:
" اعبد إلهك كل يوم
صلي وابتهل له يومياً
وسوف يجازيك جزاً حسناً
فالتبجيل يكثر الحسنات
والصلاة تغفر الذنوب"(84) .
اعتقد العراقيون القدماء بان الصلاة والتبجيل والمدح في الالهة لم يكن فقط لتكفير الذنوب، او استحصال رضى الالهة، بل ان ذلك كان يصب ايضاً في تحسين حالة الفرد وتأمين العيش الرغيد له في حياته وهذا ما حاولت الاسرة العراقية ان تنقله لاجيالها بالتنشئة الدينية اذا نقرأ في احد النصوص:
"كل يوم عظم الهك
احفظ قلبك نقياً كما هو لائق بالفتى
ان الخوف من الاله يودي الى رضاه(85) " .
وبهذا المضمون نقرأ ايضاً :-
"ان الخوف من الالهة مدعات للعطف
ان من تجاف من الالهة فان (الانوناكي) تطيل في عمره"(86) .
لقد انعكست بعض الاعمال والسلوكيات الدينية للاسرة على سير عملية التنشئة والطفولة بالاخص. فالفرد كان يتعلم من استرته ومن خلال بيئة التي ينشأ بها بان الارتباط بالدنيا والالهة مسألة اساسية لضمان العيش المستقر والامن، ولو ان هذه النظرية بعض الشواذ كما هو الحال بالنسبة للمتقي المعذب(87) .
لقد اثبت المجتمع بان الصلاة هي الوسيلة الوحيدة التي توصل الفرد الى هذا المستوى المعيشي بعد ان تقوم بتطهيره من الذنوب كما جاء في احد النصوص:
"الصلاة تغسل الذنوب"(88) ؛
اذن كان الواجب الثاني في الدين العراقي القديم بعد الخوف من المعبود وهو الدعاء والصلاة(89) .
ونظراً لتركيز المجتمع العراقي القديم على الجانب الديني وتقديس الالهة وطاعتها وارتباطها بجميع الفعاليات، فقد اوجد العراقيون فكرة الالهة الشخصي (اللاما) لكي يكون بمثابة الوسيط بين الالهة او الحارس لكل فرد ولكل اسرة، وتكون علاقته الفردية مع صاحبه كعلاقة الاب بابنه(90) وقد شمل ايضاً هذه الالهة علاقة الفرو باسرعة وهذا ما نده واضحة في قصيدة المندب التقي عندما يخاطب الهه الشخصي اذ يقول:-
"انظر لا تدع امي لا حملتني توقف البكاء علي في حضرتك
ولا تدع اختي تفني الاغنية والأنشودة السعيدتين"(91) .
كما مثلت فكرة الإله الشخصي (اللاما) تحققت الصلة بين الاله الكبار وبين الفرد وتحقيق الخير لصاحبه فاذا ما وقع الشخص في حياته بمشكلة او ان الامور تأخذ بعكس ما يريد الفرد فان الاله الشخصي يأخذ باستعمال نفوذه لمساعدة موكله(92) لذا فقد ساد الاعتقاد بهذه الروح الحامية بانها القوة الكامنة وراء نجاح الانسان(93) .
ان تأثير العامل الديني في تنشئة الطفل وتربيته كان واضحاً في المجتمع العراقي القديم وذلم منذ اللحظة الاولى للاتصال الجنسي بين الابوين فقد حدود العديد من الالهة المؤنثة اختصت بالانجاب والاخصاب وغيرها(94) وقد جاء في احد النصوص المسمارية عن ذلك ما نصه:
"يستطيع ان يتزوج الرجل عدداً من النساء"
ولكن انجاب الاولاد نعمه لا تهبها الا الالهه"(95) .
وفي نص اخر نقرأ احد الامنيات القديمة:-
"ليت انانا نعطيك زوجة دافئة الاعضاء وتمنحك اولاد اقوياء وتفتش لك عم محل السعادة"(96) .
