المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

التصنيع مركبات المغنزيوم
31-8-2016
المخاطر السلبية للعولمة الإعلامية
24-8-2022
نـظام الإنـتـاج
4-6-2019
المواد الصيدلانية الحيوية Biopharmaceuticals
20-8-2017
وظائف الاتصال عند ليزلي مويلر
28-12-2022
General Reactions of Carbonyl Compounds
18-10-2019


ثعلب  
  
1959   03:26 مساءاً   التاريخ: 2-03-2015
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : المدارس النحوية
الجزء والصفحة : 224- 237
القسم : علوم اللغة العربية / المدارس النحوية / المدرسة الكوفية / أهم نحاة المدرسة الكوفية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-03-2015 1005
التاريخ: 27-03-2015 3826
التاريخ: 2-03-2015 1427
التاريخ: 2-03-2015 3162

هو أبو العباس أحمد(1) بن يحيى، كان أبوه من موالي بني شيبان، ويغلب أن يكون فارسي الأصل، ولد ببغداد سنة 200  للهجرة، وألحقه أبوه منذ نعومة أظفاره بكتاب تعلم فيه الكتابة، وحفظ القرآن الكريم وشدا بعض الأشعار، وما كاد يخطو على عتبة سنته التاسعة حتى أخذ يختلف إلى حلقات العلماء، وخاصة علماء اللغة والعربية، حتى إذا اشتد عوده أخذ نفسه بجهد صارم في التزود باللغة والنحو، أما النحو فلزم فيه حلقات تلامذة الفراء: أبي عبد الله الطوال ومحمد بن قادم وسلمة بن عاصم، وعكف على حلقة الأخير حيث كان يملي على الطلاب كتب الفراء، وكان يؤديها أداء بارعا. وعليه ابتدأ النظر في حدود الفراء، وهو في السادسة عشرة من عمره، وما إن بلغ الخامسة والعشرين حتى كان قد حفظ كل ما للفراء من كتب. وأما اللغة فلزم فيها حلقات ابن الأعرابي بضع عشرة سنة. ولم يلحق الأصمعي وأبا عبيدة وأبا زيد، وإنما لحق تلاميذهم، وأخذ عنهم مادة علمهم اللغوي، أما الأصمعي فأخذ كتبه عن تلميذه أبي نصر أحمد بن حاتم، وأخذ كتب أبي عبيدة عن تلميذه الأثرم وكتب أبي زيد عن تلميذه ابن نجدة، كما أخذ كتب أبي عمرو الشيباني عن ابنه عمرو.

ص224

ورأى أن يضم إلى ذلك زادا من القراءات والحديث النبوي والفقه والشعر والأخبار، ووجد عند أستاذه سلمة عتادا من قراءات القراء، وصله بما ثقفه من حلقات القراء الآخرين وما قرأه عند الفراء، مما أتاح له أن يصنف في القراءات كتابا، وأن يكون صاحب قراءة يحملها عنه بعض تلاميذه, وفي مقدمتهم أبو بكر بن مجاهد. واختلف إلى حلقات المحدثين، وخاصة عبيد الله بن عمر القواريري، وفي بعض الروايات عنه أنه سمع منه مائة ألف حديث. وطبيعي أن يختلف إلى حلقات أحمد بن حنبل أكبر المحدثين والفقهاء في عصره، ويظهر أنه حمل عنه مذهبه الفقهي، إذ نجد أصحاب كتب التراجم للحنابلة تسلكه بينهم. وثقف كثيرا عن رواة الأخبار والأشعار، وفي مقدمتهم عمر بن شبة ومحمد بن سلام الجمحي صاحب كتاب طبقات فحول الشعراء، والزبير بن بكار الراوية الأخباري.

وبجانب هذه المادة الغزيرة التي رواها شفاها نجده يعكف على قراءة كتاب سيبويه وكتب الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة. وتتردد قراءته للكتاب في ترجمته ويقال: إنه لم يقرأه على العلماء وإنما قرأه بنفسه، وفي أخباره أنه طلب من أبي حاتم السجستاني أن ينسخ له كتاب المسائل للأخفش فلبى طلبه. وفي محاورة بينه وبين الرياشي لسنة 230  للهجرة ما يدل دلالة واضحة أنه كان قد حذق النحو الكوفي والبصري جميعا. ويقول ياقوت: إنه كان متبحرا في مذهب البصريين غير أنه لم يكن مستخرجا للقياس ولا طالبا له. وقد بدأ تصنيف الكتب وسنه لا تتجاوز الثالثة والعشرين، وسرعان ما أخذ يلقي محاضراته على الطلاب، وهو في الخامسة والعشرين، وظل أكثر من ستين عاما يملي عليهم، وهم يقصدونه من كل صوب؛ لما أتقنه من المعرفة بالغريب ورواية الشعر ومعرفة النحو على مذهب الكوفيين، بل لقد أصبح إمام هذا النحو وعَلَمه المفرد في عصره.

وكان طوال حياته في بحبوحة من العيش، إذ أخذ يرعاه بعض ذوي الجاه والثراء -كما حدث عن نفسه- منذ سنة 223 للهجرة، وممن تولاه برعايته محمد بن عبد الله بن طاهر صاحب شرطة بغداد, وقد اتخذه مؤدبا لابنه طاهر، وظل

ص225

يرعاه إلى أن توفي، ولم يلبث الموفق أخو الخليفة المعتمد الذي كان يطلق يده في أموال الدولة يدبرها حسب مشيئته أن جعل له راتبا سَنِيا. وكان ثعلب مقترا على نفسه مما جعله يتوفى لسنة 291 عن ثروة كبيرة.

وقد صنف مؤلفات كثيرة في النحو واللغة والقراءات والأمثال، سقط معظمها من يد الزمن، ولم يصلنا منها إلا كتابه "المجالس" وهو كتاب نفيس لما يشتمل عليه من النحو واللغة والأخبار ومعاني القرآن والأشعار الغريبة والشاذة والأمثال والأقوال المأثورة، وكتابه الفصيح وقد طُبع مع شرح للهروي وهو كتاب أراد به تقويم ألسنة المبتدئين على نحو ما أراد الفراء بكتابه "البهاء فيما تلحن فيه العامة".

ويقول ابن خلكان: إنه ليس فيه زيادات على كتاب الفراء إلا أشياء يسيرة، ثم كتابه قواعد الشعر وهو رسالة قصيرة يقسم الشعر فيها إلى: أمر ونهي وخبر واستخبار، ويتحدث حديثا قصيرا عن أغراضه ويسلك بينها التشبيه، وعن بعض ما يجري فيه من الصور البيانية والبديعية.

ويقول القدماء: إنه صنع طائفة من دواوين الشعراء الجاهليين والإسلاميين بينهم الأعشى والنابغتان وطفيل والطرماح، وقد نشرت له دار الكتب المصرية شرحه لديوان زهير الشاعر الجاهلي المشهور.

وإذا أخذنا نستعرض مجالسه وما نسبته كتب النحو له من آراء, وجدناه مطبقا تطبيقا واسعا لآراء الفراء والكسائي وما نهجاه لمدرستهما من أصول وما دار على لسانيهما من مصطلحات وما أخذا به أنفسهما من السماع عن العرب والتوسع في روايته, واستمداد الآراء النحوية منه.

ونبدأ باستعراض المصطلحات الكوفية عنده، فمن ذلك التقريب، وهو اسم الإشارة حين يليه مرفوع ومنصوب، فقد كانوا يشبهونه بكان الناقصة، ومعروف أنهم كانوا يعربون خبرها حالا كما مر بنا عند الفراء.

ونرى ثعلبا يقول: "هذا تكون مثالا "وهي التي لا يليها مرفوع ومنصوب" وتكون تقريبا، فإذا كانت مثالا قلت: هذا زيد ... وإذا قلت: هذا كزيد قائما فهو حال, كأنك قلت: هذا زيد قائما ولكنك قد قرَّبته,

ص226

والتقريب مثل كان"(2) ويقول في موضع آخر من مجالسه: "تقول: هذا الخليفة قائما، والخليفة قائم، فتدخل "هذا" وتخرجه فيكون المعنى واحدا، وكلما رأيت إدخال "هذا" وإخراجه واحدا فهو تقريب مثل قولهم: من كان من الناس سعيدا فهذا الصياد شقيا، وهو قولك: فالصياد شقي، فتسقط هذا وهو بمعناه"(3). وواضح أنه يشير بذلك إلى أن دخول اسم الإشارة على عبارة "الصياد شقي" يشبه تماما دخول كان.

وكان يسمي اسم الفاعل بالفعل الدائم، يقول: "ولا تجيء عسى إلا مع مستقبل, ولا تجيء مع ماض ولا دائم ولا صفة"(4)  ويقول ابن كيسان: قال لي ثعلب: "كيف تقول: مررت برجل قائم أبوه؟ فأجبته بخفض قائم ورفع الأب، فقال لي: بأي شيء ترفعه؟ فقلت: بقائم، فقال: أوليس هو عندكم "يشير إلى أنه بصري المنزع" اسما, وتعيبوننا بتسميته فعلا دائما؟ "(5) وكأنه يريد أن يذكر علة تسميتهم له بفعل دائم، إذ يعمل في الأسماء كما تعمل الأفعال.

