1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : علم اصول الفقه : تاريخ علم اصول الفقه :

الوقوف النسبي لعلم الاصول

المؤلف:  محمد باقر الصدر

المصدر:  :المعالم الجديدة للأصول

الجزء والصفحة:  ص.63

9-8-2016

460

ما مضى المجدد العظيم محمد بن الحسن الطوسي قدس سره حتى قفز بالبحوث الاصولية وبحوث التطبيق الفقهي قفزة كبيرة وخلف تراثا ضخما في الاصول يتمثل في كتاب العدة وتراثا ضخما في التطبيق الفقهي يتمثل في كتاب المبسوط. ولكن هذا التراث الضخم توقف عن النمو بعد وفاة الشيخ المجدد طيلة قرن كامل في المجالين الاصولي والفقهي على السواء. وهذه الحقيقة بالرغم من تأكيد جملة من علمائنا لها تدعو إلى التساؤل والاستغراب، لان الحركة الثورية التي قام بها الشيخ في دنيا الفقه والاصول والمنجزات العظيمة التي حققها في هذه المجالات كان من المفروض والمترقب أن تكون قوة دافعة للعلم وأن تفتح لمن يخلف الشيخ من العلماء آفاقا رحيبة للأبداع والتجديد ومواصلة السير في الطريق الذي بدأه الشيخ، فكيف لم تأخذ أفكار الشيخ وتجديداته مفعولها الطبيعي في الدفع والاغراء بمواصلة السير؟.

هذا هو السؤال الذي يجب التوفر على الاجابة عنه، ويمكننا بهذا الصدد أن نشير إلى عدة أسباب من المحتمل أن نفسر الموقف :

1 - أن من المعلوم تاريخيا أن الشيخ الطوسي هاجر إلى النجف سنة (488) ه‍ ، نتيجة للقلاقل والفتن التي ثارت بين الشيعة والسنة في بغداد أي قبل وفاته ب‍ (12) سنة، وكان يشغل في بغداد قبل هجرته مركزا علميا معترفا به من الخاصة والعامة حتى ظفر بكرسي الكلام والافادة من الخليفة القائم بأمر الله الذي لم يكن يمنح هذا الكرسي إلا لكبار العلماء الذين يتمتعون بشهرة كبيرة، ولم يكن الشيخ مدرسا فحسب بل كان مرجعا وزعيما دينيا ترجع إليه الشيعة في بغداد وتلوذ به في مختلف شؤونها منذ وفاة السيد المرتضى عام (436) ه‍ ، ولأجل هذا كانت هجرته إلى النجف سبب لتخليه عن كثير من المشاغل وانصرافه انصرافا كاملا إلى البحث العلمي الامر الذي ساعده على أنجاز دوره العلمي العظيم الذي ارتفع به إلى مستوى المؤسسين كما أشار إلى ذلك المحقق الشيخ أسد الله التستري في كتاب مقابس الانوار، إذ قال: ولعل الحكمة الالهية اتفق للشيخ تجرده للاشتغال بما تفرد به من تأسيس العلوم الشرعية ولا سيم المسائل الفقهية . فمن الطبيعي على هذا الضوء أن يكون السنين التي قضاها الشيخ في النجف أثرها الكبير في شخصيته العلمية التي تمثلت في كتاب المبسوط، وهو آخر ما ألفه في الفقه كما نص على ذلك ابن إدريس في بحث الانفال من السرائر، بل آخر ما ألفه في حياته كما جاء في كلام مترجميه.