وعلى خلفية هذا الاعتقاد اخذ العراقي القديم بالتضرع الى الاله لتنعم عليهم وترزقهم بالاولاد، فاخذوا ينذرون ابناءهم (ذكوراً واناثاً) بالخدمة في المعابد(97) وعلى مختلف مستويات الخدمة وبمختلف الفئات والطبقات الاجتماعية(98) حتى شملت الامراء انفسهم
مع العصور السومرية الاولى بدأت عادة تقديم الابناء الى المعابد كنذور اللالهه واخذت بالتوسع خصوصاً بعد الفتوحات الواسعة في زمن سلالة بابل الاولى وانتشار الملكية الفردية وظهور العوائل الغنية والاقطاع اثر توزيع الاراضي التابعة للدولة على الافراد(99) .
وفي الواقع ان مسألة تكريس الابناء للخدمة في المعابد قد شملت الكهانة بصورة كبيرة، فكانت بعض المناصب الكهنوتية مخصصة لطبقة دون اخرى، فنجد مثلاً ان الملوك قد نذروا بناتهم (تحديداً) لخدمة العديد من الالهه الكبار مثل الاله انليل (ايا = انكي) و (اوتو=شمش) وغيرها من الالهه(100) . وقد احتلت الفتاة المنذورة من العائلة المالكة منصب الكاهنة الاعظم (Entu) وبالسومرية (NIN-DINGER) (101) .
ان الاعتزاز الديني بتربية الاطفال ونذرهم وتكريسهم في خدمة الالهه او في المعابد، جعل بعض الملوك يؤرخون بالسنة التي تدخل فيها البنت الى المعبد(102) ومن ذلك نقرأ بان هناك عدد من الكاهنات ارخت السنوات باسمائهن ومن عصور تاريخية مختلفة(103) .
ونجد ايضاً ان العائلات الفنية والفئات الاجتماعية الميسورة كانت تقدم بناتها للخدمة في المعابد او بنذرونهن لالهه معينة وعندما يكبرن يصبحن كاهنات من نوع (ناديتوnaditu) وبالسومرية (LU.KUR)(104) فهناك ناديتو الاله شمش وناديتو الاله ننورتا رسن ومردوخ وغير ذلك من الالهة(105) .
وهناك اشارات تدلل الى ان بعض العائلات قد حافظت على مسألة نذر البنات وتقد يمهن الى المعابد، لاجيال متعاقبة(106) فبالاضافة الى المكانة الدينية التي تأخذها الفتاة من خلال ممارستها مهنة الكهانة، كان هناك ايضاً مردود اقتصادي يدر على هذه العوائل فضلاً من المكانة الاجتماعية التي تتمتع بها الفتاة وحائلتها في المجتمع(107).
عوائل تنذر بناتها للخدمة في المعابد لتصبح كاهنة من نوع (قاديشتو Qadishtu) وبالسومرية (NU.GIG) (108)، وربما ان الفتاة المنذورة لهذا المنصب الكهنوتي هو اعلى غايات التدين في المجتمع الرافديني انذاك، ذلك لان هذه الفتاة (الكاهنة فيما بعد) تخصص الجزء الاكبر من حياتها في واجبها الديني، ويدل اسمها السومري (NU.GIG) الى كونها (المرأة الخالية من الامراض او الشر)(109) وهذا الامر راجع الى عدم السماح لها بالانجاب الا اذا كانت متزوجة بصورة رسمية(110) .
ونجد ايضاً بعض الاسر العراقية تنذر بناتها الى الالهه ولخدمتها وخدمة معابدها ليكونن نوع من الكاهنات وهي الكاهنة (كلما شيتو Kalmashitu)وبالسومرية (NU.BAR)(111) ولان هذه الفتاة مكرسة لخدمة اله معين وتعيش في بيت ابيها على عكس بقية الكاهنات، فقد اسماها الباحثون (لاسيما درايفروميلز) بالمنذورة Votaress تميزاً عن اصناف الكهاهنات الاخرى(112) .
