أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-12-2020
2960
التاريخ: 25-10-2020
2985
التاريخ: 14-3-2021
1998
التاريخ: 1-6-2022
1649
|
عمدة ما يتوقف عليه الأكل و أصله و مناطه ، هي الاغذية و الأطعمة المأكولة ، و للّه - تعالى- في خلقها عجائب كثيرة لا تحصى ، و أسباب متوالية لا تتناهى.
والاغذية و الادوية من الأطعمة لم يبلغ عددها من الكثرة حدا يمكن احصاؤها و حصرها فضلا عن بيان عجائبها و أسبابها فنحن نترك الجميع، و تأخذ من جملتها حبة من الحنطة ، و نبين بعض أسبابها و حكمها و عجائبها .
فنقول : قد خلق اللّه في حبة الحنطة من القوى ما يغتذى به كما خلق فيك , فان النبات انما يفارقك في الحس و الحركة دون الاغتذاء ، لانه يغتذى بالماء.
ولا نتعرض لذكر آلات النبات في اجتذاب الغذاء إلى نفسه ، بل نشير إلى لمعة من كيفية اغتذاء الحبة.
فنقول : ان الحبة لا تغتذي بكل شيء ، بل يتوقف اغتذاؤها على ارض فيها ماء.
ولا بد ان تكون ارضها رخوة متخلخلة يتغلغل الهواء إليها ، فلو تركتها في ارض ندية صلبة متراكمة لم تنبت لفقد الهواء , ثم الهواء لا يتسرب إليها بنفسه ، فلا بد من حصول أسباب الريح حتى تحرك الهواء و تضربه و ينفذ فيها بقهر و عنف ، و إليه الإشارة بقوله - تعالى- : {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر: 22] .
والقاحها انما هو ايقاعها الازدواج بين الهواء و الماء و الأرض , ثم لا يكفي ذلك في انباته في برد مفرط ، فيحتاج إلى حرارة الصيف و الربيع.
فهذه أربعة أسباب ، فان الماء لا بد ان ينساق إلى ارض الزراعة من البحار و الشطوط و الانهار و العيون و السواقي ، فانظر كيف خلق اللّه جميع ذلك.
ثم الأرض ربما تكون مرتفعة لا ترتفع إليها مياه العيون و القنوات ، فخلق اللّه الغيوم ، و هي سحب ثقال حاملات للماء ، و سلط عليها الرياح لتسوقها باذنه إلى أقطار العالم من المرتفعات و المنخفضات ، و ترسلها مدرارا على الاراضي في وقت الربيع و الخريف على حسب الحاجة ثم خلق الجبال حافظة للمياه تنفجر منها العيون تدريجا على قدر الحاجة ، ولو خرجت دفعة لغرقت البلاد ، و هلك الزرع و المواشي , و نعم اللّه - تعالى - و عجائب صنعه و حكمته في السحاب و البحار و الجبال و الامطار لا يمكن احصاؤها و اما الحرارة ، فانها لا يمكن أن تحصل في الماء و الأرض ، لكونهما باردين.
فخلق اللّه الشمس ، و سخرها ، و جعلها - مع بعدها عن الأرض - مسخنة لها في وقت دون وقت ، ليحصل الحر عند الحاجة إليه ، و البرد عند الافتقار إليه ، و هذه اخس حكم الشمس ، و الحكم فيها أكثر من ان تحصى , ثم النبات ان ارتفع على الأرض كان في الفواكه انعقاد و صلابة ، فتفتقر إلى رطوبة تنضجها ، فخلق اللّه القمر، و جعل من خاصيته الترطيب ، كما يظهر لك ذلك إذا كشفت رأسك له في الليل ، فانه تغلب على رأسك الرطوبة المعبر عنها : (الزكام)، فهو بترطيبه ينضج الفواكه و يرطبها ، و يصبغها بتقدير الخالق الحكيم ، و هذا أيضا أخس فوائد القمر و حكمه ، و ما فيه من الحكم و الفوائد لا مطمع في استقصائه ، بل كل كوكب في السماء فقد سخر لفوائد كثيرة لا تفي القوى الشرية بإحصائها.
وكما أنه ليس في اعضاء البدن عضو لا فائدة فيه ، فكذلك ليس عضو من اعضاء بدن العالم لا تكون فيه فائدة أو فوائد كثيرة , و العالم كله كشخص واحد ، و آحاد أجسامه كالأعضاء له ، و هي متفاوتة تفاوت اعضاء البدن ، و شرح ذلك ليس في مقدرة البشر، و كلها مسخرات للّه سبحانه ، و آثار من قدرته الكاملة ، و رشحات من أبحر عظمته الباهرة ، وليست في انفسها إلا اعدام صرفة.
فأرباب القلوب العارفون باللّه المحبون له ، إذا نظروا إلى ملكوت السماوات و الأرض ، و الآفاق و الأنفس ، و الحيوانات و النباتات ، لا ينظرون إليها إلا من حيث إنها آثار قدرة ربهم ورشحات صفاته ، و يكون تفكرهم و سعيهم في العثور على عجائبها و حكمها ، و ابتهاجهم و شغفهم لأجل ذلك.
كما أن من أحب عالما لم يزل مشغوفا بطلب تصانيفه ، فيزداد بمزيد الوقوف على عجائب علمه حبا له , فكذلك الامر في عجائب صنع اللّه ، فان العالم كله من تصنيفه - تعالى- ، بل جميع المصنفين أيضا من تصنيفه الذي صنفه بواسطة قلوب عباده ، فان تعجبت من تصنيف فلا تتعجب من المصنف ، بل من الذي سخر المصنف لتأليفه بما انعم عليه من هدايته و تسديده و تعريفه.
كما إذا رأيت لعب المشعوذ يترقص و يتحرك حركات موزونة متناسبة ، فلا تتعجب من اللعب فانها خرق محركة لا متحركة ، و لكن تعجب من حذق المشعوذ المحرك لها بروابط دقيقة عن الابصار.
وقد ظهر أن غذاء النبات لا يتم الا بالماء و الهواء و الشمس و القمر و الكواكب ، و لا يتم ذلك إلا بالأفلاك التي هي مركوزة فيها ، و لا تتم الأفلاك إلا بحركاتها ، ولا تتم حركاتها إلا بملائكة سماوية يحركونها ، و كذلك تتسلسل الأسباب إلى أن تنتهي إلى مسبب الأسباب و غاية الكل ، و ليس لنا سبيل إلى ادراك تفاصيلها و استنباط عجائب حكمها و دقائق مصالحها.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|