أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-2-2018
1444
التاريخ: 1-07-2015
1485
التاريخ: 1-07-2015
1907
التاريخ: 1-07-2015
1744
|
من الغلو في النبي (صلى الله عليه واله) قول عمر بن الخطاب في موت النبي (صلى الله عليه واله) من قال أن محمداً مات قتلته بسيفي هذا ، وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى (عليه السلام) (1).
لما توفي الرسول (صلى الله عليه واله) قالت عائشة : فاستأذن عمر والمغيرة بن شعبة ودخلا عليه فكشفا الثوب عن وجهه ، قال عمر : واغشيتاه ، ما أشد غشي رسول الله صلى الله عليه واله. ثم قاما. فلما انتهيا إلى الباب ، قال المغيرة : يا عمر مات والله رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال عمر : كذبت ما مات رسول الله ولكنك رجل تحوسك فتنة ولن يموت رسول الله حتى يفنى المنافقين (2).
بل وأكثر من هذا ، حيث أخذ عمر يهدّد بالقتل من قال رسول الله قد مات. قال الطبري حدّثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله (صلى الله عليه واله) قام عمر بي الخطاب فقال إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي وأن رسول الله والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع بعد أن قيل قد مات والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أن رسول الله مات (3) ...
وفي سيرة زيني دحلان قال عمر ( من قال أن محمداً قد مات ضربته بسيفي ) (4) وهكذا تجد الكثير من كتب التاريخ والسيرة نقلت هذا النص أو ما يشابهه كتاريخ الذهبي 1/ 317 ، والبداية والنهاية لابن كثير 5/ 242 ، وتاريخ أبي الفداء 1/ 164 ، وأنساب الأشراف 1/ 565 ، وتاريخ الخميس 2/ 185 ، ومسند أحمد 6/ 219 ، ونهاية الأرب 18/ 385.
وقد وصل الغلو بعمر بن الخطاب أنه لم يذعن لابن أم مكتوم ـ عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم ـ لما قرأ عليه الآية الشريفة {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] (5) ولما وجد العباس بن عبد المطلب إصرار عمر بن الخطاب وتهديده للناس إن قالوا بموت النبي ، خرج على الناس فقال : هل عندكم عهد من رسول الله (صلى الله عليه واله) في وفاته فليحدثنا؟ قالوا لا.
قال : هل عندك يا عمر من علم؟ قال : لا.
فقال العباس : اشهدوا أيها الناس أن أحداً لا يشهد على رسول الله بعهد عهد إليه في وفاته والله الذي لا إله إلا هو لقد ذاق رسول الله الموت (6).
مع هذا لم ينته عمر ...!
فقال العباس : إن رسول الله يأسن كما يأسن البشر وإن رسول الله قد مات فادفنوا صاحبكم ، أيميت أحدكم إماته ويميته إماتتين؟! هو أكرم على الله من ذاك فإن كان تقولون فليس على الله بعزيز أن يبحث عنه التراب فيخرجه إن شاء الله ، ما مات حتى ترك السبيل نهجاً واضحاً (7) ...
فهل ينتهي عمر بن الخطاب وينصاع لتلك الأدلة المفحمة ، والكلمات المعقولة؟!! كلا ، فما زال عمر يتكلم حتى أزبد شدقاه (8).
إذن متى هدأت فورة عمر وسكن غلوائه وتراجع عن مقولته؟
عندما جاء شريكه في الأمر وصاحبه!
فأقبل أبو بكر فوجد عمر بن الخطاب قائماً يوعد الناس ويقول إن رسول الله حي لم يمت وإنه خارج إلى من أرجف به وقاطع أيديهم وضارب أعناقهم وصالبهم.
جلس عمر حين رأى أبا بكر مقبلاً (9) فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثم قال من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات. ثم قرأ : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم (10) ...
فقال عمر : هذا في كتاب الله ...؟!
قال نعم.
فقال عندها عمر بن الخطاب :
والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلوها فعرقت حتى وقعت على الأرض ما تحملني رجلاي وعرفت أن رسول الله قد مات (11).
ماذا تفسر قول عمر وموقفه من موت النبي (صلى الله عليه واله) لمّا قال له المغيرة بن شعبة يا عمر مات والله رسول الله ...؟
فلم ينته ابن الخطاب.
ولمّا قرأ عليه عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم الآية : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ...
فلم ينته أبا حفص ...
ولّما قال العباس بن عبد المطلب : إن رسول الله قد مات ولمّا خرج على الناس وسألهم هل عند أحدكم عهد من رسول الله (صلى الله عليه واله) في وفاته ...
فلم ينته عمر الفاروق ...
فهل المغيرة بن شعبة وعمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم والعباس بن عبد المطلب والأنصار والمهاجرون وجميع صحابة رسول الله يكذبون على عمر الفاروق؟! إذن فعلام يعلو سيفه رؤوس المسلمين القائلين بموت النبي (صلى الله عليه واله) ، أم هل يصح قول البعض بأن عمر خبل في ذلك اليوم (12)؟!
أم هوي سياسي كان يضمره ، وإن صاحبه هو بطل الموقف الذي سيحقق لهم المآرب التي عقدها قبل هذا اليوم؟!
ام كان علو من عمر في حق نبيه ...؟!
في الوقت الذي اطبقت المصادر ـ جميعاً ـ التاريخية والرجالية وكتب السير أن التشكيك في موت الرسول يوم وفاته إنما هومن مختصات عمر بن الخطاب وقد انفرد به دون بقية المسلمين بإجماع المؤرخين!!.
أقول : لا يمكن تفسير موقف عمر بن الخطاب من موت النبي (صلى الله عليه واله) إلا بأحد الاحتمالين :
الاحتمال الأول : أن نعتبر هكذا موقف نابعاً من سذاجة الخليفة عمر الفاروق ، وقصر إدراكه مما بعثة إلى الدهشة والتحيّر ...
والاحتمال الثاني : أن نجزم بتنفيذ المؤامرة التي حيكت خيوطها في زمن النبي (صلى الله عليه واله) ، وأحكم نسجها يوم وفاته. والذين أقدموا على تنفيذ هذه المؤامرة ، فيقيناً أن الإسلام لم يتغلغل في صدروهم.
اما مفاد تلك المؤامرة ، هو اقصاء الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) عن الخلافة مهما بلغ الثمن.
ولو دققنا النظر في الاحتمالين لوجدنا أن الأول منه لا يمكن الأخذ به لما عرف عن الخليفة من حنكة ودهاء ، وإن كتب التراجم والسيرة تنصّ على ذلك.
قال الذهبي في تذكرة الحافظ في ترجمة عمر بن الخطاب : أبو حفص العدوي الفاروق وزير رسول الله (صلى الله عليه واله) ومن أيد الله به الإسلام وفتح به الأمصار وهو الصادق المحدث الملهم الذي جاء عن المصطفى (صلى الله عليه واله) أنه قال : لو كان بعدي نبي لكان عمر الذي فر منه الشيطان وأعلن به الإيمان وأعلى الأذان (13).
أما الاحتمال الثاني ، فالحقيقة تكمن فيه ، إذ نجد خيوط المؤامرة تنكشف للباحث بصورة جلية لا غبار عليها يوم احتضار الرسول صلى الله عليه واله .
قال ابن سعد بسنده عن ابي عباس عن عكرمة ، قال : إن النبي قال في مرضه الذي مات فيه : آتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً. فقال عمر بن الخطاب : من لفلانة وفلانة (14) إن رسول الله ليس بميت حتى يفتحها ولو مات لانتظرناه كما انتظرت بنو إسرائيل موسى ، فقالت زينب زوج النبي : ألا تسمعون النبي (صلى الله عليه واله) يعهد إليكم؟! فلغطوا فقال (صلى الله عليه واله): قوموا فلما قاموا قبض النبي مكانة (15).
أقول : لا تعجب من ذلك ، ولا تعجب مما تقدم من قول الذهبي إذ على مذهبه أن يكون الوحي قد نزل على عمر بن الخطاب دون النبي محمد (صلى الله عليه واله) ، لأن عمر في تصور الذهبي وأقرانه أحق بالنبوة من محمد (صلى الله عليه واله) أو هو بمنزلة محمد دون سائر البشر!!.
وإلا فما معنى مشاكسة عمر للرسول (صلى الله عليه واله) ورد طلبه ، ومنعه الصحابة من إتباعهم بالقرطاس والدواة؟! حتى قال أبو حفص أن النبي غلبه الوجع وعندكم كتاب الله فحسبنا كتاب الله (16).
فهل كان عمر بن الخطاب أحرص من الرسول في تقدير مصلحة الإسلام والمسلمين ... أم ماذا؟ وهل عمر الفاروق أصدق من النبي فيما يخبره (صلى الله عليه واله) عن حاله وما نزل به من الموت الذي لا بدّ منه...؟! أليس قوله ذاك تكذيباً للرسول والقرآن ...؟!
والرسول يقول لهم أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً ...
نحن لا نريد أن نناقش هذا الأمر الذي أوقع الأمة في الغط وضجيج ، حتى أزعجوا تبيهم وساءه الذي صدر منهم فأمرهم أن يقوموا من عنده وهو القائل لهم لا ينبغي عندي التنازع.
بل نريد أن نبين خيوط المؤامرة كيف بدأت ، وكيف بدأ الغلو يمهّد لنفسه حتى اتسعت رقعته بين صنوف السذج من الناس من جانب ، وبين أهل البدع والأطماع والأهواء السياسية من جانب آخر.
نعم لقد صدق ابن أبي الحديد لمّا قال :
إن عمر لما علم أن رسول الله قد مات خاف من وقوع فتنة في الإمامة وتغلب أقوام عليها ، إما من الأنصار أو غيرهم وخاف أيضاً من حدوث ردّة ورجوع عن الإسلام ... ثم قال فاقتضت المصلحة عنده تسكين الناس بأن اظهر ما أظهر من كون الرسول (صلى الله عليه واله) لم يمت ، وأوقع تلك الشبهة في قلوبهم ... حراسة للدين والدولة أن جاء أبو بكر وكان غائباً بالسنح (17) ...
______________
(1) الملل والنحل 1 | 29.
(2) طبقات ابي سعد ح2 ق2 | 54.
(3) الطبري 2 | 442 وتاريخ اليعقوبي 2 | 114.
(4) السيرة 3 | 390.
(5) أنظر تاريخ ابن كثير 5 | 243 وطبقات ابن سعد ح2 ق2 | 57 وكنز العمال 4 | 53 الحديث 1092.
(6) تاريخ ابن كثير 5 | 243 وطبقات ابن سعد.
(7) كنز العمال 4 | 53 الحديث 1090 ونهاية الارب 18 | 286 وتاريخ الخميس 2 | 185 ، سنن الدارمي 1 | 39.
(8) طبقات ابن سعد ح2 ق 2 | 53 وتاريخ الخميس 2 | 185.
(9) كنز العمال 4 | 53 حديث 1092.
(10) طبقات ابن سعد ح2 ق2 | 54.
(11) تاريخ الطبري 2 | 442 وابن الأثير 2 | 219 ، سيرة ابن هشام 4 | 656.
(12) السيرة الحلبية 3 | 392.
(13) تذكرة الحفاظ 1 | 5 ط 1 ، دار الفكر بيروت.
(14) اراد بهما حصن الروم.
(15) طبقات ابن سعد 2 | 244 ط بيروت.
(16) أخرجه البخاري في باب كتابه العلم 1 | 220 .
(17) شرح النهج لابن أبي الحديد 1 | 129 ط دار أحياء التراث ، بيروت.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|