وكان يصطلح على تسمية الضمير باسم المكنى والكناية، يقول: "الأعداد لا يكنى عنها ثانية فلا أقول: عندي الخمسة الدراهم والستتها, وأقول: عندي الحسن الوجه الجميله فأكني عنه"(6). وكان يتوسع مثل الفراء فيطلق اسم العماد لا على ضمير الفصل في مثل: محمد هو الشاعر, وإن محمدا هو الكاتب, بل أيضا على ضمير الشأن، في مثل: "إنه قام زيد" و"إنه قامت هند"(7).

وأكثر في مجالسه من تسمية النفي باسم الجحد، من مثل قوله: "كل استفهام يكون معه الجحد يجاب المتكلم به ببلى ولا، وكل استفهام لا جحد معه فالجواب فيه نعم، وإنما كُره أن يجاب ما فيه جحد بنعم لئلا يكون إقرارا بالجحد من المتكلم"(8) وهو يريد أن يقول: إنك تجيب على مثل: أمعك كتاب؟ بنعم أي:

 ص227

إنه معك، وأنت حينئذ تقر بطرح الاستفهام وحده، وتجيب على مثل: أليس معك كتاب؟ ببلى, أي: إنه معك كتاب وكأنها خُصصت للرجوع عن الجحد، ولو أنك قلت: نعم في هذه الحالة لكان معنى ذلك أنه ليس معك كتاب؛ لأن نعم تفيد الإقرار في الجواب بما بعد الاستفهام وبعده الجحود, وهو عكس الجواب, وقد سمى لا النافية للجنس باسم التبرئة مرارا (9).

وكان يكثر من تسمية الجر باسم الخفض مقتديا بالفراء، وكان يطلق الخفض أيضا على الكسر الذي يقع في آخر الأفعال المجزومة عندما تتحرك لالتقاء الساكنين في مثل: لم يذهب الرجل(10). ودارت على لسانه كلمتا ما يجري, وما لا يجري في مقابل كلمتي مصروف, وممنوع من الصرف (11)

وتوسع في اصطلاح الصفة الذي مر بنا عند الفراء, فقد كان يطلقها على الظرف، وكان يسميه الفراء المحل بينما كان يجعل الصفة خاصة بالجار والمجرور، أما ثعلب فكان يطلقها عليهما، يقول في تعليقه على الآية الكريمة: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} : "وقعت الصفة في موضع الفعل"(12) يريد: وقع الجار والمجرور متقدما على الخبر، ويقول: "وإذا أفردوا الصفة رفع "مثل": زيد خلف، وزيد قدام، وزيد فوق" (13) وكلها ظروف.

وكان يسمي التمييز باسم التفسير (14)  وسمى البدل ترجمة، يقول تعليقا على الآية الكريمة: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} : " {يَوْمَئِذٍ} مرافع "خبر" {فَذَلِكَ} ، و {يَوْمٌ عَسِيرٌ} ترجمة {يَوْمَئِذٍ} " (15) ، وسمى الصفة نعتا(16) ولعل في هذا كله ما يصور مدى استخدامه للمصطلحات التي وضعها الفراء، وإن كنا نلاحظ أنه لم يأخذ بوجهة نظره في أن المضارع المنصوب بعد الواو والفاء وأو نُصب بالصرف أو الخلاف، فقد كان يذهب إلى أنها جميعا تنصب المضارع لدلالتها على شرط؛ لأن معنى مثل: "هلا تزورني فأحدثك": إن تزرني أحدثك، فلما نابت عن

ص228

الشرط ضارعت كي، فلزمت المستقبل وعملت عملها (17).

