أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2017
660
التاريخ: 31-1-2018
652
التاريخ: 26-1-2018
697
التاريخ: 9-10-2017
708
|
استقر رأي القادة الاتراك على ترشيح احمد بن المعتصم، إذ اجتمع " بغا الكبير وبغا الصغير واوتامش ومن معهم فاستحلفوا قواد الاتراك والمغاربة والاشروسنية ... على أن يرضوا بمن يرضى به بغا الكبير وبغا الصغير واوتامش ... فحلف القوم" (1) .
وبمجيء المستعين الى الخلافة أصبح القادة الاتراك ومواليهم أصحاب الحل والعقد في الدولة، على الرغم من تصدي خلفاء بني العباس في ذلك الوقت ومقاومتهم للأتراك بشدة (2) .
تنازع القادة الاتراك على السلطة :
لقد منح المستعين بالله القادة الاتراك صلاحيات واسعة فضلاً عن تقليدهم أرفع المناصب في الجيش والادارة والوزارة والحجابة ودار الخلافة (3)، وكان النزاع شديداً بين القادة الاتراك، إذ قال باغر (*) لجماعته: " الزموا الدار حتى نقتل المستعين ووصيف وبغا ونجيء بعلي بن المعتصم أو بأبن الواثق ونجعله خليفة، حتى يكون الأمر لنا، كما هو لهذين اللذين استوليا على أمر الدنيا، وبقينا نحن في غير شيء " (4) .
ثم قتل الاتراك اوتامش وهذا هيأ للمستعين الفرصة في تعيين وزير له هو عبد الله بن محمد بن يزداد (*) وقد حل محل اوتامش قائد تركي آخر هو باغر ويتصف بالشر والحذر الشديد وكان الخليفة لا يحبه وكذلك القادة الاتراك وصيف وبغا اللذين اجتمع رأيهم على قتله (5) .
مغادرة المستعين الى بغداد ومحاولات استرضائه :
بعد مقتل باغر التركي قرر المستعين الانحدار الى بغداد (6) ليجعل من أهلها سنداً له في صراعه ضد أعدائه من الترك ، وصار وجود الخليفة في بغداد فرصة لاهلها بأن تعود مدينتهم داراً للخلافة (7) وقد غادر مع الخليفة من قادة الترك بغا ووصيف (8) .
وحاول الاتراك من الجند والقادة استرضاء المستعين، وأخبروه بأنهم أخطأوا وطالبوه بالرجوع الى سامراء ، إلا أنه رفض مكتفياً بأنه سوف يرسل أرزاقهم الى سامراء (9) . وقد أشار الطبري قائلاً: " فتضرعوا وقالوا قد اخطأنا وأمير المؤمنين الصادق في كل قوله، ونحن نسأله العفو عنا والصفح عن زلتنا، فقال المستعين، قد صفحت عنكم ورضيت، فقال له بايكباك (*) :" فإن كنت قد رضيت عنا وصفحت فقم فأركب معنا الى سامراء ... وقال لهم المستعين : تصيرون الى سامراء ، فإن ارزاقكم دارة عليكم وانظر في أمري ها هنا ومقامي" (10).
ولما يأس الترك من اقناعه جاهروا بعدائه واعلنوا خلعه وبايعوا المعتز (11) والراجح أن رفض الخليفة كان بتحريض من وصيف وبغا اللذين أدركا ان عودة الخليفة هزيمة لهما قد تؤدي الى تجريدهما من منصبيهما وربما الى قتلهما (12) .
حصار بغداد:
بعد أن رفض المستعين بالله عرض القادة الاتراك بالعودة إلى سامراء وترك بغداد، لم يكن أمام القادة الاتراك في سامراء إلا خلع المستعين واخراج المعتز من السجن ومبايعته بالخلافة (13).
وهذا يعني أن هناك خليفتين أحدهما في بغداد وهو المستعين بالله والآخر في سامراء وهو المعتز، وعقد المعتز لاخيه أبي أحمد بن المتوكل وهو الموفق على حرب المستعين وضم اليه الجيش وجعل إليه الامور كلها، فسار في خمسين ألفاً من الاتراك والفراغنة والفين من المغاربة ، فلما بلغ عكبرا (*) صلى بها وخطب للمعتز (14) ، بينما أوكل المستعين بالله أمر الدفاع عن بغداد الى محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين وأمره بتحصين بغداد فتقدم في ذلك (15) .
التدابير التي اتخذها المستعين لمواجهة الترك :
اتخذ المستعين بالله التدابير اللازمة لمواجهة قوات الترك الزاحفة نحو بغداد والتي كانت بقيادة أبي أحمد بن المتوكل، الذي أوكل إليه المعتز قيادة الجيوش، إذ أمر المستعين بتحصين بغداد، واستعانوا بقوم من خراسان قدموا حجاجاً واستعان بالعياريين ، وأمر بحمل خراج البلدان الى بغداد وأمر بكسر القناطر وثبق المياه في الأنبار لقطع طريق الترك اليها، وقطع الميرة عن أهل سامراء سواء المنحدرة من الموصل أو الصاعدة من بغداد، وأمر محمد بن عبد الله ابن طاهر بأن يجند قسم من أهالي بغداد ، كما استعان بقسم من العياريين برئاسة عرفائهم وعملت لهم ترأس من البواري المقيرة ومخال تملأ بالحجارة (16) .
وكتب المستعين الى ولاة الخراج في كل بلدة وموضع قبل بدء القتال أن يرسلوا الوارد الى بغداد لا الى سامراء، كما حاول كل من الخلفيتين استمالة أتباع صاحبه والاستعانة بالفرق الموجودة في الخارج، وكذلك كتب المستعين الى الاتراك الموجودين في سامراء يأمرهم بنقض بيعة المعتز ومراجعة الوفاء له (17).
ثم توالت فرق المعتز بين شهري صفر وربيع الاول سنة (251هـ) وأحاطت بمدينة بغداد من الجانبين . إذ يقدر عددها في الجانب الغربي باثني عشر ألف مقاتل وفي الجانب الشرقي بسبعة آلاف مقاتل (18) .
______________
(1) الطبري، الرسل والملوك ، ج9، ص 256؛ ابن العبري، تأريخ مختصر الدول، ص 146؛ الكتبي، محمد بن شاكر بن أحمد( ت 764هـ)، فوات الوفيات ، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد ، مطبعة السعادة ، ( مصر ـ 1951)، ج1، ص 126.
(2) الحيدري، صلاح عبد الهادي، الادارة العباسية في فترة التسع سنوات 247ـ 256هـ، مجلة الآداب ، جامعة البصرة، العدد19، 1981، ص 44.
(3) ابن عبد ربه ، العقد الفريد، ج5، ص 124؛الاربلي، خلاصة الذهب، ص 229
(*) باغر: قائد تركي كان شجاعاً يتقيه بغا وغيره ، اراد قتل المستعين ولكنه قتل من قبل وصيف وبغا سنة 251هـ.
الطبري، الرسل والملوك ، ج9، ص 263ـ264؛ ابن الاثير ، الكامل، ج7، ص123ـ124.
(4) الطبري، الرسل والملوك ، ج9، ص 279ـ 280.
(*) محمد بن عبد الله بن يزداد: وزير المستعين كان عنده ادب، وكانت توقيعاته واجوبته من أحسن التوقيعات والاجوبة .
ابن الابار ، محمد بن صالح (ت 658هـ)، أعتاب الكتّاب ، تحقيق: صالح الاشتر ، مطبوعات مجمع اللغة العربية ( دمشق ـ 1961)، ص 116.
(5) الطبري، الرسل والملوك ، ج9، ص 280؛ مسكويه ، تجارب الامم، ج6، ص 577.
(6) الطبري، الرسل والملوك ، ج9، ص 281؛ ابن البطريق، سعيد(ت 328هـ)، نظم الجوهر ، أو كتاب التاريخ المجموع على التصديق ، مطبعة الآباء اليسوعيين ، (بيروت ـ 1909) ، ص 25؛ غرس النعمة ، أبي الحسن محمد بن هلال الصابيء(ت480هـ)، الهفوات النادرة، تحقيق: صالح الاشتر، الطبعة الاولى ، مطبوعات مجمع اللغة العربية ، ( دمشق ـ 1967) ،ص 19ـ 20؛ العش، يوسف، تأريخ عصر الخلافة العباسية ، دار الكتاب ، ( مصر ـ 1968) ، ص 106.
(7) محمود ، العالم الاسلامي ، ص 336.
(8) مسكويه ، تجارب الامم ، ج6، ص 577؛ ابن الاثير، الكامل، ج7، ص 139؛ العش، تأريخ عصر الخلافة العباسية ، ص 106.
(9) الطبري، الرسل والملوك ، ج9، ص 282؛ التدمري، وليد بن محمد التدمري، في السياسة والادب ، الورقة 10 ب، ( الفه سنة 406هـ)، مخطوطة مصورة في مكتبة نبيلة عبدالمنعم، نقلاً عن رسالة ماجستير لسميعة عزيز محمود ، الوزارة العباسية من 247ـ 590هـ .
(*) بايكباك: قائد تركي مشاغب من أهل البغي والفساد ،كان ضمن وفد الاتراك الذين جاؤوا من سامراء الى بغداد لأقناع الخليفة المستعين بالعودة الى سامراء .
الطبري، الرسل والملوك ، ج9، ص 283ـ284؛ ابن الاثير، الكامل ، ج7، ص142.
(10) الرسل والملوك ، ج9، ص 283ـ 284.
(11) مسكويه، تجارب الامم ، ج6، ص 578ـ 579؛ ابن الاثير، الكامل، ج7، ص 142.
(12) محمود ، العالم الاسلامي ، ص 337.
(13) الطبري ،الرسل والملوك ، ج9، ص 285؛ الخطيب البغدادي، تأريخ بغداد، ج2، ص121؛ ابن دحية، عمر بن حسن بن علي المعروف بذي النسبين دحية والحسين (ت633هـ)، النبراس في تأريخ خلفاء بني العباس ، الطبعة الاولى، مطبعة المعارف، (بغداد ـ 1946)، ص 86؛ الذهبي، دول الاسلام ، ج1، ص 110.
(*) عكبرا: اسم بليدة من نواحي دجيل قرب صريفين وأوانا بينها وبين بغداد عشرة فراسخ.
ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج4، ص 142.
(14) اليعقوبي ، تأريخ ، ج2، ص 350؛ ابن الاثير، الكامل، ج7، ص 145؛ الذهبي، محمد بن عثمان بن قايماز التركماني(ت 748هـ)؛ العبر في خبر من غبر، تحقيق: صلاح الدين المنجد، مطبعة حكومة الكويت، ( الكويت ـ 1961)، ج2، ص 2.
(15) الطبري، الرسل والملوك ، ج9، ص 287؛ ابن الاثير، الكامل ، ج7، ص 143؛ فوزي، فاروق عمر ، العباسيون الاوائل، الطبعة الثانية، مطبعة جامعة بغداد، ( بغداد ـ 1977) ، ج1، ص 258.
(16) الطبري، الرسل والملوك ، ج9، ص 287ـ288.
(17) ابن الاثير، الكامل، ج7، ص 144.
(18) الطبري، الرسل والملوك ، ج9، ص 315؛ الدوري ، دراسات في العصور العباسية المتأخرة ، ص 64.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|