وإلى جانب هذا نلاحظ أن الشيخ بهجرته إلى النجف قد انفصل في أكبر الظن عن تلامذته وحوزته العلمية في بغداد، وبدأ ينشئ في النجف حوزة فتية حوله من أولاده أو الراغبين في الالتحاق بالدراسات الفقهية من مجاوري القبر الشريف أو أبناء البلاد القريبة منه كالحلة ونحوها، ونمت الحوزة على عهده بالتدريج وبرز فيها العنصر المشهدي نسبة إلى المشهد العلوي والعنصر الحلي وتسرب التيار العلمي منها إلى الحلة. ونحن حين نرجح أن الشيخ بهجرته إلى النجف انفصل عن حوزته الاساسية وأنشأ في مهجره حوزة جديدة، نستند إلى عدة مبررات: فقبل كل شيء نلاحظ أن مؤرخي هجرة الشيخ الطوسي إلى النجف لم يشيروا إطلاقا إلى أن تلامذة الشيخ الطوسي في بغداد رافقوه أو التحقوا به فور هجرته إلى النجف، وإذا لاحظنا إضافة إلى ذلك قائمة تلامذة الشيخ التي يذكرها مؤرخوه نجد أنهم لم يشيروا إلى مكان التلمذة إلا بالنسبة إلى شخصين جاء النص على أنهما تلمذا على الشيخ في النجف، وهما الحسين ابن المظفر بن علي الحمداني والحسن بن الحسين بن الحسن بن بابويه القمي وأقرب الظن فيهما معا أنهما من التلامذة المحدثين للشيخ الطوسي. أما الحسين بن المظفر فقد ذكر الشيخ منتجب الدين في ترجمته من الفهرست أنه قرأ على الشيخ جميع تصانيفه في الغري، وقراءته لجميع تصانيف الشيخ عليه في النجف يعزز احتمال أنه من تلامذته المحدثين الذين التحقوا به بعد هجرته إلى النجف، إذ لم يقرأ عليه شيئا منها قبل ذلك التأريخ، ويعزز ذلك أيضا أن أباه المظفر كان يحضر درس الشيخ الطوسي أيضا ومن قبله السيد المرتضى كما نص على ذلك منتجب الدين في الفهرست وهذا يعزز احتمال كون الابن من طبقة متأخرة عن الطبقة التي يندرج فيها الاب من تلامذة الشيخ. وأما الحسن بن الحسين البابويهي القمي فنحن نعرف من ترجمته أنه تلمذ على عبد العزيز بن البراج الطرابلسي أيضا وروى عن الكراچكي والصهرشتي، وهؤلاء الثلاثة هم من تلامذة الشيخ الطوسي، وهذ يعني أن الحسن الذي تلمذ على الشيخ في النجف كان من تلامذته المتأخرين، لانه تلمذ على تلامذته أيضا.

ومما يعزز احتمال حداثة الحوزة التي تكونت حول الشيخ في النجف الدور الذي أداه فيها ابنه الحسن المعروف بأبي علي، فقد تزعم الحوزة بعد وفاة أبيه، ومن المظنون أن أبا علي كان في دور الطفولة أو أوائل الشباب حين هاجر أبوه إلى النجف، لان تاريخ ولادته ووفاته وإن لم يكن معلوما ولكن الثابت تاريخيا أنه كان حيا في سنة (515) ه‍ ، كما يظهر من عدة مواضع من كتاب بشارة المصطفى، أي إنه عاش بعد هجرة أبيه إلى النجف قرابة سبعين عاما، ويذكر عن تحصيله أنه كان شريكا في الدرس عند أبيه مع الحسن بن الحسين القمي الذي رجحنا كونه من الطبقة المتأخرة، كما يقال عنه أن أباه أجازه سنة (455) ه‍ ، أي قبل وفاته بخمسين سنة، وهو يتفق مع حداثة تحصيله. فإذا عرفن أنه خلف أباه في التدريس والزعامة العلمية للحوزة في النجف بالرغم من كونه من تلامذته المتأخرين في أغلب الظن استطعنا أن نقدر المستوى العلمي العام لهذه الحوزة، ويتضاعف الاحتمال في كونها حديثة التكون والصورة التي تكتمل لدينا على هذا الاساس هي أن الشيخ الطوسي بهجرته إلى النجف انفصل عن حوزته الاساسية في بغداد وأنشأ حوزة جديدة حوله في النجف وتفرغ في مهجره للبحث وتنمية العلم، وإذا صدقت هذه الصورة أمكننا تفسير الظاهرة التي نحن بصدد تعليلها، فإن الحوزة الجديدة التي نشأت حول الشيخ في النجف كان من الطبيعي أن لا ترقى إلى مستوى التفاعل المبدع مع التطور الذي أنجزه الطوسي في الفكر العلمي، لحداثتها.

وأما الحوزة الاساسية ذات الجذور في بغداد فلم تتفاعل مع أفكار الشيخ، لانه كان يمارس عمله العلمي في مهجره منفصلا عن تلك الحوزة، فهجرته إلى النجف وإن هيأته للقيام بدوره العلمي العظيم لما أتاحت له من تفرغ ولكنها فصلته عن حوزته الاساسية، ولهذا لم يتسرب الابداع الفقهي العلمي من الشيخ إلى تلك الحوزة التي كان ينتج ويبدع بعيدا عنها، وفرق كبير بين المبدع الذي يمارس إبداعه العلمي داخل نطاق الحوزة ويتفاعل معها باستمرار وتواكب الحوزة إبداعه بوعي وتفتح، وبين المبدع الذي يمارس ابداعه خارج نطاقها وبعيدا عنها.

ولهذا كان لا بد لكي يتحقق ذلك التفاعل الفكري الخلاق أن يشتد ساعد الحوزة الفتية التي نشأت حول الشيخ في النجف حتى تصل إلى ذلك المستوى من التفاعل من الناحية العلمية، فسادت فترة ركود ظاهري بانتظار بلوغ الحوزة الفتية إلى ذلك المستوى، وكلف ذلك العلم أن ينتظر قرابة مائة عام ليتحقق ذلك ولتحمل الحوزة الفتية أعباء الوراثة العلمية للشيخ حتى تتفاعل مع آرائه وتتسرب بعد ذلك بتفكيرها المبدع الخلاق إلى الحلة، بينما ذوت الحوزة القديمة في بغداد وانقطعت عن مجال الابداع العلمي الذي كانت الحوزة الفتية في النجف - وجناحه الحلي بصورة خاصة الوريثة الطبيعية له.

2 - وقد أسند جماعة من العلماء ذلك الركود الغريب إلى ما حظى به الشيخ الطوسي من تقدير عظيم في نفوس تلامذته رفعه في أنظارهم عن مستوى النقد، وجعل من آرائه ونظرياته شيئا مقدسا لا يمكن أن ينال باعتراض أو يخضع لتمحيص.

ففي المعالم كتب الشيخ حسن بن زين الدين ناقلا عن أبيه (قدس سره) أن أكثر الفقهاء الذين نشأوا بعد الشيخ كانوا يتبعونه في الفتوى تقليدا له لكثرة اعتقادهم فيه وحسن ظنهم به وروي عن الحمصي وهو ممن عاصر تلك الفترة أنه قال: لم يبق للأمامية مفت على التحقيق بل كلهم حاك .

وهذا يعني أن رد الفعل العاطفي لتجديدات الشيخ قد طغى متمثلا في تلك النزعة التقديسية على رد الفعل الفكري الذي كان ينبغي أن يتمثل في درس القضايا والمشاكل التي طرحها الشيخ والاستمرار في تنمية الفكر الفقهي.

وقد بلغ من استفحال تلك النزعة التقديسية في نفوس الاصحاب أنا نجد فيهم من يتحدث عن رؤي  لأمير المؤمنين (عليه السلام) شهد فيها الامام (عليه السلام) بصحة كل ما ذكره الشيخ الطوسي في كتابه الفقهي النهاية ، وهو يشهد عن مدى تغلغل النفوذ الفكري والروحي للشيخ في أعماق نفوسهم.

ولكن هذا السبب لتفسير الركود الفكري قد يكون مرتبطا بالسبب الاول، إذ لا يكفي التقدير العلمي لفقيه في العادة مهما بلغ لكي يغلق على الفكر الفقهي للآخرين أبواب النمو والتفاعل مع آراء ذلك الفقيه، وإنما يتحقق هذا عادة حين لا يكون هؤلاء في المستوى العلمي الذي يؤهلهم لهذا التفاعل فيتحول التقدير إلى إيمان وتعبد.