وواضح ما في هذا الرأي من ضعف في التعليل، وعقله من هذه الناحية لم يكن مثل عقل الفراء والكسائي، فقد كان يهبط عنهما درجات، ويتضح ذلك في كثير من آرائه وتعليلاته، كرأيه في أن المضارع مرفوع بنفس المضارعة(18) وكأنه مرفوع بنفسه. ومر أن سيبويه كان يذهب إلى أن الألف والواو والياء في المثنى وجمع المذكر السالم هي حروف الإعراب نابت عن حركات الرفع والنصب والجر, وأن الأخفش ذهب إلى أن إعرابهما إنما هو بحركات مقدرة على ما قبل هذه الحروف، وذهب الجرمي إلى أن انقلاب الألف في المثنى والواو في الجمع ياء مع النصب والجر هو الإعراب, أما ثعلب فذهب إلى أن الألف في المثنى بدل من ضمتي زيد وزيد، وأن الواو بدل من الضمات الثلاث في زيد وزيد وزيد وهو توجيه بعيد. ولاحظ الزجاجي ما فيه من بعد، فقال معترضا عليه: "يلزم ثعلبا أن يقال له: كيف صارت الألف بدلا من ضمتين وليست الضمة من حيز الألف ولا تجانسها؟ وإذا كانت الواو في الزيدون بدلا من ثلاث ضمات، فكيف يجمع إذا جمع مائة نفس؟ هل تصير عنده بدلا من مائة ضمة؟ وكذلك إلى ما زاد"(19) وكان الكسائي والفراء وهشام يقولون: "الاسم أخف من الفعل؛ لأن الاسم يستتر في الفعل، والفعل لا يستتر في الاسم" وحاول أن يأتي بعلة أخرى لهذه الخفة، فقال: "الأسماء أخف من الأفعال؛ لأن الأسماء جوامد لا تتصرف والأفعال تتصرف, فهي أثقل منها"(20). ومعروف أن من الأسماء ما يتصرف وهو المشتقات، ونفس التعليل ليس متجها؛ لأن المعقول أن يكون المتصرف أخف، ولذلك تصرف وتحرك في صور مختلفة. وكان القدماء يلاحظون هذا الجانب فيه وأن تعليلاته ضعيفة، مع تمثله الواسع للنحو الكوفي, ومع روايته الضخمة للغة وشوارد صيغها وألفاظها، فقالوا عنه: إنه كان يقول: "قال الفراء: وقال الكسائي: فإذا سُئل عن الحجة والحقيقة لم يأت بشيء"(21).

ص229

غير أن ضعف الحجة عند ثعلب ينبغي أن لا يستر عنا قيمته الحقيقية في تاريخ النحو الكوفي، فقد شهد له القدماء بأنه كان من معرفته ومعرفة آراء إماميه الكسائي والفراء على ما ليس عليه أحد لا من معاصريه ولا ممن خلفهم، وقد مضى في إثرهما يستخدم المصطلحات التي جرت على ألسنتهما، واضعا السماع نصب عينه، فهو الحجة القاطعة والبرهان الناصع على القاعدة النحوية، ونراه يعتد -اعتدادهما- بأشعار وأقوال الفصحاء المتحضرين, مضيفا إلى ذلك مادة لا تكاد تنفد من أشعار الجاهليين والإسلاميين والبدو المعاصرين، ومستعينا بما رواه الكسائي والفراء في كتبهما من تلك المادة, وقد ظل أحقابا متطاولة يدرسها لطلابه، وكأنهما كانا علمين منصوبين أمامه، لا بآرائهما النحوية فقط بل أيضا بكل ما أنشداه من نوادر الأشعار.

ووجدهما لا يعتمدان على الحديث النبوي في النحو واللغة، فتبعهما في ذلك، كما تبعهما في الاستشهاد بالقراءات، ولكنه لم يتوقف عند حروف منها على نحو ما توقف الشيخان، وكأنه كان يجد في ذلك حرجا، ولعل ذلك ما جعله يقول: "إذا اختلف الإعرابان في القراءات لم أفضل إعرابا على إعراب، فإذا خرجت إلى كلام الناس فضلت الأقوى" (22). ومر بنا أن الفراء كان ينكر قراءة ابن عامر: "وكذلك زُيِّن لكثير من المشركين قتل أولادَهم شركائهم" بالفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول وأنكر معها البيت الذي استشهد به الأخفش واتهمه، أما ثعلب فوثقه وأنشده في مجالسه (23) وبذلك وجه الكوفيين إلى اعتماد مثل ذلك في تصاريف العبارات (24)

وقد أخذ نفسه بدعم آراء الكسائي والفراء, مستشهدا بما استشهدا به من أشعار ومضيفا إليها عَتَادا جديدا، خاصة إذا تناولت مسألة من المسائل التي اختلفا فيها مع البصريين، من ذلك ما كان يجيزه الكسائي من حذف لام الأمر في المضارع وبقاء جزمه مع تقدم قُلْ، وجعل من ذلك قوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} أي: ليقيموها، وكان المبرد يذهب إلى أنه لا يصح حذف

ص230

هذه اللام حتى في الشعر، مخالفا في ذلك الكسائي وسيبويه (25) والفراء، ونرى ثعلبا يستشهد لذلك ببيتين استشهد بهما من قبله الفراء، وهما قول أحد الشعراء:

فلا تستطلْ مني بقائي ومدتي ... ولكن يكنْ للخير فيك نصيب

بجزم يكنْ، وقول الآخر:

فقلت ادعي وأدعُ فإن أندى ... لصوت أن ينادي داعيان

بجزم أدعُ وحذف حرف العلة (26).

ومن ذلك أن الكسائي والفراء جعلا من نواصب المضارع "كما" بشرط أن لا يُفصَل بينها وبينه بفاصل، ونرى ثعلبا يستشهد على إعمالها بقول عمر بن أبي ربيعة:

وطرفك إما جئتنا فاحفظنَّه ... كما يحسبوا أن الهوى حيث تصرف

بينما يستشهد على إلغائها؛ لوجود فاصل بينها وبين الفعل بقول عدي بن زيد:

اسمع حديثا كما يومًا تحدثُه ... عن ظهر غيب إذا ما سائل سألا

وقد عقب على البيتين بقوله: "زعم أصحابنا أن "كما" تنصب، فإذا حِيل بينها رفعت"(27) والبصريون يذهبون إلى أن "كما" في بيت ابن أبي ربيعة أصلها: "كيما" فحُذفت الياء ضرورة، وقالوا في البيت رواية ثانية هي: "لكي يحسبوا"(28). وكان الكسائي يذهب إلى عمل أن النصب في المضارع مع حذفها، وخرّج على ذلك حذف النون من المضارع في قراءة من قرأ الآية: "وإذ أخذنا ميثَاق بني إسْرائِيل لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّه" بحذف النون في "لا تعبدوا" وقال: أصلها بأن لا تعبدوا، حذفت الباء وأن(29). وقد حكى ثعلب ذلك عن العرب في مثل قولهم: "خذ اللص قبل يأخذَكَ" بنصب المضارع، واستشهد له بقول طرفة:

ص231

ألا أيهذا الزاجري أحضرَ الوغى ... وأن أشهدَ اللذات هل أنت مخلدي؟

بنصب أحضر وحذف أن، وإن كان جعل ذلك شاذا وقال: إن القياس الرفع(30). وقد تابع غيره من الكوفيين الكسائي وجعلوا ذلك قياسا مطردا(31). وكان الفراء يذهب إلى أنه يجوز في أن الناصبة للمضارع أن لا تعمل فيه النصب وأن يرفع بعدها على أن تكون مخففة من أنّ الثقيلة، وبذلك وجه قراءة: "وحسبوا أن لا تكونُ فتنة" برفع تكون، وقول الشاعر:

إذا مت فادفنِّي إلى جنب كَرْمة ... تروِّي عظامي بعد موتي عروقها

ولا تدفننِّي في الفلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقُها

برفع أذوقها (32)  وتبعه ثعلب في أنها حينئذ لا تعمل النصب، بل اتسع بذلك وقال: إنها تهمل أحيانا ولا تكون مخففة من الثقيلة، بل تكون مثل ما المصدرية التي تؤول مع الفعل بمصدر دون أن تعمل فيه، ومثل لذلك بقول بعض الشعراء:

أن تقرآن على أسماء ويحكما ... مني السلامَ وأن لا تخبرا أحدا(33)

وكان الكسائي والفراء يذهبان -كما أسلفنا- إلى أن أسماء المبالغة مثل فَعّال وفَعُول لا تعمل النصب فيما بعدها لضعفها, مخالفين بذلك سيبويه والبصريين، ويقول ثعلب: "أنت زيدًا ضروبٌ" يأباه أصحابنا لأنه لا يتصرف، ومثله مضراب وضرّاب أيضا وأهل البصرة يجيزونه"(34).

وذهب الكسائي والفراء جميعا إلى جواز إبطال عمل إنّ إذا بعد عنها اسمها، ونرى ثعلبا ينشد قول بدوية:

فليت ابن جَوَّابٍ من الناس حظنا ... وأن لنا في النار بَعْدُ خلود

ويقول بعقبه:

وأن لنا في النار بعد خلود

رفع على الاستئناف، وحكى

ص232

 

الكسائي والفراء جميعا: "إن فيك زيد راغب" وقالا: بطلت إنّ لما تباعدت" (35).

وكان الكسائي يذهب إلى أن إلا في مثل: "ما قام القوم إلا زيد" برفع زيد حرف عطف، وكأن زيدا في حقيقته فاعل لقام، وكأن إلا بمنزلة لا العاطفة في أن ما بعدها مخالف لما قبلها مثل: قام محمد لا علي. وقد توقف الفراء بإزاء قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} ، وقال: "إن بعض النحويين "يريد الكسائي" ذهب إلى أن "إلا في هذا الموضع بمنزلة الواو كأنه قال: لئلا يكون للناس عليكم حجة ولا للذين ظلموا، وهذا صواب في التفسير خطأ في العربية, إنما تكون إلا بمنزلة الواو إذا عطفتها على استثناء قبلها فهنالك تصير بمنزلة الواو كقولك: لي على فلان ألف إلا عشرة إلا مائة، تريد إلا الثانية أن ترجع على الألف، كأنك أغفلت المائة فاستدركتها؛ فقلت: اللهم إلا مائة، فالمعنى: له عليّ ألف ومائة، وأن تقول: ذهب الناس إلا أخاك، اللهم إلا أباك، فتستثني الثاني، تريد: إلا أباك وإلا أخاك" (36). وعرض ثعلب رأي الفراء والكسائي دون أن يفضل أحد الرأيين، يقول: ومن التشبيه أيضا أن توضع ألا في موضع واو العطف كما في هذا البيت:

أتيت بعبد الله في القد موثقا ... فألا سعيدًا ذا الخيانة والغدر

فقد اتفق الكسائي والفراء في نصب "سعيدا" أنه مفعول لفعل محذوف مثل أتيت، ثم اختلفا في جره فاستحسنه الكسائي وضعفه الفراء، قال ثعلب: "ومن خفض "يريد الكسائي" شبه ألا بالنسق والفراء يستقبحه ويجيزه فيعطف "سعيدا" على عبد الله في أول الكلام. ولعل وجه قبح العطف عند الفراء أنه قد فُصل بين المعطوف والمعطوف عليه" (37)  ويصرح الرضي بأن ثعلبا لم يكن يجيز أن تعرب "زيد" في مثل: "ما قام القوم إلا زيد" بدلا كما يعربها البصريون, إذ كان يأخذ برأي الكسائي في أنها في مثل هذا التعبير حرف عطف مثل لا (38).

ص233

ونراه يقف في صف الكسائي ضد الفراء في جواز حذف الفعل مع الوقت حين يكون قريبا، يقول: "وحكى الكسائي: نزلنا المنزل الذي البارحة والمنزل الذي اليوم والمنزل الذي أمس، فيقولون في كل وقت شاهدوه من قرب ويحذفون الفعل معه، كأنهم يقولون: نزلنا المنزل الذي نزلنا أمس، والذي نزلناه اليوم، اكتفوا بالوقت من الفعل, إذ كان الوقت يدل على الفعل، وهو قريب، ولا يقولون: الذي يوم الخميس ولا الذي يوم الجمعة، وكذا يقولون: لا كاليوم رجلا "بتقدير: لقينا رجلا" ولا كالعشية رجلا ولا كالساعة رجلا، فيحذفون مع الأوقات التي هم فيها، وأباه الفراء مع العلم وهو جائز ... وكل ما كان فيه الوقت فجائز أن يحذف الفعل معه؛ لأن الوقت القريب يدل على فعل لقربه" ومَثَّل ثعلب لذلك من الشعر بقول جرير:

يا صاحبيّ دنا الصباح فسيرا ... لا كالعشية زائرا ومزورا

أي: لا أرى كالعشية زائرا ومزورا (39).

على أن وقوف ثعلب مع الكسائي في هذه المسألة لا يعني أنه لم يكن يعتمد على الفراء كل الاعتماد، فقد رأيناه يستظهر جملة المصطلحات النحوية التي وضعها لنحاة الكوفة. ولا أبالغ إذا قلت: إن ثعلبا لم يترك بيتا شاذا في معاني القرآن للفراء إلا أنشده في كتبه، ونفس مجالسه تغص بالأبيات التي اقتبسها من هذا الكتاب. وهو يبدو في كثير من كتاباته كأنه شارح لما أجمله الفراء من آراء نحوية، ونضرب لذلك مثلا: أننا نجد الفراء في الآية الكريمة: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} يدلي برأيين: أن تكون {مَاذَا} كلمة واحدة بمعنى: أي شيء وهي لذلك تكون مفعولا به لـ {يُنْفِقُونَ} ؛ لأن اسم الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله إذ له الصدارة وإنما يعمل فيه ما بعده، أو تكون ذا بمعنى الذي, أي: ما الذي ينفقون؟ وإذن تكون خبرا لما و {يُنْفِقُونَ} صلتها، ويسند هذا الرأي بأن العرب قد تذهب بهذا وذا إلى معنى الذي، فيقولون: "ومن ذا يقول ذاك؟ " في معنى "من الذي يقول ذاك؟ ". ثم يقف عند {قُلِ الْعَفْوَ} فيقول: "وجه الكلام فيه النصب،

ص234

يريد: قل ينفقون العفو" (40). وكأنه أبطل أن تكون "ماذا" مبتدأ وخبرا؛ لأنه على تقدير معناها: "ما الذي ينفقون؟ " تكون الإجابة: الذي ينفقون العفو، وتكون العفو خبرا لمبتدأ محذوف. ويوضح ذلك ثعلب، فيقول: "وإنما اختار الفراء النصب؛ لأن معنى ماذا عندنا "أي: عند الكوفيين" حرف "أي: لفظ" واحد كثر في الكلام، فكأنه قال: ما ينفقون؟ فلذلك اختير النصب، ومن جعل ذا بمعنى الذي رفع" (41).

