أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-03-2015
2779
التاريخ: 2-03-2015
1429
التاريخ: 2-03-2015
4083
التاريخ: 2-03-2015
1006
|
هو ابو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله(1) ، ولد في الكوفة سنة 144هـ على الارجح(2) ونشأ بها ، واخذ عن الكسائي والرؤاسي وقيس بن الربيع وسفيان بن عيينة وغيرهم، كما أخذ عن يونس بن حبيب من البصريين.
رحل الى بغداد في حدود سنة (170هـ)(3) لأنها كانت قبلة الانظار ومحجة العلم واتصل في دار السلام بالرشيد ،ثم المأمون من بعده.
ويبدو انه كان كثير التنقل بين الكوفة والبصرة وبغداد في ايام دراسته وما توجهه الى البصرة الا دليل على حبه للعلم والاستزادة منه مقتفيا بذلك آثار شيخه الكسائي والرؤاسي اللذين رحلا اليها للأخذ عن علمائها. وهنالك اقبل على دراسة الفلسفة والطب والكلام زيادة على علوم الغربية والدين، فاكتسب معارف واسعة عميقة...تمثل ثقافة عصره. وتفيد بعض الروايات انه دخل البصرة فلقي يونس واصحابه وسمعهم يذكرون سيبويه بالحفظ، فتشوق لقائه لكن سيبويه خيب ظنه، ولقد روى هذا عن ابي موسى الحامض احد تلاميذ ثعلب المتعصبين للكوفيين ، قال ابو موسى مخاطبا الزجاج:
والله ان صاحبكم ألكن يعني سيبويه ،فأحفظني ذلك ،ثم قال: بلغني عن الفراء انه قال دخلت البصرة فلقيت يونس واصحابه فسمعهم يذكونه بالحفظ والدراية وحسن الفطنة، فأتيته فاذا هو اعجم لا يفصح ، سمعته يقول لجارية له: هات
ص97
ذيك الماء من ذاك الجرة ، فخرجت من عنده ، ولم اعج اليه، فقلت (4) له ، هذا لا يصح عن الفراء وانت غير مأمون في هذه الحكاية ، ولا يعرف اصحاب سيبويه منن هذا شيئا....). (5)
ونخلص مما تضمنته الرواية الى انن التنافس بين البصريين والكوفيين في هذه المدة كان عظيما وبلغ درجة تدفع صاحبها الى الافتراء على الاخرين، ويؤكد التنافس والعصبية اللذين اشرنا اليهما ما اورده ابو الطيب اللغوي في ترجمة الفراء قال: (وكان الفراء متورعا متدينا على تيه فيه وتعظيم وكان زائد العصبية على سيبويه ، فأخبرنا محمد بن عبد الواحد قال: اخبرنا ثعلب عن سلمة قال : مات الفراء تحت رأسه كتاب سيبويه ،قال ابو عمر محمد بن عبد الواحد، فقام الحامض ابو موسى الى ثعلب ، فقال :انما كان لا يفارقه ،لأنه كان يتبع خطأه ولكننه ، وكانت العصبية قد ذهبت بعقل الحامض....). (6)
ان صلة الفراء بالنحو بالبصري وثيقة منذ دراسته على يونس بن حبيب اما ذكر صلته بالكتاب فمنذ اتصال شيخه الكسائي بالأخفش وقراءته الكتاب عليه، وقد ذكر ان الجاحظ اهدى الى ابن الزيات وزير المعتصم نسخة من كتاب سيبويه كانت بخط الفراء وتعليقاته ،قال الجاحظ : (قدمت بغداد قدمة ولم يكن معي شيء اهديه الى محمد بن عبد الملك الزيات فلما خرجت من السفينة سمعت مناديا ينادي : من اراد ان يحضر بيع كتب الفراء فليحضر ،فقلت : لأذهبن لعلي ان اشتري كتابا فأهديه اليه ، فحضرت فلم اجد في كتبه شيئا استحسنه فلما بيعت كتبه رفع فراشه الذي كان ينام عليه لبياع فوجد تحت وسادته (كتاب سيبويه)
ص98
فنوديه عليه ، فبالغت فيه، واشتريته واهديته الى محمد بن عبد الملك الزيات فسر به وقال: شهد الكتاب عندي على مقدار سيبويه ، ودلني على فضله الفراء اذ نظر فيه ....(7)
لقد كانت للفراء معرفة راسخة في كل علم وادب، فتحت له باب الاتصال بالمأمون ، وكان يتردد الى الباب (فلما ان كانت ذات يوم جاء ثمامة)(8) قال :فرأيت أبهة ادب، فجلست اليه ففاتشته على اللغة فوجدته بجرا، وفاتشته على النحو فوجدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم، وبالنجوم ماهرا ،وبالطب خبيرا وبأيام العرب واشعارهم حاذقا، فقلت من تكون ؟وما اظنك الا الفراء ، قال : أنا هو، فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين ،فأمره بإحضاره لوقته، وكان سبب اتصاله به(9).
واصبحت صلة الفراء بالمأمون وثيقة حمية، فقد ذكروا ان الخليفة العالم المتكلم امر الفراء ان يؤلف ما يجمع به اصول النحو وما سمع من العرب ، فهيأ له اسباب ذلك من مكان وخدم ووراقين ومنفقين فأقام الفراء حتى صنف الحدود (وأمره المأمون بكتبه في الخزائن ، فبعد ان فرغ من ذلك خرج الى الناس وابتدأ يملي كتابه المعاني......) (10)
لقد بدأ بأملاء المعاني(11) في رمضان سنة 202 وختمه سنة 204هـ كما جاء في سند رواية الكتاب في أول صحيفة والمعاني يعد بحق اهم كتب الفراء واجداها وانضجها ذلك انه الفه في اخريات حياته فجعله مستودع علمه وفكره ، وقد احصيت مصنفاته فكانت تسعة وتسعة وعشرين.
ص99
قال المترجمون فيه: (انه كان ابرع الكوفيين في علمه) اماما ثقة، وقيل فيه ايضا (الفراء امير المؤمنين في النحو)ولولا الفراء ما كانت عربية لأنه حصنها وضبطها ،توفي في طريق مكة سنة 207هـ .
منهجه وشيء من نحوياته
تحثنا سابقا عن منهج الكسائي في النحو وقلنا انه المؤسس الحقيقي للمذهب الكوفي بما اوجده من أراء وتعليلات تغاير مذهب البصريين وبما اختطه من منهج يقوم على التوسع في الرواية ،والتوسع في القياس على غير الشائع والاحتجاج بالإعراب غير الفصحاء ممن لا يرتضيه البصريون، ولقد سار الفراء على هدى منهج شيخه الكسائي واتمه نضجا وعمقا، فقد كان ذا عقل مبدع قادر على الاستنباط والتعليل والقياس .
أما في الرواية فكان يحتج بأقوال العرب الفصحاء النازلين سواد بغداد على ما ذكرناه في المناظرة بين سيبويه والكسائي ، وكان الفراء اول الحاضرين، واعظم من ذلك واقوى في التدليل على تساهله في الرواية اخذه بالقراءات الشاذة التي رفضها البصريون بقوة, فقد ذكر في اول المعاني في تفسير قوله تعالى: (الحمد لله...) قال اجتمع القراء على رفع الحمد، واما اهل البدو فمنهم من يقول ( الحمدَ لله) ومنهم من يقول(الحمدِ لله) ومنهم من يقول(الحمدُ لُله) فرفع الدال واللام وراح يشرح بإسهاب كل وجه من تللك الوجوه غير المشهورة من فتح الدال في الحمد وكسرها وكذلك ضم اللام في لفظ الجلالة.
ونجد الفراء يورد قراءة أهل البدو ويسهب في الاحتجاج لها ويمعن امعانا يشعر القارئ ان ابا زكريا يرد به على منكري تلك القراءات فهو يورد القراءة
ص100
المشهورة(الحمدُ لله) برفع الدال وكسر الام المجمع عليها يوردها بجملة واحدة (واجتمع القراء على رفع الحمد ولا يزيد على ذلك حرفا واحدا ، واما القراءات الشاذة فتستغرق صحيفتين.
ورد عليه الزجاج بعنف ورده يبين الفرق جيا بين المذهبين، قال الزجاج : (الحمد: رفع بالابتداء ، وقوله (لله) اخبار عن الحمد، والاختيار في الكلام الرفع، فأما القرآن فلا يقرا فيه(الحمدُ) الا بالرفع ، لان السنة تتبع في القرآن ولا يلتفت فيه الى غير الرواية الصحيحة التي قد قرأ بها القراء المشهرون بالضبط والثقة....