3- والسبب الثالث يمكننا أن نستنتجه من حقيقتين تاريخيتين: إحدهما أن نمو الفكر العلمي والاصولي لدى الشيعة لم يكن منفصلا عن العوامل الخارجية التي كانت تساعد على تنمية الفكر والبحث العلمي، ومن تلك العوامل عامل الفكر السني، لان البحث الاصولي في النطاق السني ونمو هذا البحث وفقا لأصول المذهب السني كان حافز باستمرار للمفكرين من فقهاء الامامية لدراسة تلك البحوث في الاطار الامامي، ووضع النظريات التي تتفق معه في كل ما يثيره البحث السني من مسائل ومشاكل والاعتراض على الحلول المقترحة لها من قبل الآخرين. ويكفي للاستدلال على دور الاثارة الذي كان يقوم به التفكير الاصولي السني، هذان النصان لشخصين من كبار فقهاء الامامية :

1- قال الشيخ الطوسي في مقدمة كتاب العدة يبرر إقدامه على تصنيف هذا الكتاب الاصولي: إن من صنف في هذا الباب سلك كل قوم منهم المسلك الذي اقتضاه أصولهم ولم يعهد من أصحابنا لاحد في هذا المعنى .

2- وكتب ابن زهرة في كتابه الغنية وهو يشرح الاغراض المتوخاة من البحث الاصولي قائل: على أن لنا في الكلام في أصول الفقه غرضا آخر سوى ما ذكرناه، وهو بيان فساد كثير من مذاهب مخالفينا فيها وكثير من طرقهم إلى تصحيح ما هو صحيح منها (1) وأنه لا يمكنهم تصحيحها وإخراجهم بذلك عن العلم بشيء من فروع الفقه، لان العلم بالفروع من دون العلم بأصله محال، وهو غرض كبير يدعوا إلى العناية بأصول الفقه ويبعث على الاشتغال به ، هذه هي الحقيقة الاولى.

والحقيقة الاخرى هي أن التفكير الاصولي السني كان قد بدأ ينضب في القرن الخامس والسادس ويستنفذ قدرته على التجديد ويتجه إلى التقليد والاجترار، حتى أدى ذلك إلى سد باب الاجتهاد رسميا.

ويكفينا لإثبات هذه الحقيقة شهادة معاصرة لتلك الفترة من عالم سني عاشها وهو الغزالي المتوفي سنة (505) ه‍ ، إذا تحدث عن شروط المناظر في البحث فذكر منها (أن يكون المناظر مجتهدا يفتى برأيه لا بمذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما حتى إذا ظهر له الحق من مذهب أبي حنيفة ترك ما يوافق رأي الشافعي وأفتى بما ظهر له، فأما من لم يبلغ رتبة الاجتهاد وهو حكم كل أهل العصر فأي فائدة له في المناظرة ونحن إذا جمعنا بين هاتين الحقيقتين وعرفنا أن التفكير الاصولي السني الذي يشكل عامل إثاره للتفكير الاصولي الشيعي كان قد أخذ بالانكماش ومني بالعقم، استطعنا أن نستنتج أن التفكير العلمي لدى فقهائنا الامامية رضوان الله عليهم قد فقد أحد المثيرات المحركة له، الامر الذي يمكن أن نعتبره عاملا مساعدا في توقف النمو العلمي.

ابن ادريس يصف فترة التوقف:

ولعل من أفضل الوثائق التاريخية التي تصف تلك الفترة ما ذكره الفقيه المبدع محمد بن أحمد بن إدريس الذي أدرك تلك الفترة وكان له دور كبير في مقاومتها وبث الحياه من جديد في الفكر العلمي كما سنعرف بعد لحظات، فقد كتب هذا الفقيه في مقدمة كتابه السرائر يقول: إني لما رأيت زهد أهل هذا العصر في علم الشريعة المحمدية والاحكام الإسلامية وتثاقلهم عن طلبها وعداوتهم لما يجهلون وتضييعهم لما يعلمون، ورأيت ذا السن من أهل دهرنا هذا لغلبة الغباوة عليه مضيعا لم استوعته الايام مقصرا في البحث عما يجب عليه علمه حتى كأنه ابن يومه ومنتج ساعته.. ورأيت العلم عنانه في يد الامتهان وميدانه قد عطل منه الرهان تداركت منه الذماء الباقي وتلافيت نفسا بلغت التراقي .

____________
(1) أي الكشف عن فساد كثير من متبنياتهم من ناحية وفساد الادلة التي يستندون إليه لإثبات المتبنيات الصحيحة من ناحية أخرى.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي