أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-5-2019
18792
التاريخ: 11-6-2019
4652
التاريخ: 30-4-2019
4874
التاريخ: 13-6-2019
3879
|
قال تعالى : {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} [الأعراف : 103 - 112] .
قال تعالى : {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ } [الأعراف : 103 - 108] .
عطف سبحانه بقصة موسى عليه السلام على ما تقدم من قصص الأنبياء عليهم السلام ، فقال : {ثم بعثنا من بعدهم} أي : من بعد الرسل الذين ذكرناهم ، أو من بعد الأمم الذين ذكرنا إهلاكهم {موسى بآياتنا} أي : بدلائلنا وحججنا {إلى فرعون وملائه} أي : أشراف قومه ، وذوي الأمر منهم {فظلموا بها} أي : ظلموا أنفسهم بجحدها ، عن الحسن ، والجبائي . وقيل : فظلموا بوضعها غير مواضعها ، فجعلوا بدل الإيمان بها الكفر والجحود ، لأن الظلم : وضع الشيء في غير موضعه الذي هو حقه ، ولم يقل فذهب موسى عليه السلام ، فأدى إليهم الرسالة ، فكذبوه لأن في قوله {فظلموا بها} دلالة عليه {فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} يعني : ما آل إليه أمرهم في الهلاك {وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين} هذه حكاية موسى لفرعون ، وندائه له : إني رسول إليك من قبل رب العالمين ، مبعوث إليك وإلى قومك . قال وهب : وكان اسم فرعون الوليد بن مصعب ، وهو فرعون يوسف ، وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر ، واليوم الذي دخلها موسى رسولا ، أربعمائة عام .
{حقيق على أن لا أقول على الله الا الحق} قال الزجاج : معناه حقيق على ترك القول على الله إلا الحق . وقال الإمام العلامة الزمخشري : تقول : أنا حقيق على قول الحق أي : واجب على قول الحق أن أكون أنا قائله ، والقائم به ، ولا يرضى الا مثلي ناطقا به ، ومنه قول العرب : فلان يدعيه العلم بالطرق فوق ما يدعي هو العلم بها .
وقال الفراء : معناه حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق ، فيكون على بمعنى الباء ، كما تقول رميت السهم على القوس ، وبالقوس ، وجاءني فلان على حالة حسنة ، وبحالة حسنة وقيل : معناه حريص على أن لا أقول على الله إلا الحق ، وما فرضه علي من الرسالة ، عن أبي عبيدة .
{قد جئتكم ببينة} أي : بحجة ومعجزة {من ربكم} أي أعطانيها ربكم {فأرسل معي بني إسرائيل} أي : فأطلق بني إسرائيل من عقال التسخير ، وخلهم يرجعوا إلى الأرض المقدسة ، وذلك أن فرعون والقبط ، كانوا قد استعبدوا بني إسرائيل ، واعتقلوهم للاستخدام في الأعمال الشاقة ، مثل بناء المنازل ، وحمل الماء ، ونقل التراب ، وما أشبه ذلك {قال} فرعون {إن كنت جئت بآية} أي :
حجة ودلالة تشهد لك على ما تقوله (فأت بها إن كنت من الصادقين) في أنك رسول الله .
{فألقى عصاه} الفاء فاء الجواب ، أي : فكان جوابه لفرعون أن ألقى عصاه من يده {فإذا هي ثعبان مبين} أي : حية عظيمة بين ظاهر أنه ثعبان بحيث لا يشتبه على الناس ، ولم يكن مما يخيل أنه حية ، وليس بحية . وقيل : إن العصا لما صارت حية . أخذت قبة فرعون بين فكيها ، وكان ما بينهما ثمانون ذراعا ، فتضرع فرعون إلى موسى بعد أن وثب من سريره ، وهرب منها ، وأحدث ، وهرب الناس ، ودخل فرعون البيت ، وصاح : يا موسى خذها ، وأنا أؤمن بك فأخذها موسى ، فعادت عصا ، عن ابن عباس ، والسدي . وقيل : وكان طولها ثمانين ذراعا {ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين} هناك ، قيل : إن فرعون قال له : هل معك آية أخرى؟ قال :
نعم ، فأدخل يده في جيبه ، وقيل : تحت إبطه ، ثم نزعها أي : أخرجها منه وأظهرها ، فإذا هي بيضاء أي : لونها أبيض نوري . ولها شعاع يغلب نور الشمس ، وكان موسى عليه السلام آدم فيما يروى ، ثم أعاد اليد إلى كمه ، فعادت إلى لونها الأول ، عن ابن عباس ، والسدي ، ومجاهد .
سؤال : قيل كيف قال سبحانه هنا : {فإذا هي ثعبان} ، وقال في موضع آخر :
{فلما رآها تهتز كأنها جان} ، والثعبان : الحية العظيمة ، والجان : الحية الصغيرة ، فاختلف الوصفان ، والقصة واحدة ؟ .
والجواب : إن الآيتين ليستا إخبارا عن قصة واحدة ، بل الحالتان مختلفتان ، والحالة التي كانت العصا بصفة الجان ، كانت في ابتداء النبوة ، والحالة التي كانت بصفة الثعبان ، كانت عند لقائه فرعون ، وعلى هذا فلا سؤال . وقد أجيب أيضا عن ذلك بأنه شبهها بالجان ، لسرعة حركتها ، ونشاطها ، وخفتها ، مع أنها في جسم الثعبان ، وكبر خلقه ، وهذا أبهر في باب الإعجاز .
حديث العصا : قد ذكرنا نسب موسى عليه السلام في سورة البقرة ، وأما عصاه فقيل :
إنه أعطاه إياها ملك حين توجه إلى مدين . وقيل : إنها عصا آدم من آس الجنة ، حين أهبط ، وكانت تدور بين أولاده حتى انتهت النوبة إلى شعيب ، فكانت ميراثا له مع أربعين عصا ، كانت لآبائه ، فلما استأجر شعيب موسى ، أمره بدخول بيت فيه العصي ، وقال له : خذ عصا من تلك العصي ، فوقعت تلك العصا بيد موسى .
فاستردها شعيب ، وقال : خذ غيرها . حتى فعل ذلك ثلاث مرات ، في كل مرة تقع يده عليها دون غيرها ، فتركها في يده في المرة الرابعة .
فلما خرج من عنده متوجها إلى مصر . ورأى نارا ، وأتى الشجرة ، فناداه الله تعالى أن يا موسى إني انا الله ، وأمره بإلقائها ، فألقاها فصارت حية ، فولى هاربا ، فناداه الله سبحانه {خذها ولا تخف} فأدخل يده بين لحييها ، فعادت عصا .
فلما أتى فرعون ألقاها بين يديه على ما تقدم بيانه . وقيل : كان الأنبياء عليهم السلام يأخذون العصا تجنبا من الخيلاء ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (تعصوا فإنها من سنن إخواني المرسلين) . وقال أمير المؤمنين عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (من خرج في سفر ومعه عصا من لوز مر ، وتلا هذه الآية {ولما توجه تلقاء مدين} إلى قوله {والله على ما نقول وكيل} آمنه الله من كل سبع ضار ، ومن كل لص عاد ، ومن كل ذات حمة ، حتى يرجع إلى أهله ومنزله ، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات ، يستغفرون له حتى يرجع ويضعها) . وقيل : إن أول من أخذ العصا عند الخطبة في العرب : قس بن ساعدة .
- { قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} [الأعراف : 108 - 112] .
ثم حكى سبحانه ما قاله أشراف قوم فرعون ، فقال : {قال الملأ من قوم فرعون} لمن دونهم في الرتبة من الحاضرين {إن هذا لساحر عليم} بالسحر {يريد أن يخرجكم من أرضكم} معناه : يريد أن يستميل بقلوب بني إسرائيل إلى نفسه ، ويتقوى بهم ، فيغلبكم بهم ، ويخرجوكم من بلدتكم {فماذا تأمرون} قيل :
إن هذا فول الأشراف بعضهم لبعض ، على سبيل المشورة . ويحتمل أن يكون قالوا ذلك لفرعون ، وإنما قالوا {تأمرون} بلفظ الجمع ، على خطاب الملوك . ويحتمل أيضا أن يكون قول فرعون لقومه ، فيكون تقديره : قال فرعون لهم فماذا تأمرون ، وهو قول الفراء ، والجبائي .
{قالوا أرجه وأخاه} أي : قالوا لفرعون أخره وأخاه هارون ، ولا تعجل بالحكم فيهما بشيء ، فتكون عجلتك حجة عليك ، عن الزجاج . وقيل : أخره أي :
احبسه ، والأول أصح لأنه كان يعلم أنه لا يقدر على حبسه مع ما رأى من تلك الآيات {وأرسل في المدائن} التي حولك {حاشرين} أي : جامعين للسحرة يحشرون من يعلمونه منهم ، عن مجاهد ، والسدي . وقيل : هم أصحاب الشرط ، أرسلهم في حشر السحرة ، وكانوا اثنين وسبعين رجلا ، عن ابن عباس {يأتوك بكل ساحر عليم} أي : يحشرون إليك السحرة ليجتمعوا ، ويعارضوا موسى فيغلبوه .
_______________________________
1 . تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص 321-326 .
{ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ ومَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها} . ضمير بعدهم يعود إلى الأنبياء الخمسة : نوح وهود وصالح ولوط وشعيب ، أو إلى قومهم ، والآيات التي بعث بها موسى هي المعجزات الدالة على نبوته ، وملأ فرعون أشراف قومه الذين بيدهم الحل والعقد ، وليس لغيرهم إلا الانقياد والتسليم ، ومعنى ظلموا بها جحدوا وكفروا بما جاء به من الآيات والمعجزات . {فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} . وهم فرعون وأنصاره الذين يتحكمون في رقاب العباد ، وهذه العاقبة ستجيء في السياق .
{وقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} . بهذا النداء خاطبه موسى {يا فِرْعَوْنُ} من غير تبجيل وتعظيم ، لأنه يتكلم بلسان اللَّه ، ويبلغ رسالات اللَّه التي يصغر عندها كل كبير . . وبهذا ندرك السر لسيرة الصلحاء الذين يترفعون على الفاسقين ويخفضون جناح الذل من الرحمة للمؤمنين .
{حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} شأن كل نبي ائتمنه اللَّه على وحيه ، واختاره لرسالته {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} تدل على اني رسول من رب العالمين {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ} كان فرعون يستعبد بني إسرائيل ، ويستخدمهم في أشق الأعمال ، فطلب منه موسى ( عليه السلام ) أن يطلقهم ، ويدعهم وشأنهم يذهبون إلى حيث يشاؤون .
{قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} . يظهر ان فرعون كان يظن ان موسى كاذب في دعواه ، فأراد أن يفتضح أمام الملأ ، فقال له : فأت بها ان كنت من الصادقين ، فألقمه موسى حجرا بحجته الدامغة ومعجزته القاطعة {فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ} ظاهرا وواقعا ، لا تمويها وإيهاما ، ففزع فرعون ، ولكنه تمالك لأنه كان يدعي انه هو الرب الأعلى ، وفاجأه موسى بالثانية كما فاجأه بالأولى {ونَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ} .
ويد موسى سمراء ، لأنه كان يميل إلى السمرة ، فكيف صارت بيضاء من غير سوء ، أي من غير مرض وعلة ؟ .
فشعر فرعون بالمذلة والهوان ، وصغر شأنه عند نفسه ، فأدرك جلساؤه وحاشيته منه ذلك ، وان موسى أنزله من عليائه ، فحاولوا أن يخففوا عن سيدهم ، وكذبوا عليه وعلى أنفسهم {قالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ} .
هذه هي حجة العاجز إلصاق التهم بالأبرياء ، والنيل من كرامة الأصفياء .
ثم قال الملأ من قوم فرعون : {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} . أي ان موسى يريد أن ينزع منهم الحكم والسلطان ، ولما سمع فرعون ما سمع قال :
{فَما ذا تَأْمُرُونَ} أي إذا كان الأمر كذلك فبماذا تشيرون ؟ {قالُوا أَرْجِهْ وأَخاهُ} ، أخرهما ولا تقتلهما ، لأنك ان فعلت ذلك غضب الرأي العام ، وعرضت نفسك وسلطانك للتهديد والخطر {وأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ} المدائن جمع مدينة ، والحاشرون الشرطة {يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ} . قال المؤرخون : ان أرض مصر كانت تموج بالسحرة على عهد الفراعنة ، وكان كهنة الديانات وسدنة الآلهة هم الذين يزاولون أعمال السحر ، قال العقاد في كتاب إبليس فصل الحضارة المصرية :
كان الفراعنة أنفسهم يلجئون إلى السحر لمغالبة الأرواح الخفية . . ولدينا من بقايا قصص السحر نخبة لم يتخيرها جامعو الآثار ، ولكنها اجتمعت لهم من حيث اتفق بين الأنقاض والمحفورات ، وكلها تروي أعمال السحر في مجازاة الأشرار . . وكانوا يقسمون السحر إلى أقسام ، منها ما يستعان فيه بقدرة إله الخير على إله الشر ، ومنها ما يستعان فيه بقدرة الشيطان الكبير على الشياطين الصغار .
وانتشار السحر في عهد فرعون يفسر لنا عصا موسى ، ويؤيد المبدأ القائل : ان معجزة كل نبي تأتي من النوع السائد في عصره ، ليكون التحدي أبلغ في الحجة وقاطعا لكل عذر ، فموسى أبطل السحر لرواجه في عصره ، وعيسى أحيا الموتى ، ومحمد أخرس البلغاء للغاية نفسها من المشابهة .
__________________________
1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 374-376 .
قوله تعالى : ﴿ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملإيه﴾ إلى آخر الآية .
في تغيير السياق في أول القصة دلالة على تجدد الاهتمام بأمر موسى (عليه السلام) فإنه من أولي العزم صاحب كتاب وشريعة ، وقد ورد الدين ببعثته في مرحلة جديدة من التفصيل بعد المرحلتين اللتين قعطهما ببعثة نوح وإبراهيم (عليه السلام) ، وفي لفظ الآيات شيء من الإشارة إلى تبدل المراحل فقد قال تعالى أولا : ﴿لقد أرسلنا نوحا إلى قومه﴾ ﴿وإلى عاد أخاهم هودا﴾ ﴿وإلى ثمود أخاهم صالحا﴾ فجرى على سياق واحد لأن هودا وصالحا كانا على شريعة نوح ، ثم غير السياق فقال : ﴿ولوطا إذ قال لقومه﴾ لأن لوطا من أهل المرحلة الثانية في الدين وهي مرحلة شريعة إبراهيم ، وكان لوط على شريعته ثم عاد إلى السياق السابق في بدء قصة شعيب ، ثم غير السياق في بدء قصة موسى بقوله : ﴿ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملإيه﴾ لأنه ثالث أولي العزم صاحب كتاب جديد وشريعة جديدة ، ودين الله وشرائعه وإن كان واحدا لا تناقض فيه ولا تنافي غير أنه مختلف بالإجمال والتفصيل والكمال وزيادته بحسب تقدم البشر تدريجيا من النقص إلى الكمال ، واشتداد استعداده لقبول المعارف الإلهية عصرا بعد عصر إلى أن ينتهي إلى موقف علمي هي أعلى المواقف فيختتم عند ذلك الرسالة والنبوة ، ويستقر الكتاب والشريعة استقرارا لا مطمع بعده في كتاب جديد أو شريعة جديدة ولا يبقى للبشر بعد ذلك إلا التدرج في الكمال من حيث انتشار الدين وانبساطه على المجتمع البشري واستيعابه لهم ، وإلا التقدم من جهة التحقق بحقائق المعارف ، والترقي في مراقي العلم والعمل التي يدعو إليها الكتاب ، ويحرض عليها الشريعة والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين .
فقوله تعالى : ﴿ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا﴾ إلى آخر الآية .
إجمال لقصة موسى (عليه السلام) ثم يؤخذ في التفصيل من قوله : ﴿وقال موسى يا فرعون﴾ الآية ، وإنا وإن كنا نسمي هذه القصص بقصة موسى وقصة نوح وقصة هود وهكذا فإنها بحسب ما سردت في هذه السورة قصص الأمم والأقوام الذين أرسل إليهم هؤلاء الرسل الكرام يذكر فيها حالهم فيما واجهوا به رسل الله من الإنكار والرد ، وما آل إليه أمرهم من نزول العذاب الإلهي الذي أفنى جمعهم ، وقطع دابرهم ولذلك ترى أن عامة القصص المذكورة مختومة بذكر نزول العذاب وهلاك القوم .
ولا تنس ما قدمناه في مفتتح الكلام أن الغرض منها بيان حال الناس في قبول العهد الإلهي المأخوذ منهم جميعا ليكون إنذارا للناس عامة وذكرى للمؤمنين خاصة ، وأنه الغرض الجامع بين ما في سور ﴿الم﴾ وما في سورة ﴿ص﴾ من الغرض وهو الإنذار والذكرى .
فقوله : ﴿ثم بعثنا من بعدهم﴾ أي من بعد من ذكروا من الأنبياء وهم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب (عليهما السلام) ﴿موسى بآياتنا إلى فرعون وملإيه﴾ أي إلى ملك مصر والأشراف الذين حوله ، و ﴿فرعون﴾ لقب كان يطلق على ملوك مصر كالخديو كما كان يلقب بقيصر وكسرى وفغفور ملوك الروم وإيران والصين ، ولم يصرح القرآن الكريم باسم هذا الفرعون الذي أرسل إليه موسى فأغرقه الله بيده .
وقوله : ﴿بآياتنا﴾ الظاهر أن المراد بها ما أتى به في أول الدعوة من إلقاء العصا فإذا هي ثعبان ، وإخراج يده من جيبه فإذا هي بيضاء ، والآيات التي أرسلها الله إليهم بعد ذلك من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات ، ولم ينقل القرآن الكريم لنبي من الأنبياء من الآيات الكثيرة ما نقله عن موسى (عليه السلام) .
وقوله : ﴿فظلموا بها﴾ أي بالآيات التي أرسل بها على ما سيذكره الله سبحانه في خلال القصة ، وظلم كل شيء بحسبه ، وظلم الآيات إنما هو التكذيب بها والإنكار لها .
وقوله : ﴿فانظر كيف كان عاقبة المفسدين﴾ ذكر عاقبة الإفساد في الاعتبار بأمرهم لأنهم كانوا يفسدون في الأرض ويستضعفون بني إسرائيل ، وقد كان في متن دعوة موسى حين ألقاها إلى فرعون : ﴿فأرسل معي بني إسرائيل﴾ وفي سورة طه : ﴿فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم﴾ طه : 47 .
قوله تعالى : ﴿وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين﴾ شروع في تفصيل قصة الدعوة كما تقدمت الإشارة إليه ، وقد عرف نفسه بالرسالة ليكون تمهيدا لذكر ما أرسل لأجله ، وذكره تعالى باسمه رب العالمين أنسب ما يتصور في مقابلة الوثنيين الذين لا يرون إلا أن لكل قوم أو لكل شأن من شئون العالم وطرف من أطرافه ربا على حدة .
قوله تعالى : ﴿حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق﴾ إلى آخر الآية تأكيد لصدقه في رسالته أي أنا حري بأن أقول قول الحق ولا أنسب إلى الله في رسالتي منه إليك شيئا من الباطل لم يأمرني به الله سبحانه ، وقوله : ﴿قد جئتكم ببينة من ربكم﴾ في موضع التعليل بالنسبة إلى جميع ما تقدم أو بالنسبة إلى قوله : ﴿إني رسول من رب العالمين﴾ لأنه هو الأصل الذي يتفرع عليه غيره .
ولعل تعدية ﴿حقيق﴾ بعلى من جهة تضمينه معنى حريص أي حريص على كذا حقيقا به ، والمعروف في اللغة تعدية حقيق بمعنى حري بالباء يقال : فلان حقيق بالإكرام أي حري به لائق .
وقرئ : ﴿حقيق علي﴾ بتشديد الياء والحقيق على هذا مأخوذ من حق عليه كذا أي وجب ، والمعنى واجب علي أن لا أقول على الله إلا الحق فالحقيق خبر ومبتدؤه قوله : أن لا أقول ، الآية والباقي ظاهر .
قوله تعالى : ﴿قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين﴾ الشرط في صدر الآية أعني قوله : ﴿إن كنت جئت بآية﴾ يتضمن صدقه (عليه السلام) فإنه إذا كان جائيا بآية واقعة فقد صدق في إخباره بأنه قد جاء بآية لكن الشرط في ذيل الآية تعريض يومئ به إلى أنه ما يعتقد بصدقه في إخباره بوجود آية معه ، فكأنه قال : إن كنت جئت بآية فأت بها وما أظنك تصدق في قولك ، فلا تكرار في الشرط .
قوله تعالى : ﴿فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين﴾ الفاء جوابية كما قيل أي فأجابه بإلقاء عصاه ، وهذه هي فاء التفريع والجواب مستفاد من خصوصية المورد .
والثعبان الحية العظيمة ولا تنافي بين وصفه هاهنا بالثعبان المبين وبين ما في موضع آخر من قوله تعالى : ﴿فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب﴾ القصص : 31 ، والجان هي الحية الصغيرة لاختلاف القصتين كما قيل فإن ذكر الجان إنما جاء في قصة ليلة الطور وقد قال تعالى فيها في موضع آخر : ﴿فألقاها فإذا هي حية تسعى﴾ طه : 20 ، وأما ذكر الثعبان فقد جاء في قصة إتيانه لفرعون بالآيات حين سأله ذلك .
قوله تعالى : ﴿ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين﴾ أي نزع يده من جيبه على ما يدل عليه قوله تعالى :﴿واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء﴾ طه : 22 ، وقوله : ﴿اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء﴾ القصص : 32 .
والأخبار وإن وردت فيها أن يده (عليه السلام) كانت تضيء كالشمس الطالعة عند إرادة الإعجاز بها لكن الآيات لا تقص أزيد من أنها كانت تخرج بيضاء للناظرين إلا أن كونها آية معجزة تدل على أنها كانت تبيض ابيضاضا لا يشك الناظرون في أنها حالة خارقة للعادة .
قوله تعالى : ﴿قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم﴾ لم يذكر تعالى ما قاله فرعون عند ذلك ، وإنما الذي ذكر محاورة الملإ بعضهم بعضا كأنهم في مجلس مشاورة يذاكر بعضهم بعضا ويشير بعضهم إلى ما يراه ويصوبه آخرون فيقدمون ما صوبوه من رأي إلى فرعون ليعمل به فهم لما تشاوروا في أمر موسى وما شاهدوه من آياته المعجزة قالوا : إن هذا لساحر عليم ، وإذا كان ساحرا غير صادق فيما يذكره من رسالة الله سبحانه فإنما يتوسل بهذه الوسيلة إلى نجاة بني إسرائيل واستقلالهم في أمرهم ليتأيد بهم ثم يخرجكم من أرضكم ويذهب بطريقتكم المثلى فما ذا تأمرون به في إبطال كيده ، وإخماد ناره التي أوقدها؟ أ من الواجب مثلا أن يقتل أو يصلب أو يسجن أو يعارض بساحر مثله؟ .
فاستصوبوا آخر الآراء ، وقدموه إلى فرعون أن أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم .
ومن ذلك يظهر أن قوله تعالى : ﴿فماذا تأمرون﴾ حكاية ما قاله بعض الملإ لبعض وقوله : ﴿قالوا أرجه﴾ إلخ ، حكاية ما قدموه من رأي الجميع إلى فرعون وقد اتفقوا عليه ، وقد حكى الله سبحانه في موضع آخر من كلامه هذا القول بعينه من فرعون يخاطب به ملأه قال تعالى : ﴿قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فما ذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم﴾ الشعراء : 37 .
ويظهر مما في الموضعين أنهم إنما شاوروا حول ما قاله فرعون ثم صوبوه ورأوا أن يجيبه بسحر مثل سحره ، وقد حكى الله أيضا هذا القول عن فرعون يخاطب به موسى حتى بالذي أشار إليه الملأ من معارضة سحره بسحر آخر مثله إذ قال : ﴿قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فلنأتينك بسحر مثله﴾ طه : 58 ، ولعل ذلك محصل ما خرج من مشاورتهم حول ما قاله فرعون بعد ما قدم إلى فرعون مخاطب به موسى من قبل نفسه .
وللملأ جلسة مشاورة أخرى أيضا بعد قدوم السحرة إلى فرعون ناجى فيها بعضهم بعضا بمثل ما في هذه الآيات قال تعالى : ﴿فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى﴾ طه : 63 .
فتبين أن أصل الكلام لفرعون ألقاه إليهم ليتشاوروا فيه ويروا رأيهم فيما يفعل به فرعون فتشاوروا وصدقوا قوله وأشاروا بالإرجاء وجمع السحرة للمعارضة فقبله ثم ذكره لموسى ثم اجتمعوا للمشاورة والمناجاة ثانيا بعد مجيء السحرة واتفقوا أن يجتمعوا عليه ويعارضوه بكل ما يقدرون عليه من السحر صفا واحدا .
قوله تعالى : ﴿يريد أن يخرجكم من أرضكم فما ذا تأمرون﴾ أي يريد أن يتأيد ببني إسرائيل فيتملك مصر ، ويبطل استقلالكم ويخرجكم من أرضكم ، وكثيرا ما كان يتفق في الأعصار السابقة أن يهجم قوم على قوم فيتغلبوا عليهم فيشغلوا أرضهم ويتملكوا ديارهم فيخرجوهم منها ويشردوهم في الأرض .
قوله تعالى : ﴿قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين﴾ إلى آخر الآية التالية .
أرجه بسكون الهاء أمر من الإرجاء بمعنى التأخير والهاء للسكت أي أخره وأخاه ولا تعجل لهما بشر كالقتل ونحوه حتى ترمي بظلم أو قسوة ونحوهما بل ابعث في المدائن من جنودك حاشرين يجمعون السحرة فيأتوك بهم ثم عارض سحر موسى بسحر السحرة .
وقرئ : أرجه بكسر الجيم والهاء وأصله أرجئه قلبت الهمزة ياء ثم حذفت ، والهاء ضمير راجع إلى موسى ، وأخوه هو هارون (عليه السلام) .
__________________________
1 . تفسير الميزان ، ج8 ، ص 215-220 .
قال تعالى : {ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ * وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ * حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ * قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ} [الأعراف : 103-108] .
المواجهة بين موسى وفرعون :
بعد ذكر قصص ثلة من الأنبياء العظام باختصار في الآيات السابقة بيّن تعالى في هذه الآيات والآيات الكثيرة اللاحقة قصّة موسى بن عمران ، وما جرى بينه وبين فرعون وملئه وعاقبة أمره.
وعلّة بيان هذه القصّة بصورة أكثر تفصيلا من قصص الأنبياء الآخرين في هذه السورة قد تكون لأجل أنّ اليهود أتباع موسى بن عمران كانوا أكثر من غيرهم في بيئة نزول القرآن ، وكان إرشادهم إلى الإسلام أوجب (2) .
وثانيا : لأنّ قيام النّبي الأكرم كان أشبه بقيام موسى بن عمران من غيره من الأنبياء.
وعلى كل حال فإنّ هذه القصة الزاخرة بالعبر قد أشير إلى فصول أخرى منها أيضا في سور أخرى ، مثل : سورة البقرة ، طه ، الشعراء ، النمل ، القصص ، وسور أخرى ، ولو أنّنا درسنا آيات كل سورة على حدة ، ثمّ وضعناها جنبا إلى جنب لم نلحظ فيها جانب التكرار على خلاف ما يتصوره البعض ، بل ذكر من هذه الملحمة التاريخية في كل سورة ما يناسبها من البحث للاستشهاد به. وحيث أنّ مصر كانت أوسع ، وكان لشعبها حضارة أكثر تقدما من قوم نوح وهود وشعيب وما شابههم ، وكانت مقاومة الجهاز الفرعوني ـ بنفس النسبة ـ أكثر وأكبر ، ولهذا تمتع قيام موسى بن عمران بأهمية أكبر ، وحوى عبرا ونكات أكثر ، وقد ركّز القرآن الكريم على النقاط البارزة المختلفة من حياة موسى وبني إسرائيل بمناسبات مختلفة .
وعلى العموم يمكن حصر وتلخيص حياة هذا النّبي الإلهي العظيم في خمس دورات ومراحل :
1 ـ مرحلة الولادة ، وما جرى عليه من الحوادث حتى ترعرعه في البلاط الفرعون.
2 ـ مرحلة فراره من مصر ، وحياته في أرض «مدين» في كنف النّبي شعيب عليه السلام.
3 ـ مرحلة بعثته ، ثمّ المواجهات الكثيرة بينه وبين فرعون وجهازه .
4 ـ مرحلة نجاته ونجاة بني إسرائيل من مخالب فرعون ، والحوادث التي جرت عليه في الطريق ، وعند وروده إلى بيت المقدس.
5 ـ مرحلة مشاكله مع بني إسرائيل.
ويجب الانتباه إلى أن القرآن الكريم تناول في كل سورة من سور قسما ـ أو عدّة أقسام ـ من هذه المراحل الخمس.
ومن تلك الآيات التي تناولت جوانب من قصّة موسى عليه السلام هذه الآيات ، وعشرات الآيات الأخر من هذه السورة ، وهي تشير إلى مراحل ما بعد بعثة موسى بن عمران بالنبوة. ولهذا فإنّنا نوكل الأبحاث المتعلقة بالمراحل السابقة على هذه المرحلة إلى حين تفسير الآيات المرتبطة بتلك الأقسام في السور الأخرى ، وبخاصّة سورة القصص.
في الآية الأولى من الآيات الحاضرة يقول تعالى : {ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ} أي من بعد قوم نوح وهود وصالح .
ويجب الالتفات إلى أنّ «فرعون» اسم عام ، وهو يطلق على كل ملوك مصر ، كما يطلق على ملوك الروم «قيصر» وملوك فارس «كسرى».
ولفظة «الملأ» ـ كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق ـ تعني الأعيان والأشراف الذين يملأون ببريقهم وظواهرهم الباذخة العيون ، ولهم حضور ملفت للنظر في جميع ميادين المجتمع.
والسر في إرسال موسى في بداية الدعوة إلى فرعون وملأه هو أنّه علاوة على أنّ إحدى برامج موسى كان هو نجاة بني إسرائيل من براثن استعمار الفراعنة وتخليصهم من أرض مصر ـ وهذا لا يمكن أن يتم من دون الحوار مع فرعون ـ إنّما هو لأجل أن المفاسد الاجتماعية وانحراف البيئة لا تعالج بمجرّد الإصلاحات الفردية والموضعية فقط ، بل يجب أن يبدأ بإصلاح رؤوس المجتمع وقادته الذين يمسكون بأزمة السياسة والإقتصاد والثقافة ، حتى تتهيأ الأرضية لإصلاح البقية ، كما يقال عرفا : إنّ تصفية الماء يجب أن تكون من المنبع .
وهذا هو الدرس الذي يعطيه القرآن الكريم لجميع المسلمين ، لإصلاح المجتمعات الإسلامية.
ثمّ يقول تعالى : {فَظَلَمُوا بِها} .
ونحن نعلم أنّ لفظ الظلم بالمعنى الواسع للكلمة هو : وضع الشيء في غير محلّة ، ولا شك في أن الآيات الإلهية توجب أن يسلّم الجميع لها ، وبقبولها يصلح الإنسان نفسه ومجتمعه ، ولكن فرعون وملأه بإنكارهم لهذه الآيات ظلموا هذه الآيات .
ثمّ يقول تعالى في ختام الآية : {فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} .
وهذه العبارة إشارة إجمالية إلى هلاك فرعون وقومه الطغاة المتمردين ، الذي سيأتي شرحه فيما بعد .
وهذه الآية تشير إشارة مقتضبة إلى مجموع برنامج رسالة موسى ، وما وقع بينه وبين فرعون من المواجهة وعاقبة أمرهم .
أمّا الآيات اللاحقة فتسلّط الاضواء بصورة أكثر على هذا الموضوع .
فيقول أوّلا : {وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} .
وهذه هي أوّل مواجهة بين موسى وبين فرعون ، وهي صورة حية وعملية من الصراع بين «الحق» و «الباطل».
والطريف أنّ فرعون كأنّه كان ينادى لأوّل مرّة بـ «يا فرعون» وهو خطاب رغم كونه مقرونا برعاية الأدب ، خال عن أي نوع من أنواع التملق والتزلف وإظهار العبودية والخضوع ، لأنّ الآخرين كانوا يخاطبونه عادة بألفاظ فيها الكثير من التعظم مثل : يا مالكنا ، يا سيدنا ، يا ربنا ، وما شابه ذلك .
وتعبير موسى هذا ، كان يمثل بالنسبة إلى فرعون جرس إنذار وناقوس خطر . هذا مضافا إلى أن عبارة موسى {إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} كانت ـ في الحقيقة ـ نوعا من إعلان الحرب على جميع تشكيلات فرعون ، لأنّ هذا التعبير يثبت أن فرعون ونظراءه من أدعياء الرّبوبية يكذبون جميعا في ادعائهم ، وأن ربّ العالمين هو الله فقط ، لا فرعون ولا غيره من البشر .
وفي الآية اللاحقة نقرأ أنّ موسى عقيب دعوى الرسالة من جانب الله قال : فالآن إذ أنا رسول ربّ العالمين ينبغي ألا أقول عن الله إلّا الحق ، لأنّ المرسل من قبل الله المنزّه عن جميع العيوب لا يمكن أن يكون كاذبا {حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ}.
ثمّ لأجل توثيق دعواه للنّبوة ، أضاف : أنا لا أدعي ما أدّعيه من دون دليل ، بل إنّ معي أدلة واضحة من جانب الله {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} .
فإذا كان الأمر هكذا {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ} .
وكان هذا في الحقيقة قسما من رسالة موسى بن عمران الذي حرّر بني إسرائيل من قبضة الاستعمار الفرعوني ، ووضع عنهم إصرهم وأغلال العبودية التي كانت تكبّل أيديهم وأرجلهم ، لأنّ بني إسرائيل كانوا في ذلك الزمان عبيدا أذلّاء بأيدي القبطيين (أهالي مصر) فكانوا يستفيدون منهم في القيام بالأعمال السافلة والصعبة والثقلية .
ويستفاد من الآيات القادمة ـ وكذا الآيات القرآنية الأخرى بوضوح وجلاء أنّ موسى كان مكلفا بدعوة فرعون وغيره من سكان أرض مصر إلى دينه ، يعني أن رسالته لم تكن منحصرة في بني إسرائيل .
فقال فرعون بمجرّد سماع هذه العبارة ـ (أي قوله : قد جئتكم ببيّنة) ـ هات الآية التي معك من جانب الله إن كنت صادقا {قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} .
وبهذه العبارة اتّخذ فرعون ـ ضمن إظهار التشكيك في صدق موسى ـ هيئة الطالب للحق المتحري للحقيقة ظاهرا ، كما يفعل أي متحر للحقيقة باحث عن الحق .
ومن دون تأخير أخرج موسى معجزتيه العظيمتين التي كانت إحداهما مظهر «الخوف» والأخرى مظهر «الأمل» وكانتا تكملان مقام إنذاره ومقام تبشيره ، وألقى في البداية عصاه : {فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ} (3) .
والتعبير بـ «المبين» إشارة إلى أنّ تلك العصا التي تبدلت إلى ثعبان حقّا ، ولم يكن سحرا وشعبذة وما شاكل ذلك ، على العكس من فعل السحرة لأنّه يقول في شأنهم : إنّهم مارسوا الشعبذة والسحر ، وعملوا ما تصوره الناس حيات تتحرك ، وما هي بحيات حقيقة وواقعا.
إنّ ذكر هذه النقطة أمر ضروري ، وهي أنّنا نقرأ في الآية (10) من سورة النمل ، والآية (31) من سورة القصص ، أن العصا تحركت كالجانّ ، و «الجانّ» هي الحيات الصغيرة السريعة السير ، وإنّ هذا التعبير لا ينسجم مع عبارة «ثعبان» التي تعني الحية العظيمة ظاهرا.
ولكن مع الالتفات إلى أنّ تينك الآيتين ترتبطان ببداية بعثة موسى ، والآية المبحوثة هنا ترتبط بحين مواجهته لفرعون ، تنحل المشكلة ، وكأن الله أراد أن يوقف موسى على هذه المعجزة العظيمة تدريجا فهي تظهر في البداية أصغر ، وفي الموقف اللاحق تظهر أعظم .
هل يمكن قلب العصا إلى حية عظيمة ؟!
على كل حال لا شك في أنّ تبديل «العصا» إلى حية عظيمة معجزة ، ولا يمكن تفسيرها بالتحليلات المادية المتعارفة ، بل هي من وجهة نظر الإلهي الموحد ـ الذي يعتبر جميع قوانين المادة محكومة للمشيئة الربانية ـ ليس فيها ما يدعو للعجب فلا عجب أن تتبدل قطعة من الخشب إلى حيوان بقوة ما فوق الطبيعة .
ويجب أن لا ننسى أن جميع الحيوانات في عالم الطبيعة توجد من التراب ، والأخشاب والنباتات هي الأخرى من التراب ، غاية ما هنالك أن تبديل التراب إلى حية عظيمة يحتاج عادة إلى ملايين السنين ، ولكن في ضوء الإعجاز تقصر هذه المدّة إلى درجة تتحقق كل تلك التحولات والتكاملات في لحظة واحدة وبسرعة ، فتتخذ القطعة من الخشب ـ التي تستطيع وفق الموازين الطبيعية أن تغير بهذه الصورة بعد مضي ملايين السنين ـ تتخذ مثل هذه الصورة في عدّة لحظات.
والذين يحاولون أن يجدوا لمعاجز الأنبياء تفسيرات طبيعية ومادية ـ وينفوا طابعها الإعجازي ، ويظهروها في صورة سلسلة من المسائل العادية مهما كانت هذه التفاسير مخالفة لصريح الكتب السماوية. إنّ هؤلاء يجب أن يوضحوا موقفهم : هل يؤمنون بالله وقدرته ويعتبرونه حاكما على قوانين الطبيعة ، أم لا؟ فإذا كانوا لا يؤمنون به وبقدرته ، لم يكن كلام الأنبياء ومعجزاتهم إلّا لغوا لديهم .
وإذا كانوا مؤمنين بذلك ، فما الداعي لنحت ، مثل هذه التّفسيرات والتبريرات المقرونة بالتكلف والمخالفة لصريح الآيات القرآنية. (وإن لم نر أحدا من المفسّرين ـ على ما بينهم من اختلاف السليقة ـ عمد إلى هذا التّفسير المادي ، ولكن ما قلناه قاعدة كلية) .
ثمّ إنّ الآية اللاحقة تشير إلى المعجزة الثّانية للنّبي موسى عليه السلام التي لها طابع الرجاء والبشارة ، يقول تعالى : {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ} .
«نزع» تعني في الأصل أخذ شيء من مكان ، مثلا أخذ العباءة من الكتف واللباس عن البدن يعبر عنه في اللغة العربية بالنزع فيقال : نزع ثوبه ونزع عباءته ، وهكذا أخذ الروح من البدن يطلق عليه النزع. وبهذه المناسبة قد يستعمل في الاستخراج ، وقد جاءت هذه اللفظة في الآية الحاضرة بهذا المعنى.
ومع أنّ هذه الآية لم يرد فيها أي حديث عن محل إخراج اليد ، ولكن من الآية (32) من سورة القصص {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ} يستفاد أنّ موسى كان يدخل يده في جيبه ثمّ يخرجها ولها بياض خاص ، ثمّ تعود إلى سيرتها وحالتها الأولى .
ونقرأ في بعض الأحاديث والرّوايات والتفاسير أنّ يد موسى كانت مضافا إلى بياضها تشعّ بشدّة ، ولكن الآيات القرآنية ساكتة عن هذا الموضوع ، مع عدم تناف بينهما .
