x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
مجمع البيان في تفسير القرآن
المؤلف: د . احسان الامين .
المصدر: التفسير بالمأثور وتطويره عند الشيعة
الجزء والصفحة: ص421-428.
22-3-2016
3074
المؤلّف :
أمين الاسلام ، أبو علي ، الفضل بن الحسن الطبرسي الطوسي ، أصله من طبرستان ، وقيل من تفرش (طبرس) من نواحي مدينة قم بإيران . ولد سنة 468 هـ وعاش في المشهد الرضوي حتى سنة 523 هـ ، ثمّ انتقل إلى سبزوار حيث عاش فيها حتى وفاته سنة 552 هـ ، وقيل توفّي سنة 548 هـ ، ليلة النّحر ، ثمّ نقل نعشه إلى المشهد الرضوي ، وقبره الآن معروف في موضع يقال له (قتلگاه) ، أي مكان القتل .
وقد ذكر المترجمون للشيخ الطبرسي أنّه تتلمذ على يد الشيخ أبي علي ابن شيخ الطائفة الطوسي ، وكذلك الشيخ أبي الوفاء عبد الجبّار بن علي المقري الرازي ، والشيخ الحسن بن الحسين بن الحسن بن بابويه القمي الرازي . . . .
وإذا علمنا أنّ الشيخ أبا علي ، الحسن بن أبي جعفر محمّد الطوسي ، الذي كان من أعاظم تلامذة والده ، وأحد كبار فقهاء الشيعة ، درس عند والده وخلفه في العلم والفتيا والتدريس ، حتّى توفّي في النجف (بعد سنة 515 هـ) ، وأنّ أبا الوفاء الرازي وكذلك الحسن بن الحسين القمي كانا شريكي الشيخ أبي علي الطوسي في درس والده «1» . . . فإنّ ذلك يفيدنا بأنّ الطبرسي عاش لفترة من حياته في النجف ، حيث أخذ عن ابن الطوسي ورفيقيه ما أخذ من علم ومعرفة ، ومن هنا كان وفاء الشيخ الطبرسي الكبير لرائده الطوسي ، إذ يذكره بأتمّ إجلال وأعظم تقدير ، فهو إذ يراجع محاولات التفسير السابقة عليه يتوقّف عند تبيان الطوسي ، ليعطيه موقع الاستثناء والقدوة بين التفاسير ، وهو يقول :
«وقد خاض العلماء ، قديما وحديثا ، في علم تفسير القرآن ، واجتهدوا في إبراز مكنونه ، وإظهار مصونه ، وألّفوا فيه كتبا جمّة ، غاصوا في كثير منها في أعماق لججه ، وشقّقوا الشعر في إيضاح حججه ، وحقّقوا في تفتيح أبوابه ، وتغلغل شعابه . إلّا أنّ أصحابنا (رض) ، لم يدوّنوا في ذلك غير مختصرات ، نقلوا فيها ما وصل إليهم من الأخبار ، ولم يعنوا ببسط المعاني وكشف الأسرار ، إلّا ما جمعه الشيخ الأجلّ السعيد ، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (قدّس اللّه روحه) ، من كتاب (التبيان) ، فإنّه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء الحق ، ويلوح عليه رواء الصدق ، قد تضمّن من المعاني الأسرار البديعة ، واحتضن من الألفاظ اللّغة الوسيعة ، ولم يقنع بتدوينها دون تبيينها ، ولا بتنميقها دون تحقيقها ، وهو القدوة أستضيء بأنواره ، وأطأ مواقع آثاره» «2» .
وهكذا عزم الطبرسي بعد التوكّل على اللّه تعالى على انجاز مشروعه الكبير في خدمة القرآن الكريم ، وهو يصف جهده خير وصف ويشرح خطّته في العمل وانطلاقته من التفاسير السابقة وما وصل إليه من نتائج تميّز محاولته التفسيرية الشامخة ، فيقول :
«واستخرت اللّه تعالى ثمّ قصرت وهمي وهمّي على اقتناء هذه الذخيرة الخطيرة واكتساب هذه الفضيلة النبيلة ، وشمّرت عن ساق الجد ، وبذلت غاية الجهد والكد ، وأسهرت الناظر ، وأتعبت الخاطر ، وأطلت التفكير ، وأحضرت التفاسير ، واستمددت من اللّه سبحانه التوفيق والتيسير ، وابتدأت بتأليف كتاب هو في غاية التلخيص والتهذيب ، وحسن النظم والترتيب ، يجمع أنواع هذا العلم وفنونه ، ويحوي نصوصه وعيونه ، من علم قراءته وإعرابه ، ولغاته وغوامضه ومشكلاته ، ومعانيه وجهاته ، ونزوله وأخباره ، وقصصه وآثاره ، وحدوده وأحكامه ، وحلاله وحرامه ، والكلام على مطاعن المبطلين فيه ، وذكر ما يتفرّد به أصحابنا (رض) ، من الاستدلالات بمواضع كثيرة منه على صحّة ما يعتقدونه من الاصول والفروع ، والمعقول والمسموع ، على وجه الاعتدال والاختصار ، فوق الإيجاز ودون الإكثار ، فإنّ الخواطر في هذا الزمان ، لا تحتمل أعباء العلوم الكثيرة ، وتضعف عن الاجراء في الحلبات الخطيرة ، إذ لم يبق من العلماء إلّا الأسماء ، ومن العلوم إلّا الذماء .
وقدّمت في مطلع كل سورة ذكر مكّيّها ومدنيّها ، ثمّ ذكر الاختلاف في عدد آياتها ، ثمّ ذكر فضل تلاوتها ، ثمّ اقدّم في كلّ آية الاختلاف في القراءات ، ثمّ ذكر العلل والاحتجاجات ، ثمّ ذكر العربيّة واللّغات ، ثمّ ذكر الإعراب والمشكلات ، ثمّ ذكر الأسباب والنزولات ، ثمّ ذكر المعاني والأحكام والتأويلات ، والقصص والجهات ، ثمّ ذكر انتظام الآيات .
على أنّي قد جمعت في عربيّته كلّ غرّة لائحة ، وفي إعرابه كلّ حجّة واضحة ، وفي معانيه كلّ قول متين ، وفي مشكلاته كلّ برهان مبين ، وهو بحمد اللّه للأديب عمدة ، وللنحويّ عدّة ، وللمقرئ بصيرة ، وللناسك ذخيرة ، وللمتكلّم حجّة ، وللمحدّث محجّة ، وللفقيه دلالة ، وللواعظ آلة» «3» .
إلّا أنّ هذه التلمذة والاقتباس والاقتداء مع كمال الاجلال لإمامه الطوسي ، لم تمنع الطبرسي الألمعي من أن يقف موقف الناقد البصير من التبيان ، وهو ما أهّله لكي يبدع ويضيف ويزيد عليه في مجمعه ، فجمع في منطلقه ومنطقه بين الأصالة والتجديد ، وبين الاحترام لجهود السابقين وعدم الوقوف عند إنجازاتهم ، بل الانطلاق منها وبها نحو إبداعات جديدة وابتكارات وأفكار مستحدثة تفرضها طبيعة الفكر الانساني المتجدّد الذي يتعامل مع غنى فكري قرآني لا ينفد ولا يبيد .
وهكذا نجد الطبرسي في مقدّمة تفسيره يشخّص نواقص الخطى السابقة ليميّز منهجه الجديد في التفسير فهو ينتقد «التبيان» ويقول : «غير أنّه خلط الألفاظ في مواضع من متضمّناته قاهرة عن المراد ، وأخلّ بحسن الترتيب وجودة التهذيب ، فلم يقع لذلك من القلوب السليمة الموقع المرضي ، ولم يعل من الخواطر الكريمة المكان العلي» «4» .
وقد أصاب الطبرسي الحقّ ، فإنّ ما سطّرته أنامله الكريمة ، كان ذا منهجيّة فريدة ورائعة في عصره ، وحتّى يومنا الحاضر ، ممّا جعلت تفسيره من أحسن التفاسير ، جمع فيه بين جمال التعبير وحسن الاسلوب مع دقّة النظر وعمق الفكر ، جعلت منه علما شامخا في سماء التفسير حتّى مع مرور مئات السنين .
فهذا الإمام الشيخ محمود شلتوت ، إمام الجامع الأزهر ، يكتب عنه في مقدّمة طبعته بالقاهرة :
«إنّ هذا الكتاب نسيج وحده- لا نظير له- بين كتب التفسير ، وذلك لأنّه مع سعة بحوثه وعمقها وتنوّعها ، له خاصيّة في الترتيب والتبويب والتنسيق والتهذيب . . .» «5» .
