أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-8-2022
4188
التاريخ: 9-5-2017
3774
التاريخ: 2023-08-01
2468
التاريخ: 23-3-2022
2639
|
استحدثه قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي لسنة 1958 م، ثم قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي الحالي في المادة 81 والفضل في ذلك يرجع إلى المدرسة الإيطالية، وفكرة المذهب الوضعي الذي أولى عناية كبيرة لشخصية الجاني وأسباب انحرافه. وبحث الشخصية من الأسباب المهمة التي تفيد في تحديد العقوبة المناسبة، والتي تخضع لعدة عوامل، تستدعي ضرورة الإلمام بجميع جوانب شخصية الفرد التي سيخضع لها.
وكان هذا الموضوع محل اهتمام المؤتمر الدولي لعلم الإجرام المنعقد بروما سنة 1938 م، والمؤتمرين الثاني والخامس المنعقدين بباريس سنة 1950 م و 1953 م، التي تدعو إلى وجوب اتساع الاستجواب ليشمل دراسة ظروف المتهم لاكتشاف الجوانب الشخصية والنفسية والطبية المحيطة به، كما دعت إلى ضرورة تقنين هذه الإجراءات ونص عليه المشرع الجزائري في المادة 88 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، فأعطى الحق للقاضي أن يجري تحقيقا عن شخصية المتهم، وعن حالته الاجتماعية، والمادية والعائلية، سواء بنفسه، أو بواسطة ضابط الشرطة القضائية، أو بواسطة شخص مؤهل لذلك من وزير العدل. كما يجوز للقاضي أن يأمر بإجراء الفحص الطبي أو النفساني أو يأمر بأي إجراء يراه مفيدا.
الهدف الذي قصده المشرع من المادة 68/ 8 -9 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري هو إنشاء ملف لشخصية المتهم، يتضمن إيضاح الظروف الشخصية له، السابقة أو المعاصرة أو التالية للجريمة، من ناحية البواعث التي دفعته إلى ارتكابها، أي كل المعلومات المتعلقة بشخص المتهم، إلى جانب الملف الموضوعي للدعوى، حتى يكون العقاب مفيدا في تقويم المتهم. فالاستجواب بهذا المفهوم إما أن يكون في صورة تحقيق اجتماعي وهو موضوع الفرع الأول أو بحث طبي ونفسي وهو موضوع الفرع الثاني.
الفرع الاول
التحقيق الاجتماعي
قبل أن يلجأ المحقق إلى استجواب المتهم يجب أن يكون قد جمع كل المعلومات المتعلقة بالجريمة موضوع الدعوى، فيكون على علم كاف بوقائعها وظروفها، خاصة ما يتعلق منها بوقت ومكان وقوعها، والمضبوطات التي تحصل عليها والطريقة التي تمت بها كما أن دراسة شخصية المتهم تنفع المحقق في معرفة طبيعة الشخص الذي يتعامل معه. وجرى العمل على أن قاضي التحقيق يبدأ استجواب بحث الشخصية، بأن يطلب من المتهم سرد تاريخ حياته، وبيان حالته الاجتماعية والعائلية، والعلمية، ويحاول معرفة سلوكه وأخلاقه وسوابقه . ويختلف أسلوب توجيه الأسئلة من شخص لآخر، باختلاف طبيعة كل متهم، فمن واجب القاضي أن يجتهد في كسب ثقة هذا الأخير، بأن يجعل حديثه وديا، يعامله على أنه شخص لم تثبت إدانته بعد، وأنه قد يكون بريئا فيما هو منسوب إليه، لتتوّلد لديه الرغبة في التعاون مع القاضي، ويقدم توضيحات عن حالته. ويبتعد المحقق في هذا الإجراء عن كل ما له شأن بموضوع الجريمة، وعلى وجه خاص كل ما يتصل بأوجه الإثبات، فتحرم الأسئلة التي تناقش الوقائع المادية أو تتعلق بالأدلة والقرائن، كما تستبعد الاستفسارات التي تبحث عن تبريرات الفعل. وإذا لم يتمكن المحقق من اكتشاف حقيقة المتهم أناب مأمور الضبط القضائي(1)، أو يعتمد على شهود لهم اتصال بالمتهم، للكشف عن جوانب حياته، كالأقارب والأصدقاء والزملاء في العمل، لأن القاضي مكلف بالحصول على أكبر قدر من المعلومات عن شخصية المتهم.
وهذا الإجراء ملزم في الجنايات (المادة 68 /8 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري)، فلا يجوز للقاضي أن ينهي تحقيقه في هذا النوع من الجرائم دون أن ينوه في ملف الدعوى عن المعلومات التي توصل إليها، أما في الجنح فقد جعله القانون اختياريا، وترك لقاضي التحقيق تقدير القيام به. في حين نرى أنه من الأجدر بالمشرع أن يتخذ موقفا موحدا بالنسبة لجميع أنواع الجرائم، فهناك جنح تكون في معناها أشد خطرا من النتائج التي قد تسفر عنها بعض الجنايات.
الفرع الثاني
البحث الطبي والطبي النفسي
الغرض منه هو بيان إمكانيات المتهم الصحية الجثمانية والأزمات المرضية التي مر بها، ومستويات تفكيره، وحالته العقلية ومرتبة ذكائه، وقدرته على التصرف ومواجهة الظروف، وقوة انتباهه وتركيزه ومدى إدراكه للأفعال التي ارتكبها. والخبير هنا يوجه الأسئلة المختلفة دون أن يكون مقيدا بشكليات الاستجواب، سواء كان بحضور قاضي التحقيق أو المحامي أو في غيابهما، يتقيد فقط بالمدة المحددة له واللازمة لتقديم تقريره، وإذا تأخر ولم يقدم تقريره في الميعاد المحدد له، جاز للقاضي ندب غيره بدلا منه، ونصت على هذا الحكم المادة 68/9 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، ولا يلتزم القاضي بإجرائه حتى في مواد الجنايات، إذ ترك له المشرع أمرتقدير إجرائه، كما يجوز للمحامي أو المتهم طلب اتخاذه، وليس للقاضي أن يرفض إلا بقرار مسبب. ومما جرى عليه العمل أن تقرير الخبير ليس ملزما للقاضي، له أن يأخذ به أو يتركه كله أو بعضه، كما أن له أن ينتدب خبيرا آخر أو أكثر للقيام بالبحث نفسه. وعمل الخبير فني بحت، ليس له البحث عن الإدانة، لأن هذا الإجراء محاط بضمانات خاصة، فلا يتعرض للظروف الموضوعية للدعوى، فإذا أدلى المتهم باعترافات، حافظ عليها الخبير، ولا يخبر المحقق إلا ما يتصل بالمهمة التي ندب لها، لأنه مكلف بعدم الإفشاء بها، خاصة وأن مهمته لا تدخل في موضوع الجريمة.
أجاز المشرع الجزائري في المادة 151/3 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري للخبراء الأطباء المكلفين بفحص المتهم، أن يوجهوا إليه الأسئلة اللازمة لأداء مهمتهم بغير حضور قاضٍ ولا محام، لأن عملهم قد يستغرق وقتا طويلا، وقد تتعطل فيه إجراءات الدعوى إذا تركها المحقق وتفرغ للخبير، ووجود القاضي قد يضع المتهم في موقف حرج، فلا يطمئن له ويخشى من أن تؤخذ أقواله ضده في الإثبات.
ونظم المشرع أعمال الخبرة فنص في المادة 151/3 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على أنه إذا رأى الخبير محلا لاستجواب المتهم، فإن هذا الإجراء يجب أن يتخذ بمعرفة قاضي التحقيق، وفي هذه الحالة يتخذ هذا الإجراء من القاضي في حضور الخبير مع مراعاة الشروط المقررة بالمواد 105-106 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، على أساس أن ضمان استدعاء المحامي والسماح له بالحضور، أو وضع ملف الدعوى تحت تصرفه، إذا كان واجب احترامه في الاستجوابات العادية، فمن الأجدر احترام هذا الضمان بالنسبة لاستجواب الخبير، ولا يتخذ هذا الإجراء قبل أن يتخذ المحقق مع المتهم شكليات استجواب الحضور الأول، التي تتمثل في إحاطته علما بحقوقه خاصة ما يتعلق منها بمساعدة المحامي. إلا انه يجوز للمتهم أن يتنازل عن مساعدة محاميه له في جلسة أو أكثر من جلساته مع الخبير، على أن يكون تنازله في إقرار مكتوب يسلم إلى الخبير ويرفق بتقرير هذا الأخير المادة 151/3 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري .
وطبقا للمادة 68/8 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، قاضي التحقيق هو السلطة المختصة باستجواب بحث الشخصية، ليس لمأمور الضبط القضائي القيام به من تلقاء نفسه أثناء جمعه الاستدلالات وسؤال المتهم، أو قيامه بعمل تحقيق معين في الحالات المصرح له بها، كما لا يحق لقضاء الحكم، ولا ممثل النيابة أن يأمر بهذا الإجراء، حتى في الجرائم المتلبس بها، لأنه لا يدخل في نطاق تطبيق المادة 68/9 السالف ذكرها، كما لا يحق للمدعي المدني طلب بحث شخصية المتهم لأنه لا علاقة له بتقدير العقوبة، خاصة وأن عدم إجرائه لا يؤثر في المحافظة على حقوقه. واستجواب بحث الشخصية بشقيه، التحقيق الاجتماعي والبحث الطبي والطبي النفسي، يكمل كل منهما الآخر، فلا يفسر أحدها دون الاستعانة بالثاني، يؤلفان معا ما يسمى بملف الشخصية للمتهم.
وهو يشبه الاستجواب الموضوعي إذ يتضمن كل منهما المناقشة التفصيلية والدقيقة، إلا أن استجواب بحث الشخصية يفقد عنصر المجابهة بالأدلة المضادة، لهذا أجمع الرأي على عدم اعتباره استجوابا بالمعنى الضيق له، لأنه لا يبحث في أدلة الاتهام، ولا أثر له في إثبات الجريمة أو نفيها(2).
____________________
1- نظرا لعدم خطورة إجراء استجواب بحث الشخصية على حق الدفاع ، أجاز المشرع لمأموري الضبط القضائي إجراءه ، على خلاف ما نصت عليه المادة ( 139 ) إجراءات في خصوص الاستجواب الموضوعي .
2-( Bernard) Bouloc : L’acte d’instruction général de droit et de jurisprudence ,Thèse, Paris1965 ,P. 392
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|