وقد روي عن قوم من العرب: الحمدَ لله، وهذه لغة من لا يلتفت اليه، ولا يتشاغل بالرواية عنه، وانما تشاغلنا نحن برواية هذا الحرف لنحذر الناس من ان يستعملوه ،او يظن انه جاهل انه يجوز في كتاب الله عز وجل أو في كلام، ولم يأت لهذا نظير في كلام العرب ولا وجه له:
ان رد الزجاج يعني ان ما رواه الفراء مطرح مرفوض والزجاج يوافقه هذا يطعن على الفراء ويستنكر مذهبه ويحذر منه ، ولكأني به يقول في الفراء : أنه يحتج بلغة غير الفصاحة وهي لغة لا يلتفت اليها ، ولا يستأهل الوقوف عندها والانشغال بروايتها ، وانما تشاغل هو بروايتها ليحذو الناس من استعمالها ، ومن ظن انها جائزة في كتاب الله فهو جاهل. اما توسعه في القياس فنضرب لذلك مثلا هو اجازته ان يكون الجواب في اجتماع الشرط القسم الثاني، وخلافا للبصريين الذين يوجبون ان يكون الجواب للسابق منهما، نحو: لئن صمت اصوم معك ،فاللام موطئة للقسم وهو السابق فالجواب (أصوم)مرفوع، واجاز الفراء الجزم جوابا للشرط المتأخر عن القسم، يقول في تفسيره الآية (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ) (12) متحدثا عن اللام في قوله تعالى {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ} قوله {لَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ}
ص101
انما هي للام اليمين كان موضعها في اخر الكلام، فلما صارت في اوله كاليمين.....وان اظهرت الفعل بعدها على يفعل جاز ذلك وجزمته فقلت :لئن تقم لا يقم اليك وقال الشاعر:
لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم ليعلم ربي ان بيتي واسع
وانشدني بعض بني عقيل :
لئن كان ما حدثته اليوم صادقا أصم في نهار القيظ للشمس باديا(13)
ففي الشاهد الاول رفع الجواب (ليعلم ربي)وهو جواب القسم، وفي الشاهد الثاني جزم الجواب(أصم)على الرغم من تقدم القسم على الشرط.
أما آراء الفراء النحوية سواء أكانت مخالفة للبصريين أم موافقة لهم فكثيرة جدا ، يقول الدكتور الانصاري في بحثه المتخصص بنحو الفراء:
(تناول الفراء جميع ابواب النحو، وتحدث فيها تحدثا مستفيضا ...غير أن بعضها وصل الينا منسوبا اليه صراحة وبعضها الاخر نسب الى الكوفيين بعامة مع انها هي للفراء وحده ،ومن ذلك ما جاء في الانصاف من جواز اضافة الشيء الى نفسه....واعراب الاسماء السته من مكانين وفي رافع المضارع وهو التجرد من الناصب والجازم .....وكذلك القول باسمية نعن وبئس الى غير ذلك من الآراء ومن الآراء التي نسبت صراحة الى الفراء ما جاء في باب المعرفة والنكرة وباب المبتدأ والخبر وكان وأخواتها ...وشرح ان واخواتها ......وباب ظن واخواتها وباب الفاعل ونائب الفاعل ....الخ) (14) زد على ما قدمه الفراء من أراء في معظم
ص102
ابواب النحو وما أوجده من مصطلحات فمعظم ما نسب للكوفيين من مصطلحات انما هو من وصنع الفراء نحو العماد والجحد والتكرير أو التبين وما لميسم فاعلة والصفة الحرف الجر والحل للظرف والمفسر للتميز والمكني وللضمير والفعل الدائم لاسم الفاعل والنسق للعطف الى غير ذلك (15).
___________________________
(1) مصادر ترجمته كثيرة نذكر منها: مراتب النحويين 139،طبقات النحويين اللغويين131،نزهة الالباء 65،معجم الادباء 7 /276،انباه الرواة 4 / 1ـ17، بغية الوعاة 2 /333.
وفي دراسة موسعة هي رسالة الدكتوراه لأحمد مكي الانصاري عنوانها: ابو زكريا الفراء ومذهبه في النحو واللغة؟.
(2) ابو زكريا الفراء 47ـ 48.
(3) المصدر نفسه 50.
(4) القائل هو الزجاج.
(5) معجم الادباء1 /51.
(6) مراتب النحويين139.
(7) انباه الرواة 4 /8.
(8) ثمامة بن اشرس من مشهوري المعتزلة كان له اتصال بالمأمون.
(9)انباه الرواة 4 /13.
(10) نزهة الالباء 65.
(11) انظر : ابو زكريا الفراء ،فصل اثاره 169ـ 204.
(12) البقرة، اية 102.
(13) معاني القران 1ـ66ـ 67.
(14) ابو زكريا الفراء 412 فما بعدها.
(15) المصدر نفسه 439- 454.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|