أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-7-2021
2760
التاريخ: 6-2-2021
3344
التاريخ: 13-5-2021
3020
التاريخ: 21-2-2021
2212
|
ما أجمعت الأمة المختارة عليه من أصول العقائد هو! أن الواجب سبحانه موجود ، و أنه واحد في الألوهية ، و بسيط عن شوائب التركيب ، و منزه عن الجسمية و عوارضها ، و أن وجوده و صفاته عين ذاته ، و أنه متقدم على الزمان و المكان و متعال عنهما و أنه حي قديم أزلي قادر مريد عالم بجميع الأشياء ، و علمه بها بعد إيجادها كعلمه بها قبله و لا يزداد بإحداثها علما ، و أن قدرته عامة بالنسبة إلى جميع الممكنات ، و أنه يخلق ما يشاء و يفعل ما يريد و لا يكون شيء إلا بمشيئته ، و أنه عدل في حكمه صادق في وعده ، و بالجملة مستجمع لجميع الصفات الكمالية ، و ليس كمثله شيء ، و لا يتصوره عقل و لا وهم مثله، بل هو تام فوق التمام.
و أن القرآن كلامه ، و محمد ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) رسوله ، ما أتى به من أمور النشأة الآخرة من الجنة و النار و الحساب و الثواب و العقاب و الصراط و الميزان و الشفاعة و غير ذلك مما ثبت في شريعته المقدسة حق ثابت ، فيجب على كل مؤمن أن يأخذ بجميع ذلك و يتشبث به و يجرد باطنه له ، بحيث لو أورد عليه ما ينقصه , لم يقبله و لم يعرضه شك و ريب.
ثم إن المكلفين مختلفون في كيفية التصديق و الإذعان بالعقائد المذكورة ، فبعضهم فيها على يقين مثل ضوء الشمس ، بحيث لو كشف عنهم الغطاء ما ازدادوا يقينا ، و بعضهم على يقين دون ذلك ، و أقل هؤلاء رتبة أن تصل مرتبة يقينهم إلى طمأنينة لا اضطراب فيها ، و بعضهم على مجرد تصديق ظني يتزلزل من الشبهات و إلقاء النقيض ، و إلى هذا الاختلاف أشار الإمام محمد ابن علي الباقر (عليهما السلام ) بقوله «ان المؤمنين على منازل : منهم على واحدة ، و منهم على اثنتين ، و منهم على ثلاث ، و منهم على أربع ، و منهم على خمس ، و منهم على ست ، و منهم على سبع ، فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو ، و على صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو , إلى آخره» .
والإمام أبو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) بقوله! «إن للإيمان حالات و درجات و طبقات و منازل ، فمنه التام المنتهى تمامه ، و منه الناقص البين نقصانه ، و منه الراجح الزائد رجحانه» و لا ريب في أن تحصيل ما يطمئن به القلب في العقائد الواجبة أخذها مما لا بد منه لكل مكلف و مجرد التصديق من غير اطمئنان القلب غير كاف للنجاة في الأخرى و الوصول إلى مراتب المؤمنين.
و مع حصول الاطمئنان تحصل النجاة و الفوز بالفلاح و إن لم يكن حصوله من تفاصيل البراهين الحكمية و الدلائل الكلامية ، بل كان حاصلا من دليل إجمالي برهاني أو إقناعي ، إذ الشرع الشريف لم يكلف بأكثر من التصديق و الجزم بظاهر العقائد المذكورة ، و لم يكلف البحث و التفتيش عن كيفياتها و حقائقها و عن تكلف ترتيب الأدلة في نظمها ، فلو حصل لأحد طمأنينة في اتصاف الواجب بجميع الصفات الكمالية و براءته عن الصفات السلبية ، بمجرد أن عدم الاتصاف بالأولى و الاتصاف بالثانية نقص لا يليق بذاته الأقدس ، كان كافيا في النجاة و الدخول في زمرة المؤمنين.
و كذا إذا حصل له ذلك بمجرد أن هذا مما اتفق عليه فرق الأنبياء و أساطين الحكماء و العلماء و قوة عقولهم و دقة أفهامهم تأبى عن اتفاقهم على محض الخطأ.
و قس على ذلك غيره مما يفيد الاطمئنان كائنا ما كان.
