اخبار القران عن صيانة النبي عن أذى الناس
المؤلف:
الشيخ جعفر السبحاني
المصدر:
مفاهيم القران
الجزء والصفحة:
ج3 ، ص362-364.
27-01-2015
1766
قال سبحانه :
{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
} ( المائدة ـ 67 ).
أصفقت صحاح السنّة (1) ، وأحاديث الشيعة المتواترة (2) على أنّ الآية نزلت يوم الغدير ، حينما أمره سبحانه أن ينصب علياً (عليه السلام) إماماً للناس ، وكان النبي على حذر من الناس في تنصيب علي للخلافة ، فأخبره الله سبحانه بأنّه سيعصمه من أذى الناس وشرّهم ، ولا يصلون إليه بقتل ولا يتمكنون من اغتيال شخصه الشريف وتحققت نبوءة القرآن وصدّق الخبر الخبر.
ولو فرضنا صحاح القوم ولم نعتقد بما أثبته المتواتر من الروايات ، وقلنا إنّ المراد من الناس هم المشركون وأعداء الإسلام ، الذين أضمروا في أنفسهم عداء لقائده ، فالآية متضمنة للتنبّؤ بالغيب أيضاً ، إذ لم يتمكن أحد من أعداء الإسلام أن يقتله ، مع كثرة عددهم ووفرة استعدادهم ، وكانوا يتربصون به الدوائر ، ويتحيّنون به الفرص ، للايقاع به والقضاء عليه ، وعلى دعوته وهو أضعف منهم استعداداً وأقل جنوداً ، فمن الذي يملك هذا الوعد إذن ، إلاّ الله الذي يغلِب ولا يغلَب.
وقال سبحانه :
{ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
} ( الحجر : 94 ـ 96 ) أخبر سبحانه عن أنّه يكفيه عن أذى المستهزئين ومؤامراتهم ، وقد كفاه الله أشرف كفاية لم تكن تتعلق بها الآمال بحسب العادة ، وقد بان للمشركين وعلموا ما في قوله سبحانه في آخر الآية :
{ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
}
روى البزاز والطبراني عن أنس بن مالك أنّها نزلت عند مرور النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) على أناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه ، ويقولون هذا الذي يزعم أنّه نبي ومعه جبرئيل (3) فأخبرت الآية عن ظهور دعوة النبي ، وانتصاره على أعدائه ، وخذلانه للمشركين الذين ناووه واستهزأوا بنبوّته واستخفّوا بأمره ، وكان هذا الإخبار في زمان لم يخطر فيه على بال أحد من الناس ، اندحار قريش ، وانكسار شوكتهم وظهور النبي عليهم.
قال الطبرسي : أي كفيناك شر المستهزئين واستهزاءهم بأن أهلكناهم وكانوا خمسة نفر من قريش أو ستة ثم ذكر أسماءهم وكيفية هلاكهم (4)
قال سبحانه :
{ وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ
} ( النساء ـ 113 ) والمراد من الإضرار هو القتل فالله سبحانه حافظه وناصره.
_______________________
1. راجع الغدير ج 1 ص 194 ـ 217.
2. راجع غاية المرام ص 335.
3. لباب العقول ص 133.
4. مجمع البيان ج 3 ص 346.
الاكثر قراءة في الإعجاز الغيبي
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة