فصائل اللغات (وجوه الشبه بين الفصيلتين السامية والهندية - الأوروبية) |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-4-2019
![]()
التاريخ: 15-4-2019
![]()
التاريخ: 19-3-2019
![]()
التاريخ: 15-4-2019
![]() |
وجوه الشبه بين الفصيلتين السامية والهندية - الأوروبية
ترى طائفة من العلماء أن هاتين الفصيلتين، مع اختلافهما في القواعد، تتفقان في كثير من أصول الكلمات, ومن أشهر أفراد هذه الطائفة: الأساتذة: كلايرت, وبوب, وهمبلت, واوالد, وبنفي, ولاسن, وبوت, وكيل, وبونسن, وليبسيوس, وفورست, وديليتزش(1).
Klaproth, Bopp, Hunbodlt, Ewald, Benfey, Lassen, Pott, Keol Bunseen, Lepsius, Furst, Delitzsch
وقد أوغل كثيرًا في هذا السبيل الأستاذان فورست وديليتزش، فلم يغادرا أصلًا من أصول الفصيلة السامية إلّا كشفا عما يشبهه صوتًا ودلالة من أصول الفصيلة الهندية - الأوروبية.
ص225
أما تعليل هذه الظاهرة: فقد انقسم هؤلاء العلماء بصدده إلى ثلاث فرق؛ ففريق يعللها بأن إحدى الفصيلتين قد انشعبت عن الأخرى, وظلت محتفظة بأصول مفرداتها, ولكنها سلكت في تكوين قواعدها وجهة تختلف عن وجهة أصلها، فأخذت تبعد عنه في هذه الناحية شيئًا فشيئًا حتى وصل الخلاف بينهما إلى الحد الذي هما عليه الآن. وفريق يذهب إلى أنهما قد تفرعتا عن لغة دثرت ولم يصلنا شيء من آثارها، وأن هذه اللغة كانت متصرفة(2) ذات قواعد كاملة التكوين، وأن قواعد كل فصيلة منهما قد سلكت في تطورها طريقًا يختلف عن طريق الأخرى، ولكن كلتيهما ظلت محتفظة بأصول مفردات اللغة التي انشعبتا عنها. وفريق ثالث يرى أن الشعب الذي تفرف عنه الساميون والأريون, كان له في الأصل لغة مشتركة، وأن انقسامه إلى هاتين الشعبتين قد حدث ولغته في الدور الأول من أدوار تكونها إذ لم تكن قد تجاوزت بعد مرحلة اللغات العازلة(3) العارية من القواعد، وأن كل شبعة منهما، تحت تأثير عقليتها الخاصة وما كان يكتنفها من شئون طبيعية واجتماعية، قد اتجهت في تكملة لغتها وتكوين واعدها منحى يختلف عن المنحى الذي اتجهت إليه الشعبة الأخرى، ولكن بقي في مفردات كلتيهما كثير من آثار الأصل المشترك(4).
غير أن أساس النظرية نفسه، وهو اتفاق الفصيلتين في أصول المفردات اتفاقًا يؤذن بانشعاب إحداهما عن الأخرى أو انشعابهما عن أصل واحد قريب، غير مسلم به من جمهرة المحققين من علماء اللغة.
ص226
وذلك لأن القائلين بهذه النظرية لم يقدموا على صحتها دليلًا يعتد به, فليس من بين وجوه الشبه التي كشفوا عنها بين هاتين الفصيلتين ما ينهض دليلًا قاطعًا على صحة نظريتهم، بل إن كثيرًا منها لينم على ضعفها وبطلانها, فمن ذلك مثلًا ما اعتمد عليه بهذا الصدد الألمانيان فورست وديليتزش؛ فقد ذهبا إلى أن أصول الكلمات السامية كانت قديمًا مؤلفة من حرفين اثنين, ثم زيد فيما بعد على كل أصل منها حرف ثالث(5). وعلى أساس هذا المذهب -الذي لا يؤيده أيّ دليل قاطع, بل قامت أدلة قوية على بطلانه- تحايلًا على التقريب بين الأصول السامية والأصول الهندية الأوروبية؛ فاختارا لكل أصل سامي كلمة هندية - أوروبية تقرب منه في أصواتها ودلالتها، وقررا تفرعهما من أصل واحد, ولإثبات ذلك يختاران حرفين تشترك فيهما الكلمتان، ويقرران أن الأصل السامي كان يتألف قديمًا من هذين الحرفين وحدهما, ثم زيد عليهما فيما بعد حرف ثالث، وأن هذا الأصل الثنائي نفسه هو الذي جاءت منه الكلمة الهندية - الأوروبية. ولا يخفى ما في هذه الطريقة الاستدلالية من تحكم وتخمين ومجافاة للروح العلمي ومناهج البحث الصحيح(6), ومن ذلك أيضًا ما ذهب إليه ديليتزش بصدد التشابه بين طائفة من مفردات اللغة العبرية من جهة, وطائفة من مفردات اللغتين الإغريقية واللاتينية من جهة أخرى؛ فقد اتخذ من هذا التشابه دليلًا على صحة النظرية التي نحن بصدد مناقشتها، غافلًا عن أن العبرية الحديثة قد اقتبست كثيرًا من مفردات الإغريقية واللاتينية, ومن الغريب أن الكلمات
ص227
التي ذكرها للاستدلال على مذهبه, هي ذاتها من أشهر ما اقتبسته العبرية الحديثة من هاتين اللغتين, وآخرون من المؤيدين لهذه النظرية يعتمدون في إثبات التشابه بين مفردات الفصيلتين السامية والهندية - الأوروبية على كلمات تكاد تتفق في جميع اللغات لانحدارها من الأصل الأول الذي نشأت منه اللغة الإنسانية، وهو أصوات الحيوان ومظاهر الطبيعة والأصوات التي تحدثها الأفعال وأصوات التعبير الطبيعي عن الانفعالات وما إلى ذلك. وغنيٌّ عن البيان أن كلمات هذا شأنها لا تدل على ما يذهب إليه أصحاب هذه النظرية من انشعاب إحدى الفصيلتين على الأخرى, أو انشعابهما عن أصل قريب, وبعض المؤيدين لهذه النظرية يعتمد في إثبات القرابة بين الفصيلتين على وجوه شبه بعيدة بين مفرداتهما, أو على تقارب جاء عن طريق الصدفة والاتفاق. وقصارى القول: لا نكاد نجد من بين الأدلة التي اعتمد عليها أصحاب هذه النظرية ما يستحق المناقشة، فضلًا عن أن ينهض حجة قاطعة على صحتها.
ص228
___________________
(1) من بين هؤلاء من كشف عن وجوه الشبه بين جميع أفراد الفصيلة الأولى وجميع أفراد الفصيلة الثانية، ومنهم من كشف عن وجوه الشبه بين بعض لغات الفصيلة الأولى وبعض لغات الفصيلة الثانية، كالعلامة ليبسيوس, الذي كشف عما تتفق في أصول الكلمات السنسكريتية مع أصول الكلمات العبرية.
(2) انظر معنى هذه الكلمة بصفحة 115.
(3) انظر معنى هذه الكلمة في صفحة 117.
(4) نشر الشيخ محمد أحمد مظهر في مجلة الديانات The Review of Religions التي تصدرها باللغة الإنجليزية جماعة الأحمدية في باكستان الغربية بحثًا عنوانه: "اللغة العربية هي أم اللغات جميعًا". وقد بسط نظريته وأدلتها في تسع مقالات نشرت في هذه المجلة من فبراير إلى أكتوبر 1960, ثم أخذ يستعرض أصول طائفة من اللغات الحية والميتة مبينًا انشعابها من أصول اللغة العربية، فطبق نظريته على اللغة السنسيكريتية في عدد نوفمبر سنة 1960، وعلى الإنجليزية في عدد ديسمبر 1960, وتقوم نظريته على الأساس نفسه الذي تقوم عليه النظريات التي نحن بصدد مناقشتها.
(5) قد قال بهذا من قبلهما الأستاذ جيزينيوس Gesenius, ومن المتعصبين لهذا المذهب من المستشرقين في العصر الحاضر الأب مرمرجي الدومنكي "انظر كتابة: "هل العربية منطقية، أبحاث ثنائية السنية" وخاصة صفحات 145-150". وقد قال بهذا المذهب نفسه كثير من الباحثين في اللغتين العبرية والعربية وفي الساميات منهم: فارس الشدياق في كتابه: "سر الليال في القلب والإبدال". وقد زعم الأب إنستاس الكرملي أنه زعيم هذا المذهب. انظر تفصيل هذا كله في كتاب الأب مرمرجي الدومنكي السابق ذكره صفحات 156-160, وانظر فيما يتعلق بأصول الكلمات السامية وأصول الكلمات الهندي - الأوروبية, صفحات 217-222.
(6) انظر في الرد على هذه النظرية.
Renan: Langues Semitiques, p. 448 et suiv.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|