أمّا الدكتور الذهبي ، فمع موقفه المذهبي المتعصّب تجاه الشيعة ، والذي رأينا نماذج منه في الفصل الأوّل من هذا الكتاب ، إلّا أنّه يقف أمام «مجمع البيان» معترفا بعظمته وموسوعيّته العلمية . . . فهو يقول :
«والحقّ أنّ تفسير الطبرسي- بصرف النظر عمّا فيه من نزعات تشيعية وآراء اعتزالية- كتاب عظيم في بابه ، يدل على تبحّر صاحبه في فنون مختلفة من العلم والمعرفة . والكتاب يجري على الطريقة التي أوضحها لنا صاحبه ، في تناسق تام وترتيب جميل ، وهو يجيد في كل ناحية من النواحي التي يتكلّم عنها ، فإذا تكلّم عن القراءات ووجوهها أجاد ، وإذا تكلّم عن المعاني اللّغوية للمفردات أجاد ، وإذا تكلّم عن وجوه الإعراب أجاد ، وإذا شرح المعنى الإجمالي أوضح المراد ، وإذا تكلّم عن أسباب النزول وشرح القصص استوفى الأقوال وأفاض ، وإذا تكلّم عن الأحكام تعرض لمذاهب الفقهاء ، وجهر بمذهبه ونصره إن كانت هناك مخالفة منه للفقهاء ، وإذا ربط بين الآيات آخى بين الجمل ، وأوضح لنا عن حسن السبك وجمال النظم ، وإذا عرض لمشكلات القرآن أذهب الإشكال وأراح البال . وهو ينقل أقوال من تقدّمه
- من المفسّرين معزوة لأصحابها ، ويرجح ويوجه ما يختار منها» «6» .
ومع ذلك فإنّ الذهبي لم يستطع التخلّص من عقده المذهبية ، وعدم تحمّله للآراء الاخرى؛ سنّيّة كانت أم شيعيّة ، لذا فهو أيضا يأخذ على الطبرسي استدلاله بالقرآن بما يدعم عقائده وآراءه فيقول : «وإذا كان لنا بعض المآخذ عليه فهو تشيّعه لمذهبه وانتصاره له ، وحمله لكتاب اللّه على ما يتّفق وعقيدته ، وتنزيله لآيات الأحكام على ما يتناسب مع الاجتهادات التي خالف فيها هو ومن على شاكلته ، وروايته لكثير من الأحاديث الموضوعة ، غير أنّه- والحق يقال- ليس مغاليا في تشيّعه ، ولا متطرّفا في عقيدته ، كما هو شأن كثير غيره من علماء الإماميّة الاثني عشرية» «7» .
وقد علمنا فيما سبق أنّ الذهبي حمل على جملة من مفسّري الشيعة والمعتزلة وصنّفهم في فصل تحت عنوان : «التفسير بالرأي المذموم أو تفسير الفرق المبتدعة» ، متّهما إيّاهم بتفسير القرآن وفقا لآرائهم المذهبية ، وجعل من امّهات المطالب التي يستدلّ بها على تفسيرهم «المذهبي المبتدع» إنكارهم مسألة رؤية اللّه تعالى وذلك لتنزيههم إيّاه عن الجسمية والتشبيه ، حتى أنّك تجد عنوانا مستقلّا في دراسته لأي تفسير تحت عنوان «رؤية اللّه» ، فإذا كان المفسّر ممّن ينكر رؤية اللّه- من قبل الناس يوم القيامة- فإنّه قد خرج عن «أهل السنّة والجماعة» ، وفسّر القرآن برأيه ووفقا لمذهبه!! فأخرج بذلك جملة من المفسّرين شيعة وسنّة «8» . وأضاف مسائل اخرى عدّها من أساسيّات عقائد «أهل السنّة والجماعة» كالقول بأنّ كرسي العرش الإلهي هو من جنس السرير ، لا العلم والقدرة التي تأوّلها المعتزلة والشيعة «9» ، وأنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) قد وقع عليه السحر لا كما أنكره هؤلاء . . . ومسائل اخرى مشابهة لا يسعها البحث هنا .
ولذا فإنّ قدح الذهبي لا يتوقّف عنده ، فيما يبقى من الذهبي تقييمه الايجابي لتفسير الطبرسي ، رغم موقفه المذكور منه «10» .