إنّ هذه المعجزة والمعجزة السابقة حول العصا ـ كما قلنا سابقا ـ ليس لها جانب طبيعي وعادي ، بل هي من صنف خوارق العادة التي كان يقوم بها الأنبياء ، وهي غير ممكنة من دون تدخل قوة فوق طبيعية في الأمر .
وهكذا أراد موسى بإظهار هذه المعجزة أن يوضح هذه الحقيقة ، وهي أن برامجه ليس لها جانب الترهيب والتهديد ، بل الترهيب والتهديد للمخالفين والمعارضين ، والتشويق والإصلاح والبناء والنورانية للمؤمنين .
- {قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ * قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ} [الأعراف : 109-112] .
بدء المواجهة :
في هذه الآيات جاء الحديث عن أوّل ردّ فعل لفرعون وجهازه في مقابل دعوة موسى عليه السلام ومعجزاته .
الآية الأولى تذكر عن ملأ فرعون أنّهم بمجرّد مشاهدتهم لأعمال موسى الخارقة للعادة اتهموه بالسحر ، وقالوا : هذا ساحر عليم ماهر في سحره : {قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ} .
ولكن يستفاد من آيات سورة الشعراء الآية (34) أن هذا الكلام قاله فرعون حول موسى : {قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ} .
ولكن لا منافاة بين هاتين الآيتين ، لأنّه لا يبعد أن يكون فرعون قال هذا الكلام في البداية ، وحيث أن عيون الملأ كانت متوجهة إليه ، ولم يكن لهذا الملأ المتملق المتزلف هدف إلّا رضى رئيسه وسيده ، وما ينعكس على محياه ، وما توحي به إشارته ، كرّر هو أيضا ما قاله الرّئيس ، فقالوا : أجل ، إن هذا لساحر عليم .
وهذا السلوك لا يختص بفرعون وحواشيه ، بل هو دأب جميع الجبارين في العالم وحواشيهم .
ثمّ أضافوا : إنّ هدف هذا الرجل أن يخرجكم من وطنكم {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} .
يعني أنّه لا يهدف إلّا استعماركم واستثماركم ، وإنّ الحكومة على الناس ، وغصب أراضي الآخرين ، وهذه الأعمال الخارقة للعادة وادعاء النّبوة كلّها لأجل الوصول إلى هذا الهدف .
ثمّ قالوا بعد ذلك : مع ملاحظة هذه الأوضاع فما هو رأيكم : (فَما ذا تَأْمُرُونَ)؟يعني أنّهم جلسوا يتشاورون في أمر موسى ، ويتبادلون الرأي فيما يجب عليهم اتّخاذه تجاهه ، لأنّ مادة «أمر» لا تعني دائما الإيجاب والفرض ، بل تأتي ـ أيضا ـ بمعنى التشاور .
وهنا لا بدّ من الالتفات إلى أنّ هذه الجملة وردت في سورة الشعراء الآية (35) أيضا ، وذلك عن لسان فرعون ، حيث قال لملائه : فما ذا تأمرون. وقد قلنا : إنّه لا منافاة بين هذين .
وقد احتمل بعض المفسّرين ـ أيضا ـ أن تكون جملة «فما ذا تأمرون» في الآية الحاضرة خطابا وجهه ملأ فرعون وحاشيته إلى فرعون ، وصيغة الجمع إنما هي لرعاية التعظيم ، ولكن الاحتمال الأوّل ـ وهو كون هذا الخطاب موجها من ملأ فرعون إلى الناس ـ أقرب إلى النظر .
وعلى كل حال فقد قال الجميع لفرعون : لا تعجل في أمر موسى وهارون ، وأجلّ قرارك بشأنهما إلى ما بعد ، ولكن ابعث من يجمع لك السحرة من جميع أنحاء البلاد {قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ} .
نعم ابعث من يجمع لك كل ساحر ماهر في حرفته عليم في سحره {يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ} .
فهل هذا الاقتراح من جانب حاشية فرعون كان لأجل أنّهم كانوا يحتملون صدق ادعاء موسى للنّبوة ، وكانوا يريدون اختباره ؟
أو أنّهم على العكس كانوا يعتبرونه كاذبا في دعواه ، ويريدون افتعال ذريعة سياسية لأي موقف سيتخذونه ضد موسى كما كانوا يفعلون ذلك في بقية مواقفهم ونشاطاتهم الشخصية؟ ولهذا اقترحوا ارجاء أمر قتل موسى وأخيه نظرا لمعجزتيه اللتين أورثتا رغبة في مجموعة كبيرة من الناس في دعوته وانحيازهم إليه ، ومزجت صورة «نبوته» بصورة «المظلومية والشهادة» وأضفت بضم الثّانية إلى الأولى ـ مسحة من القداسة والجاذبية عليه وعلى دعوته.
ولهذا فكروا في بداية الأمر في إجهاض عمله بأعمال خارقة للعادة مماثلة ، ويسقطوا اعتباره بهذه الطريقة ، ثمّ يأمرون بقتله لتنسى قصة موسى وهارون وتمحى عن الأذهان إلى الأبد .
يبدو أن الاحتمال الثّاني بالنظر إلى القرائن الموجودة في الآيات ـ أقرب إلى النظر.
_________________________
1. تفسير الأمثل ، ج4 ، ص 447-454 .
2. صحيح أنّ هذه السورة نزلت في مكّة ، ولم تكن مكّة مركز تجمع اليهود ، ولكن من دون شك كان لحضور في المدينة وسائر نقاط الحجاز أثر واسع في المجتمع المكّي .
3. احتمل «الراغب» في «المفردات» أن تكون كلمة ثعبان متخذة من مادة «ثعب» بمعنى جريان الماء ، لأنّ حركة هذا الحيوان تشبه الأنهر التي تجري بصورة ملتوية .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|