عديد من العوامل الطبيعية والكيماوية والحيوية يمكنها أن تؤثر على بعض النباتات مسببة أعراضا غير طبيعية تتشابه إلى حد كبير مع تلك الأعراض التي تسببها الفيروسات، ونتيجة لذلك قد يحدث خلط وخطا في تشخيص مرض ما وبالفعل هناك العديد من الأمراض التي ظل الاعتقاد لفترة طويلة أنها ناشئة عن إصابة فيروسية ثم ظهر بعد ذلك خطأ هذا الاعتقاد. من هذه العوامل ما يلي:-

1- الميكوبلازما : Mycoplasma

مجموعات الأمراض التي تتميز بأعراض الاصفرار العام للأوراق – التقزم۔ مكنسة الساحر (العفريت) broom -witches وتغيير شكل الزهرة إلى شكل ورقي phyllody اعتبرت إلى وقت قريب جدا من الأمراض التي تسببها الفيروسات. وبالرغم من عدم إمكان نقل العدوى بهذه الأمراض ميكانيكيا إلا انها اعتبرت ناشئة عن الإصابة بفيروسات لما يلى:

(أ) عدم وجود أي مسبب آخر للمرض من فطر أو بكتريا أو ركتسيا او بروتووزا.

(ب) يمكن نقل هذه الأمراض بالتطعيم.

(ج) تقوم نطاطات الأوراق بنقل هذه الأمراض.

(د) بعض من هذه الأمراض يمكن أن ينتقل بواسطة الحامول.

(هـ) بدراسة أحد أمراض هذا النوع وهو اصفرار الاستر وجدت بعض الأدلة على أن المسبب يمر خلال المرشحات البكتيرية.

وقد توصل Black سنة 1940 - 1943 إلى أن مسبب مرض اصفرار الاستر له حجم أكبر نسبة من الفيروسات النباتية المعروفة في ذلك الوقت، ومرت عشرات السنين وعلماء الأمراض الفيروسية على اعتقادهم من أن المسبب فيروس. وأجريت محاولات عديدة لعزل وتنقية الفيروس من النباتات المصابة بأمراض الاصفرار ولكن هذه المحاولات فشلت، وكان المعتقد أن ذلك راجع إلى أن الفيروس يوجد بتركيز منخفض جدا وأنه غير ثابت أو أنه يتجمع تحت الظروف المستخدمة في عزله.

في عام 1967 تمكن Doi et al عند فحص قطاعات رقيقة بالميكروسكوب الاليكتروني لنباتات بتونيا مصابة باصفرار الاستر ونباتات بطاطس مصابة بمرض مكنسة العفريت witches broom وأشجار توت مصابة بالتقزم من رؤية أجسام تشبه الميكوبلازما mycoplasma like bodies في سيتوبلازم خلايا اللحاء ( أنابيب غرباليه ، خلايا مرافقة ، خلايا برانشيمية ). وبفحص النباتات السليمة لم تشاهد مثل هذه الأجسام .

الأجسام التي شوهدت كانت كروية أو إهليجية ( بيضاوية ) أو غير منتظمة الشكل وذات قطر يتراوح بين ۸۰ و ۸۰۰ مليميكرون ويحدها غشاء واحد مفرد ولكن ليس لها جدار خلوي. وبعض هذه الجزيئات كان قطره صغير يتراوح بين 100 و 250 ملليميكرون ويميل شكله إلى الشكل الكروي تقريبا ووجدت بها جزيئات تشبه الريبوسومات قطرها حوالى ۱۳ ملليميكرون . كذلك شوهد في كثير من تلك الأجسام خيوط من مواد لها مظهر يشبه ال DNA في البكتريا. وبالنسبة للجزيئات الأكبر والتي يزيد قطرها عن 300 ملليميكرون فقد شوهد فيها فجوه مركزية بها حبيبات الريبوسومات في منطقة قريبة من الغشاء. كلا النوعين من الأجسام الصغيرة والكبيرة وجدت في نفس الخلية الواحدة. وشوهدت الأجسام الصغيرة في حالات كثيرة وهي مرتبطة بأخرى كبيرة بواسطة انقباض ما يوحي بأنهم تكونوا نتيجة للتبرعم.

وجد أن عدد الأجسام الموجودة اللحاء يتناسب طرديا مع شدة المرض وفي الأطوار الأولى للإصابة كانت الأجسام قليلة وشدة المرض متوسطة أما في النباتات المصابة بشدة فكانت الأجسام كثيرة العدد.

عديد من الميكوبلازما التي تصيب الثدييان حساسة للمضادات الحيوية التي تتبع مجموعة ال tetracycline بينما الفيروسات النباتية ليست كذلك . قام Ishiis et al عام 1967 بمعاملة نباتات التوت المصابة بالتقزم بثلاث من المضادات عن طريق رش الأوراق ومعاملة التربة وغمر الجذور. وجد هؤلاء العلماء أن مضادين هما Achromycin and Auroomycin بتركيز ۱۰۰ جزء في المليون أوقفت تقدم الأعراض . اكثر الطرق فاعلية كانت طريقة غمس جذور النباتات المصابة في هذه المواد. كما وجد أيضا أن المجموع الخضري الذي شفى كان لحائه خاليا من هذه الأجسام، إلا أن هذا الشفاء لم يكن مستديما، فبعد فترات مختلفة من الوقت ظهرت الأعراض ثانية على النموات الصغيرة.

الميكوبلازما التي تصيب الثدييات تحتاج إلى Staroles عندما تنمو على بيئات مغذية كما أنها تحتاج إلى بيئة تميل إلى القلوية نوعا ما وإلى ظروف خاصة ويبدو أن اللحاء بيئة ملائمة للميكروبلازما التي تصيب النباتات إذ يهيئ لها احتياجاتها.

أمراض الاصفرار والتقزم بواسطة النطاطات التي تتغذى على الماء ونظرا لأن الميكوبلازما ترتبط باللحاء فقد يكون ذلك دليلا على أنها هي المسبب لهذه الأمراض. وفي بعض هذه الأمراض شوهدت الأجسام الشبيهة بالميكوبلازما في النباتات المصابة وفي النطاطات الناقلة في حين لم تشاهد في النباتات ولا في النطاطات السليمة.

عموما فان أمراض الاصفرار وال witches broom والأمراض المشابهة يرجح أنها ناتجة عن ميكوبلازما للأسباب التالية:

(أ) توجد في النباتات المصابة وتخلو منها النباتات السليمة.

(ب) توجد في نطاطات الأوراق التي تحمل مسبب المرض وتخلو منها النطاطات التي لا تحمله.

(ح) لم يمكن التعرف على أية أجسام تشبه الفيروسات في النباتات المصابة.

(د) يمكن علاج هذه الأمراض مؤقتا بواسطة مشتقات ال Tetracycine وفي الأنسجة التي تشفى لا تشاهد مثل هذه الأجسام.

(هـ) يعرف عن الميكوبلازما أنها تسبب بالفعل أمراضا للإنسان والحيوان إذا ماسلمنا بأن الميكوبلازما تسبب الأمراض المذكورة سابقا، فمن المنطق أنها تسبب أمراضا أخرى عديدة، وبالفعل هناك ما يزيد عن خمسين مرضا في الوقت الحاضر قد ذكر أن المسبب لها ميكوبلازما وليس فيروسان.

٢- التوكسينات التي تفرزها بعض مفصليات الأرجل:

Toxins produced by Arthropods

الحشرات وبعض مفصليات الأرجل الأخرى التي تتغذى على النباتات قد تفرز توکسينات فعالة جدا تنتشر جهازيا خلال النباتات مؤدية إلى ظهور أعراض تشبه الأعراض الناشئة عن الإصابة الفيروسية، على سبيل المثال فان إناث حشرة Calligypona Bellucida التابعة لرتبة مشابهة الأجنحة Homoptera تفرز توکسينات لعابية تسبب تأخير عام للنمو كما تمنع تكوين الخلافات في النبات. كذلك فإن بعض الحلم eroophid mites التي تتغذى على البرسيم قد تسبب ظهور أعراض على الأوراق الصغيرة تشبه الموازيك ، ويكفي أن يتغذى حلم واحد على النبات لكي تظهر تلك الأعراض، في حين أن تغذية عدد كبير من الحلم على نبات واحد تؤدي إلى ظهور عرض يشبه مكنسة الساحر witches broom والذي شخص بالفعل خطأ على أنه مرض ناشئ عن الاصابة الفيروسية.

3 - الخلل الوراثي: Genetic abnormalities

هناك العديد من نباتات الزينة التي أنتجها العاملون في هذا المجال نظرا لوجود تبرقشات موزايكية أو انقطع في ألوان أوراقها. هذا التوزيع الغير طبيعي في لون الأوراق يرجع إلى خلل وراثي في البلاستيدات الخضراء نتيجة لحدوث طفرات فيها. أعراض الموزايك الناشئة عن هذه الحالة تتشابه إلى حد كبير مع تلك الناتجة عن الاصابة الفيروسية إلا أن التدرج من لون إلى آخر في الحالة الأولى يكون فجائيا وتكون الفروق بين الألوان حادة في حين أن هذا التدرج في حالة الإصابة الفيروسية يكون تدريجيا من الأمثلة على تشابه أعراض طفرات وتلك الناشئة عن الاصابة الفيروسية ما سجله Edwardson and Corbett عام 1962 ، إذ وصفا طفرة خيطية في نبات الطماطم صنف مار جلوب، حيث يأخذ النبات شكلا يشبه النبات المصابة ببعض سلالات فيروس موازيك الخيار وفيروس موازيك الدخان ويكون نصل الأوراق مختزلة اختزالا كبيرا مما يعطي النبات المظهر الخيطي. مثل هذه الأعراض لا تنتقل بالتطعيم.

4- نقص التغذية : Nutritional deficiencies

نتيجة لنقص التغذية فان النبات يأخذ شكلا غير طبيعية وتظهر عليه أعراضا مرضية مثل التغير في اللون أو موت بعض أنسجة الورقة. مثل هذه الأعراض قد تتشابه مع تلك الناشئة عن الاصابة الفيروسية. على سبيل المثال فان نقص المغنسيوم والحديد في فول الصويا يؤدى إلى تحزم أخضر للحروق مع اصفرار المناطق بين الحروق. كذلك فإن نقص المغنسيوم في نبات بنجر السكر يؤدى الى اصفرار وموت بعض الأنسجة وهذه الاعراض تشابه تلك التي يسببها فيروس اصفرار بنجر السكر Sugar bent yellow virus . الدراسات التي اجريت باستخدام الميكروسكوب الالكتروني على أوراق نباتات الفاصوليا التي تعاني من نقص الفوسفور أظهرت تحلل في البلاسيدات الخضراء تشبه تلك التي شوهدت في حالة بعض الأمراض الفيروسية.

5- الحرارة المرتفعة : High temperature

قد تظهر على بعض النباتات التي تنمو على درجات حرارة أعلى من المعدل أعراضا تشبه أعراض الإصابة الفيروسية. عند حفظ نباتات Nicotiana glutinosa على درجة حرارة تبلغ 37.8° لمدة تتراوح بين 4 – 8 أيام ثم إعادتها مرة ثانية إلى درجة ۲۲ م فان الأوراق الجديدة يظهر عليها أعراض موازيك وشفافية عروق وشحوب وبعض الأعراض الأخرى الغير طبيعية والتي تشبه ما ينتج عن الاصابة الفيروسية. هذه الأعراض تختفي تدريجيا في الأوراق الجديدة التي تظهر بعد ذلك، ولكن إذا ما عرضت هذه النباتات مره أخرى إلى الحرارة المرتفعة فان الأعراض تظهر ثانية.

فحص الأوراق الصغيرة للنباتات المعاملة بالحرارة المرتفعة أظهر بعض التغيرات في البلاستيدات الخضراء وزيادة في حجم الحبيبات الدهنية وبعض التغيرات الأخرى الغير طبيعية والتي يشبه بعضها ما ينتج عن الاصابة الفيروسية.

6- الهرمونات : Hormones

تستخدم الهرمونات على نطاق واسع كمبيدات الحشائش، وهذه قد تسبب لبعض النباتات أعراضا تشبه أعراض الإصابة الفيروسية. العديد من النباتات تكون حساسة لتأثير 2,4- dichlorophenoxyacetic acid) 2, 4-D) وخاصة الطماطم والعنب الذي يسبب لأوراقها ولغيرهما من النباتات تشوهات متشابهة مع تلك التي تنتج عن الاصابة الفيروسية.

بعض المركبات الشبيهة بال2,4- D  قد تعمل على منع تطور خلايا الميزوفيل في الورقة منعا شبه كامل ما يؤدي إلى أن يأخذ النبات مظهرة خيطيا أو قد تسبب إعاقة نمو العروق بدرجة أكبر من الميزوفيل ما يجعل الورقة تأخذ شكلا مجعدا مشابها في ذلك بعض أمراض تجعد الاوراق كما في حالة الدخان والقطن.

7- بعض العوامل والمواد الأخرى:

بعض العوامل والمواد المختلفة قد ينشأ عنها أعراض شبيهة بالأعراض الفيروسية فمثلا بعض النباتات التابعة للعائلة Gesneraceae يظهر عليها حلقات وتخططات تميل إلى الاصفرار او انسجة بنية إذا ما رويت ماء بارد في الأوقات الساطعة الشمس. كذلك فعند معاملة الورقة السفلية لنبات دخان صغير بواسطة المضاد الحيوي Actinomycin D فان الأوراق العلوية الصغيرة الحديثة يظهر عليها أعراض شفافية العروق وذلك بعد حوالى يوم واحد من تلك المعاملة، وباكتمال نمو الأوراق يظهر عليها أعراض موازيك شبيهة بأعراض الإصابة بفيروس موزايك الدخان. هذه الأعراض تختفي تدريجيا على الاوراق الحديثة التي تظهر بعد ذلك حتى تختفي تماما.

بعض المبيدات الجهازية والتي قد تستخدم للقضاء على بعض الحشرات قد تؤدي إلى ظهور أعراض تشبه إلى حد كبير تلك الناشئة عن الاصابة الفيروسية.

بالإضافة إلى ما سبق فان المسببات المرضية المختلفة سواءا كانت فطرية أو بكتيرية أو نيماتودية أو فسيولوجية قد ينتج عنها أعراضا متشابهة مع تلك الناشئة عن فيروسات.