1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

التاريخ : التاريخ الاسلامي : الدولة العباسية : الدولة العباسية * :

من احوال بني العباس

المؤلف:  باقر شريف القرشي

المصدر:  اعلام الهداية الإمام محمد الجواد

الجزء والصفحة:  الفصل السابع، ص25- 33

20-6-2017

1885

الحياة الاقتصادية:

جهد الإسلام على تطوير الحياة الاقتصادية وازدهارها، واعتبر الفقر كارثة مدمّرة يجب القضاء عليه بكافة الطرق والوسائل، وألزم ولاة الأمور والمسؤولين أن يعملوا جاهدين على تنمية الاقتصاد العام، وزيادة دخل الفرد، وبسط الرخاء والرفاهية بين الناس ليسلم المسلمون من الشذوذ والانحراف الذي هو - على الأكثر - وليد الفقر والحرمان، وكان من بين ما عنى به أنّه حرّم على ولاة الأمور إنفاق أموال الدولة في غير صالح المسلمين، ومنعهم أن يصطفوا منها لأنفسهم وأقربائهم، ومن يمتّ إليهم، ولكن ملوك بني العباس قد جافوا ما أمر به الإسلام في هذا المجال فاتّخذوا مال الله دولاً وعباد الله خولاً، وأنفقوا أموال المسلمين على شهواتهم وملاذهم من دون أن يتحرّجوا في ذلك، وقد أدّت هذه السياسية الملتوية إلى أزمات حادّة في الاقتصاد العام، فقد انقسم المجتمع إلى طبقتين: الأولى الطبقة الراقية في الثراء التي لا عمل لها إلاّ التبطّل واللهو، والأخرى الطبقة الكادحة التي تزرع الأرض، وتعمل في الصناعة، وتشقى في سبيل أولئك السادة من أجل الحصول على فتات موائدهم، وترتّب على فقدان التوازن في الحياة الاقتصادية انعدام الاستقرار في الحياة السياسية والاجتماعية على السواء(1) وسنتحدّث - بإيجاز - عن شؤون الحياة الاقتصادية في ذلك العصر:

واردات الدولة:

أما واردات الدولة الإسلامية في العصر العباسي الذي عاش فيه الإمام أبو جعفر الجواد (عليه السلام) فقد كانت ضخمة للغاية، فقد أحصى ابن خلدون الخراج في عهد المأمون فكان مجموعه ما يزيد على 400 مليون درهم (2)، وقد بلغ من سعة المال ووفرته أنّه كان لا يُعدّ، وإنما كان يوزن، فكانوا يقولون: إنه بلغ ستة أو سبعة آلاف قنطار من الذهب (3)، وقد حسب عامل المعتصم على الروم خراجها فكان أقلّ من ثلاثة آلاف ألف، فكتب إليه المعتصم يعاتبه، وممّا جاء في عتابه: (إنّ أخسّ ناحية عليها أخس عبيدي خراجها أكثر من خراج أرضك)(4). ومن المؤسف أنّ هذه الأموال الوفيرة لم تنفق على تقدم المسلمين وتطوير حياتهم، وإنما كان الكثير منها يصرف على الشهوات والملذّات، وقد عكست تلك الأموال الهائلة ترف بغداد في ذلك العصر ذلك الترف الذي تحكيه قصص (ألف ليلة وليلة) التي مثّلت حياة اللهو في ذلك العصر.

التهالك على جمع المال:

وتهالك الناس في ذلك العصر على جمع المال بكلّ وسيلة سواءً كانت مشروعة أم غير مشروعة، فقد أصبح المال هو المقياس في قيم الرجال، وأخذ يتردّد في الأمثلة الجارية في بغداد (المال مال، وما سواه محال) وتوسّل الناس إلى جمعه بكلّ طريق لا يعفون عن محرم، ولا يتورّعون عن خبيث، وأصبح الخداع والغشّ هو الوسيلة في جمعه (5).

تضخّم الثروات:

وتضخّمت الثروات الهائلة عند بعض الناس خصوصاً في بغداد التي هي عاصمة العالم الإسلامي، فقد وجدت فيها طبقة رأسمالية كانت تملك الملايين، وكذلك البصرة فقد ضمّت طبقة كبيرة من أهل الثراء العريض فقد كانت البصرة ثغر العراق والمركز التجاري الخطير الذي يصل بين الشرق والغرب، وتستقبل متاجر الهند، وجزر البحار الشرقية، ومن أجل ذلك سمّيت البصرة أرض الهند وأمّ العراق (6).

نفقات المأمون في زواجه:

وكان من ألوان ذلك الإسراف والبذخ في أموال المسلمين هو ما أنفقه المأمون من الأموال الطائلة المذهلة في زواجه بالسيدة بوران فقد أمهرها ألف ألف دينار، وشرط عليه أبوها الحسن بن سهل أن يبني بها في قريته الواقعة (بفم الصلح) فأجابه إلى ذلك، ولما أراد الزواج سافر إلى (فم الصلح) ونثر على العسكر الذي كان معه بألف ألف دينار وكان معه في سفره ثلاثون ألفاً من الغلمان الصغار والخدم الصغار والكبار وسبعة آلاف جارية... وعرض العسكر الذي كان معه فكان أربع مائة ألف فارس، وثلاثمائة ألف راجل.. وكان الحسن بن سهل يذبح لضيوفه ثلاثين ألف رأس من الغنم، ومثليها من الدجاج، وأربع مائة بقرة، وأربعمائة جمل وسمّى الناس هذه الدعوة (دعوة الإسلام) ولكن هذا ليس من الإسلام في شيء، فإنّ الإسلام قد احتاط كأشدّ ما يكون الاحتياط في بيت مال المسلمين فحرم إنفاق أي شيء في غير صالحهم.

وحينما بنى المأمون ببوران نثروا من سطح دار الحسن بن سهل بنادق عنبر فاستخفّ بها الناس، وزهدوا فيها، ونادى شخص من السطح قائلاً: كلّ من وقعت بيده بندقة فليكسرها فإنّه يجد فيها رقعة، وما فيها له وكسر الناس البنادق فوجدوا فيها رقاعاً في بعضها تحويل بألف دينار وفي أخرى خمسمائة دينار إلى أن تصل إلى المائة دينار، وفي بعضها فرس وفي بعضها عشرة أثواب من الديباج، وفي بعضها خمسة أثواب، وفي بعضها غلام، وفي بعضها جارية، وحمل كلّ من وقعت بيده رقعة إلى الديوان واستلم ما فيها (7) كما أنفق على قادة الجيش فقط خمسين ألف ألف درهم (8) .

ولمّا كانت ساعة الزفاف أجلست بوران على حصير منسوج من الذهب ودخل عليها المأمون ومعه عمّاته وجمهرة من العبّاسيّات فنثر الحسن بن سهل على المأمون وزوجته ثلاثمائة لؤلؤة وزن كلّ واحدة مثقال، وما مدّ أحد يده لالتقاطها، وأمر المأمون عمّاته بالتقاطها، ومدّ يده فأخذ واحدة منها (فالتقطتها العباسيات) .

لقد أنفق الحسن والمأمون هذه الأموال الطائلة على زواجه، وهي من بيت مال المسلمين، وقد أمر الله بإنفاقه على مكافحة الفقر ومطاردة البؤس والحرمان.

ومن الجدير بالذكر أنّ هارون الرشيد لمّا تزوّج بالسيّدة زبيدة صنع وليمة لم يسبق مثلها في الإسلام، فقد جعل الهبات غير محصورة، فكانت أواني الذهب مملوءة بالفضّة، وأواني الفضّة مملوءة بالذهب ونوافج المسك وقِطع العنبر وكان هذا هو الإسراف والتبذير الذي حرّمه الإسلام حفظاً على الاقتصاد العامّ في البلاد.

هبات وعطايا:

ووهب ملوك بني العباس أموال المسلمين بسخاء إلى المغنّين والمغنّيات والخدم والعملاء، فقد غنّى إبراهيم بن المهدي العباسي محمد الأمين صوتاً فأعطاه ثلاثمائة ألف ألف درهم فاستكثرها إبراهيم، وقال له: يا سيدي لو قد أمرت لي بعشرين ألف ألف درهم فقال له الخليفة: هي هي إلاّ خراج بعض الكور(9)، وغنّى ابن محرز عند الرشيد بأبيات مطلعها (واذكر أيام الحمى ثمّ انثن) فاستخفّ به الطرب فأمر له بمائة ألف درهم، وأعطى مثل ذلك للمغني دحمان الأشقر(10) ولمّا تقلّد المهدي العباسي الخلافة وزّع محتويات إحدى خزانات بيت المال بين مواليه وخدمه (11) إلى غير ذلك من الهبات والهدايا التي كانت من الخزينة المركزية التي ألزم الإسلام بإنفاقها على المشاريع الحيوية التي تزدهر بها البلاد.

