الميزان الصرفي
المؤلف:
احمد الحملاوي
المصدر:
شذى العرف في فن الصرف
الجزء والصفحة:
ص13- 15
23-02-2015
6467
1- لما كان أكثرُ كلماتِ اللغة العربية ثُلاثيًا، اعتبر علماءُ الصرفِ أنَّ أصولَ الكلماتِ ثلاثةُ أحرف، وقابلوها عند الوزن بالفاء والعين واللام، مصوَّرة بصورةِ الموزون، فيقولون في وزن قَمَر مَثَلاً: فَعَل، بالتحريك، وفى حِمْل: فِعْل بسكر الفاء وسكون العين، وفى كَرُمَ: فَعُلَ، بفتح الفاء وضم العين، وَهلُمَّ جَرَّا، ويُسَمُّون الحرف الأوَّل فاء الكلمة، والثاني عين الكلمة، والثالث لام الكلمة.
2- فإذا زادت الكلمة عن ثلاثة أحرف:
فإن كانت زيادتُها ناشئة من أصل وَضْعِ الكلمة على أربعة أحرف أو خمسة، زدتَ فى الميزان لامًا أَو لامين على أحرف "ف ع ل"، فتقول فى وزن دَحْرَجَ مثلاً: فَعْلَلَ، وفى وزن جَحْمَرِش فَعْلَلِل.
وإن كانت ناشئة من تكرير حرف من أصول الكلمة كَرَّرْتَ ما يقابله فى الميزان، فتقول فى وزن قدَّم مَثلاً، بتشديد العين: فعَّلَ، وفى وزن جَلْبَبَ: فَعْلَلَ، ويقال له: مُضعَّفُ العين أو اللام.
وإن كانت الزيادة ناشئة من زيادة حرف أو أكثر من حروف "سألتمونيها" التى هى حروف الزيادة، قابلتَ الأصول بالأصول، وعَبَّرْتَ عن الزائد بلفظه، فتقول فى وزن قائم، مثَلاً: فاعِل، وفى وزن تقدَّم: تَفَعَّلَ، وفى وزن استخرج: استفْعَل، وفى وزن مجتهد: مُفْتَعِل، وهكذا.
وفيما إذا كان الزائد مبدلا من تاء الافتعال، يُنْطَقُ بها نظرًا إلى الأصل، فيقال مثلا فى وزن اضطراب: افتعل، لا افطعل، وقد أجازه الرضىّ.
3- وإن حصل حذف فى الموزون حُذِف ما يقابله فى الميزان، فتقول فى وزن قُلْ مثلاً: فُلْ: وفى وزن قاضٍ: فاعٍ، وفى وزن عِدَة: عِلَة.
4- وإن حَصَل قلبٌ فى الموزون، حصل أيضا في الميزان، فيقال مثلاً في وزن
ص13
جاه: عَفَل، بتقديم العين على الفاء.
ويُعْرَفُ القلب بأمور خمسة:
الأول: الاشتقاق، كناءَ بالمد، فإن المصدر وهو النَّأى، دليل على أن "ناء" الممدود مقلوب نأى، فيقال: ناء على وزن فَلَعَ، وكما في جاه، فإن ورُود وَجْه ووُجْهَة، دليل على أن جَاه مَقلوب وَجْه، فيقال: جاه على وزن عَفَل. وكما فى قِسِىّ، فإِن ورود مفرده وهو قَوْس، دليل على أنه مقلوب قُوُوْس، فَقُدِّمت اللام فى موضع العين، فصار قُسُوْوٌ على فُلُوع، فقلبت الواو الثانية ياءً لوقوعها طَرَفا، والواو الأولى؛ لاجتماعها مع الياء وَسَبْق إحداهما بالسكون، وكُسِرت السينُ لمناسبة الياء، وكسرت القافُ لعُسْر الانتقال من ضمٍّ إلى كسر... وكما فى حادِى أيضا، فإن ورود وَحْدة دليلٌ على أنه مقلوب "واحد"، فوزن "حادي": عالف.
الثاني: التصحيح مع وجود مُوجِب الإعلال، كما فى أيِسَ، فإِن تصحيحه مع وجود الموجِب، وهو تحريك الياء وانفتاح ما قبلها، دليل على أنه مقلوب يَئِسَ، فيقال: أيِسَ على وزن عَفِلَ ويُعْرَفُ القلبُ هنا أيضًا بأصله وهو اليَأس.
الثالث: نُدْرَة الاستعمال، كآرام جمع رِئم، وهو الظَّبْى، فإِنّ نُدْرَتَه وكثرة آرام، دليل على أنه مقلوب أرآم، ووزن أرآم: أفعال: فقدِّمت العينُ التى هى الهمزة الثانية، فى موضع الفاء، وسُهِّلَتْ، فصارت آرام، فوزنه: أعْفال. وكذا آراء، فإِنه على وزن أعفال، بدليل مفرده، وهو الرأي.
وقال بعضهم: إن علامة القلب هنا ورودُ الأصل، وهو رئم، ورأى.
الرابع: أن يترتَّب على عدم القلب وجود همزتين في الطرف؛ وذلك فى كل اسم فاعل من الفعل الأجوف المهموز اللام، كجاء وشاء، فإِن اسم الفاعل منه على وزن فاعل. والقاعدة أنه متى أُعلَّ الفعل بقلب عينه ألفًا، أعِلَّ اسم الفاعل منه، بقلب عينه همزة، فلو لم نقل بتقديم اللام فى موضع العين، لزم أن ننطِق باسم الفاعل من جاء: جائئ، بهمزتين؛ ولذا لزم القول بتقديم اللام على العين، بدون أن تقلب همزة، فتقول: جائئٌ: بوزن فالع، ثم يُعَلّ إعلال قاض فيقال جاءٍ بوزن: فال.
الخامس: أن يترتب على عدم القلب منع الصرف بدون مقتض، كأشياء، فإننا لو لم نقل بقلبها، لزم منع "أفعال" من الصرف بدون مقتض، وقد ورد مصروفًا. قال تعالى: {إنْ هِىَ إلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها} (النجم: 23)، فنقول: أصل أشياءَ شَيْآء، على وزن
ص14
فعْلاءَ، قُدِّمَت الهمزة التى هى اللام، فى موضع الفاء، فصار أشياء على وزن لَفْعَاءَ، فَمنعُهَا من الصرف نظرًا إلى الأصل، الذى هو فَعْلاء. ولا شك أن فعلاء من موازين ألف التأنيث الممدودة، فهو ممنوع من الصرف لذلك، وهو المختار.
ص15
الاكثر قراءة في الميزان الصرفي
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة