أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-2-2016
5677
التاريخ: 5-2-2016
10312
التاريخ: 26-9-2018
6891
التاريخ: 26-9-2018
4090
|
من أهم شروط الموصى له المقيدة لحرية الموصي في الإيصاء بأمواله، ألا يكون الموصى له وارثا كقاعدة عامة . قال الله تعالى : "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين و الأقربين بالمعروف حقا على المتقين" (1) قال رسول الله - صلى الله عليه واله و سلم - : "إن الله أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" (2)، و روي عن إبن عباس قوله : قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - : "لا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة" (3)، كما روي عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قوله - صلى الله عليه واله و سلم - : "لا وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة" . بما أن جل أحكام الوصية مستسقاة من الفقه الإسلامي، كان مرد الخلاف في جواز وعدم جواز الوصية للوارث في تفسير الآيات و اعتماد الأحاديث على رأيين .
الـرأي الأول : يجيز الإيصـاء لـوارث
و اعتمد هذا الرأي القانون المصري الذي اعتبر أن الوصية للوارث لا تحتاج إلى إجازة الورثة إلا إذا تجاوزت الثلث ، و من أهم ما استند إليه هذا الرأي قوله تعالى في الآية 180 من سورة البقرة : "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين و الأقربين بالمعروف حقا على المتقين" . إضافة إلى قول بعض المفسرين منهم أبو مسلم الأصفهاني بأن هذه الآية غير منسوخة بآية المواريث، و من أسس هذا الرأي أيضا هو أن الناس قد احتاجوا للوصية لوارث.
و قد انتقد هذا الرأي على أساس أنه إذا كان أبو مسلم الأصفهاني من بين عدد من المفسرين إعتبر أن هذه الآية غير منسوخة - لأنه قرر أنه لا نسخ في كتاب الله تعالى قط - فإنه بالمقابل حاول التوفيق بينها و بين آية المواريث و اعتبر أنها غير مخالفة لها، و أن معناها : كتب عليكم ما أوصى الله تعالى من توريث الوالدين و الأقربين من قوله تعالى : " يوصيكم الله في أولادكم" أي كتب على المحتضر أن يوصى للوالدين و الأقربين بتوفية ما أوصى الله به لهم، و ألا ينقص من أنصبتهم. و طبقا لما سبق فإنه لا منافاة بين ثبوت الميراث للأقرباء، مع ثبوت الوصية بالميراث عطية من الله تعالى، و الوصية عطية ممن حضره الموت إضافة إلى ذلك ، فإنه لو قدرنا حصول المنافاة، لكان يمكن جعل آية المواريث مخصصة لهذه الآية، وذلك لأن هذه الآية توجب الوصية للأقربين، ثم آية المواريث تخرج القريب الوارث (4)، و لا منافاة بين الآية الخاصة بالوصية وقوله صلى الله عليه و سلم : "إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" لأن الآية ما أجازت الوصية للوارث، بل أجازت الوصية للوالدين و الأقربين بالمعروف، و ليس متعينا أن يكونوا ورثة . و يرى البعض في هذا الشأن جواز الوصية للوارث إذا كان هذا الوارث أحوج من غيره، و الآية تشير إليه لأنها اشترطت لنفاذ الوصية ألا يكون فيها تجانف لإثم إذ قال الله تعالى بعد آية الوصية : "فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه" (5)، و قيل لم تنسخ الآية و الوارث يجمع له بين الوصية و الميراث بحكم الآيتين، لكن هذا الرأي في كتب التفسير رأي مغمور وليس بمشهور . و يرى الإمام أبو زهرة أن إجازة القانون المصري الوصية للوارث وجعلها كوصية الأجنبي مبدأ خطير استحدث في قوانين الدولة المصرية، و يكاد يكون انقلابا في التوريث الإسلامي .
الـرأي الثـاني : يذهب إلى أنه ليس للوارث الحق في الوصية :
يذهب المالكية - المشهور عندهم - إلى أن الوصية باطلة للوارث ، فلو صح و أن أوصي للوارث ولغيره صحت لغير الوارث ، و بطلت وصية الوارث فقط .و يرى ابن حزم أن الوصية باطلة بطلانا مطلقا إذا ما تمت للوارث، و لا تصححها إجازة الورثة بعد وفاة الموصي (وهذا الرأي أخذ به المشرع المغربي الذي نص على انه لا وصية لوارث إطلاقا، و لا تصح و لو أجازها الورثة (6). غير أن هناك رأيا آخر يذهب إلى أن الوصية لوارث صحيحة متوقفة على إجازة باقي الورثة، و في ذلك قـال
إبن القصار و إبن العطار - وهما من المالكية - ، وعليه فإذا أجـاز الورثة الوصية بعد وفاة الموصي كانت صحيحـة، أما إذا أجازها بعض الورثة ، و رفضها البعض الآخر نفذت في حصص من قبلها .
و من بين الإعتبارات التي تبرر عدم جواز الوصية للوارث ما يلي :
1- لما كان الميراث محددا من عند الله سبحانه و تعالى، فهو الذي تولى تقسيمه و بيانه، و حدد لكل وارث نصيبه الشرعي، و إن جاء فرض الوصية للوالدين و الأقربين بقوله تعالى : "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت، إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين" فهذا معناه توفية الوالدين و الأقربين ما أوصى الله به، إضافة إلى ما ذكرناه في نقد الرأي الأول .
2- قوله - صلى الله عليه وسلم- : "إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث" ؛فقد جاء فيه نفي الوصية بـ "لا" فهو نفي جنس الوصية لوارث، سواء أجاز الورثة أم لم يجيزوا رغم أن الحديث لم تثبت روايته عن الإمامين مسلم و البخاري فهو قول الشافعي من الأئمة و أقرب إلى عصر السلف الصالح .
إضافة إلى قوله - صلى الله عليه واله و سلم - : "لا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة" ، و قوله : "إن الله أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" و عن شعيب عن أبيه عن جده قوله-صلى الله عليه و سلم:"لا وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة".
3- إن أساس التوريث الإسلامي تقسيم الشارع للتركة بين الورثة، و قد أعطى للمورث الثلث يعطيه من يشاء من غير الورثة، فإذا جاء المورث و أعطى هذا ومنع ذلك فقد غاير قسمة الشارع، و زاد بعض الأنصبة و أنقص أخرى (7).
4- إن ثمة إجماعا من الصحابة - رضوان الله عليهم - من أن الوصية غير واجبة للوالدين، و لم يلزموا بها ،و لو صح خلاف ذلك لأقدموا عليها .
و لقد خالف المشرع الجزائري أغلب القوانين العربية و اعتمد الرأي الأخير المشار إليه سابقا ؛و هذا في المادة 189 من قانون الأسرة التي تنص على أنه : "لا وصية لوارث إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي"، و اعتبر الوصية لوارث صحيحة، و لكنها موقوفة على إجازة خاصة من الورثة، و يستخلص ذلك من النسخة الفرنسية لهذه المادة (8) التي تعتبر أن الوصية لوارث لا تنتج أثرها إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي، و عليه فهي صحيحة، و لكن أثرها لا يسري إلا بإجازة الورثة . و يجب الإشارة هنا أنه إذا أجاز بعض الورثة الوصية و لم يجزها البعض الآخر كانت نافذة في حق من قبلها دون تنفذ في حق من لم يقبلها من الورثة .
و المشرع الجزائري بهذا الموقف قد تفادى خلق الشقاق و الأحقاد بين الورثة، بمنع الوصية للوارث بصفة مطلقة، كما فعل القانون المغربي، وذلك تجاه بعض الحالات المشروعة كالولد المصاب بعاهة أو مرض مزمن، و يريد والده الإيصاء له لتأمين حياته و لعلاجه . كما انه قد اجتنب أيضا ما قد يثير البغضاء بين آحاد الأسرة بالسماح المطلق لنظام الوصية للوارث، على غرار المشرع المصري، لأن ذلك سيوغر صدر من لم ينالوا ما نال ذوالحظوة، و لن يكون سبيل عدل بل سيكون في أكثر أحواله لغير ذي الحاجة .
و قد قضت المحكمة العليا بقاعدة عدم جواز الوصية لوارث إلا إذا أجازها الورثة في العديد من قراراتها منها القرار الصادر بتاريخ 05/03/1990 ملف رقم 59240 (9)، وكذا القرار الصادر بتاريخ 24/11/1992 ملف رقم 86039 (10). و تطبيقا لقاعدة عدم جواز الإيصاء لوارث، يجب الإشارة إلى أن العبرة في تحديد صفة الوارث - أي في كون الموصى له من الورثة أومن غير الورثـة - هي بتاريخ وفاة الموصي، لا تاريخ إنشاء الوصية، كما أن العبرة بالإجـازة التي يعبر عنها بعد وفاة الموصي لأن الوصية تمليـك مضاف إلى ما بعد الموت، وهذا ما جـاءت به المادة 189 من قانون الأسرة . و يشترط في صحة الإجازة، أن تقع فيما يملك الورثة، كما أن الوارث الذي تعتبر إجازته هو الوارث الذي يكون أهلا للتبرع، وهو كامل الأهلية، البالغ، العاقل،الذي لم يحجر عليه وذلك لأن الإجازة تبرع و التبرع تصرف ضار ضررا محضا، لذا فإذا كان الوارث عديم الأهلية أو ناقصها للأسباب التي يقررها القانون ، فإن تصرفه بالإجازة يكون باطلا بطلانا مطلقا طبقا للمواد 40، 42، 43، و 44 من القانون المدني و المواد 81، 82،و 83 من قانون الأسرة. إضافة إلى ذلك لا بد أن يكون الوارث عالما علما كاملا بالوصية ليجيزها (11) لأن الجهالة تمنع صحة التصرف .
______________
1- سورة البقرة. الآية 180 .
2- رواه الترمذي .
3- رواه الدارقطني .
4- محمد أبو زهرة. شرح قانون الوصية. دار الفكر العربي. مصر. 1988. ص 64 .
5- سورة البقرة. الآية 182 .
6- العربي بلحاج. الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري. الجزء الثاني - الميراث و الوصية -. ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر. الطبعة الثالثة. 2004ص 264 .
7- محمد أبو زهرة. شرح قانون الوصية. المرجع السابق. ص 63 .
8- Voir l’article 189 : « le testament fait au profit d’un héritier ne produit effet que si les cohéritiers y consentent après le décès du testateur. »
9- قرار المحكمة العليا. الصادر بتاريخ 05/03/1990 ملف رقم 59240. المجلة القضائية. العدد الثالث. 1992ص 57 .
10- قرار المحكمة العليا. الصادر بتاريخ 24/11/1992. ملف رقم 86039 . الإجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية. عدد خاص 2001. ص 292 .
11- عبد الرزاق أحمد السنهوري. الوسيط في شرح القانون المدني. أسباب كسب الملكية. المجلد التاسع. دار إحياء التراث العربي.لبنان. 1986. ص 213
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|