ودائما نحس أنه يجري على ما أنهجه الفراء؛ ولذلك كان اسمه يتردد في مجالسه متخذا منه أدلته على ما يذهب إليه من آراء، من ذلك أن سيبويه والبصريين كانوا يذهبون إلى أن "أي" تكون دائما وصلة لنداء ما فيه أل مثل: يا أيها الرجل، ورد ثعلب عليهم هذا الرأي مستدلا بما قاله الفراء من أن "الدليل على أنه ليس كما قالوا أنه يقال: "يا أيهذا أقبلْ" فيسقط الثاني "أي: ما فيه أل مثل الرجل" الذي زُعم أنه وصف لازم"(42) وكان الفراء يذهب -كما مر بنا في الفصل السابق- إلى أن نعم وبئس اسمان, مخالفا بذلك البصريين والكسائي، وتبعه ثعلب محتجا بما نقل عن العرب من دخول حرف الخفض عليها، إذ بُشِّر أعرابي بمولودة فقال: والله ما هي بنعم المولودة، يقول ثعلب: فأدخلوا على نعم وبئس حرف الخفض، ودخول حرف الخفض يدل على أنهما اسمان؛ لأن حروف الخفض لا تدخل إلا على الأسماء(43). وقد يذهب ثعلب إلى بعض الآراء التي يظن أنها من اجتهاده، وهي في الواقع مستمدة من كلام الفراء، من ذلك ما يتردد في كتب النحاة من أنه كان يقول بأن اللام الناصبة للمضارع إنما تنصبه لقيامها مقام أن الناصبة له، أو بعبارة أخرى: لنيابتها عن أن(44) بينما كان الفراء يذهب إلى أن اللام تنصب المضارع بنفسها لا بأن مضمرة كما ذهب البصريون، وثعلب في الواقع إنما استمد رأيه من قول الفراء, تعليقا على قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}،

ص235

 

وقال في موضع آخر: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} والعرب تجعل اللام على معنى كي في موضع أن في: أردت وأمرت، فتقول: أردت أن تذهب وأردت لتذهب, وأمرتك أن تقوم وأمرتك لتقوم" (45). وقال في موضع آخر تعقيبا على قوله عز شأنه: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى} : "هو في معنى: ما كان هذا القرآن ليفترى, ومثله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} أي: ما كان ينبغي لهم أن ينفروا" (46).

وليس معنى ذلك أنه لم يكن يعدو آراء الفراء والكسائي وما فهمه من كتاباتهما، فقد كان يجتهد أحيانا. ومر بنا أنه لم يكن يأخذ برأي الفراء في أن المضارع يُنصَب بعد واو المعية وفاء السببية وأو التي بمعنى حتى أو إلى على الصرف، إنما ينصب لما يداخل هذه الحروف من معنى الشرط، وكأنه لم يكن يعجب بفكرة الصرف التي كان يذهب إليها الفراء, وكذلك لم يكن يعجب بفكرته في أن الظرف حين يقع خبرا في مثل: محمد عندك منصوب على الخلاف، وأراد أن يتوسط بينه وبين البصريين الذين يذهبون إلى أن مثل عندك السالفة ينصب بفعل مقدر، تقديره: استقر، أو بتقدير اسم فاعل تقديره: مستقر، فذهب إلى أن مثل عندك ينصب بفعل مقدر ولكنه غير مطلوب، فقد اكتُفي بالظرف عنه، فبقي منصوبا على ما كان عليه من الفعل (47)  ومن اجتهاداته إضافته على أخوات كاد فعلي نشب (48) وقام (49) بينما ذهب إلى أن عسى حرف وليست فعلا (50)  وكان يذهب إلى أن لفظة الاسم مشتقة من الوسم؛ ولذلك كان يقول: "الاسم سمة توضع على الشيء يعرف بها" وذهب البصريون إلى أنه مشتق من السمو (51) وربما اختار بعض آراء البصريين وآثرها على بعض آراء مدرسته، فقد كان يذهب مذهبهم في أن إذن يجوز إلغاؤها ورفع المضارع بعدها مع اجتماع الشروط الموجبة للنصب(52)، وكان يقف مع البصريين في تجويزهم

ص236

مثل: "ما طعامَك أكل إلا زيد" بينما كان الكسائي يمنع مثل هذا التعبير؛ لتقدم المفعول به، بينما الفاعل محذوف، إذ كان لا يعرب "زيد" فاعلا كما يعربه البصريون؛ ولذلك كان يأبى مثل هذه الصيغة (53).

ولعل في كل ما قدمنا ما يوضح منزلة ثعلب في النحو الكوفي، فقد مضى يطبقه ويصدر عنه في كل ملاحظاته النحوية إلا أشياء طفيفة أداه إليها اجتهاده, وكأنما كان يحمل راية هذا النحو في عصره، مستقصيا استقصاء دقيقا لكل ما قاله إماماه: الكسائي والفراء وكل ما أنشداه من أشعار مع الدفاع الشديد عنهما أمام البصريين دفاعا أساسه الاحتكام إلى السماع والرواية والإحاطة بالشاذ والنادر من اللغة وتصاريفها على ألسنة العرب.

ص237

__________

(1) انظر في ترجمة ثعلب: أبا الطيب اللغوي ص95، والزبيدي ص155، وتاريخ بغداد 5/ 204. ونزهة الألباء ص228، ومعجم الأدباء 5/ 102، وإنباه الرواة 1/ 138، وابن خلكان، وطبقات القراء لابن الجزري 1/ 148، وتذكرة الحفاظ 2/ 214, وطبقات الحنابلة لأبي يعلى 1/ 83، والفهرست ص116، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 275، وشذرات الذهب 2/ 207، ومرآة الجنان 2/ 219، والنجوم الزاهرة 3/ 133، وبغية الوعاة ص172.

(2) مجالس ثعلب ص52 وما بعدها.

(3) المجالس ص54.

(4) المجالس ص456، وانظر ص463.

(5) مجالس العلماء للزجاجي ص318.

(6) المجالس ص332.

(7) المجالس ص661، وقد اعتذر الكسائي في روايته عن العرب: "فإذا هو إياها" بأن هو عماد وإذا كوجدت مع أحد مفعوليه كأنه قال: فوجدته هو إياها. انظر الرضي 2/ 106.

(8) المجالس ص542.

(9) المجالس ص158، 422.

(10) المجالس ص621.

(11)المجالس ص155.

(12) المجالس ص539.

(13) المجالس ص80 .

(14)المجالس ص492.

(15) المجالس ص25.

(16) مجالس العلماء للزجاجي ص110 .

(17) الهمع 2/ 14.

(18) الهمع 1/ 164.

(19) الإيضاح في علل النحو للزجاجي ص141.

(20) الزجاجي ص101.

(21) إنباه الرواة 1/ 144.

(22) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي "طبعة الحلبي" 1/ 83.

(23) المجالس ص152.

(24) الإنصاف، المسألة رقم 60 .

(25) انظر الكتاب 1/ 408.

(26) راجع المجالس ص524, ومعاني القرآن 1/ 159، وانظر 1/ 136، والمغني ص248.

(27) المجالس ص154.

(28) الإنصاف: المسألة رقم 81.

(29) المغني ص452.

(30) المجالس ص383.

(31) الإنصاف: المسألة رقم 77.

(32) معاني القرآن 1/ 146، وانظر 1/ 213.

(33) المجالس ص39، وانظر الخصائص لابن جني, طبع دار الكتب المصرية 1/ 390 .

(34) المجالس ص236، وانظر ص150 .

(35) المجالس ص80 ، وانظر رده على المازني ص329.

(36) معاني القرآن 1/ 89 وقارن بصفحة 166, حيث جعل ما بعد إلا في مثل: ما ذهب الناس إلا زيد, مرفوعا على الإتباع أو كما يقول البصريون: على البدل من الناس.

(37) المجالس ص74، وانظر معاني القرآن 1/ 196.

(38) الرضي على الكافية 1/ 214، والإنصاف: المسألة رقم 35.

(39) المجالس ص321 وما بعدها.

(40) معاني القرآن ص138.

(41) اللسان 19/ 307.

(42) المجالس ص52، وراجع الكتاب 1/ 306.

(43) الإنصاف: المسألة رقم 14.

(44) المغني ص231، والهمع 2/ 7، وابن يعيش 8/ 20 ، حيث نص على أن حتّى عنده أيضا تعمل لنيابتها عن أن.

(45) معاني القرآن 1/ 261.

(46) معاني القرآن 1/ 464.

(47) الإنصاف: المسألة رقم 29.

(48) المجالس ص212، 417.

(49) الهمع 1/ 128.

(50) المغني ص162.

(51) الإنصاف: المسألة الأولى.

(52) الهمع 2/ 7.

(53) الإنصاف: المسألة رقم 21.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.