أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-12-2018
![]()
التاريخ: 3-12-2018
![]()
التاريخ: 4-12-2018
![]()
التاريخ: 1-12-2018
![]() |
السلوك اللغوي والنظم اللغوية
قد حان الوقت -على كل حال- لرسم المميزات الضرورية للمعنى الواقع في إطار مصطلح لغة، وقد سبق لي أن أشرت إلى الفارق بين اللغة بصفة عامة "وهو ما يشير إليه المصطلح الفرنسي "Langage"" واللغة المعينة "وهو ما يشير إليه المصطلح الفرنسي "Langue""، وبالمثل نجد الصفة من هذا المصطلح لغوي(1) "Linguistie" غامضا كذلك "حتى عندما يكون من الممكن تعلقه باللغة أكثر من علم اللغة" فعلى سبيل المثال عبارة "القدرة اللغوية" التي استخدمها تشومسكي، وتابعه آخرون للإشارة إلى اتقان شخص ما للغة
ص11
ما تعني في الإنجليزية الدارجة -بالإضافة إلى الدلالة التي يقصدها تشومسكي وأتباعه- القدرة أو السهولة التي يمتلكها شخص ما لاكتساب اللغة عموما وليس لاكتساب لغة بعينها "وعندما تستخدم كلمة لغة استخداما وصفيا في الأسماء المركبة تخضع للنوع نفسه من الغموض انظر: القدرة اللغوة: "Language competence" واكتساب اللغة "Language acquisition" ومن المعتاد ألا يكون لهذا اللبس أثر إذ يتحدد وفقا للسياق وسأفصل بين المعنيين كلما كان ذلك ضروريا.
وحتى تستخدم لغة واحدة بعينها دون لغة أخرى عليك أن تسلك طريقا دون آخر، وكل من اللغة -عموما- واللغات المعينة يمكن أن ينظر إليها على أنها سلوك أو نشاط بعض هذا السلوك أو النشاط- على الأقل- يمكن ملاحظته وتعرفه بوصفه سلوكا لغويا ليس من قبل المراقبين المشاركين "أي: المتكلمين والمستمعين بقدر ما نحصر اهتمامنا في اللغة المنطوقة" فحسب، ولكن أيضا من قبل المراقبين غير المشاركين حينئذ في ذلك السلوك الاتصالي المشترك على وجه الخصوص، وفوق هذا فإن جوهر السلوك اللغوي ينبغي أن يكون بصفة عامة إن لم يكن في كل مناسبة هو الاتصال، وقد يكون من الممكن للمراقبين من الخارج أن يتعرفوا موضوع السلوك اللغوي حتى لو لم يكونوا على معرفة باللغة المعينة المستخدمة ولم يكن في مقدورهم تفسير الأقوال التي تعد نتاج السلوك موضع الملاحظة.
إذن يمكن أن ينظر إلى اللغة -وبشكل مبرر بما فيه الكفاية- من وجهة نظر سلوكية "وليست بالضرورة هي وجهة نظر المدرسة السلوكية"، غير أن اللغة -عموما- واللغات المعينة يمكن أن ينظر إليها من زاويتين أخريين على الأقل، ترتبط إحداهما بالتحديد الاصطلاحي الذي رسمه تشومسكي فيما بين
ص12
القدرة، والأداء، وترتبط الأخرى بمميز يختلف إلى حدما رسمه دي سوسير في اللغة الفرنسية مع مطلع هذا القرن بين اللغة "Langue" والكلام "parole"
وعندما نقول: إن أحد الأفراد يتكلم الإنجليزية فإننا نعني أحد أمرين: إما أنه يشترك عادة أو عرضا في هذا النوع المعين من السلوك أو أن لديه القدرة على الاشتراك في هذا النوع "سواء أكان يستخدمها أم لا"، ونشير إلى الأمر الأول بما يسمى الأداء ونشير إلى الأمر الثاني بما يسمى القدرة، ونستطيع أن نقول إن الأداء يفترض سلفا القدرة بينما لا تفترض القدرة سلفا الأداء، مع افتراض أن التمييز بين القدرة والأداء متفق عليه نسبيا، وتنسب نقطة أخرى لتشومسكي إذ مهما فسرنا بشكل إجمالي مصطلح "القدرة اللغوية" فمن الواجب أن نلاحظ أن السلوك اللغوي لأشخاص معينين في مناسبات معينة يحدده عوامل أخرى علاوة على القدرة اللغوية، وهناك الكثير ممن تناوله تشومسكي بالشرح المفصل لفكرة القدرة اللغوية تختلف حوله الآراء اختلافا بعيدا، غير أن هذا لا يعنينا في الوقت الحاضر "انظر 7 - 4"، ويكفي هنا أن نذكر -تبعا لتشومسكي- أن اللغوي لا يصف عند وصفه لغة معينة الأداء "أي: السلوك" بل يصف القدرة الخاصة بالمتكلمين بها، وبقدر ما تكون هذه القدرة لغوية بحتة يرتكز عليها آداؤهم ويصبح ممكنا من خلالها، فالقدرة اللغوية لشخص ما هي معرفته بلغة معينة، ومن هنا كان اهتمام علم اللغة بتمييز المحددات الخاصة بالقدرة اللغوية وتقديم تفسير نظري مقنع لها، وهو ما يصنف تبعا لتشومسكي إلى فرع علم النفس المعرفي.
والمميز بين اللغة "Langue" والكلام "Parole" -كما رسمه دي سوسير لأول مرة- يشمل عددا من المميزات المستقلة بشكل مقنع، وأكثر هذه المميزات أهمية ما يميز بين ما هو موجود بالقوة وما هو موجود بالفعل من
ص13
جهة وبين ما هو اجتماعي وما هو فردي من جهة أخرى "انظر: 7 - 3"، وما أسماه دي سوسير لغة "Langue" هو أي لغة معينة تكون ملكية مشتركة لكل أفراد جماعة لغوية معينة "أي: لكل أولئك المسلم بأنهم يتكلمون اللغة نفسها"، والمصطلح الفرنسي "Langue" -وهو كما رأينا- مصطلح بسيط من تلك الكلمات المعتادة التي تحمل معنى اللغة يترك عادة بلا ترجمة في اللغة الإنجليزية عندما يستخدم استخداما اصطلاحيا حسبما عناه دي سوسير، وسأدخل مصطلح النظام اللغوي بديلا عنه وسوف نجعله مقابلا للسلوك اللغوي على الأقل من حيث المبدأ فيما يتصل بثنائية دي سوسير: اللغة والكلام، والنظام اللغوي ظاهرة اجتماعية أو نمط اجتماعي منظم وهي في حد ذاتها تجريدية بحتة ليس له وجود فيزيائي لكنه يتحقق في مناسبات معينة في السلوك اللغوي لأفراد الجماعة اللغوية وعليه فإن ما يسميه تشومسكي القدرة اللغوية لا ينطبق بسهولة كافية على النظام اللغوي بل ينطبق على معرفة المتكلم العادي للنظام اللغوي، غير أن دي سوسير أعطى تأكيدا خاصا للطابع الاجتماعي في النظام اللغوي، ولذلك اعتقد أن علم اللغة أكثر ارتباطا بعلم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي منه بعلم النفس المعرفي، وقد أخذ بوجهة النظر هذه كثير من اللغويين الآخرين، ومع ذلك يتمسك غيرهم بأن النظم اللغوية يمكن بل يجب أن تدرس دراسة مستقلة عن متعلقاتها الاجتماعية والسيكولوجية، وسنعود إلى هذه النقطة في الفصل الثاني ودعنا الآن نذكر ببساطة أنه عندما نقول إن اللغوي يهتم باللغة فإننا نعني ضمنا أنه يهتم أساسا ببنية النظم اللغوية.
ص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يمكن أن يستخدم هذا الوصف على النحو التالي:
1- الصفة من كلمة "لغة" "Language"كما في الفلسفة اللغوية "Linguistic philosophy"والمهارة اللغوية "Linguistic skill"والأقلية اللغوية "Linguistic minority".
2- الصفة من "علم اللغة" "Linguistics" وذلك كما في التحليل اللغوي "Linguistic & ualysis"والحدس اللغوي "Linguistic intuition"، والأطلس اللغوي "Linguistic atlae"14
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تقدم دعوة إلى كلية مزايا الجامعة للمشاركة في حفل التخرج المركزي الخامس
|
|
|