ولم تقتصر فكرة النذر للالهة والخدمة في المعابد على البنات فقط، بل كان هناك ايضاً اولاداً ينذرون من قبل اباءهم واسيادهم للخدمة في المعابد وهم عادة يطلق عليهم في المعبد بفئة المنذورين (Shirku شيركو)(113) كما شمل الامر الكهنة المرتبطين بالمعابد الكبيره حيث كان ابنائهم يترعرعون بين جدران المعبد وبالتالي يحصلون على تربية متكاملة وتنشئة قوية(114) .
اذن فان تقديم الابناء ونذرهم في المعابد وللالهة كانت من البواعث الدينية عند الاسرة العراقية القديمة التي حرصت على ان تزود ابناءها اثناء عملية التنشئة الاجتماعية بالقيم والرموز الدينية انذاك والتي تصب بالتالي بفكرة السومريين والجزريين عن الانسان الذي هو موجود اصلاً لخدمة الاله(115) .
ومن الممارسات الدينية التي تبناها المجتمع العراقي القديم واستطاع جاهداً ان ينقلها الى ابناءه، هي تقديم القرابين الى الالهه. فقد ركز المجتمع انذاك على ضرورة هذه المراسيم التعبدية عند النشأ، لذا نرى الاباء يعملون ابناءهم كيفية تقديم القرابين واهميته بالنسبة الى حياة الفرد، لما يتعلق ذلك براحة وطمأنينة الفرد ونيل رضى واستعطاف الالهه.
ونقرأ في احد النصوص المسمارية بعض من النصائح يقدمها الاب الى ابنه يؤكد له اهمية عبادة الالهه وضرورة تقديم القرابين لها، وما ينتج عن ذلك من جزاء حسن من قبل الالهه:
"اعبد الهك كل يوم
عليك بالقربان والتبريكات
قدم قربانك عن طوع لالهك
لان ذلك يليق بالالهه"(116) .
وبما ان الكهنة وأفراد المعبد هم الذين يأكلون ما يقدم الى الالهه من طعام فقد حثوا الناس على اهمية الاعتناء بنوعية القرابين(117) وبالفعل فقد حرص الاباء على نقل ذلك الى أبناءهم اذ يرو في احد النصوص العائدة للعصر البابلي القديم عن ذلك ما نصه:-
"صل وتضرع وضع نحوراً عطراً امامهم
قدم القرابين وعطايا كثيره
انحر ثوراً سميناً واذبح خروفاً سميناً
ومراراً اسكب جعة حلوه كالعسل وخمرة صافيه"(118) .
ويأتي ايضاً نص اخر يؤكد العاقبة الحسنة التي يتلقاها كل من يهتم بالقرابين اذ نقرأ:-
"القرابين تطيل العمر
والصلاة تغسل الذنوب
ان الذي يتقي الالهه تصان كرامته"(119) .
ان تاكيد المجتمع وطرقه المختلفة في التنشئة الاجتماعية على مسألة تقديم القرابين راجع الى كون هذا الطقس يشكل جزءاً مهماً من العبادات الضرورية للالهه، اذا ان تقديم القرابين ما هي الا عملية تقديم الطعام والشراب مصحوب بحرق بعض انواع النباتات ذات الرائحة الزكية (البخور)(120) ، اما الغاية منها فهي جزء من الاعتقاد انذاك بان الاله في طبيعتها كالبشر (ماعدا الموت) وانها تاكل وتشرب من خلال خدمة الانسان لها والذي هو وجد اساساً لهذا الغرض(121) .
