أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
1033
التاريخ: 2-12-2018
666
التاريخ: 3-08-2015
1221
التاريخ: 12-1-2019
1317
|
يجب أن يعتقد نبوّة نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، لأنّه ادّعى النّبوّة، وظهر المعجزة على يده، فيكون نبيّا حقّا، والمقدّمتان قطعيّتان.
أقول: هذا هو الرّكن الثالث من أركان الإيمان، وهو ركن النّبوّة والنّبيّ:
هو البشر المخبر عن اللّه تعالى بغير واسطة بشر.
وأمّا الدّليل على نبوة نبيّنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ [فهو أن نقول] انّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ادّعى النّبوّة، وظهر [على يده المعجزة] ، وكلّ من ادّعى النّبوة، وظهر على يده المعجزة، فهو صادق في دعواه، فها هنا ثلاثة امور:
الأوّل: إنّه ادّعى النّبوّة، وهذا [ما] لا ينكره أحد، فإنّ جميع الخلائق: الموافق منهم والمخالف، يعترفون بأنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ظهر بمكّة وادّعى النّبوّة .
الثّاني: انّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ظهر على يده المعجزة، وذلك أيضا معلوم بالتّواتر المفيد لليقين.
[والمعجزة: هي] الأمر الخارق للعادة، المطابق للدّعوى، المتعذّر على الخلق الإتيان بمثله، فالخارق للعادة: هو الّذي لم تجر العادة به؛ كقلب العصا حيّة [1]، وإحياء الموتى [2]، وانشقاق القمر، ومجىء الشّجرة، وحنين الجذع .
وقولنا: المطابق للدّعوى، بمعنى أنّه يكون موافقا لدعواه، وفيه احتراز عمّا لا يكون مطابقا للدّعوى؛ كما نقل عن مسيلمة الكذّاب أنّه قيل له: أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه وآله تفل في بئر ففاض ماؤها، فقال: أنا أفعل كذلك، وأتى إلى بئر وفيها ماء فتفل فيها، فغاض [3] ماؤها فإنّه أمر خارق للعادة، لكنّه غير مطابق لدعواه، بل تكذيب له فيما ادّعاه.
وقولنا: المتعذّر على الخلق الإتيان به ، وذلك لأنّه من فعل اللّه تعالى وممّا اختصّ بالاقتدار عليه.
والتّعذّر: إمّا في جنسه؛ كإحياء الموتى، أو في وصفه ؛ كفصاحة القرآن، وقلع المدينة؛ فنقول :
نبيّنا [محمّد] صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ظهر على يده كثير من المعجزات، ومن جملتها: القرآن المجيد، وهو معجز، لأنّه تحدّى به العرب، ومعنى التّحدّي: هو أن يطلب منهم الإتيان بمثل ما أتى به، فإنّه ادّعى النّبوّة، وقال: (معجزتي هذا القرآن، فإن صدقتموني فيما أقول فاتّبعوني وإن لم تصدّقوني فاتوا بمثل هذا القرآن، حتّى تنقطع حجّتي عليكم) [4] وكانوا حريصين على إبطال قوله، فلمّا لم يأتوا بمثل هذا القرآن وعدلوا عن المعارضة إلى حربه ومقاتلته المؤدّي إلى قتلهم، وسبي حريمهم، وأطفالهم، وأخذ أموالهم، دلّ على عجزهم عن ذلك؛ فإنّ العاقل إذا خاف أمرا، ويدفع بالأمر الأسهل، لا يعدل عنه إلى الأشق؛ فدلّ على أنّ تركهم لمعارضة القرآن عجز منهم، فيكون معجزا، لأنّ معنى المعجز: هو ما عجز الغير عن الإتيان بمثله، فثبت أنّ القرآن معجزة .
و كذلك صدر عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم معجزات كثيرة كانشقاق القمر [5]، ونبوع الماء من بين أصابعه [6]، وشكاية النّاقة [7] ، وكلام الذّراع المسمومة [8]، ومجىء الشّجرة إليه [9].
