الانتشار والتوزيع النهائي للفيروس داخل النبات

Final distribution in the plant

غالبا ما يفترض أن الفيروسات التي تصيب النباتات جهازيا توزع توزيعا منتظما خلال النبات ولكن حقيقة الأمر غير ذلك. عموما يصعب وضع قاعدة عامة بالنسبة للتوزيع والانتشار النهائي للفيروس داخل النبات. يتوقف التوزيع النهائي للفيروس على كل من العائل والفيروس وهناك عديد من العوامل التي تؤدي إلى توزيع الفيروس داخل النبات توزيعا غير منتظما، ومن تلك العوامل ما يلي:-

۱- هروب بعض الأجزاء النباتية من الاصابة:

في عديد من الحالات فان الفيروس يتحرك ويتضاعف داخل مجموعة صغيرة من الخلايا حول نقطة العدوى. إذا نتج عن العدوى موت الخلايا فان انتشار الفيروس أكثر من ذلك يتوقف، إذ أنه من المعروف أن الفيروس لا يتحرك من الخلايا الميته. هناك عديد من الأمثلة التي يحدث فيها إصابة محلية محدودة limited local infection بدون موت للخلايا وفي مثل هذه الحالات فانه لا يحدث مثل هذا التحديد لانتشار الفيروس. على أي حال فان تحديد انتشار وتوزيع الفيروس داخل النبات ظاهرة معقدة مرتبطة بتطور المقاومة في الأنسجة المحيطة ضد غزو الفيروس لها.

فيروس موزايك الفاصوليا الجنوبي يعطي بقعا محلية ميتة على أوراق الفاصوليا (صنف pinto ) المعداه به ميكانيكيا. اذ ادخل هذا الفيروس إلى ذلك النبات عن طريق التطعيم فانه يتحرك إلى أعلى وإلى أسفل في الساق ويسبب إصابة لبعض المناطق المحدودة والمتفرقة ويكون توزيعه غير منتظم في أجزاء النبات.

اذا أعديت أوراق نبات بأكثر من فيروس فان الوقت الذي تحرك فيه الفيروسات المختلفة من الأوراق المعداه قد يختلف ما ينتج عنه توزيعا غير منتظم للفيروسات، فمثلا إذا ما أعدى نبات الدخان بخليط من فيروسي X ، Y البطاطس فان فيروس Y يتحرك متقدما على فيروس X ويمكن فصله من قمة النبات بدون وجود فيروس X.

بعض الفيروسات قد تتحرك بصعوبة إلى داخل بعض الأوراق، فبالنظر إلى فيروس موزايك الفاصوليا الجنوبي ((SBMV southern bean mosaicvirus وكذلك فيروس البقعة الحلقية في الدخان (TRSV) tobacco ringspot virus فأنهما يتضاعفان في الأوراق المعداه لنبات الفاصولياBlack valentine ويتحركان بسهولة من هذه الأوراق المعداه إلى الأوراق الصغيرة الموجودة على نفس النبات. يختلف الفيروسان في تحركها وتوزيعها داخل النبات اذا ما أعديت ورقة أولية واحده، فبينما يتحرك SBMV بسهولة الى الورقة الأولية الأخرى الغير معداه ويتم ذلك خلال حوالى 4 أيام فان TRSV نادرا ما يتحرك إلى الورقة الغير معداه. من المحتمل أن هذا الاختلاف في طريقة التوزيع يرجع الى انTRSV  يتحرك في اللحاء وعلى هذا فنادرا ما ينتقل من الورقة الأولية المعداه إلى الأخرى السليمة بينما ال SBMV قد يكون قادرا على الحركة في الخشب.

بعض الفيروسات التي تصيب النبات كيانيا قد ينشأ عنها إصابة غير متماثلة للنبات وينتج عن ذلك اختلاف واضح في توزيع الفيروس في أنسجة النبات. اذا ما أعديت ورقة أولية واحدة لبادرة فول الصويا soybean بواسطه فيروس نيكروزيس الدخان (TNV)  tobacco necrosis virusفانه تنتج إصابة غير متماثله للنبات ككل، إذ أن نصف الوريقة الطرفية لمعظم الأوراق الثلاثية وكذلك باقي الوريقات التي تقع في الجانب الموجود فيه الورقة الاولية المعداه أصلا تكون هي المصابة.

بالنسبة للفيروسات التي تصيب النباتات الخشبية المعمرة فان توزيعها داخل النباتات قد يكون غير متساوي بشكل واضح. يتفاوت توزيع فيروس تقزم البرقوق prune dwarf virus تفاوتا واضحا في أشجار الكريز الحلو والمر الناضجة والمعداه لمدة خمس سنوات على الأقل. كذلك عند عدوي نباتات sitaange الناتجة عن التهجين بين البرتقال والبونسيرس "نوع من البرتقال ثلاثي الأوراق" Citrns sinensis X Poncirus trifoliata ) بواسطة tatter leaf virus فان توزيع الأعراض الناتجة يكون شاذا سواء على النبات ككل أو على الأوراق، إذ أظهر الأعراض على عدد قليل من الأوراق بينما باقي الأوراق لا يظهر عليها أعراض وتكون خالية من الفيروس، وقد وجد Garnsey and Jones عام 1968 أن توزيع هذا للفيروس يكون أيضا غير منظما داخل المناطق المختلفة للوريقات المصابة إذ يوجد في بعض المناطق بتركيز مرتفع عن البعض الآخر، كما تخلو منه بعض أجزاء الوريقات المصابة.

