المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



الاحتجاج في فضل علي (عليه السلام): استدلال مدرسة المأمون  
  
3037   05:51 مساءً   التاريخ: 14-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 208-212.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

احتج المأمون العباسي على الفقهاء في فضل علي (عليه السلام) ولم يكن المأمون من اتباع مدرسة اهل البيت (عليه السلام)، ولكن الظرف السياسي الموالي للتشيع في زمانه كان يستدعي ان يحاجج اصحاب المدارس الأخرى بأفضلية اهل البيت (عليه السلام) ومظلوميتهم، وكان هدف ذلك هو امتصاص النقمة السائدة على خلفاء بني العباس من قبل الامة.

قال المأمون لاسحاق بن ابراهيم القاضي: «يا اسحاق، أي الاعمال كانت افضل يوم بعث الله رسوله؟

قلت: الاخلاص بالشهادة.

قال: اليس السبق الى الاسلام؟

قلت: نعم.

قال: اقرأ ذلك في كتاب الله تعالى يقول: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11] انما عنى من سبق الى الاسلام، فهل علمت احداً سبق علياً (عليه السلام) الى الاسلام؟

قلت: يا امير المؤمنين، ان علياً اسلم وهو حديث السن لا يجوز عليه الحكم، وابو بكر اسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم.

قال: اخبرني ايهما اسلم قبل؟ ثم اناظرك من بعده في الحداثة والكمال.

قلت: علي اسلم قبل ابي بكر على هذه الشريطة.

فقال: نعم، فاخبرني عن اسلام علي حين اسلم لا يخلو من ان يكون رسول الله (صلى الله عليه واله) دعاه الى الاسلام او يكون الهاماً من الله؟

قال: فاطرقت.

فقال لي: يا اسحاق، لا تقل الهاماً فتقدمه على رسول الله (صلى الله عليه واله)، لان رسول الله (صلى الله عليه واله) لم يعرف الاسلام حتى اتاه جبرئيل عن الله تعالى.

قلتُ: اجل، بل دعاه رسول الله (صلى الله عليه واله) الى الاسلام.

قال: يا اسحاق، فهل يخلو رسول الله ص) حين دعاه الى الاسلام من ان يكون دعاه بأمر الله او تكلف ذلك من نفسه؟

قال: فاطرقت.

فقال: يا اسحاق، لا تنسب رسول الله الى التكلف، فان الله يقول: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86].

قلت: اجل يا أمير المؤمنين، بل دعاه بأمر الله.

قال: فهل في صفة الجبار جلّ ذكره ان يكلّف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟

قلت: أعوذ بالله.

فقال: أفتراه في قياس قولك يا اسحاق ان علياً اسلم صبياً لا يجوز عليه الحكم، وقد كلف رسول الله (صلى الله عليه واله) دعاء الصبيان الى ما لا يطيقونه فهو يدعوهم الساعة ويرتدون بعد ساعة، فلا يجب عليهم في ارتدادهم شيء ولا يجوز عليهم حكم رسول الله (صلى الله عليه واله) أترى هذا جائزاً عندك ان تنسبه الى الله عزّ وجلّ؟

قلت: أعوذ بالله.

قال: يا اسحاق، فاراك انما قصدت لفضيلة فضل بها رسول الله (صلى الله عليه واله) على هذا الخلق أبانه بها منهم ليعرف مكانه وفضله ولو كان الله تبارك وتعالى امره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا علياً؟

قلت: بلى.

قال: فهل بلغك ان رسول الله (صلى الله عليه واله) دعا احداً من الصبيان من اهله وقرابته، لئلا تقول ان علياً ابن عمه؟

قلت: لا اعلم، ولا ادري فعل او لم يفعل.

قال: يا اسحاق، أرأيت ما لم تدره ولم تعلمه هل تُسأل عنه؟

قلت: لا.

قال: فدع ما قد وضعه الله عنا وعنك».

 

تحليل استدلال المأمون:

وفي احتجاج المأمون افكار لابد من عرضها بالشكل التالي:

أ _ انه (صلى الله عليه واله) دعا علياً (عليه السلام) للاسلام بأمر الله.

ب _ ان علياً (عليه السلام) عندما اسلم لم يكن صبياً لا يجوز عليه الحكم.

ج _ ان دعوة علي (عليه السلام) للاسلام كان لفضيلة تخصه (عليه السلام).

د _ ان رسول الله (صلى الله عليه واله) لم يدعُ احداً من الصبيان من اهله وقرابته الى الاسلام.

ولكن هذا الاحتجاج _ على متانته _ لا يمكن ان يؤخذ على تلك الصورة ما لم يهذّب تهذيباً علمياً. فعلي (عليه السلام) وقت البعثة ليس كبقية الصبيان، بل كان انساناً على اعتاب الرجولة قد امتلأ من علم رسول الله (صلى الله عليه واله)، ورضع من بيت النبوة، واستنشق من عبير الوحي، وكان يسمع الصوت ويرى الضوء قبل الرسالة وجبرئيل في الغار يعلّم رسول الله (صلى الله عليه واله) معاني التوحيد.

وتلك فضيلة عظيمة من فضائل علي (عليه السلام) التي اختص بها دون غيره من الناس. وبكلمة، فقد كان امير المؤمنين (عليه السلام) مؤهلاً _ بفضل التربية النبوية _ لتقبل الاسلام والايمان به لانه كان مؤمناً في الاصل بالتوحيد والعقيدة الابراهيمية. بينما كان الامر يتطلب مع بقية الناس مرحلتين. الاولى: الكفر بالوثنية وترك عبادة الاصنام. والثانية: الايمان بالله الواحد الاحد وبرسالته السماوية الجديدة.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.