اقتناء الجواري:

وبدل أن يتّجه ملوك بني العباس إلى إصلاح البلاد وتنميتها الاقتصادية فقد اتّجهوا بنهم وجشع إلى اقتناء الجواري، والمغالاة في شرائها، فقد جلبت إلى بغداد الجواري الملاح من جميع أطراف الدنيا، فكان فيهنّ الحبشيات، والروميّات، والجرجيات، والشركسيات، والعربيات من مولدات المدينة والطائف واليمامة ومصر ذوات الألسنة العذبة، والجواب الحاضر، وكان بينهنّ الغانيات اللاتي يعزفن بما عليهن من اللباس الفاخر وما يتّخذن من العصائب التي ينظمنها بالدرّ والجواهر، ويكتبن عليهنّ بصفائح الذهب (12) وقد كان عند الرشيد زهاء ألفي جارية، وعند المتوكل أربعة آلاف جارية (13) وقد زار الرشيد في يوم فراغه البرامكة فلمّا أراد الانصراف خرجت جواريهم فاصطففن مثل العساكر صفّين صفّين، وغنين وضربن بالعود ونقرن على الدفوف إلى أن طلع مقاصير القصر(14) وكان عند والدة جعفر البرمكي مائة وصيفة لباس كلّ واحدة منهنّ وحليّها غير لبوس الأخرى وحليّها(15) لقد كان اقتناء الجواري بهذه الكثرة من نتائج وفرة المال وكثرته عند هذه الطبقة الرأسمالية التي حارت في كيفيّة صرف ما عندها من الأموال.

التفنّن في البناء:

وتفنّن ملوك بني العباس في بناء قصورهم، فأشادوا أضخم القصور التي لم يشيّد مثلها في البلاد وقد بنوا في بغداد قصر الخلد تشبيهاً له بجنّة الخلد التي وعد الله فيها المتقين، وكان من أعظم الأبنية الإيوان الذي بناه الأمين، وقد وصفه المؤرخون بأنّه جعله كالبيضة بياضاً ثمّ ذهب بالإبريز المخالف بينه باللازورد، وكان ذا أبواب عظام ومصاريع غلاظ تتلألأ فيه مسامير الذهب التي قمعت رؤوسها بالجوهر النفيس وقد فرش بفرش كأنّه صبغ بالدم وقد نقش بتصاوير من الذهب، وتماثيل العقيان، ونضّد فيه العنبر الأشهب والكافور المصعد (16) وقد أنفق جعفر البرمكي على بناء داره نحواً من عشرين مليون درهم (17)، وقد تفنّن الناس في بناء القصور وقد وصفها ابن الجهم بقوله:

صحون تسافر فيها العيون **** وتحســـــر عن بعــــد أقطارها

وقبّـــة ملك كــــأنّ النجـــو *** م تصغــــــي إليهــــــا بأسرارها

فوارة ثــأرها فــي السماء *** فليست تقصــــــر عـــــــن ثأرها

إذا أوقـدت نارهــا بالعراق *** أضـــــاء الحجــــــــاز سنا نارها

ترد على المــزن ما أنزلت *** على الأرض من صوب أقطـارها

لها شرفــــات كــأنّ الربيع *** كســـاها الريــــــــــاض بأنوارها

وبلغ البذخ والترف في ذلك العصر أنّ كثيراً من أبواب الدور في بغداد كانت من الذهب في حين أنّ الأكثرية الساحقة كانت تشكو الجوع والحرمان.

أثاث البيوت:

وحفلت قصور العباسيين بأنواع الأثاث وأفخرها في العالم، ويقول المؤرخون: إنّ السيدة زبيدة قد اصطفت بساطاً من الديباج جمع صورة كلّ حيوان من جميع الأجناس، وصورة كلّ طائر من الذهب، وأعينها اليواقيت والجواهر يقال إنها أنفقت على صنعه مليون دينار (18)، كما اتّخذت الآلة من الذهب المرصّع بالجوهر، والأبنوس، والصندل عليها الكلاليب من الذهب الملبّس بالوشي والديباج، والسمور، وأنواع الحرير، كمثل اتّخاذها شمع العنبر، واصطناعتها الخفّ مرصّعاً بالجوهر واتّخاذها الشاكرية (19).

أما مجالس البرامكة فكانت مذهلة، فكان الرشيد إذا حضر مجالس البرامكة وهو بين الآنية المرصّعة والخزائن المجزعة، والمطارح من الوشي والديباج والجواري يرفلن في الحرير والجوهر، ويستقبلنه بالروائح التي لا يدري لطيبها ما هي، خيّل إليه أنّه في الجنة بين الجمال والجوهر والطيب (20).

الثياب:

وكان من نتائج بذخ العباسيين وترفهم ما ذكره ابن خلدون أنه كانت دور في قصورهم لنسج الثياب تسمّى دور الطراز، وكان القائم عليها ينظر في أمور الصنّاع وتسهيل آلاتهم وإجراء أرزاقهم(21).

ألوان الطعام:

وتعدّدت ألوان الطعام بسبب تقدّم الحضارة فقد روى طيفور عن جعفر بن محمد الأنماطي أنّه تغذّى عند المأمون فوضع على المائدة ثلاث مائة لون من الطعام(22) ونظراً لتعدّد ألوان الطعام فقد فسدت أسنانهم ممّا اضطرّهم إلى شدّها بالذهب للعلاج(23).

مخلفات العباسيين من الأموال:

وخلّف ملوك بني العباس ووزرائهم من الأموال ما لا يحصى، وفيما يلي بعض ما تركوه:

1 - مخلفات المنصور:

وترك الطاغية البخيل المنصور الدوانيقي من الأموال التي سرقها من المسلمين ما يقرب من (ستمائة مليون درهم) و (أربعة عشر مليون دينار)(24) وقد كدّس هذه الأموال الهائلة في خزائنه وترك الفقر والبؤس يهيمنان على جميع أنحاء البلاد الإسلامية.

2 - مخلّفات الرشيد:

من المال ما يقدّر بنحو (تسعمائة مليون درهم)(25).

3 - مخلفات الخيزران:

وتوفيت الخيزران أمّ الرشيد، فكانت غلّتها ألف ألف وستّين ألف درهم (26).

4 - مخلّفات عمرو بن سعدة:

وترك عمرو بن سعدة أحد وزراء المأمون ما يقرب من ثمانية ملايين دينار فأخبروا المأمون بذلك في رقعة فكتب عليها (هذا قليل لمن اتّصل بنا، وطالت خدمته لنا فبارك الله لولده فيه) (27).

ومعظم هذه الأموال قد اختلست من المسلمين، ونهبت من الخزينة المركزية.

وقد خالفوا بذلك ما أمر به الإسلام من الاحتياط الشديد في أموال المسلمين وعدم صرفها وإنفاقها إلاّ في صالحهم.. وبهذا ينتهي بنا الحديث عن الحياة الاقتصادية في عصر الإمام (عليه السلام).

حياة اللهو والطرب:

وعاش أكثر خلفاء بني العباس عيشة لهو وطرب ومجون، ليس فيها ذكر لله ولا لليوم الآخر، لقد قضوا أيامهم في هذه الحياة التافهة التي تمثّل السقوط والانحطاط.

وقد روى أحمد بن صدقة قال: دخلت على المأمون في يوم السعانين (28) وبين يديه عشرون وصيفة جلباً روميات مزنرات قد تزيّنّ بالديباج الرومي وعلّقن في أعناقهنّ صلبان الذهب، وفي أيديهنّ الخوص والزيتون، فقال المأمون: ويلك يا أحمد قد قلت في هؤلاء أبياتاً فغنّي فيها ثمّ أنشده:

ظباء كالدنانير ملاح في المقاصير

جلاهنّ السعانين علينا في الزنانير

وقد رزقن أصداغاً كأذناب الزرازير

وأقبلن بأوساط كأوساط الزنابير

فغنّاه بها فلم يزل يشرب، وترقص الوصائف بين يديه أنواع الرقص. وقد حفلت كتب التاريخ والأدب بالشيء الكثير من مجونهم وطربهم وانشغالهم عن النظر في أمور المسلمين بالدعارة والفجور.

