المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الحشرات والعناكب والأكاروسات التي تصيب التفاح
31-12-2015
NITRILE RUBBER (NBR)
29-9-2017
نضج البطاطا وميعاد قلعها
8-3-2017
الفرمونات Pheromones
8-12-2015
مُباهلة
14-11-2017
من لوازم المحبّة الشوق.
2024-03-18


آيات القرآن فيها تناقض وتردّد في اكثر من موضعً  
  
4308   09:23 صباحاً   التاريخ: 18-1-2019
المؤلف : الشيخ فؤاد كاظم المقدادي
الكتاب أو المصدر : الإسلام و شبهات المستشرقين
الجزء والصفحة : 243-261
القسم : العقائد الاسلامية / شبهات و ردود / القرآن الكريم /

[نص الشبهة] : أنَّ في آيات القرآن تناقضاً وتردّدا في اكثر من موضعً ، منها ما جاء تحت مادّة ( إبراهيم ) ، يقول ( فنسنك): (كان سبرنجر ـ Leben: Sprenger und Lehredes Mohammad، ج3، ص276 وما بعدها ـ أوّل من لاحظ أنّ شخصيّة إبراهيم كما في القرآن مرّت بأطوار قبل أنْ تصبح في نهاية الأمر مؤسِّسَةً للكعبة ، وجاء سنوك هجروينيه (20 وما بعدها ) بعد ذلك بزمن فتوسّع في بسط هذه الدعوى ، فقال :

إنّ إبراهيم في أَقدم ما نزل من الوحي ( الذاريات ـ آية 24 وما بعدها ، الحجَر ـ آية 5 وما بعدها ، الصافّات ـ آية 81 وما بعدها ، الأنبياء ـ آية 52 وما بعدها ، العنكبوت ـ آية 15 وما بعدها ) وهو رسولٌ من الله أنذر قومه كما تُنذر الرسُل ، ولم تُذكر لإسماعيل صِلةٌ به ، وإلى جانب هذا يُشار إلى أنّ الله لم يرسل من قبل إلى العرب نذيراً ( السجدة ـ آية 2 ، سبأ ـ آية 43، يس ـ آية 5 ) ، ولم يُذكر قط أنّ إبراهيم هو واضع البيت ، ولا أنّه أوّل المسلمين ، أمّا السوَر المدنية فالأمر فيها على غير ذلك، فإبراهيم يُدعى حنيفاً مسلماً ، وهو واضع ملّة إبراهيم ، رفع مع إسماعيل قواعد بيتها المحرّم ـ الكعبة ـ ( البقرة ـ آية 118 وما بعدها ، آل عمران ـ آية 60، 84... الخ ) ولمّا أخذت مكّة تشغل جلّ تفكير الرسول ، أصبح إبراهيم أيضاً المشيّد لبيت هذهِ المدينة المقدّس )(1) .

وفي مورد آخر وتحت مادّة ( إسرائيل ) [يذكر] ( سنوك ) تناقضاً آخر في نسبة يعقوب لإبراهيم ، فيقول : ( ويظهر أنّ محمّداً كان أوّل الأمر يعتبر يعقوب ابناً لإبراهيم فعندما زُفَّت البشرى لسارة يقول : {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71] . سنوك هجروينيه ، ص32 ) (2) .

وتحت مادّة ( صالح ) يقول ( بول Fr. Buhl ) : ( وممّا يستلفت النظر بالإضافة إلى ذلك أنّ قصّتَي صالح وهود ( انظر هذه المادّة ) تناقضان الدعوة المألوفة ، التي أتى بها محمّد في سوَر العهد المكّي ، من حيث إنّه قال إنّه لم يُرسل من قبله نبيٌّ إلى العرب ( سورة القصص ، الآية 46؛ سورة السجدة ، الآية 2 ؛ سورة سبأ ، الآية 43 ؛ سورة يس ، الآية 5)(3) .

وحول الناسخ والمنسوخ كانت عباراتهم صريحةً ومباشرة في [وجود] التناقض في آيات القرآن ، حيث يقول ( نولدكه Noldeke Sc. Hwally ) تحت مادّة ( أُصول ) : ( وكان هَمّ المفسّرين المتأخّرين التخلّص من المتناقضات العديدة الواردة في القرآن ، والتي تُصوّر لنا تدرّج محمّد في نبوّته ، إمّا بما عمدوا إليه من التوفيق فيما بينها ، وأمّا بالاعتراف بأنّ الآيات المتأخّرة تنسخ ما قبلها ، وذلك في الآيات التي يشتدُّ فيها التناقض بين تلك الآيات )(4) .

وجاء في موضع آخر تحت مادّة ( عقيدة محمّد في الله ) : ( وقد عرّف محمّد الله بأنّه الملك ، المنتقم الغيور ، مِن غير شك ويُعاقبهم في اليوم الآخر ، وبذا تحوّلت تلك الفكرة الغامضة عن الله إلى ذات لها خطر عظيم ، وينبغي لنا الآن أن نتبسّط في الكلام على هذه الذات كما تصوّرها محمّد ، ومن حسن التوفيق أنّ لوازم السجع حملته على وصف الله بعدّة صفات يتردّد ذكرها كثيراً في القرآن (سورة الأعراف ـ الآية 179، سورة بني إسرائيل ـ الآية 110، سورة طه ـ الآية 7، سورة الحشر ـ الآية 24) وتبيّن شغف محمّد بهذه الصفات وشدّة تمسّكه بها .

وكانت الفطرة السليمة هي التي دفعت المسلمين بعد محمّد إلى جمع هذه الصفات وتقديسها ، وهذه الصفات تعبّر عن حقيقة إله محمّد أحسن ممّا تعبّر عنها الصفات التي ذكرها علماء الكلام في القرون الوسطى ، وهي تعيننا كثيراً في فهم وتحديد عبارات محمّد ، المُبعثرة المتناقضة(5).

وفي موضع آخر يسوق ( كارادي فو B. Carrade Vaux ) دعوى تناقض القرآن بصياغة وجود تردّد فيه كما في المقطع التالي تحت مادّة ( جهنّم ) : ( الظاهر إنّ القرآن قد تردّد بعض التردّد في مسألة خلود العذاب في جهنّم ، فالآيات التي تشير إلى ذلك لا تتّفق تمام الاتّفاق ، ولعلّ هذا التردّد إنّما يرجع إلى أنّ النبيّ محمّداً لم يكن من الفلاسفة المتفكّرين ، فلم يستطع أنْ يعرض بوضوح المشكلة كمشكلةِ الخلود يدخل فيها مثل هذا التصوّر المجرّد )(6) .

كما تأتي دعوى التردّد على سبيل الملازمة بين القرآن والتغييرات التي تحصّل في توجّهات النبيّ محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، حيثُ يقول ( فنسنك ) تحت مادّة ( الخمر ) :

( ولم يكن تحريم الخمر في برنامج النبيّ مُنذ البداية ، بل نحن نجد في الآية 67 من سورة النحل مدحاً في الخمر ، بوصفها آيةً من آيات الله للناس وهذا نصّها : {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67] .

بيد أنّه قيل : إنّ عواقب السكر قد ظهرت على الصورة التي بيّنا ، فدفع ذلك النبيّ إلى أنْ يغيّر من اتّجاهه ، وأّول ما نزل من الوحي مبيّناً هذا الاتّجاه هو الآية 216(7) من سورة البقرة ونصّها :

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219] على إنّ هذه الآية لم تعد تحريماً ، ولم يغيّر الناس مِن عاداتهم وحدث أنْ اضطرب نظام الصلاة فنزلت آيةً أُخرى هي الآية 46(8) من سورة النساء : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} ومع ذلك فإنّ هذه الآية أيضاً لم تعد تحريماً مطلقاً للخمر حتّى نزلت الآية 92(9) من سورة المائدة فوضعت حدّاً للخمر : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] (10) .

[جواب الشبهة] : إنّ الدسّ والتشويه الذي يوحي بشبهةٍ أنّ في القرآن تناقضاً وفي بعض آياته تردّداً فيه مغالطةً فاضحة من جهةٍ وجهلٍ أو تجاهل بطبيعة القرآن الكريم من جهةٍ أُخرى ، وتوضيح ذلك بما يأتي :

1 ـ إن التطوّر المدّعى أو بتعبيرٍ أدق التدرّج الذي نجده في القرآن الكريم ، سواء في آيات الإرشاد العقلي للجانب العقائدي أم آيات الأحكام الخاصّة بالتشريع الإسلامي ، أم آيات الأخلاق والتربية لإعداد الفرد المؤمن والأُمّة المؤمنة ، إنّما هو أمرٌ طبيعي اقتضته طبيعة الحكمة في الطرح الرسالي الهادف إلى توفير وإعداد عوامل الدعوة والبناء للإنسان والمجتمع ، وليس كتاباً أكاديميّاً مدرسيّاً يصنّف موضوعاته بفصولٍ وأبواب تستوعب موضوعاتها مرّة واحدة ، وحتّى الكتب المدرسيّة تخضع لمنهج التدرّج في طرح الحقائق والمعلومات ، فتبدأ بالأوليّات والإجماليّات وتترقّى إلى الرتب الأعلى في العمق والتفصيل العلمي ، فهذه الشبهة المدّعاة مغالطةٌ فاضحة مردودة على أصحابها من رجال الاستشراق ، ومَنْ سار على نهجهم ورأيهم المتهافت .

2 ـ إنّ القرآن الكريم نزل نجوماً فهو إضافة لكونه كتاب تربية وإعداد للرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) والأمّة المؤمنة كما ذكرنا أعلاه ، هو أيضاً كتاب حركة وإرشاد وإحكام لقيادة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لدعوة الناس للإسلام ، فجاءت آياته بشكلٍ يرتبط بالزمان والمكان طبقاً للظروف والأحوال والمستجدّات ، التي تفرزها طبيعة حركة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في دعوته سَواء في الموضوع أم المنهج أم الأسلوب .

لهذا نجد أنّ لكلّ آية من آيات القرآن الكريم شأناً وسبباً للنزول له مدخليّة أساسيّة في تحديد ما تتضمّنه الآية ، من طبيعةٍ للموضوع ومنهجيّةٍ لعرضه وأُسلوبٍ لبيانه ، كما أنّ له دوراً أساسيّا في تأويل معاني الآيات ومداليلها ، فأصحاب الشبهة من المستشرقين وأربّائهم يتجاهلون هذه الحقيقة أو يجهلونها على أقلّ تقدير لو أحسنّا الظن بهم .

وهكذا نميّز بين المركوز لديهم عن الكتاب الأكاديمي المدرسي ، وبين القرآن الكريم باعتباره كتاب تربية ودعوة وحركة ارتبط بالزمان والمكان ، لدعوة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وحركته في المجتمع آنذاك .

3 ـ وعلى ضوء الحقيقتين الآنفتين ، فمن الطبيعي أنْ تجد قصص الأنبياء (عليهم السلام) والأُمم السالفة خاضعة لتلكما الحقيقتين ، فالأطوار التي أشار لها المستشرق (سبرنجر) وأمثاله في عرض ما يتعلّق بالنبيّ إبراهيم ( عليه السلام ) والنبيّ إسماعيل (عليه السلام) ومكّة المكرّمة مرتبط بتلكما الحقيقتين ، حيث يجمل تارة ويفصّل أُخرى ، ويعرض الحقائق مِن زاوية معينة مرّةً وبتفاصيلٍ جديدة مرّةً أُخرى ، وهكذا حسب مناسبات الموضوع وارتباطه بدعوة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وحركته التغييريّة في الأُمّة آنذاك .

فلا غرابة ولا تردّد ولا تناقض في آيات القرآن الكريم ، بل الغرابة كلّها فيما يخرصون .

4 ـ أمّا قول المستشرق ( سنوك ) تحت مادّة ( إسرائيل ) : ( ويظهر أنّ محمّداً كان أوّل الأمر يعتبر يعقوب ابناً لإبراهيم ، فعندما زُفّت البشرى لسارة يقول : {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } [هود: 71] (11) ، فمردّه إلى قصور هؤلاء المستشرقين عن فهم لغة القرآن العربيّة ، فعلى كلّ الأحوال اللغويّة في هذه الآية يكون التقدير هو : ( فبشرناها بإسحاق ويعقوب من وراء إسحاق ) .

وقد فهِم المفسّرون مِن مجيء هذه الجملة في هذا الموضع أنّها كانت لبيان أنّ إبراهيم سيبقى عقبه فهو سيولد له ويولد لولده أيضاً ، بدليل قوله تعالى : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } [النحل: 72].

وهكذا نجد أنّ هذه الآية توافق جميع الآيات التي تنقل لنا هذه الحقيقة ، كما يرِد على قولهم أنّ محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان أوّل الأمر يعتبر يعقوب ابناً لإبراهيم في الآيات المكيّة ، في حين أنّ الآيات المكيّة التي ذكرت هذا الأمر بما فيها الآية أعلاه ـ التي أوضحنا مدلولها ـ على خلاف ذلك المدّعى ، فالآية (6) من سورة يوسف المكيّة جاء في آخرها : {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [يوسف: 6] ، وهي بيان أنّ يعقوب ابن إسحاق وحفيد إبراهيم ، وأيضا في الآية (39) من سورة إبراهيم المكيّة ورد :

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ } [إبراهيم: 39] ولم يقل إسماعيل وإسحاق ويعقوب ، وفي مسألة البشرى لسارة ورد في الآية (28) من سورة الذاريات المكّيّة ذكر لولد واحد فقط :

{فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28] . فأين التردّد وأين التناقض في آيات القرآن الكريم ، فما لكم كيف تحكمون ؟ .

5 ـ وقول ( بول Fr. Buhl ) : ( إنّ قصّتي صالح وهود تناقضان الدعوة المألوفة التي أتى بها محمّد في سور العهد المكّي من حيث إنّه قال إنّه لم يرسل من قبله نبيّ إلى العرب...) إلى آخره ، فهي كسابقاتها تمحّل غريب ، وذلك لما يأتي :

أ ـ إن الآيات(12) التي استدلّ بها بول هذا ، هي : الآية (46) من سورة القصص التي جاء فيها: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} [القصص: 46] ، والآية (2) من سورة السجدة التي جاء فيها : {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} [السجدة: 3] ، والآية (43) من سورة سبأ والتي جاء فيها : {وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (} [سبأ: 44] ، والآية (5) من سورة يس التي جاء فيها : {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} [يس: 6] ، حيثُ إنّ الكاتب قد استدلّ بها على عدم إرسال الرسُل وبعث الأنبياء قبل الرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلى العرب ، وبهذا ادّعى اكتشاف تناقض بين هذه الآيات ، والآيات التي أوردَت قصّتَي صالح وهود ، وأنّهما نبيّان أُرسلا إلى عاد وثمود وهما من العرب .

وجواب ذلك واضح لمن يتأمّل في الآيات الأُولى ، حيث إنّها لم تقصد بالقوم ( العرب ) عمومهم مُنذ البدء والى عصر دعوة محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وإنّما كانت تقصد ذلك الجيل الذي يستوعب قوم العرب المعاصرين لنبوّة محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآباءهم القريبين ، وهذا هو الواقع حقّاً ، حيثُ انقطع الوحي الإلهي فترة من الزمن ، ولم يُرسل رسول لهم او يظهر نبيّ بينهم ، فلا تناقض بين الآيات الأولى والثانية .

ب ـ قول ( بول Fr. Buhl ) في دعواه هذه من أنّ عدم إرسال الرسل وبعث الأنبياء للعرب مألوف في سور العهد المكّي ، والواقع خلاف ذلك فهناك آياتٌ مكّيّة تصرّح ببعث الأنبياء وإرسال الرسل إلى العرب وكلّ الأقوام والأُمم ، منها قوله تعالى : {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24] ، ومنها الآيات المكّيّة التي تتحدّث عن قصّتَي النبيَّين صالح وهود ( عليهما السلام ) ، منها قوله تعالى : {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الأعراف: 73].

وقوله تعالى : { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61] ، وقوله تعالى : {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ} [هود: 50] ، وقوله تعالى : {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [الشعراء: 141 - 144] ، وقوله تعالى : {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ} [القمر: 23] ، وقوله تعالى : {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ } [الحاقة: 4] والمثير للاستغراب أنّ ( بول ) نفسه قال : ( وقد وردت قصّتا هذَين النبيَّين في أقدم السوَر المكّيّة ، مثل سورة النجم الآية (51) وما بعدها ، وسورة البروج الآية (17) وما بعدها، وسورة الفجر الآية (8) ، وسورة الشمس الآية (11) وما بعدها ، كما ترد كثيراً في السور التي تليها)(13) .

ثُمّ أليست هذه الآيات قيوداً صريحة تشير إلى إرسال الرسُل وبعث الأنبياء للعرب لتنفي بذلك العموم المدّعى وتخصّصه بما قلناه أوّلاً من أنّه ينحصر بالمعاصرين والآباء القريبين ؟ فمن الذي وقع في التناقض ؟ هل هو القرآن الكريم ؟ وقد أثبتنا بوضوح عدمه ، أم هو ( بول ) وأضرابه من المستشرقين من الذين تكلفوا العلم وتمحّلوا دعوى المعرفة وما هم إلاّ يجهلون ؟

6 ـ قول ( نولدكه N Ideke Sc. Hwally ) تحت مادّة ( أُصول ) : ( وكان هُمّ المفسّرين التخلّص من المتناقضات العديدة الواردة في القرآن ). وقوله أيضاً : ( والتي تُصوّر لنا تدرّج محمّد في نبوّته ) إلى آخر مقولته في دعوى تناقض آيات القرآن الكريم ، وفيه :

أ ـ إنّ ( نولدكه ) هذا ونظائره نتيجة قصورهم عن فهم كثير من مسائل علوم القرآن ، ومنها مسألة الناسخ والمنسوخ هي التي دفعتهم لادّعاء وجود تناقض في آيات القرآن الكريم ، دون تأمّلٍ ورجوعٍ إلى المتخصّصين في علم تفسير القرآن الكريم ، بل ذهبوا كثيراً في الافتراء والتهمة عند صياغتهم لهذا الادّعاء باتّهامهم المفسّرين المتأخّرين بأنّ همّهم كان التخلّص من المتناقضات العديدة الواردة في القرآن ، وكأن هذه التناقضات حقيقة واقعة واقعة لا مفرّ منها . وعليه فلابدّ لنا من إيضاح مختصر لحقيقة النسخ في القرآن الكريم .

النسخ في القرآن الكريم :

النسخ لغةً : النقل والإزالة والإبطال ، وأنسب المعاني اللغويّة التي تنسجم مع فكرة النسخ ، هي الإزالة لقول أهل اللغة : نسخ الشيب الشباب إذا أزاله وحلّ محلّه(14) ، ويدعم ذلك قوله تعالى : {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] ، وقوله تعالى : {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] ، وقوله تعالى : {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [النحل: 101].

والذي ينسجم مع المحوِ والتبديل الوارد في هذه الآيات الكريمة هو معنى الإزالة ، أمّا اصطلاحاً فقد عرّفه السيّد الخوئي ( قُدس سرّه ) بأنّه : ( رفع أمر ثابت في الشريعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه ، سَواء أكان ذلك الأمر المرتفع من الأحكام التكليفيّة ـ كالوجوب والحرمة ـ أم من الأحكام الوضعيّة كالصحّة والبطلان ، وسَواء أكان من المناصب الإلهيّة أم من غيرها من الأُمور التي ترجع إلى الله تعالى بما أنّه شارع )(15) ، وهذا التعريف يُخرِج من النسخ كلّ صور المخالفة في الظهور اللفظي بين الآيات سُواء أكانت على نحو العموم والخصوص من وجه أم العموم المطلق ، أم كانت إحداها مطلقة والأُخرى مقيّدة ، التي تقوم بدور تفسير بعضها البعض الآخر ، وقد كان المفسّرون المتقدّمون يدخلونها تحت عنوان النسخ مجازاً .

وبيان جواز النسخ عقلاً ووقوعه شرعاً ، هو أنّ العقلاء من المسلمين وغيرهم أثبتوا جواز النسخ عقلاً ووقوعه شرعاً ، وخالفهم في ذلك بعض اليهود والنصارى محاولةً منهم للطعن بإلهيّة الدين الإسلامي ، وتمسّكاً بدوام الديانتين اليهوديّة والمسيحيّة ، والشبهة التي يدّعيها المستشرق ( نولدكه ) وأمثاله ، تتأسّس على نفس الرؤية والشبهة التي طرحها ذلك البعض من اليهود والنصارى ، وجامع صياغتهم للشبهة هو قولهم :

إنّ التناقض في القرآن ثابت لعدم جواز النسخ عقلاً ، وعدم وقوعه شرعاً ، فعدم جوازه عقلاً قائم على أساس استلزامه أحد أمرين باطلين :

الأوّل البَداء المستلزم للجهل والنقص ، والثاني العبَث ؛ لأنّ النسخ إمّا أنْ يكون بسبب حكمةٍ ظهرت للناسخ بعد أنْ كانت خفيّة لديه ، أو أنْ يكون لغير مصلحةٍ وحكمة ، وكلا هذين الأمرين باطل بالنسبة إلى الله سبحانه ، ذلك أنّ تشريع الحكم من الحكيم فتقتضي تشريعه ، حيث إنّ تشريع الحكم بشكل جزافي يتنافى وحكمة الشارع .

وحينئذٍ فرفع هذا الحكم الثابت لموضوعه بسبب المصلحة ، إمّا أنْ يكون مع بقاء حاله على ما هو عليه من وجه المصلحة وعلم ناسخه بها ، وهذا ينافي حكمة الجاعل وهو العبَث نفسه ، وإمّا أنْ يكون من جهة جهله بواقع المصلحة والحكمة ، وانكشاف الخلاف لديه على ما هو الغالب في الأحكام والقوانين الوضعيّة ، وعلى كلا الفرضين يكون وقوع النسخ في الشريعة محالاً ؛ لأنّه يستلزم المحال ، إمّا الجهل أو العبَث وهما محالان على الله سبحانه لأنّهما نقصٌ ولا يتّصف بهما .

وفي الجواب عن هذه الشبهة لابد لنا من بيان مقدّمة وهي أنّ الحكم المجعول من قِبل الشارع ينقسم إلى قسمين :

الأول ـ الحكم المجعول الذي لا يكون وراءه بعث وزجر حقيقيّان ، كالأوامر والنواهي التي تُجعل ويُقصد بها الامتحان ودرجة الاستجابة . وهذا ما نسمّيه بالحكم الامتحاني .

الثاني ـ الحكم المجعول الذي يكون بداعٍ حقيقي من البعث والزجر حيثُ يُقصد منه تحقيق متعلّقه بحسب الخارج ، وهذا ما نسمّيه بالحكم الحقيقي . ونجد من السهل الالتزام بالنسخ في القسم الأوّل من الحكم ، إذ لا مانع من رفع هذا الحكم بعد إثباته ، بعد أنْ كانت الحكمة في نفس إتيانه ورفعه ؛ لأنّ دوره ينتهي بالامتحان نفسه ، فيرتفع حين ينتهي الامتحان ولحصول فائدته وغرضه .

والنسخ في هذا النوع من الحكم لا يلزم منه العبَث ولا ينشأ منه الجهل والنقص الذي يستحيل في حقّه تعالى .

وأمّا القسم الثاني من الحكم فإنّنا يُمكن أنْ نلتزم بالنسخ فيه ، دون أنْ يستلزم ذلك شيئاً من الجهل أو العبث ، حيث يُمكن أنْ نضيف فرضاً ثالثاً إلى الفرضين اللذين ذكرتهما الشبهة ، وهذا الفرض هو أنْ يكون النسخ لحكمةٍ كانت معلومة لله سبحانه من أوّل الأمر ولم تكن خافيةً عليه ، وإنْ كانت مجهولةً عند الناس غير معلومةٍ لديهم ، فلا يكون هناك بَداء بالمعنى الذي يستلزم الجهل والنقص ؛ لأنّه ليس في النسخ من جديد على الله لعلمه سبحانه بالحكمة مسبقاً .

كما أنّه لا يكون عبّثاً لوجود الحكمة في متعلّق الحكم الناسخ ، وزوالها في متعلّق الحكم المنسوخ ، وليس هناك ما يشكّل عقبةً في طريق تعقّل النسخ هذا ، إلاّ الوهم الذي يأبى تصوّر ارتباط مصلحة الحكم بزمانٍ معيّن بحيث تنتهي عنده ، وإلاّ الوهم الذي يرى في كتمان هذا الزمان المعيّن عن الناس جهلاً من الله بذلك الزمان .

وهذا الوهم يزول حين نلاحظ بعض النظائر الاجتماعيّة التي نرى فيها شيئاً اعتياديّاً ليس فيه من المحال أثر ولا من العبث والجهل .

فالطبيب حين يُعالج مريضاً ويرى أنّ مرحلة من مراحل المرض التي يجتازها المريض يصلح لها دواء معيّن ، فيصف له هذا الدواء لمدّة معيّنة ، ثمّ يستبدله بدواءٍ آخر يصلح لمرحلةٍ أُخرى لا يُوصف عمله بالعبث والجهل ، مع أنّه قام بوضع أحكام معيّنة لهذا المريض في زمانٍ محدود ، ثمّ رفعها عنه بعد مدّة من الزمن .

وحين وضع الحكم كانت هناك مصلحةٌ تقتضيه ، كما أنّه حين رفع الحكم كانت هناك مصلحةٌ تقتضي هذا الرفع ، وهو في كلّ من الحالين كان يعلم المدّة التي يستمرّ بها الحكم والحكمة التي تقتضي رفعه ، ونظير هذا يُمكن أنْ نتصوّره في النسخ ، فإنّ الله سبحانه حين وضع الحكم المنسوخ وضعه من أجل مصلحةٍ تقتضيه ، وهو سبحانه يعلم الزمان الذي سوف ينتهي فيه الحكم ، وتتحقّق المصلحة التي من أجلها شُرِّع ، كما أنّه حين يستبدل الحكم المنسوخ بالحكم الناسخ يستبدله من أجل مصلحةٍ معيّنةٍ تقتضيه .

فكلٌّ مِن وضْع الحكم ورفْعه كان من أجل حكمةٍ هي معلومةٌ عند جعل الحكم المنسوخ ، فليس هناك جهلٌ ، كما أنّه ليس هناك عبَث لتوفّر عنصر العلم والحكمة في الجعل والرفع .

نعم هناك جهل الناس بواقع جعل الحكم المنسوخ ، حيثُ كان يبدو استمرار الكم نتيجةً للإطلاق في البيان الذي وضع الحكم فيه ، ولكن النسخ إنّما يكون كشفاً عن هذا الواقع الذي كان معلوماً لله سبحانه من أوّل الأمر ، أمّا وقوع النسخ شرعاً فإنّه يتحقّق في موارد عديدة سَواء في الشريعة الموسويّة أو الشريعة المسيحيّة أو الشريعة الإسلاميّة ، فقد جاءت نصوص في التوراة والإنجيل وفي الشريعة الإسلاميّة تتضمّن النسخ ، ورفع ما هو ثابت في نفس الشريعة أو في غيرها من الشرائع السابقة ، منها :

1 ـ تحريم اليهود العمل الدنيوي يوم السبت ، مع الاعتراف بأنّ هذا الحكم لم يكن ثابتاً في الشرائع السابقة ، وإنّما كان يجوز العمل في يوم السبت كغيره من أيّام الأُسبوع(16) .

2 ـ أمر الله سبحانه بني إسرائيل قتل أنفسم بعد عبادتهم العجل ، ثمّ رفعه لهذا الحكم عنهم بعد ذلك(17) .

3 ـ الأمر ببدء الخدمة في خيمة الاجتماع في سنّ الثلاثين ، ثمّ رفع هذا الحكم وإبداله بسنّ خمسٍ وعشرين سنة ، ثمّ رفعه بعد ذلك وإبداله بسنِّ العشرين(18) .

4 ـ النهي عن الحلف بالله في الشريعة المسيحيّة مع ثبوته في الشريعة الموسويّة ، والإلزام بما التزم به في النذر أو اليمين(19) .

5 ـ الأمر بالقصاص في الشريعة الموسويّة(20) ، ثمّ نسخ هذا الحكم في الشريعة المسيحيّة ونهي عن القصاص(21) .

6 ـ تحليل الطلاق في الشريعة الموسوية(22) ، ونسخ هذا الحكم في الشريعة المسيحيّة(23) .

أما النسخ في الشريعة الإسلاميّة فهو أمر ثابت لا يكاد يشكّ فيه أحد من علماء المسلمين ، سَواء في ذلك ما كان نسخاً لأحكام الشرائع السابقة أم ما كان نسخاً لبعض أحكام الشريعة الإسلاميّة نفسها .

ومن هذا النسخ ما صرّح به القرآن الكريم كنسخه حكم التوجّه في الصلاة إلى القبلة الأولى ( المسجد الأقصى ) ، القبلة الثانية في الشريعة الموسويّة ، وأمره بالتوجّه شطر المسجد الحرام(24) .

ب ـ إنّ قول ( نولدكه ) ، في تفسير المتناقضات التي يدّعي ورودها في القرآن ، من أنّها تصوّر لنا تدرّج محمّد في نبوّته ، تشويه فاضح يفتقر إلى المنطق السليم والموضوعيّة العلميّة ويكشف عن روح التحامل ، إذ إنّه لا يستفرغ الوسع في البحث العلمي عن الحقائق ، إنماّ يطويه سريعاً لينتقل إلى ما يحكيه إليه ميلهُ من تفسير وتعليل ، فيغمز في نبوّة محمّد ابتداءً ويصوّرها على أنّها كانت متدرّجة ، بدليل أنّ الآيات القرآنيّة بدأت متناقضة ؛ لأنّ نبوّة محمّد بدواً لم تتحقّق .

وهكذا يترك قارئه في دوّامة الشك والتردّد . وقد أوضحنا في الفقرة السابقة ما هو ثابتٌ من حقيقة النسخ في القرآن الكريم ، كما هو في الشرائع السماويّة السابقة ، وما هي المصلحة فيه ، فلا متناقضات في القرآن ، وبالتالي تبطل شبهة ( نولدكه ) واحتمالاته في تدرّج نبوّة محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

7 ـ قولهم تحت مادّة ( عقيدة محمّد في الله ) ، بعد كلامٍ لهم في تعريف محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لصفات الله سبحانه: (... وهي تعيننا [الصفات] كثيراً في فهم وتحديد عبارات محمّد المُبعثرة المتناقضة ) ، هي صورةٌ جديدة من صور دعوى التناقض في القرآن الكريم ، غير تلك التي تناولْنا الجواب عنها في مسألة النسخ في القرآن ، وفي الردّ عليهم نقول :

أ ـ إنّكم لم تبيّنوا لنا موارد التناقض في صفات الله الواردة في القرآن الكريم ، فدعواكم هذه مجملةٌ وغامضة لا وضوح فيها .

ب ـ إذا كان قصدكم من التناقض هو ما بين الصفات الكماليّة المتقابلة معنىً لله سبحانه ، كالغفور الرحيم والمنتقم شديد العقاب، فجوابه ، إنكم أولاً : يجب أنْ تحيطوا بحقيقة عقيدة التوحيد والعدل الإلهي ، التي أرشد إليها القرآن الكريم في آيات الإرشاد العقائدي ، والتي تعتبر صفات الله الكماليّة عين ذاته لا شيئاً خارجاً عنها ، موصوفاً سبحانه وتعالى بها {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ } [الأنعام: 100] ، فيها تتجلّى معرفة الكمال المطلق الذي يسعى الإنسان للتكامل في طريقه المستقيم .

وثانياً : إنّ هذه الصفات المتقابلة ليست متناقضة ؛ لأنّها تختلف باختلاف متعلّقها ، فالله سبحانه وتعالى غفورٌ رحيمٌ لمن اقتضى لطفه وحكمته رحمته والمغفرة له ، وهو منتقمٌ شديدُ العقاب لمن اقتضى عدله وحكمته الانتقام منه وتشديد العقاب عليه ، وهكذا شأن الصفات الكماليّة الأُخرى ، فلا تناقض فيها ولا غموض {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180 - 182] .

8 ـ قول ( كارادي فو B. Carrad Vaux ) تحت مادّة ( جهنّم ) : ( الظاهر أنّ القرآن قد تردّد بعض التردّد في مسألة خلود العذاب في جهنّم ، فالآيات التي تشير إلى ذلك لا تتّفق تمام الاتّفاق ، ولعلّ هذا التردّد إنّما يرجع إلى أنّ النبيّ محمّداً لم يكن من الفلاسفة المتفكّرين... الخ ) فيه ما يلي :

أ ـ إنّ المقطع الأوّل الذي يشير إلى دعوى تردّد بعض آيات القرآن الكريم ، في مسألة خلود العذاب في جهنّم جاء ناقصاً لا يتضمّن دليلاً أو مثالاً على التردّد المدّعى ، فهو جزافي لا قيمة علميّة له .

ب ـ إنّ العذاب الإلهي في الآخرة له درجات تتناسب ومستوى الجريمة التي ارتكبها الإنسان في الدنيا ، فهي تتدرّج من المعاصي والمفاسد على اختلاف خطرها وعظمها ، إلى الشرك والكفر والطغيان جحوداً بالله وإنكاراً لإلوهيّته والاستكبار والعلو في الأرض دونه سبحانه وتعالى .

ولهذا جاءت آيات القرآن الكريم لتؤكّد الخلود والشدّة في العذاب ، لدرجات القسم الثاني ودون ذلك في القسم الأوّل ، وهنا يأتي دور تفسير بعض الآيات للبعض الآخر تحصيصاً لعمومها وتقييداً لإطلاقها ، إنْ كان هناك مخصّص أو مقيِّد لموردها ، فيمتاز بعضها بالقول بالخلود في العذاب ، وبعضها الآخر بما دون ذلك ، فلا تردّد ولا تناقض عند أُولي الألباب .

ج ـ إنّ تعليل ( كارادي فو ) دعواه بتردّد القرآن في مسألة خلود العذاب في جهنّم ، بأنّه يرجع إلى أنّ النبيّ محمّداً لم يكن من الفلاسفة المتفكّرين ، فيه : أوّلاً : غمزٌ بنبوّة محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وهذا ما أجلنا الحديث فيه إلى فصل مستقل إنْ شاء الله .

وثانياً : لما قلنا سابقاً من أنّ القرآن الكريم ليس كتاباً مدرسيّاً ، ولا مؤلّفاً أكاديميّاً يعرض المسائل بطريقة تحليليّة متسلسلة ، وبلغةٍ مدرسيّة ومنهجٍ أكاديمي مقرّر ، إنّما هو كتاب دعوة وتربية للإنسان والأُمّة ، وإرشاد وقيادة لحركة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) الميدانيّة عند بعثته وطيلة حياته الرساليّة ، وفهم القرآن واستنباط الحقائق والأحكام والتعليمات منه ، يحتاج إلى الإحاطة بجملة مقدّمات وقواعد تسمّى بعلم تفسير القرآن الكريم ، الذي يتناول علوماً فرعيّةً متعدّدة تحقّق القدرة على التفسير والتأويل للقرآن ، منها علوم اللغة وعلوم القرآن ، وعلم الحديث ، وأمثال ذلك .

وإنّما اضطررنا لهذه العلوم لابتعادنا عن زمن التنزيل ، حيث إنّ وجود الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) ، كان يُغني المسلمين آنذاك عن الإحاطة التفصيليّة بهذه العلوم ؛ فقد كان الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأهل بيته (عليهم السلام) تراجمة القرآن وعلماء حقائقه ودقائقه ، ثمّ إنّ بلاغة القرآن وبيانه كانت واضحةً لدى المسلمين في عصر الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، لتذوّقهم الفطري لها ، كما أنّ معاصرتهم للحوادث والوقائع التي تشكّل شأن وأسباب النزول ، كانت تغنيهم عن البحث والاستقصاء عنها لمعرفة مدلول الآيات النازلة بشأنها ، وهذا أمرٌ يدركه العقلاء ويلتزمون بلوازمه ، فيبطل التعليل كما تبطل الدعوى .

9 ـ قول ( فنسنك ) تحت مادّة ( الخمر ) : ( ولم يكن تحريم الخمر في برنامج النبيّ منذ البداية، بل نحن نجد في الآية (67) من سورة النحل مدحاً في الخمر بوصفها آيةً مِن آيات الله للناس...، بيد أنّ عواقب السكْر قد ظهرت على الصورة التي بيّنا ، فدفع ذلك النبيّ إلى أنْ يغيّر من اتجاهه) ، فيه ما يلي :

أ ـ غمزٌ بنبوّة محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وبصدق الوحي الإلهي له ، وإلاّ فليس القرآن الكريم كلام النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ليبرمجه حسب رأيه ، إنّما هو كلامٌ الله أنزله نجوماً على رسوله محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، بواسطة الوحي حسب مقتضيات الحكمة الإلهيّة ومناسبات حركة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ودعوته للإسلام .

فبرنامج التحريم للخمر ـ حسب قول ( فنسنك ) ـ ليس إلاّ تدرّجاً في طريقة ومستوى البيان للحكم الشرعي ، مِن تقبيح وتحريم له مرّةً ، وبيان لاشتماله على الإثم ـ وهو محرّم ـ أُخرى ، والزجر عن تناوله لحرمته ثالثة...، ولا تعارض بين الآيات التي تناولت الخمر ، فكلّها تحرّمه بصيَغٍ بيانيّةٍ متنوّعة اقتضتها تلك الحكمة الإلهيّة والمناسبات الواقعيّة ، شأنها في ذلك شأن كثير من الظواهر الاجتماعيّة الفاسدة ، التي تستلزم تدرّجاً زمنيّاً في طريقة ومستوى بيان الموقف الشرعي الكامل منها ، وبالشكل الذي يتناسب وقابليّة التلقّي الذهني والنفسي لمجتمع الدعوة والرسالة لهذا التشريع أو ذاك ، ليتحقّق الهدف الإلهي في إدراك الناس له وتحصيل الاستعداد للتسليم به ، وهذه سنّة الله في رسالاته وشرائعه للأمم السالفة ( كاليهوديّة والنصرانيّة ) والتي ألمحنا لأمثلتها في بحث النسخ في القرآن الكريم في الفقرات السابقة من هذا البحث(25) .

ب ـ أمّا قوله : ( إنّ في الآية 67 من سورة النحل مدحاً في الخمر بوصفها آيةً من آيات الله للناس...) فليس كذلك ، ولعلّ السبب في سوء الفهم هذا ، هو روح التحامل على الإسلام من جهة ـ خصوصاً عند ( فنسنك ) المعروف بذلك ـ وعدم الإحاطة باللغة العربيّة من جهة أُخرى ، فالآية الكريمة مكيّة وهي تخاطب المشركين وتجيبهم في سياق الظواهر الطبيعيّة التي يعايشونها في حياتهم الاعتياديّة ، عن سؤالهم المقدّر وهو :

ما هي ثمرات إنزال الماء من السماء ؟ فكون اتّخاذ المشركين السُكْر من ثمرات النخيل والأعناب لا يعني تحسينه لهم ، خصوصاً وأنّ الآية الكريمة تنسب السُكْر إليهم وأنّه من صنعهم ، وليس هو إلاّ إشارة إلى ثمرةٍ طبيعيّةٍ مألوفة لديهم ، بل هناك قرينة واضحة في الآية تدلّ على نوع من تقبيح السُكْر من جهة مقابلته بالرزق الحسن ، فلو كان السُكْر حسناً لما ميّزَته الآية الكريمة عن الرزق الحسن .

ــــــــــــــــــــــ

(1) دائرة المعارف الإسلاميّة 1 : 27 .

(2) المصدر السابق 2 : 111 ـ 112 .

(3) المصدر السابق 14 : 107 .

(4) المصدر السابق 2 : 273 .

(5) المصدر السابق 2 : 561 .

(6) المصدر السابق 7 : 198 .

(7) في المصحف المتداول بين المسلمين الرقم الصحيح للآية المباركة 219.

(8) في المصحف المتداول بين المسلمين الرقم الصحيح للآية المباركة 43.

(9) في المصحف المتداول بين المسلمين الرقم الصحيح للآية المباركة 90.

(10) دائرة المعارف الإسلاميّة 8: 451.

(11) المصدر 2 : 111 ـ 112 .

(12) بعض أرقام الآيات التي جاءت في دائرة المعارف الإسلامية فيها اختلاف بمقدار رقم واحد ـ ناقص ـ عمّا هو في ترقيم الآيات المعروف في القرآن الكريم ، وما كان خلاف ذلك نشير إليه ، فالمفروض ملاحظة ذلك ؛ لأنّنا ننقل النص كما هو في الأصل .

(13) دائرة المعارف الإسلاميّة 14 : 107.

(14) لسان العرب 4 : 28ط بولاق .

(15) البيان : 277 ـ 278 .

(16) انظر سِفر الخروج 16/ 25 ـ 26 و20/ 8 ـ 12 و23/ 12 و13/ 16 ـ 17 و35/ 1 ـ 3 وسِفر اللاويين 23/ 1 ـ 3 وسِفر التثنية 5/ 12 ـ 15.

(17) سِفر الخروج 32/ 21 ـ 29.

(18) سفر العدد 4/ 2 ـ 3 و8/ 23 ـ 24. وسِفر أخبار الأيّام الأوّل 23/ 24 و32.

(19) سِفر العدد 30/2. إنجيل متّى 5/ 33 ـ 34.

(20) سِفر الخروج 21/ 23 ـ 25.

(21) إنجيل متّى 5/ 138.

(22) سِفر التثنية 14/ 1 ـ 3.

(23) إنجيل متّى 5/ 31 ـ 32، وإنجيل مرقس 10/ 11 ـ 12.

(24) لمزيد من التفصيل : راجع علوم القرآن للسيّد محمّد باقر الحكيم ، والتمهيد في علوم القرآن للشيخ محمّد هادي معرفة .

(25) هناك مَنْ يرى أنّ في الآيات التي تناولت الخمر ناسخاً ومنسوخاً ، وعلى هذا الرأي يأتي كلامنا السابق في النسخ في القرآن الكريم وتنتفي بذلك دعوى فنسنك . راجع الطباطبائي ـ تفسير الميزان 12: 309 ـ 310، 2: 201 ـ 205.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.