قال العلامة «الطوسي» - ره - في بعض تصانيفه ! «أقل ما يجب اعتقاده على المكلف هو ما ترجمة قول لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه ، ثم إذا صدق الرسول ينبغي أن يصدقه في صفات اللّه و اليوم الآخر و تعيين الإمام المعصوم ، كل ذلك مما يشتمل عليه القرآن من غير مزيد برهان! أما في صفات اللّه فبأنه حي عالم قادر مريد متكلم ليس كمثله شيء و هو السميع البصير، و اما في الآخرة فبالإيمان بالجنة و النار و الصراط و الميزان و الحساب و الشفاعة و غيرها ، و لا يجب عليه أن يبحث عن حقيقة الصفات ، و أن الكلام و العلم و غيرهما حادث أو قديم ، بل لو لم تخطر هذه بباله و مات مات مؤمنا ، فإن غلب على قلبه شك أو إشكال ، فإن أمكن إزالته بكلام قريب من الأفهام و إن لم يكن قويا عند المتكلمين و لا مرضيا فذلك كاف، و لا حاجة إلى تحقيق الدليل، فإن الدليل لا يتم إلا بذكر الشبهة و الجواب ، و مهما ذكرت الشبهة لا يؤمن أن تتشبث بالخاطر و القلب فيظنها حقة لقصوره عن إدراك جوابها ، إذ الشبهة قد تكون جلية و الجواب دقيقا لا يحتمله عقله ، و لذا ورد الزجر عن البحث و التفتيش في الكلام و إنما زجر ضعفاء العوام ، و أما أئمة الدين فلهم الخوض في غمرة الإشكالات.
و منع العوام عن الكلام يجري مجرى منع الصبيان عن شاطئ دجلة خوفا من الغرق ، و رخصة الأقوياء فيه أيضا هي رخصة الماهر في صنعة السباحة ، إلا أن ههنا موضع غرور و منزلة قدم ، و هو أن كل ضعيف في عقله يظن أنه يقدر على إدراك الحقائق كلها ، و أنه من جملة الأقوياء فربما يخوضون و يغرقون في بحر الجهالات من حيث لا يشعرون ، فالصواب منع الخلق كلهم - إلا الشاذ النادر الذي لا تسمح الأعصار إلا بواحد منهم أو اثنين - من تجاوز سلوك أهل العلم في الإيمان المرسل و التصديق المجمل بكل ما أنزل اللّه و أخبر به رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلم) فمن اشتغل بالخوض فيه فقد أوقع نفسه في شغل شاغل ، لذا قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه و آله و سلم) حين رأى أصحابه يخوضون ، بعد أن غضب حتى احمرت وجنتاه! أ فبهذا أمرتم؟ , تضربون كتاب اللّه بعضه ببعض! انظروا فيما أمركم اللّه فافعلوا و ما نهاكم عنه فانتهوا» , فهذا على تنبيه منهج الحق.
ثم لا ريب في أن نورانية اليقين و وضوحه ، بل و اطمئنان القلب و سكونه , لا يحصل من مجرد صنعة الجدل و الكلام ، كما لا يحصل من محض التلقين و تقليد العوام , بل (الأول) أعني الاستضاءة بنور اليقين - يتوقف على ملازمة الورع و التقوى ، و فطام النفس عن الهوى و إزالة كدرتها و صدأها ! {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } [الشمس : 9].
و تطهيرها عن ذمائم الصفات و الاشتغال بمشاق الرياضة و المجاهدات ، حتى يقذف في قلبه نور إلهي تنكشف به الحجب و الأستار عن حقائق هذه العقائد ، و هو غاية مقصد الطالبين و قرة عيون الصديقين و المقربين و له درجات و مراتب ، و الناس فيه مختلفون بحسب اختلافهم في القوة و الاستعداد و السعي و الاجتهاد، كما هم مختلفون في إدراك أنواع العلوم و الصنائع «و كل ميسر لما خلق له» .
و أما (الثاني) - أعني مجرد الاعتقاد الجازم الراسخ بظواهر تلك العقائد - فيمكن أن يحصل بما دون ذلك ، بأن يشتغل - بعد تلقين هذه العقائد و التصديق بها - بوظائف الطاعات ، و يصرف برهة من وقته في شرائف العبادات ، و يواظب على تفسير القرآن و تلاوته ، و درس الحديث و درايته ، و يحترز عن مخالطة أولى المذاهب الفاسدة و ذوي الآراء الباطلة ، بل يجتنب كل الاجتناب عن مرافقة أرباب الهوى و أصحاب الشر و الشقاء ، و يختار مصاحبة أهل الورع و اليقين ، و مجالسة الأتقياء و الصالحين ، و يلاحظ سيماهم و سيرتهم و هيئاتهم في الخضوع للّه والاستكانة ، فيكون التلقين كالقاء البذر في الصدر، و هذه الأمور كالسقي و التربية له ، فينمو ذلك البذر بها و يتقوى و يزداد رسوخا ، حتى يرتفع شجرة طيبة راسخة أصلها ثابت و فرعها في السماء.
ثم من وصل إلى مقام العقيدة الجازمة إن اشتغل بالشواغل الدنيوية و لم يشتغل بالرياضة و المجاهدة لم ينكشف له غيره ، و لكنه إذا مات مات مؤمنا على الحق و سلم في الآخرة ، و إن اشتغل بتصقيل النفس و ارتياضها انشرح صدره و انفتح له باب الإفاضة ، و وصل إلى المرتبة الأولى.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|