ِِسبب قتله وكيف جرى الامر(عليه السلام)					
				 
				
					
						
						 المؤلف:  
						  محمد بن محمد بن النعمان المفيد					
					
						
						 المصدر:  
						الارشاد في معرفة حجج الله على العباد					
					
						
						 الجزء والصفحة:  
						ص22-26.					
					
					
						
						19-01-2015
					
					
						
						4212					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				ما رواه جماعة من أهل السير : منهم أبو مخنف لوط بن يحيى, وإسماعيل بن راشد وأبو هشام الرفاعي، وأبو عمرو الثقفي، وغيرهم، أن نفرا من الخوارج اجتمعوا بمكة، فتذاكروا الامراء فعابوهم وعابوا أعمالهم عليهم وذكروا أهل النهروان وترحموا عليهم، فقال بعضهم لبعض: لو أنا شرينا أنفسنا الله، فأتينا أئمة الضلال فطلبنا غرتهم فأرحنا منهم العباد والبلاد، وثأرنا بإخواننا للشهداء بالنهروان، فتعاهدوا عند انقضاء الحج على ذلك، فقال عبدالرحمن بن ملجم: أنا أكفيكم عليا، وقال البرك بن عبدالله التميمي: أنا أكفيكم معاوية، وقال عمرو بن بكر التميمي: أنا أكفيكم عمرو بن العاص وتعاقدوا على ذلك وتوافقوا عليه وعلى الوفاء واستعدوا لشهر رمضان في ليلة تسع عشرة، ثم تفرقوا.
فأقبل ابن ملجم - وكان عداده في كندة - حتى قدم الكوفة، فلقي بها أصحابه فكتمهم أمره مخافة أن ينتشر منه شئ.
فهو في ذلك إذا زار رجلا من أصحابه ذات يوم - من تيم الرباب - فصادف عنده قطام بنت الاخضر التميمية.
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) قتل أباها وأخاه بالنهروان، وكانت من أجمل نساء زمانها. فلما رآها ابن ملجم شغف بها واشتد إعجابه بها، فسأل في نكاحها وخطبها فقالت له: ما الذي تسمي لي من الصداق؟.
فقال لها: احتكمي ما بدا لك، فقالت له: أنا محتكمه عليك ثلاثة آلاف درهم، ووصيفا وخادما، وقتل علي بن أبي طالب، فقال لها: لك جميع ما سألت، وأما قتل علي بن أبي طالب فأني لي بذلك؟.
فقالت: تلتمس غرته، فإن أنت قتلته شفيت نفسي وهناك العيش معي، وإن قتلت فما عند الله خير لك من الدنيا.
 
فقال: أما والله ما أقدمني هذا المصر - وقد كنت هاربا منه لا آمن مع أهله - إلا ما سألتني من قتل علي بن أبي طالب، فلك ما سألت، قالت: فأنا طالبة لك بعض من يساعدك على ذلك ويقويك.
ثم بعثت إلى وردان بن مجالد - من تيم الرباب - فخبرته الخبر وسألته معونة ابن ملجم.
 
فتحمل ذلك لها وخرج ابن ملجم فأتى رجلا من أشجع يقال له: شبيب بن بجرة.
فقال يا شبيب، هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟.
قال: وما ذاك؟.
قال: تساعدني على قتل علي بن أبي طالب.
وكان شبيب على رأي الخوارج، فقال له: يا ابن ملجم هبلتك الهبول، لقد جئت شيئا إدا، وكيف تقدر على ذلك؟.
فقال له ابن ملجم: نكمن له في المسجد الاعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به، وإن نحن قتلناه شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنا فلم يزل به حتى أجابه.
 
فأقبل معه حتى دخلا المسجد على قطام - وهي معتكفة في المسجد الاعظم، قد ضربت عليها قبة - فقال لها: قد اجتمع رأينا على قتل هذا الرجل، قالت لهما: فإذا أردتما ذلك فالقياني في هذا الموضع. 
فانصرفا من عندها فلبثا أياما، ثم أتياها ومعهما الآخر ليلة الاربعاء لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم، وتقلدوا أسيافهم ومضوا وجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الصلاة، وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الاشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، وواطأهم عليه، وحضر الاشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه. 
وكان حجر بن عدي (رحمة الله عليه ) في تلك الليلة بائتا في المسجد، فسمع الاشعث يقول لابن ملجم: النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح، فأحس حجر بما أراد الاشعث فقال له: اقلته يا أعور، وخرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فيخبره الخبر ويحذره من القوم وخالفه أمير المؤمنين (عليه السلام) فدخل المسجد، فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف، وأقبل حجر والناس يقولون: قتل أمير المؤمنين قتل أمير المؤمنين.
 
وذكر محمد بن عبدالله بن محمد الازدي قال: إني لأصلي في تلك الليلة في المسجد الاعظم من رجال من أهل المصر كانوا يصلون في ذلك  الشهر من أوله إلى آخره، إذ نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة وخرج علي ابن أبي طالب (عليه السلام) لصلاة الفجر، فأقبل ينادي (الصلاة الصلاة فما أدري أنادي أم رأيت بريق السيوف وسمعت قائلا يقول: لله الحكم - يا علي لا لك ولا أصحابك.
وسمعت عليا (عليه السلام) يقول: لا يفوتنكم الرجل فإذا علي (عليه السلام) مضروب وقد ضربه شبيب بن بجرة فأخطأه ووقعت ضربته في الطاق، وهرب القوم نحو أبواب المسجد وتبادر الناس لأخذهم.
فأما شبيب بن بجرة فأخذه رجل فصرعه وجلس على صدره، وأخذ السيف من يده ليقتله به، فرأى الناس يقصدون نحوه فخشي أن يعجلوا عليه ولا يسمعوا منه.
فوثبت عن صدره وخلاه وطرح السيف من يده، ومضى شبيب هاربا حتى دخل منزله، ودخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره، فقال له: ما هذا، لعلك قتلت أمير المؤمنين؟.
فأراد أن يقول: لا، فقال: نعم، فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه، ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.
وأما ابن ملجم، فإن رجلا من همدان لحقه فطرح عليه قطيفة كانت في يده، ثم صرعه وأخذ السيف من يده، وجاء به إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأفلت الثالث فانسل بين الناس.
فلما ادخل ابن ملجم على أمير المؤمنين (عليه السلام) نظر إليه ثم قال: النفس بالنفس، إن أنامت فاقتلوه كما قتلني.
وإن سلمت رأيت فيه رأيي  فقال ابن ملجم : والله لقد ابتعته بألف وسممته بألف، فإن خانني فأبعده الله.
قال: ونادته أم كلثوم: يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إنما قتلت أباك.
قالت: يا عدوالله.إني لأرجو لا يكون عليه بأس، قال لها: فأراك إنما تبكين عليه إذا والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الارض لا هلكتهم.
فاخرج من بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) وإن الناس لينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع وهم يقولون: يا عدو الله، ماذا فعلت !؟ أهلكت أمه محمد وقتلت خير الناس وإنه لصامت ما ينطق فذهب به إلى الحبس.
وجاء الناس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالوا له: يا أمير المؤمنين مرنا بأمر في عدوالله، فلقد أهلك الامة وأفسد الملة.
فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): إن عشت رأيت فيه رأيي، وإن هلكت فاصنعوا مايصنع بقاتل النبي اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار.
قال: فلما قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) وفرغ أهله من دفنه، جلس الحسن (عليه السلام) وأمر أن يؤتى بابن ملجم، فجئ به.
فلما وقف بين يديه قال له: يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين، وأعظمت الفساد في الدين  ثم أمر به فضربت عنقه، واستوهبت أم الهيثم بنت الاسود النخعية جيفته منه لتتولى إحراقها، فوهبها لها فأحرقتها بالنار.
وفي أمر قطام وقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول الشاعر:
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام من فصيح وأعجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وضرب علي بالحسام المصمم
ولا مهر أغلى من علي وإن غلا * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم
وأما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم لعنهم الله أجمعين في العقد على قتل معاوية وعمرو بن العاص، فإن أحدهما ضرب معاوية وهو راكع فوقعت ضربته في أليته ونجامها، فأخذ وقتل من وقته.
وأما الآخر فإنه وافى عمرا في تلك الليلة وقد وجد علة فاستخلف رجلا يصلي بالناس يقال له: خارجة بن أبي حببة العامري، فضربه بسيفه وهو يظن أنه عمرو.
فأخذ وأتي به عمرو فقتله، ومات خارجة في اليوم الثاني.
				
				
					
					
					 الاكثر قراءة في  شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة					
					
				 
				
				
					
					
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة