أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-12-2018
3794
التاريخ: 17-11-2016
509
التاريخ: 27-5-2017
872
التاريخ: 7-12-2018
1783
|
حركة ابن الأشعث
تعتبر حركة ابن الأشعث، إحدى أهم الحركات التي قام بها أهل العراق ضد الحكم الأموي، بفعل أنها هزت أسس هذا الحكم وكادت أن تفوضه، ولم يكن نشوبها على أساس مذهبي كما هو الحال في حركات الخوارج والشيعة.
والحقيقة أن عبد الرحمن بن الأشعث زعيم قبيلة كندة، وأحد زعماء الكوفة، استغل العداء العميق المتجذر والحقد الدفين الذي يكنه أهل العراق للدولة والأموية، وأشعل هذه الحرب التي كانت إحدى أخطر الحركات التي واجهها عبد الملك بن مروان.
كان الحجاج، بعد القضاء على حركات الخوارج في العراق في عام (78ه/ 697م)، يعمل على تحجيم المعارضة السياسية، وتشتيت جهودها وبعثرة عناصرها، تفادياً لأي فشل في مهمته الصعبة. ولعل اهتمامه بالفتوحات الخارجية إلى ما وراء سجتسان، والتعبئة العسكرية الواسعة التي بادر إليها مباشرة بعد تصفية الخوارج، هي نتيجة لهذه السياسة.
وكان رتبيل ملك كابل قد هزم جيشا إسلاميا في عام (79ه/ 698م) بقيادة عبيد الله بن أبي بكرة، فأحدثت هذه الكارثة وقعاً أليما في نفس الخليفة الذي كلف وإليه على العراق، بإرسال جيش لتأديبه.
وفعلا أعد الحجاج جيشا ضخما، بالغ في تجهيزه، وعهد بقيادته إلى عبد الرحمن بن الأشعث الذي لم تكن علاقته به جيدة، وقد عينه حاكما على سجستان، وأمره بإخضاع رتبيل.
تقدم عبد الرحمن بهذا الجيش في عام (80ه/ 699م) باتجاه سجستان، وهاجم معاقل رتبيل الذي انسحب من أمامه، إلا أنه لم يتمكن من إخضاعه، نظراً لطبيعة المنطقة الجبلية الوعرة، ثم وجد القائد الأموي نفسه واقعاً في مأزق الاختيار بين الاستمرار في التقدم وراء فلول الترك، أو التوقف والاكتفاء بانتصاراته الجزئية المحددة حتى يتاح للجند التأقلم مع طبيعة البلاد الجبلية، وانتهى إلى أقرار بتجميد العمليات العسكرية لمدة سنة والتراجع إلى بست إحدى مدن سجستان، وكتب إلى الحجاج بهذا القرار.
لكن الحجاج، بدافع من خلفيات سياسية ضيقة، رفض اقتراح قائده، وجدد له الأمر بالزحف وراء القوات التركية، وهدده بالعزل إذا خالف ذلك. شعر ابن الأشعث بالإهانة في مخاطبة الحجاج له بهذا الأسلوب، كما أثار أتباعه الذين رأوا في هذه السياسة مؤامرة أخرى ضدهم للحؤول دون عودتهم إلى العراق خاصة أنهم يشكلون شريحة اجتماعية كبرى، من الرأي العام المعارض. فكان الموقف في بست أقرب إلى التشنج. واستقر الرأي أخيراً على خلع الحجاج. فبايعوا ابن الأشعث وزحفوا باتجاه العراق.
ويبدو أن ابن الأشعث ضرب على الوتر الديني لإثارة الحماس في أتباعه ضد الحجاج، متهما إياه بأنه غير متدين، مما أثار حفيظتهم بدليل أنهم بايعوه على "خلع أئمة الضلالة وجهاد الملحدين".
وهكذا بدأت هذه الانتفاضة وكأنها نتيجة خلاف ديني مع أن دوافعها الحقيقية تتلخص بما يلي:
- سياسية بفعل تحجيم المعارضة العراقية.
- شخصية بفعل اختلاف الرؤية في الأمور بين الرجلين.