بالنسبة لبذور فان العديد من النباتات المصابة تعطي بذورا سليمة بمعنى أنه بالرغم من انتشار الفيروس كيانيا في النبات فإنه لم يحسب مثل هذه البذور.

بعض الفيروسات تهاجم الأنسجة الميريستيمية الطرفية للنباتات المصابة فور تكونها إلا أنه في حالة العديد من الفيروسات ومع عوائل عديدة فان الفيروسات لا تهاجم القمم الميرستيمية وتكون مناطق النمو في سوق وجذور النباتات المصابة خالية من الفيروس وتبقى كذلك.

عادة ما تتواجد منطقة تختلف في الطول قريبة من قمة المجموع الخضري أو الجذري تكون خالية من الفيروس أو بها كمية قليلة جدا. المنطقة التي تخلو من الفيروس تبلغ بوجه عام حوالي ۱۰۰ - ۲۰۰ ميكرون في الطول إلا أنها مع بعض الفيروسات قد تكون أكبر من ذلك بدرجة ملحوظة. يلي هذه المنطقة على ما يبدو تدرج في زيادة تركيز الفيروس، إذ يزداد التركيز بزيادة درجة نضج تلك الأنسجة، ففي حالة جذور نباتات الفول المصابة بفيروس الموزايك الأصفر في البرسيم clover yellow mosaic virus قد وجد أن هناك منطقة تبلغ في الطول 400 ميكرون تكون خالية من الفيروس، وهذه تشمل القلنسوة والقمة النامية، ثم إلى ذلك تدرج في الزيادة في تركيز الفيروس.

ليس من المعروف تماما أسباب عدم إصابة القمم النامية، إلا أن هناك بعض التعليلات التي تفسر ذلك منها ما يلي:

أ- تنمو القمة النامية بمعدل أسرع من انتقال الفيروس اليها مع ملاحظة أن القمة النامية تخلو من الحزم الوعائية فاذا فرض وجود فيروس ما بها فان حركته ستكون بطيئة ومحدودة بالانتقال من خلية إلى أخرى.

ب- قد يوجد عائق ميكانيكي يمنع هجوم الفيروس كأن تكون الخيوط البروتوبلازمية صغيرة جدا. والواقع أنه لا يوجد دليل يؤكد ذلك.

ج- قد تكون حالة الخلية من الناحية الحيوية والكيماوية عند الانقسام غير ملائمة لتضاعف الفيروس.

۲- تأثير العمر:

تزداد كمية بعض الفيروسات بسرعة في الأوراق المصابة إلى أن تصل إلى حد معين ثم تضاءل بعد ذلك. عند عدوى الأوراق القاعدية لنبات دخان صغير العمر بواسطه فيروس موزايك الدخان فان الأعراض تظهر بعد فترة من الزمن بشكل واضح على الأوراق الحديثة ويكون تركيز الفيروس في هذه الأوراق أكبر منه في باقي الأوراق الكبيرة في العمر. نتيجة لهذه الظاهرة فان توزيع الفيروس يكون غير متساوي في الأوراق المختلفة العمر الموجودة على نفس النبات.

٣- اختلاف الاعضاء والأنسجة المصابة وارتباط الفيروس بأنسجة معينة:

أ- اختلاف الأعضاء والأنسجة المصابة.

عند إصابة النبات كيانيا بفيروس ما، فان تركيز الفيروس قد يختلف باختلاف الاجزاء النباتية وذلك بعد مرور فترة من الزمن. في العديد من الفيروسات التي تسبب أعراض الموزايك فان الفيروس يصل الى تركيز أعلى بكثير في فصل الورقة عن باقي أجزاء النبات. على سبيل المثال فان تركيز فيروس الموزايك الاصفر في اللفت turnip yellow mosaic virus تختلف من عضو نباتي الى آخر على نفس النبات، وقد وجد أن تركيزه في الساق وفي المجموع الجذري وفي العرق الوسطى وعنق الأوراق الناضجة يصل إلى حوالى 110 - 120 فقط من التركيز الذي اوجد في نصل الورقة.

ب- ارتباط الفيروس بأنسجة معينة:

سبقت الإشارة إلى أن العديد من الفيروسات ترتبط بأنواع معينة من الأنسجة النباتية. ارتباط الفيروس بنسيج معين يؤدى إلى اختلاف توزيع الفيروس في النبات لأصاب.

4- اختلاف التوزيع داخل أوراق النباتات المصابة بالموزايك:

يختلف توزيع الفيروس في داخل نفس الورقة التي تظهر عليها أعراض الموزايك، فالأجزاء الخضراء الغامقة دائما ما تحتوي على كمية قليلة من الفيروس اذا ما قورنت بتلك الأجزاء الصفراء أو الخضراء المصفرة. هذه الظاهرة وجدت بشكل قاطع مع العديد من الفيروسات التي درست مثل فيروس موزايك الدخان وفيروس موزايك الخيار عند اصابتها لنباتات الدخان، وفيروس تقزم الارز عند إصابته لنباتات الأرز, وعديد من الفيروسات الأخرى، وذلك بصرف النظر عن الاختلافات في تركيب الفيروسات أو أن العائل من ذوات الفلقة أو الفلقتين.

هذا النوع من التوزيع الغير منتظم للفيروس في حالة الأمراض الموزائيكية قد يتواجد أيضا في بتلات الازهار التي يظهر عليها تقطع في اللون. على سبيل المثال فان فيروس موزايك الدخان يسبب تكون مناطق بيضاء في بتلات أزهار الدخان القرمزية اللون ويكون الفيروس مرتبط أساسا بتلك الأجزاء البيضاء.