الثّالث: انّ كلّ من ادّعى النّبوّة وظهر على يده المعجزات يجب أن يكون صادقا، وذلك لأنّ المعجز من أفعال اللّه تعالى- كما ذكرنا- فلو كان المدّعي كاذبا في دعواه وأظهر [اللّه] المعجز على يده، لكان تصديقا للكاذب، وتصديق الكاذب قبيح. وقد ثبت أنّه تعالى لا يفعل القبيح، فلا يجوز عليه تصديق الكاذب، فثبت أنّه نبيّ صادق، فيجب تصديقه في جميع ما أخبر به عن اللّه تعالى من
يقول الإمام الباقر (عليه السلام):
إنّ رسول اللّه (صلى الله عليه واله) اتي باليهوديّة الّتي سمّت الشّاة للنّبيّ (صلى الله عليه واله)، فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟
فقالت: قلت: إن كان نبيّا لم يضرّه، وإن كان ملكا أرحت النّاس منه، قال: فعفا رسول اللّه (صلى الله عليه واله) عنها.
انظر: الوسائل 8: 519 الباب 12 من أبواب أحكام العشرة، ح 3.
دين الإسلام من التّكليف، والنّشور، والبعث، والجنّة، والنّار، والثّواب، والعقاب، وغير ذلك من أحكام الشّرع.
و قوله: والمقدّمتان، أي ادّعاء النّبوّة، وإظهار المعجزة على يده، وكلّ من كان كذلك كان نبيّا، قطعيتان، أي: يقينيّتان، لأنّهما من المقدّمات المعلومة بالتّواتر الّذي يفيد العلم الضّروريّ.
______________
[1] معجزة النّبيّ موسى (عليه السلام).
[2] معجزة النّبيّ عيسى (عليه السلام).
[3] غاض الماء يغيض غيضا، أي: قلّ ونضب. المصباح المنير 2: 459، صحاح اللّغة 3: 1096 (مادّة غيض).
[4] بعد التّتبّع الكثير، لم أعثر على هذا الحديث من المصادر الحديثيّة المتوفّرة عندنا.
[5] انشقّ القمر له (صلى الله عليه واله) بنصفين بمكّة في أوّل مبعثه، وقد نطق به القرآن، وقد صحّ عن عبد اللّه بن مسعود، أنّه قال: انشقّ القمر حتّى صار فرقتين، فقال كفّار أهل مكّة: هذا سحر سحركم به ابن أبي كبشة، انظروا السّفّار، فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق، وإن كانوا لم يروا ما رأيتم فهو سحر سحركم به، قال: فسئل السّفّار- وقد قدموا من كلّ وجه- فقالوا: رأيناه. إعلام الورى: 38.
[6] وذلك أنّهم كانوا معه في سفر، فشكوا أن لا ماء معهم، وأنّهم بمعرض التّلف وسبيل العطب، فقال : كلّا، إنّ معي ربّي، عليه توكّلت، ثمّ دعا بركوة فصبّ فيها ماء ما كان ليروي ضعيفا، وجعل يده فيها، فنبع الماء من بين أصابعه، فصيح في النّاس فشربوا وسقوا حتّى نهلوا وعلوّا وهم ألوف، وهو يقول: أشهد أنّي رسول اللّه حقّا. إعلام الورى: 32.
[7] وذلك عند رجوعه إلى المدينة من غزاة بني ثعلبة، فقال: أتدرون ما يقول هذا البعير؟ قال جابر: قلنا:
اللّه ورسوله أعلم، قال: فإنّه يخبرني أنّ صاحبه عمل عليه حتّى اذا أكبره وأدبره وأهزله أراد نحره وبيعه لحما، يا جابر اذهب معه إلى صاحبه فأتني به، قال: قلت: واللّه ما أعرف صاحبه، قال: هو يدلّك، قال:
فخرجت معه حتّى انتهيت إلى بني حنظلة أو بني واقف، قلت: أيّكم صاحب هذا البعير؟ قال بعضهم:
أنا، قلت: أجب رسول اللّه (صلى الله عليه واله)، فجئت أنا وهو والبعير إلى رسول اللّه (صلى الله عليه واله)، فقال: بعيرك هذا يخبرني بكذا وكذا؟ قال: قد كان ذلك يا رسول اللّه، قال: فبعنيه، قال: هو لك، قال: بل بعنيه، فاشتراه رسول اللّه (صلى الله عليه واله) ثمّ ضرب على صفحته، فتركه يرعى في ضواحي المدينة، فكان الرّجل منّا إذا أراد الرّوحة والغدوة منحه رسول اللّه (صلى الله عليه واله)، قال جابر: فرأيته وقد ذهبت دبرته، ورجعت إليه نفسه. إعلام الورى: 39.
[8] وهو أنّه اتي بشاة مسمومة أهدتها له امرأة من اليهود بخيبر، وكانت سألت أيّ شيء أحبّ إلى رسول اللّه (صلى الله عليه واله) من الشّاة؟ فقيل لها: الذّراع، فسمّت الذّراع، فدعا (صلى الله عليه واله) أصحابه إليه فوضع يده، ثمّ قال: ارفعوا فإنّها تخبرني بأنّها مسمومة.
قال الفضل بن الحسن الطّبرسي: ولو كان ذلك لعلّة الارتياب باليهوديّة، لما قبلها بدءا ولا جمع عليها أصحابه وقد كان (صلى الله عليه واله) تناول منها أقلّ شيء قبل أن كلّمته، وكان يعاوده كلّ سنة، حتّى جعل اللّه ذلك سبب الشّهادة، وكان ذلك بابا من التّمحيص، ليعلم أنّه (صلى الله عليه واله) مخلوق. إعلام الورى: 35.
[9] ذكرها أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته القاصعة [من نهج البلاغة: 301] قال: ولقد كنت معه (صلى الله عليه واله) لمّا أتاه الملأ من قريش، فقالوا له: يا محمّد، إنّك قد ادّعيت عظيما لم يدّعه آباؤك ولا أحد من بيتك، ونحن نسألك أمرا إن أنت أجبتنا إليه وأريتناه، علمنا أنّك نبيّ ورسول، وإن لم تفعل، علمنا أنّك ساحر كذّاب.
فقال (صلى الله عليه واله): وما تسألون؟ قالوا: تدعو لنا هذه الشّجرة حتّى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك، فقال (صلى الله عليه واله):
إنّ اللّه على كلّ شيء قدير، فإن فعل اللّه لكم ذلك، أتؤمنون وتشهدون بالحقّ؟ قالوا: نعم، قال: فإنّي سأريكم ما تطلبون، وإنّي لأعلم أنّكم لا تفيئون إلى خير، وإنّ فيكم من يطرح في القليب، ومن يحزّب الأحزاب، ثمّ قال (صلى الله عليه واله): يا أيّتها الشّجرة، إن كنت تؤمنين باللّه واليوم الآخر، وتعلمين أنّي رسول اللّه، فانقلعي بعروقك حتّى تقفي بين يديّ بإذن اللّه. فو الّذي بعثه بالحقّ لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دويّ شديد، وقصف كقصف أجنحة الطّير، حتّى وقفت بين يدي رسول اللّه (صلى الله عليه واله)، وببعض أغصانها على منكبي، وكنت عن يمينه (صلى الله عليه واله)، فلمّا نظر القوم إلى ذلك قالوا- علوّا واستكبارا-: فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها، فأمرها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشدّه دويّا، فكادت تلتفّ برسول اللّه (صلى الله عليه واله)، فقالوا- كفرا وعتوّا-: فمر هذا النّصف فليرجع إلى نصفه ما كان، فأمره (صلى الله عليه واله) فرجع، فقلت أنا: لا إله إلّا اللّه، إنّي أوّل مؤمن بك يا رسول اللّه، وأوّل من أقرّ بأنّ الشّجرة فعلت ما فعلت بأمر اللّه تعالى تصديقا بنبوّتك، وإجلالا لكلمتك. فقال القوم كلّهم: بل ساحر كذّاب، عجيب السّحر، خفيف فيه، وهل يصدّقك في أمرك إلّا مثل هذا (يعنونني). انظر: إعلام الورى: 31.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|