وكان من مظاهر الحياة اللاهية لعبهم بالنرد والشطرنج، والعناية بتربية الحمام والمغالاة في أثمانه (29) كما تهارشوا بالديوك والكلاب (30) ولعبوا بالميسر وقد انتشر ذلك حتى في حانات الفقراء(31).

ومن المؤسف أنّ الطرب والمجون قد سرى إلى بعض المحدّثين الذين يجب أن يتّصفوا بالإيمان والاستقامة فقد ذكر الخطيب البغدادي عن المحدث محمد بن الضوء إنّه ليس بمحلّ لأن يؤخذ عنه العلم؛ لأنه كان من المتهتّكين بشرب الخمر والمجاهرة بالفجور، وكان أبو نواس يزوره في الكوفة في بيت خمّار يقال له جابر(32).

التقشّف والزهد:

وبجانب حياة اللهو والطرب التي عاشها الناس في عصر الإمام أبي جعفر (عليه السلام) فقد كانت هناك طائفة من الناس قد اتّجهت إلى الزهد والتقشّف ونظرت إلى مباهج الحياة نظرة زهد واحتقار، فكان من بينهم إبراهيم بن الأدهم وهو ممّن ترك الحياة الناعمة وأقبل على طاعة الله وكان يردّد هذا البيت:

اتّخذ الله صاحباً  *** ودع الناس جانبا

وكان يلبس في الشتاء فرواً ليس تحته قميص(33) مبالغة منه في الزهد وكان ممّن عُرِف بالتقشّف معروف الكرخي فكان يبكي وينشد في السحر:

أي شيء تريد منّي الذنوب *** شغفت بي فليس عنّي تغيب

ما يضرّ الذنوب لو اعتقتني  *** رحمةً بي فقد علاني المشيب(34)

وكان من زهّاد ذلك العصر بشر بن الحارث وهو القائل:

قطع الليالي مع الأيام في خلق والقوم تحت رواق الهمّ والقلق

أحرى وأعذر لي من أن يقال غداً إنّي التمست الغنى من كفّ مختلق

قالوا: قنعت بذا؟ قلت: القنوع غنى ليس الغنى كثرة الأموال والورق

رضيت بالله في عسري وفي يسري فلست أسلك إلاّ أوضح الطرق(35)

ومن الطبيعي أنّ هذه الدعوة إلى الزهد إنّما جاءت من إفراط ملوك العباسيين والطبقة الرأسمالية في الدعارة والمجون وعدم عفافهم عمّا حرّمه الله من الملاهي.

______________

(1) الإدارة الإسلامية في عزّ العرب: 82.

(2) المقدّمة : 179 ـ 180 .

(3) المقدّمة : 179 ـ 180 .

(4) أحسن التقاسيم للمقدسي: 64 (طبع ليدن).

(5) مقدّمة البخلاء: 24.

(6) مقدّمة البخلاء: 24.

(7) تاريخ الطبري : 7 / 149 ، وابن الأثير : 4 / 206 .

(8) تزيين الأسواق للأنطاكي 3 / 117 .

(9) الإسلام والحضارة العربية 2 / 231

(10) المستطرف : 182 ـ 184 .

(11) تاريخ بغداد: 5 / 393

(12) حضارة الإسلام : 98 ..

(13) الأغاني : 9 / 88 . .

(14) حضارة الإسلام في دار السلام : 96 .

(15) الجهشياري : 246 .

(16) طبقات الشعراء لابن المعتزّ : 209

(17) تاريخ الطبري : 10 / 92

(18) حضارة الإسلام : 95 ، نقلاً عن المستطرف : 96 ..

(19) حضارة الإسلام : 95 .

(20) حضارة الإسلام : 96.

(21) المقدّمة : 267 . .

(22) تاريخ بغداد لطيفور : 36.

(23) التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية لصالح أحمد : 177 .

(24) أمراء الشعر العربي : 45 ..

(25) أمراء الشعر العربي : 45 .

(26) الإسلام والحضارة العربية : 2 / 230 .

(27) الإسلام والحضارة العربية : 2 / 231 .

(28) يوم السعانين : عيد للنصارى .

(29) حياة الحيوان : 3 / 91

(30) الأغاني : 6 / 74 ـ 75 .

(31) حياة الحيوان : 5 / 115 .

(32) الأوراق : 61

(33) حلية الأولياء : 7 / 367 ـ 373.

(34) حلية الأولياء : 2 / 181.

(35) صفة الصفوة : 2 / 189 .