- اجتماعية بفعل عدم المساواة بالعطاء بين أهل الشام وأهل العراق، وبين العرب والموالي، بالرغم من أن هؤلاء لم يشكلوا فيها قوة ضاغطة خاصة على المستوى القيادي.
وعقد ابن الأشعث، قبل تحركه باتجاه العراق، هدنة مع رتبيل ليكون أكثر حرية في التصرف، وليؤمن خط الرجعة له. وتضمن الاتفاق بين الرجلين أنه إذا انتصر على الحجاج فسيمنح رتبيل إعفاء من دفع الجزية طالما بقى في السلطة، أما إذا حدث العكس فإن رتبيل سيؤمن لهم لجأ لديه.
ولما بلغ الحجاج خبر خروج ابن الأشعث، انزعج انزعاجا شديداً، وراح يترصد زحفه على مضض، خاصة وأنه يعاني من قلة التجهيزات. لذات طلب مدداً من دمشق على وجه السرعة، ثم تلقي أولى هزائمه في تستر في إقليم خوزستان، في (شهر ذي الحجة عام 81ه/ شهر كانون الثاني عام 701م) فتراجع إلى الزاوية بالقرب من البصرة.
كانت أولى ثمرات هذا الانتصار الذي حققه ابن الأشعث، دخوله البصرة حيث بايعه أهلها، لكن الحجاج انتصر في الزاوية في (شهر محرم عام 82ه/ شهر شباط عام 701م)، واضطر ابن الأشعث إلى مغادرة البصرة، وعاد الحجاج إليها.
ويبدو أن ابن الأشعث جداً انتصاراته التي تزايدت، ودخل الكوفة ثم غادرها إلى دير الجماجم حيث أقام معسكره في حين نزل الحجاج دير قرة بانتظار وصول النجدات من الشام.
كان الخليفة عبد الملك، في غضون ذلك، على اتصال دائم بالأحداث المقلقة في العراق، وأبدي مخاوفه من ازدياد تدهور الأوضاع إلى درجة تفقد معها الخلافة زمام الأمور.
وبناء على نصيحة مستشاريه، أرسل إلى ابن الأشعث وفدا يحمل الاقتراحات التالية، بهدف حل هذه القضية،
- عزل الحجاج عن العراق، واستبداله بـ محمد بن مروان.
- المساواة في العطاء بين أهل الشام وأهل العراق.
- تعيين عبد الرحمن بن الأشعث على أية ولاية يختارها في العراق.
اعتبرت جماعة ابن الأشعث عرض الخليفة دليل ضعف، فرفضوه بكل ازدراء، معتقدين أن ميزان المعركة لا يزال في اتجاه مصلحتهم، بالرغم من أن ابن الأشعث نفسه قبل العرض، إلا أنه نزل على حكم جنده.
وأخيراً التقى الجيشان الشامي والعراقي في دير الجماجم ودارت بينهما رحى معركة ضارية في (الرابع عشر من شهر جمادي الآخرة عام 82ه/ شهر تموز عام 701م)، أسفرت عن انتصار واضح للجيش الشامي وهزيمة ابن الأشعث الذي فر هاربا إلى سجستان، إلا أن الحجاج لم يتركه وشأنه وأجبر رتبيل على تسليمه له. ولما علم ابن الأشعث بذلك انتحر بأن ألقى بنفسه من فوق القصر. وانتهت حركته بموته.
وشهد عهد عبد الملك حركات أخرى معادية لحكمه كانت محدودة النتائج، لم تشكل خطراً جديا على مصير الخلافة، ولم تترك أثراً على المجتمع الإسلامي آنذاك، أثارتها قساوة الحجاج وسياسته الاقتصادية، نذكر منها: حركة عبد الله بن الجارود، وحركة الزنج في البصرة، وخروج قبائل الأزد في عمان.
وهكذا ثابر عبد الملك، وجاهد لتوطيد دعائم الدولة الإسلامية تحت قيادته، ونجح في ذلك نجحا فائقا، ومن هنا استحق عن جدارة لقلب موحد الدولة الإسلامية أو المؤسس الثاني لدولة الخلافة الأموية بعد معاوية مؤسسها الأول.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|