المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

معنى الصورة الأدبية
27-7-2017
بكتريا اللبن
2024-10-15
احتجاج النعمان بن عجلان على البيعة
10-4-2016
العمود الصحفي
16-2-2022
أحكام الاشتراط لمصلحة الغير
13-4-2016
بكاء الارض والسماء عليه (عليه السلام)
19-01-2015


مواصفات حكومة الامام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)  
  
3523   03:16 مساءً   التاريخ: 13-3-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 652-655.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / بيعته و ماجرى في حكمه /

تميزت حكومة الامام امير المؤمنين (عليه السلام) بخصائص فريدة شهد لها التأريخ ، نجملها في نقاط رئيسية ثلاث:

1 _ الفعالية: وتعني ان حكومة امير المؤمنين (عليه السلام) كانت منظّمة الى درجة انها كانت تسيطر على الدولة سيطرة تامة من اجل ادارة شؤون الامة، فقد كانت تلك الحكومة على درجة عالية من الدقة في التنظيم، يشهد لها امور ثلاثة، هي:

أ _ النطاق المعياري: وهو الذي تعامل مع قضية الظلم الاجتماعي الذي كان سائداً، خصوصاً فيما يتعلق بالثروة الاجتماعية، فجاءت حكومة امير المؤمنين (عليه السلام) لتضع الحق في نصابه وتقيم العدل، فقد ازاح الامام (عليه السلام) عن السلطة كل من ولاّهم الخليفة الثالث على امارة المسلمين (كمروان بن الحكم، وعبد الله بن ابي سرح، والوليد بن عقبة، وأشباههم)، وارجع الحقوق الى بيت المال، واشبع الفقراء وكساهم في بلاد الله العريضة، ولذلك كانت حكومة الامام (عليه السلام) حكومة اخلاقية فاضلة عادلة، كما اشرنا الى ذلك آنفاً.

ب _ النطاق التنفيذي: وهو الذي تعامل مع صنع القرار، فقد كان الامام (عليه السلام) حاسماً في صنع القرار وقاطعاً كالسيف في تنفيذه، ولذلك فقد عاقب الولاة الذين خانوه، وساوى في العطاء بين السادة والعبيد، وحارب العصاة من الولاة كمعاوية، وحارب الناكثين والمارقين بشدّة.

وكانت سرعته في صنع القرار تعكس تواجد الاعوان في الساحة (امثال: سلمان، والمقداد، وعمار، وعمرو بن الحمق، وكميل بن زياد، ومزرع، والاشتر النخعي، ومحمد بن ابي بكر، وعشرات غيرهم)، وتوفر الوسائل التي تؤدي الى تنفيذ القرار (وهو السلاح)، وصنع القرار الحاسم لم يكن ليتم لولا المشاركة الواسعة الفعالة للامة في عصره (عليه السلام)، ولم يؤثر تمادي شرائح من اهل الكوفة وتباطؤهم في الجهاد لاحقاً، على الصورة الكلية لمجتمع المسلمين، بل كانت مناصرة الفقراء والمستضعفين _ الذين سُدّت حاجاتهم الاساسية في زمنه (عليه السلام) _ للنظام السياسي الاسلامي كافية في اعطاء صورة ناصعة عن الوضع العام.

ج _ النطاق السلوكي: وهو الذي تعامل مع شخصية الامام امير المؤمنين (عليه السلام) مباشرة، فقد كان الامام (عليه السلام) قدوة في الفعل السياسي والديني والاجتماعي والشخصي، وكان وجوده الاجتماعي عاملاً مطمئناً للأتقياء من الامة ورادعاً للاشقياء، ولذلك استتب الامن في عهده (عليه السلام).

وحريٌّ بالامام (عليه السلام) ان يقول: «ايها الناس، اما بعد، أنا فقأتُ عين الفتنة، ولم يكن أحدٌ ليجترىء عليها غيري..، ولو لم اكُ بينكم ما قوتلَ أصحابُ الجمل واهل النهروان»، وحاول معاوية محاربة دولة الامام (عليه السلام) عن طريق زعزعة الامن العام، لانه كان يرى ان انعدام الامن العام في المجتمع انما هو مقدمة من مقدمات انهيار الدولة وهدم بنيانها.

2 _ الآلية: وتعني ان الحكومة كانت تمتلك آليات لنـزع فتيل الصراع بين قوى الخير ذاتها، وتحصر الصراع بين الخير والشر، وبمعنى آخر ان حكومة الامام (عليه السلام) خففت الى ادنى حد، التوتر الاجتماعي عبر مساعدة الفقراء، وحثّ المؤمنين الاغنياء على الانفاق، وتكثيف النشاط الاجتماعي في وجوه البرّ والاحسان بل مطلق وجوه الخير، وحتى ان الحروب الداخلية التي خاضها (عليه السلام) ضد الناكثين والقاسطين والمارقين لم تزعزع فكرة العدالة الاجتماعية التي حققها حكمه القصير في الزمن، الكبير في الاهداف والمكاسب.

لقد حاولت حكومة امير المؤمنين (عليه السلام) ازالة الفوارق الكبيرة بين الطبقات الاجتماعية، وحاولت ان تجعل الاولوية للاسلام في كل شيء، فالاسلام كان فوق كل المصالح الشخصية، وكان فوق كل الاهتمامات الخاصة، وكانت الافضلية للجهاد والسعي من اجل بناء دولة الاسلام والمسلمين، وكان هذا النموذج في الحكم الديني نموذجاً مثالياً، خصوصاً بعد ان قرأنا ما حصل في عهد الخليفة الثالث من انتهاكات مالية لثروة المسلمين.

وهنا كانت حكومة امير المؤمنين (عليه السلام) فاعلة للغاية في تثبيت النموذج الاسلامي، الذي كان يعبر عن تماسك اركان الخير وتخفيف الصراع والحسد والتنافس بين المؤمنين الى ادنى حد، وتجربة كتلك لابد ان تعيش ابد الدهر، مثالاً ناصعاً لنـزاهة الاسلام وعدالته، وحسن ادرته لامور الناس والامة.

3 _ العضوية: وتعني ان الحكومة كانت مؤلفة _ عضوياً _ من اجزاء غير منفصلة عن بعضها البعض، أي ان الحكومة جهاز مكون من مبادىء عقلية وشرعية متلازمة يشدّ بعضها بعضاً، فتحقيق العدالة الاجتماعية، وتطبيق الحدود، وتنظيم الحقوق والواجبات امور شرعية تستدعي جوانب عقلية في حالات التطبيق.

وبكلمة، فان الحكومة تحت ظلّ تلك المواصفات كانت أداة عضوية بين العقل والشرع، ولذلك قرأنا قول الامام (عليه السلام) في رده على قول الخوارج «لا حكم إلاّ لله»: «كلمةُ حقٍّ يُراد بها باطل، نعم انه لا حكم الا لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة، فإنه لابد للناس من اميرٍ برٍّ أو فاجرٍ...».

وبذلك كانت حكومة امير المؤمنين (عليه السلام) وسيلة اخلاقية لنشر الخير والحق في المجتمع الانساني، ولذلك ارتفع مستوى الانسان المسلم في عهد امير المؤمنين (عليه السلام) الى درجة عالية من السمو يشهد لها التأريخ، وتعكسه مواقف اصحاب الامام (عليه السلام) البطولية بعد استشهاده (عليه السلام)، وتسلط الظالم عليهم لاحقاً.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.