موقف زيد مع هشام بن عبد الملك
المؤلف:
باقر شريف القرشي
المصدر:
حياة الإمام الباقر(عليه السلام)
الجزء والصفحة:
ج1،ص68-71.
14-8-2016
5622
عرف هشام بن عبد الملك بالحقد على الأسرة النبوية والبغض لها وقد عهد للمباحث ورجال الأمن بمراقبة العلويين والتعرف على تحركاتهم والوقوف على نشاطاتهم السياسية وقد احاطته استخباراته علما بسمو مكانة زيد وأهمية مركزه الاجتماعي وما يتمتع به من القابليات الفذة التي اوجبت احتفاف الجماهير حوله وتطلعهم الى حكمه وأخذ هشام يبغي له الغوائل ويكيد له في غلس الليل وفي وضح النهار وعهد الى عامله على يثرب بأشخاصه إليه ولما شخص الى دمشق حجبه عنه مبالغة في توهينه والاستهانة به وقد احتف به أهل الشام لما رأوا ما اتصف به من سمو الخلق وبليغ النطق وقوة الحجة والتحرج في الدين وبلغ ذلك هشاما فتميز من الغيظ فاستشار بعض مواليه وطلب منه الرأي للحط من شأنه وتوهينه أمام أهل الشام فأشار عليه أن يأذن للناس اذنا عاما ويحجب زيدا ثم يأذن له في آخر الناس فاذا دخل عليه وسلم فلا يرد عليه سلامه ولا يأمره بالجلوس وحسب أن ذلك موجب للحط من شأنه والتوهين بشخصيته وفعل هشام ذلك فلما دخل زيد وسلم لم يرد عليه سلامه فثار زيد في وجهه وخاطبه بعنف قائلا : السلام عليك يا أحول فانك ترى نفسك أهلا لهذا الاسم , ونسفت هذه الكلمات جبروت الطاغية واطاحت بغلوائه فصاح بزيد : بلغني أنك تذكر الخلافة وتتمناها ولست أهلا لها وأنت ابن أمة , وانبرى زيد يسخر منه ويدلي بحجته في تفنيد قول هشام قائلا : ان الامهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات وقد كانت أم اسماعيل أمة لأم اسحاق فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبيا وجعله أبا للعرب وأخرج من صلبه خير الأنبياء محمد (صلى الله عليه واله) , وفقد هشام توازنه امام هذا المنطق الفياض وسرت الرعدة في أوصاله فراح يتهجم على الامام محمد الباقر (عليه السلام) فقال له : ما يصنع أخوك البقرة؟؛ ولا يلجأ الى هذا المنطق الرخيص إلا كل جاهل يعوزه الدليل والبرهان وشعر زيد بألم حينما سب أخاه فالتفت الى الطاغية قائلا : سماه رسول الله الباقر وتسميه البقرة لشد ما اختلفتما لتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار .
وزعزعت هذه الكلمات عرش الطاغية وابرزته امام أهل الشام كأقذر مخلوق لا يستحق أن يكون شرطيا فكيف يكون خليفة على المسلمين؟ مع مخالفته لرسول الله (صلى الله عليه واله)؟ وفقد هشام صوابه فصاح بجلاوزته ان يخرجوا زيدا من مجلسه وخرج زيد وقد ملئ قلب هشام غيظا والما وراح الطاغية يقول لأسرته : ألستم تزعمون أن أهل هذا البيت قد بادوا لا لعمري ما انقرض قوم هذا خلفهم .
وخرج زيد وقد امتلأت نفسه حماسا وعزما على اعلان الثورة على الحكم الأموي الذي كفر بجميع القيم الانسانية واستهان بكرامة الناس وقد أعلن زيد شرارة الثورة بكلمته الخالدة التي اصبحت شعارا للثوار ونشيدا لهم على الخوض في ميادين الكفاح والنضال قائلا : ما كره قوم حر السيوف إلا ذلوا .
وقد جرت هذه المقابلة بين زيد وبين هشام في حياة الامام الباقر (عليه السلام) ولم تشر المصادر التي بايدينا الى السنة التي وقعت فيها وعلى أي حال فمنذ تلك اللحظة عزم زيد على الثورة والقيام بمناهضة الحكم الأموي ، يقول بعض شيعته دخلت عليه فسمعته يتمثل بقول الشاعر :
ومن يطلب المجد للمنع بالقنا يعش ماجدا أو تخترمه المخارم
متى تجمع القلب الذكي وصارما وآنفا حميا تجتنبك المظالم
وكنت اذا قوم غزوني غزوتهم فهل أنا في ذا يا آل همدان ظالم
ودل هذا الشعر على تصميمه على الثورة والخوض في ميدان الكفاح المسلح ليعش ماجدا كريما تجتنبه المظالم ويصد عنه كيد المعتدين ؛ لست أيها الثائر العظيم ظالما ولا باغيا وإنما أنت منقذ ومحرر للأمة العربية والاسلامية من الظلم والجور والاستبداد.
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة