أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-8-2017
624
التاريخ: 17-9-2017
817
التاريخ: 17-9-2017
698
التاريخ: 26-8-2017
1333
|
تسلّم المأمون زمام الحكم بعد حرب دامية أستمرت خمس سنين قتل فيها آلاف القادة والجنود، وحدث تفتت في البيت العباسي وأنقسم إلى قسمين، مؤيدين ومعارضين لحكم المأمون (1) .
وعلى الرغم من إضفاء الشرعية على حكمه ومساندة بعض الفقهاء والقضاة له، إلا أن كثيراً من المسلمين كانوا يرونه مغتصباً للخلافة، ونتيجة للظلم المتراكم على طول عهود العباسيين، وإنحرافهم عن النهج الإسلامي، تفاعلت روح الثورة والتمرد في نفوس المسلمين، من الثوار، ومن الموالين لأخيه الأمين .
وكانت سنة 199هـ/ 814م فاتحة لثورة عظيمة قادها العلويون، إذ خرج أبو السرايا السري بن منصور الشيباني (2) بالعراق ومعه محمد بن إبراهيم بن إسماعيل الحسني (3)، وضرب أبو السرايا الدراهم بالكوفة وسيّر جيوشه إلى البصرة وواسط ونواحيها (4). وتوزعت الثورة على عدة جبهات: جبهة البصرة بقيادة العباس بن محمد بن عيسى الجعفري وجبهة مكة بقيادة الحسين بن الحسن الأفطس، وجبهة اليمن بقيادة ابراهيم بن موسى بن جعفر (عليه السلام)، وجبهة فارس بقيادة إسماعيل بن موسى بن جعفر، وجبهة الأحواز بقيادة زيد بن موسى بن جعفر (عليه السلام). وجبهة المدائن بقيادة محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن (عليه السلام) (5) .
وقد نشأ ابن طباطبا في جو مفعم بالسخط والغضب على العباسيين الذين سلبوا حق بني عمومتهم، وأساؤا إليهم وسجنوهم، ونكّلوا بهم. هذا وكانت المدينة في السنة التي ولد فيها ابن طباطبا غارقة في ثورة الحسين شهيد فخ، وكان أهل المدينة حانقين على العباسيين كارهين لخلافتهم. لهذا كان ابن طباطبا مهيئاً للثورة على العباسيين (6). وينعكس هذا الشعور في نفسيته إذ يقول :
وكنت على جدٍ من أمري فزادني *** إلى الجد جداً ما رأيت من الظلم (7)
ويروى عنه أنه: "بينما ابن طباطبا في بعض الأيام يمشي في طرق الكوفة إذ نظر إلى عجوز تتبع أحمال الرطب (8)، فتلتقط ما يسقط منها، فتجمعه في كساء عليها رث، فسألها عما تصنع بذلك، فقالت: إني إمرأة لا رجل لي يقوم بمؤنتي، ولي بنات لا يعدن على أنفسهن بشيء، فأنا أتتبع هذا من الطريق، وأتقوته أنا وولدي. فبكى بكاءاً شديداً وقال: أنتِ والله وأشباهك تخرجوني غداً حتى يسفك دمي" (9) .
كان ابن طباطبا إماماً عالماً، وفقيهاً عابداً، أشتهر بورعه وزهده، وشجاعته بين أهله وشيعته من الزيدية، وكان عالماً بالشعر والأدب، خطيباً شاعراً (10)، ومن أقواله المأثورة: "كل نفس تسمو إلى همّتها، ونعم الصاحب القناعة" (11). وقد مال إليه الناس، وأتبعوه، وعلى الأخص الزيدية، وكان أحد أئمتهم، ذلك أنهم لمسوا فيه من النشاط ما يؤهله لمناهضة الحكم العباسي، فدعوا إلى بيعته وأنضووا تحت لوائه، ثم أن الناس أولوه ثقتهم وركنوا إليه، لتقاربه منهم، وأتصاله بهم عن كثب، وأنصراف بقية آل البيت في المدينة عن الأمور السياسية (12). وأستمرت هذه الثورة أكثر من سنة إلى أن قُضي عليها (13).
___________________
(1) البيشوائي، سيرة الأئمة، ص 423 .
(2) هو: السري بن منصور الشيباني، من ولد هانيء بن قبيصة بن هانيء بن مسعود بن عامر بن عمر بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان، وقيل من تميم، ولقب بالأصفر وبأبي السرايا .
(3) هو: أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، المعروف ﺒ ( ابن طباطبا ) .
(4) ابن كثير، البداية والنهاية، جـ 10، ص 266؛ ابن خلدون، كتاب العبر، جـ 3، ص 243.
(5) الطبري، تاريخ الأمم والملوك، جـ 5، ص 124؛ الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، صص 533-534؛ النعمان، أبو حنيفة ، شرح الأخبار، جـ 3، ص 337؛ ابن خلدون، كتاب العبر، جـ 3، ص 243 .
(6) الشكرجي، نعيمة عبد الكريم، ثورة أبي السرايا، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة بغداد، 1391هـ/1971م، ص 68.
(7) الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك (ت 764هـ/1362م)، الوافي بالوفيات، تحقيق: هلموت ريتر، ط2، (فيسبادن، فرانز شتاينر، 1381هـ/ 1962م)، جـ 1، ص 339 .
(8) الرطب: نضيح البسر قبل أن يتمر، واحدته رطبة، وجمع الرطب أرطاب ورطاب. وأرطب البسر: صار رطباً.
(9) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 521؛ القرشي، باقر شريف، حياة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، ط2،(قم، منشورات سعيد بن جبير، بلا)، جـ 2، ص 200 .
(10) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 519 .
(11) ابن حمدون، أبو المعالي محمد بن الحسن بن محمد بن علي البغدادي (ت 562هـ/1166م)، التذكرة الحمدونية، تحقيق: إحسان عباس وبكر عباس، (بيروت، دار صادر، 1416هـ/1996م)، جـ 7، ص 211 .
(12) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 519 .
(13) العصفري، تاريخ خليفة بن خياط، ص 286؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، جـ 2، ص413؛ ابن كثير، البداية والنهاية، جـ 10، ص 267 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|