ونظراً لأهمية هذه المراسيم والطقوس فقد اخذ المجتمع يطبعها بطابع وراثي، أي انه حرص على انتقالها الى الاجيال من خلال تصويرهم لمراسيم تقديم القربان على الاختام الاسطوانية والمنحوتات(122) ، ويبدو ان هذا الاهتمام تابع من كون ان الحيوان المقدم كقربان كان يمثل حقيقة صاحب القربان، كما يوضحه النص التالي:-
"الحمل فداء للبشر، لقد قدم حملاً بدلاً عن حياته
لقد قدم رأس الحمل بدلاً من راس الانسان
لقد قدم عنق الحمل بدلاً من عنق الانسان
لقد قدم صدر الحمل بدلاً من صدر الانسان"(123) .
لقد قعدت فكرة تقديم القرابين واهمية تنشئة الابناء علها الى العالم السفلي (ما بعد الموت)، وقد تبين من خلال احد النصوص ما يشير الى تقديم القرابين وتأديه الطقوس الخاصة بحياة الاباء ومماتهم اذ نقرأ:-
"في حياتي سوف تطعمني،
وعندما اموت تقومين بالطقوس الجنائزية لي"(124) .
وهذه الطقوس الجنائزية كانت لضمان راحة روح الميت في العالم الاسفل كما كان سائداً في الاعتقاد انذاك(125) .
إن المجتمع العراقي والعائلة خصوصاً اكدت على اهمية تنشئة ابناءهم على كل ما هو له صله بالدين، ومن ذلك جاء اهتمامهم بتقديم القرابيين والتضحية للالهه من قبل الابناء، كي تنالهم الراحة في حياتهم وبالعالم الاسفل، وهذا ما نجده في اسطورة كالكامش وانكيدو والعالم الاسفل، اذا يسأل كلكامش صديقه انكيدو عن حال المتوفى الذي له اولاد في حياته ويجيبه ُ بانه كلما كان له اولاد كلما كان سعيداً(126) ، ثم يذكر سياق الاسطورة:
"اما الذي ليس له ذرية فلم يكن عنده شيء ياكله عدا الفضلات التي ترمى في المزابل"(127).
ونقرأ في نص مسماري ما يؤكد بان تقديم القرابين في المراسم الجنائزية مدعاة لرضا الالهه:
"قدم القرابين الجنائزية ليحقق الاله انليل لك رغباتك"(128) .
ويبدو انه بالاضافة الى ابتغاء رضا الالهه بتقديم القرابين الجنائزية، فان التركيز عليها وضرورة تعليمها للابناء كان الاغراض اخرى ايضا، من ضمنها استحصال الخير والبركة لمقدم تلك القرابين كما يبين ذلك النص التالي:
"انك تقدم القرابين الجنائزية من اجل الحقل الذي لا ينتج"(129) .
وهكذا فان هذا الموروث الديني بقي متواتراً بين الاجيال من اجل الحفاظ على القيم التي ألفوها في اباءهم، فجاءت التنشئة الاجتماعية مصبوغة بصبغة دينية راسخة عند الابناء وهذا ما يدل على عمق التنشئة الاجتماعية وفاعليتها فيهم، وقد عرض القرآن الكريم حقيقة هذا الامر بقوله تعالى "هذا ما وجدنا عليه آباؤنا"(130) .
________________
(1) فروريك انجلز: اصل العائلة الملكية والخاصة والدولة، دار النداء، بت، ص10.
(2) محمد حمود جمعة: النظم الاجتماعية والسياسية عند قدماء العرب والامم السامية، مطبعة الساعدة، القاهرة-1984،ص9.
(3) تقي الدباغ: من القرية الى المدينة، المدينة والحياة المدنية، ج1، ص23-ص24.
(4) Halloran , Joan. a : Sumerian lexicon , p
(5) رضا جواد الهاشمي: نظام العائلة، ص25.
(6) م . ن، ص26.
(7) داليا الانصاري: الاسرة العراقية القديمة، ص8.
(8) انظر مثلاُ رضا جواد الهاشمي: نظام العائلة، ص36. داليا الانصاري: الاسرة العراقية، ص6 وما بعدها.
(9) رضا جواد الهاشمي، نظام العائلة، ص36.
(10) داليا الانصاري: الاسرة العراقية القديمة، ص6.
(11) ج. أ ولكن: الأمومة عند العرب، ترجمة بندلي جوزي. بيروت، 1977، ص121.
(12) وليد الجادر: التجمعات الزراعية الاولى، المدينة والحياة المعدنية، ج1،ص62.
(13) جيس فريزر: النص الذهبي، ج1،ص109.
(14) تقي الدباغ : الثورة الزراعية ، ص188 .
(15) ثلما ستيان عقراوي: المراة ومكانتها، ص18.
(16) م، ن: ص18-19
(17) تعتقد بعض الاقوام مثل العرب في الجاهلية ان مسألة انجاب الاولاد او البنات كانت من واجبات المراة فقد روي عن رجل يدعى ابو حمزة تزوج جارية فولدت له بنت فهجرها وهجر منزلها فأنشدت الجارية تقول: ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذي يلينا
غضبان لا نلد البنينا تالله ما ذلك في أيدينا
وانما نأخذ ما أعطينا ونحن كالأرض لزارعينا.
ابو عثمان الجاحظ: البيان والتبيين: تحقيق عبد السلام هارون، ط5، القاهرة-1985، ج1، ص186.
(18) ثوركيلد جاكوبسون: ما قبل الفلسفة، ص158.
(19) فاضل عبد الواحد علي: سومر اسطورة وملحمة، ص102..
(20) Mead ,M: "Woman" Encyclopedia of Social Sciences,1998, VOL.15.P.440.
(21) ثلما ستيان عقراوي، المرأة، ص20.
(22) للتفصيل ينظر فاضل عبد الواحد: عشتار ومأساة تموز، بغداد، 1968، وايضاُ المؤلف نفسه: الهه لاحب واله الخصب، مجلة سومر، ع 29، س1973.
(23) فاضل عبد الواحد علي: سومر اسطورة وملحمة، ص135.
(24) داليا الانصاري: الاسرة العراقية، ص113ز
(25) Driver and Miles: BL. VOL 1.P.394.
(26) رضا جواد الهاشمي: القانون والأحوال الشخصية، حضارة العراق، ج2،ص104.
(27) Gorden. L. E. Sumerian Proverbs Glimpses of every day life in an ancient Mesopotamia. Philadelphia, 1959.P.211
(28) سعيد ابراهيم جبار: دراسات في تاريخ الفكر التربوي، وكالة المطبوعات، الكويت-1974، ص42.
(29) ينظر موضوعات ادب الحكمة في العراق، القديم، طه باقر: مقدمة في ادب العراق القديم، ص147-ص170.
(30) جمال الالوسي وأميمه علي خان : علم نفس الطفولة والمراهقة، بغداد، 1983، ص130.
(31) محمد الجوهري: الطفل في التراث الشعبي، ص42.
(32) صموئيل نوح كريمر: السومريون، ص371.
(33) م. ن. والصفحة.
(34) صموئيل نوح كريمر: السومريون، ص371.
(35) ثوركيلد جاكوبسون: ما قبل الفلسفة، ص239.
(36) غريفورس بولس بنام: احيقار الحكيم، ص145.
(37) فاضل عبد الواحد علي: سومر اسطورة وملحمة، ص269.
(38) صلاح وميض الجبوري: ادب الحكمة، ص100.
(39) Gordon: E. Sumerian Prorerbs.P.P.124.125
(40) Tbid.P.145
(41) PSD : letter ( M ) .
(42) رضا جواد الهاشمي. نظام العائلة، ص141.
(43) لقد اشار رسولنا الاعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم الى ذلك بحديثه الشريف: "كل مولود يولد على الفطرة وانما ابوه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه". مسلم بن الحجاج: صحيح مسلم. ج3، ص 2048 .
(44) وليد الجادر: الحرف والصناعات اليدوية، بغداد – 1973، ص43.
(45) ثلما ستيان عقراوي: المرأة، ص158.
(46) صموئيل نوح كريمر: السومريون، ص492.
(47) م.ن. ص494. والالهة (نن كلييم) اله خاصة بالجرذان والحشرات والديدان يصلي لها كي تمنع من ايقاع الضرر بالنباتات. صموئيل نوح كريمر: السومريون، ص494. هوامش المترجم رقم (1).
(48) صموئيل نوح كريمر: من الواح سومر، ص141.
(49) فاضل عبد الواحد علي: سومر اسطورة وملحمة، ص24.
(50) عامر سليمان: العراق في التاريخ القديم، ج2،ص267.
(51) صموئيل نوح كريمر: من الواح سومر، ص195، ص186.
(52) بهيجة خليل اسماعيل: الكتابة، حضارة العراق، ج1، ص264.
(53) عن هذه العلوم والمعارف ينظر ميثاق عيسى موسى: العلوم والمعارف في العراق القديم، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الاداب، جامعة بغداد-2005.
(54) عامر سليمان: العراق في التاريخ القديم، ج2، ص266.
(55) كرستوفر لوكاس: حضارة الرقم الطينية وسياسة التربية والتعليم، ترجمة يوسف عبد المسيح، بغداد-1980، ص12.
(56) وليد الجاور، عبد الاله فاضل: دور العلم والمعرفة في العراق القديم، مجلة المورد، مج7، ع3، ص35 .
(57) هاري ساكز: الحياة اليومية، ص82
(58) ربما كان عدم السماح للكاهنة الناديتو بالانجاب سبباُ لتهيئة الوقت الكافي لها في تعلم مهنة الكتابة. ثلما ستيان عزاوي: المرأة، ص201، هامش رقم 143.
(59) بهيجة خليل اسماعيل: الكتابة، حضارة العراق، ج1، ص265.
(60) عامر سليمان: العراق في التاريخ القديم، ج2، ص267.
(61) هاري ساكز: الحياة اليومية: ص84.
(62) صموئيل نوح كريمر: السومريون، ص337.
(63) م.ن والصفحة.
(64) صموئيل نوح كريمر: من الواح سومر، ص56.
هاري ساكز: الحياة اليومية، ص84.
(65) صموئيل كريمر: من الواح سومر، ص56.
(66) فاضل عبد الواحد علي: سومر اسطورة وملحمة، ص45.
(67) صموئيل نوح كريمر: السومريون، ص349-ص350.
(68) فاضل عبد الواحد: سومر اسطورة وملحمة،ص44.
(69) صموئيل نوح كريمر: من الواح سومر، ص56-ص57.
(70) صموئيل نوح كريمر: من الواح سومر، ص57.
(71) صموئيل نوح كريمر: السومريون، ص350.
(72) م.،ن والصفحة.
(73) فاضل عبد الواحد: سومر اسطورة وملحمة، ص45.
(74) صموئيل نوح كريمر: السومريون، ص351.
فاضل عبد الواحد علي: سومر أسطورة وملحمة، ص45.
(75) صموئيل نوح كريمر: من ألواح سومر، ص222.
(76) مصطفى الخشاب: علم الاجتماع الديني، مكتبة القاهرة الحديثة، القاهرة، 1964.ص82.
(77) Durkheim, E: the Element any Forms of the Religious life, Free Press, 1954.P.386.
(78) شاكر مصطفى سليم: المدخل الى الانتروبولوجيا، مطبعة العاني، بغداد -1965، ص65-ص68.
(79) مليحة القصير : المدخل الى علم الاجتماع، ص442.
(80) علي عبد الواحد وافي: الاسرة والمجتمع، دار احياء الكتب العربية، البابي الحلبي، القاهرة-1958، ص14.
(81) مصطفى الخشاب: دراسة في المجتمع، مكتبة الانجلو- مصرية، القاهرة-1968، ص170.
(82) هاري ساكز، الحياة اليومية، ص102.
(83) نائل حنون: عقائد ما بعد الموت، ص150.
(84) فاضل عبد الواحد علي: سومر اسطورة، وملحمة، ص270.
(85) جان بوتيرو: الديانة عند البابليين، ترجمة وليد الجادر، بغداد – 1970، ص123.
(86) Heidel: the Cilgamish Epic and old Testament parallels, (Chicago, 1967) P.140
(87) هاري ساكز: عظمة بابل، ص492.
(88) م . ن . ص496.
(89) ديلا بورت: بلاد ما بين النهرين، ص195.
(90) اللاما
(91) صموئيل نوح كريمر: السومريون، ص370.
(92) ثوركليد جاكوبسون: ما قبل الفلسفة، ص245 .
(93) م.ن. ص240.
(94) رضا جواد الهاشمي: نظام العائلة، ص94.
(95) Gordon: Sumerian Proverbs.P126.
(96) ثوركليد جاكوبسون، ما قبل الفلسفة، ص147.
(97) لقد اشار كتاب العهد الجديد (الانجيل) الى الخدمة في المعابد في نبؤة حزقيال فصل 12:8، ونجد ان هذه العقيدة مذكورة في القران الكريم بقوله تعالى "اذ قالت امرأة عمران رب اني نذرت مافي بطني محرراً فتقبل مني انك انت السميع العليم" سورة ال عمران الاية325. وفي تاريخ العرب قبل الاسلام نجد انهم كانوا ينذرون اولادهم ويقفونهم على عبادة الاصنام انظر مصطفى جياووك: الحياة والموت في الشعر الجاهلي . دار الحرية للطباعة بغداد، 1977، ص42.
(98) علي محمد مهدي: المعبد في المجتمع العراقي، ص197 .
(99) ثلما ستيان عقراوي: المرأة، ص27، ص28.
(100) Driver and Miles: BL.VOL I.362.
(101) PSD : letter ( E ) .
(102) ثلما ستيان عقراوي: ص170.
(103) م.ن. ص171.
(104) Halloran , A. Jon : Sumerian lexicon . p.144 .
(105) ثلما ستيان عقراوي: المرأة، ص173.
(106) م . ن.، ص176.
(107) انظ قانون حمورابي المواد (178، 180، 181).
(108) PSD : letter ( N ) .
(109) ثلما ستيان عقراوي: المرآة، ص179.
(110) م.ن.ص181.
(111) CAD: VOL.8.P.526.
(112) Driver and Miles: BL.VOL.P.371.
(113) نجيب ميخائيل إبراهيم: مصر والشرق الأدنى القديم، ج6، ص175.
(114) جورج رو: العراق القديم، ص291.
(115) ل. ديلابورت: بلاد ما بين النهرين، ص191.
(116) Lambert, G: (BWL).P 105
(117) عامر سليمان: العراق في التاريخ القديم، ج2، ص134.
(118) مريم موسى عمران: الفكر الديني، ص122.
(119) Lambert.BWL.P.105.
(120) ل. ديلا بورت: بلاد مابين النهرين، ص196.
(121) فوزي رشيد: المعتقدات الدينية، حضارة العراق، ج1، ص164.
(122) عامر سليمان: العراق في التاريخ القديم، ج2، ص134.
(123) ل. ديلابورت: بلاد ما بين النهرين، ص197.
(124) Bayliss, M: the Cult of dead. IRAQ.VOL 35.1973.P.120.
(125) نائل حنون: عقائد ما بعد الموت، ص112.
(126) طه باقر: ملحمة كلكامش، ص161.
(127) م.ن. ص162.
(128) نائل حنون: عقائد ما بعد الموت ، ص276.
(129) م.ن. ص276-ص277.
(130) سورة الاية .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|