المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



مالك بن الحارث الأشتر النخعي  
  
4229   02:41 مساءً   التاريخ: 2-02-2015
المؤلف : الشيخ عباس القمي
الكتاب أو المصدر : منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل
الجزء والصفحة : ج1,ص294-296.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / قضايا عامة /

سيف اللّه المسلول على اعدائه قدس اللّه روحه، جليل القدر عظيم المنزلة، و اختصاصه بأمير المؤمنين (عليه السلام) أظهر من أن يذكر، و يكفيه شرفا و عزّا قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقّه: «رحم اللّه مالكا فلقد كان لي كما كنت لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)».

وأرسله أمير المؤمنين الى مصر سنة (38) ه و جعله واليا عليها و كتب لأهل مصر: «امّا بعد، فانّي قد وجّهت إليكم عبدا من عباد اللّه لا ينام ايّام الخوف و لا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، أشدّ على الفجار من حريق النار و هو مالك ابن الحارث الأشتر أخو مذحج فاسمعوا له و أطيعوا فانّه سيف من سيوف اللّه ...» .

وعهده للأشتر هو أطول عهد كتبه (عليه السلام)، و يشتمل على لطائف و محاسن و حكم جمّة بحيث يكون دستورا و قانونا لكل الامراء و السلاطين طوال الدهر، و فيه قوانين في الخراج و الزكاة، و لا يبقى ظلم و جور اذا عمل بمضمونه، و هذا العهد معروف و قد شرح و ترجم مرارا، فلمّا كتب (عليه السلام) ذلك العهد أمر مالكا بالرحيل، فخرج في جمع من الجيش و توجّه نحو مصر، فلمّا وصل الخبر الى معاوية أرسل كتابا الى (زارع عريش) أن يسمّه و يفتله، و في المقابل يعفيه معاوية عن الخراج و الضرائب عشرين سنة.

فلمّا وصل الأشتر الى عريش، سأل الزارع عن الأكلة التي يحبّها الأشتر فقيل له: انّه يحبّ العسل، فجاء الزارع بعسل مسموم الى الأشتر و اهداه إليه، و ذكر له جملة من‏ خواصّ العسل وفوائده، فشرب منه فلم يستقر العسل في جوفه بعد، حتى ودّع الدنيا و رحل عنها بذلك العسل المسموم.

وقال البعض: انّه استشهد في قلزم، و قد سمّه نافع مولى عثمان، و لمّا وصل خبر استشهاده الى معاوية فرح فرحا كثيرا بحيث لم تسعه الدنيا من الفرح و قال: الا و انّ للّه جنودا من عسل، ولمّا بلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) حزن كثيرا وتأسف على مالك فصعد المنبر و قال:

«انّا للّه و انّا إليه راجعون و الحمد للّه رب العالمين، اللهم انّي أحتسبه عندك فانّ موته من مصائب الدهر، رحم اللّه مالكا فلقد أوفى بعهده وقضى نحبه و لقى ربه مع انّا قد وطّنّا أنفسنا على ان نصبر على كلّ مصيبة بعد مصابنا برسول اللّه (صلى الله عليه واله) فانّها من أعظم المصيبات».

فنزل عن المنبر و ذهب الى داره فجاء إليه مشايخ النخع و كان (عليه السلام) متأسفا متلهّفا على موت الأشتر ثم قال: «للّه درّ مالك! وما مالك؟ لو كان من جبل لكان فندا  ولو كان من حجر لكان صلدا، أما و اللّه ليهدّن موتك عالما و ليفرحنّ عالما، على مثل مالك فلتبك البواكي و هل مرجوّ كمالك؟ و هل موجود كمالك؟ وهل قامت النساء عن مثل مالك؟» .

وقال أيضا في مالك: «لو كان صخرا لكان صلدا و لو كان جبلا لكان قيدا و كأنّه قدّ منّي قدّا».

وقال أيضا: أما و اللّه هلاكه فقد أعزّ أهل المغرب و أذلّ أهل المشرق ... ثم قال: لا أرى مثله بعده أبدا .

و قال القاضي نور اللّه في المجالس: ذكر صاحب البلدان في ذيل أحوال بعلبك انّ معاوية أرسل شخصا الى مالك كي يلاقيه في طريقه الى مصر، فلقيه و سقاه العسل المسموم، فمات به‏ حوالي قلزم فلمّا بلغ معاوية ذلك أظهر السرور و الفرح و قال: الا انّ للّه جنودا من عسل، ثم حمل بدنه الطاهر الى المدينة و دفن هناك و قبره المنور معروف و مشهور، و قال أيضا: لا يخفى انّ مالكا مضافا الى تمتعه بالعقل و الشجاعة و العظمة و الفضيلة كان متحليا بحلي العلم و الزهد و الفقر و الدروشة .

و جاء في مجموعة ورام لابن فارس: انّ مالكا كان مجتازا بسوق الكوفة و عليه قميص خام و عمّامة منه، فرآه بعض السوقة فازدرى بزيّه، فرماه ببندقة تهاونا به، فمضى و لم يلتفت، فقيل له: ويلك أ تدري بمن رميت؟ فقال: لا، فقيل له: هذا مالك الأشتر صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام).

فارتعد الرجل و مضى إليه ليعتذر منه، فرآه و قد دخل مسجدا و هو قائم يصلّي، فلمّا انفتل أكبّ الرجل على قدميه يقبّلهما، فقال: ما هذا الامر؟ فقال: أعتذر إليك ممّا صنعت (لأنّي لم أعرفك) فقال: لا بأس عليك فو اللّه ما دخلت المسجد الّا لأستغفرنّ لك‏ .

يقول المؤلف: لاحظ كيف اكتسب هذا الرجل الاخلاق الحميدة من امامه أمير المؤمنين (عليه السلام) مع كونه من امراء الجيش و شجاعا شديد الشوكة.

وقال ابن أبي الحديد: لو انّ انسانا يقسم انّ اللّه تعالى ما خلق في العرب و لا في العجم أشجع منه الّا استاذه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لما خشيت عليه الاثم ... ما أقول في رجل هزمت حياته أهل الشام و هزم موته أهل العراق، و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقّه: رحم اللّه مالكا فلقد كان لي كما كنت لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله.

و قال لأصحابه: ليت فيكم رجلين مثله بل رجل واحد مثله، و نرى شدّة شوكته على الأعداء من هذه الأبيات التي انشدها:

بقيت و فري و انحرفت عن العلى‏      *        ولقيت أضيافي بوجه عبوس‏

ان لم أشن على ابن هند غارة          *        لم تخل يوما من نهاب نفوس‏

خيلا كأمثال السعال شزّبا                *        تغدو ببيض في الكريهة شوس‏

حمى الحديد عليهم فكأنّه‏                         *        ومضان برق أو شعاع شموس‏

على أي حال، فهو مع هذه الجلالة و العظمة وصل الى مرتبة من حسن الخلق بحيث يهينه سوقي و يستهزأ به فلم يتغيّر أبدا، و لم يظهر شيئا من أمارات الغضب بل يذهب الى المسجد فيصلي و يدعوا لذلك الرجل و يستغفر له، و لو لاحظت جيّدا ترى انّ شجاعته هذه و غلبة هواه أعلى و أرفع من شجاعته البدنيّة، و قد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أشجع الناس من غلب هواه».




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.