وممّا يزيد من عظمة «مجمع البيان» أنّ روعته وعمقه وسعته لم تكن في جانب دون جانب ، بل شملت سائر العلوم المتعلّقة بالقرآن من قراءات ، ولغات ، ونحو ، وأسباب نزول ، ثمّ الروايات ، واستخراج المعاني ، وترجيح التأويلات ، ممّا جعله محطّ عناية الباحثين واهتمام الدارسين به ، فقد اتّجهت إليه الدراسات الأكاديمية وأعدت عدّة رسائل جامعية عليا في منهجه التفسيري عموما ، وبعضها متخصّصة في تفسير ألفاظه وقضاياه النحوية ومنهجه اللّغوي ، كما إنّه اختصر لأكثر من مرّة «11» .
منهج المفسّر :
ابتدأ المفسّر كتابه- وقد طبع في عشرة مجلّدات- بمقدّمات مختصرة عن مسائل أساسية في علوم القرآن ، كتعداد آي القرآن وذكر أسماء القرّاء المشهورين والرأي في القراءات المختلفة ، ثمّ بحث التفسير والتأويل والمعنى واعراب القرآن ، وذكر أسماء القرآن ومعانيها ، ومن ثمّ التأكيد على سلامة القرآن وصيانته عن التحريف ، مع ذكر بعض ما جاء من الأخبار في فضل القرآن وأهله واستحباب قراءته وتحسين الصوت فيه .
بعد ذلك يبدأ متن التفسير ويشرع المؤلّف عادة بذكر نزول السورة وآياتها المكيّة والمدنيّة ، ثمّ أسمائها وفضلها ، ومن ثمّ يبدأ في مباحث تفسير الآيات ، فيقدّم لها بمباحث القراءة والحجّة فيها ، ثمّ مباحث اللّغة في شرح الكلمات وبيان معانيها واستعمالها وإعراب الآيات بما له دخل في وضوح معانيها وتفسيرها ممّا هو معلوم في مسائل إعراب القرآن .
بعد ذلك يدخل المفسّر إلى بيان معنى الآيات ، فينظر في السياق القرآني ليربط الآيات بما سبقها ، إن وجد ارتباط ، وما في الآية من إشارات عامّة ، ثمّ يدخل في بيان الآيات استنادا إلى الأقوال المذكورة في الآية ، ناسبا إيّاها إلى مصادرها رواية أو خبرا أو رأيا لأحد المفسّرين ، فإذا كانت الأقوال يتكامل بعضها مع بعض أو أنّها تعطي وجوها مختلفة ومحتملة في آن واحد ، فقد يتركها دون ترجيح ، وإذا كان بين الآراء تناف أو كانت لديه الحجّة وقوي الدليل لأحدها أو بعضها دون البعض الآخر ، عرض رأيه ورجّح ما رجح لديه مع بيان الدليل بأجلى صورة وأقوى بيان .
وقد يستفيد من السياق القرآني والمعنى اللّغوي الظاهر لديه رأيا دون سائر الآراء التي يرجّحها لتعارضها مع السياق أو عدم نهوض الدليل عليها ، فيعرض رأيه مناقشا بقيّة الآراء بأسلوب علمي هادئ وأدب رفيع ، وهو ما ميّز تفسيره عن الكثير من غيره من التفاسير التي لا تخلو من نقد وتجريح .
وممّا سبق ، فإنّ قارئ التفسير يجد في تسلسل المواضيع- قراءة ولغة ونحوا ومعنى- صورة واضحة ومتناسقة للمعاني القرآنية ، فالقراءة تهيّئ لمعرفة السياق وارتباط الجمل ، واللّغة ترسم أبعاد الكلمة ومحتملات المعاني ممّا تقرّب الانسان من صورة الكلمات وآفاق البيانات ، وتعطيه أفقا للسياحة في فضاء الآيات ، وإعراب الآيات يحدّد بدقّة مواقع الأحكام ويخصّص الأفعال بفواعلها ومفاعيلها ، وتلك جميعا تهيّئ القارئ بعد لدراسة المعاني المحتملة للآيات ، وتضعه في موضع مكين يستطيع من خلاله تذوّق البيانات القرآنية وتبصّر معانيها والتأمّل في آفاقها .
وباختصار فإنّ التفسير جمع الجمال في النّظم مع الكمال في الرأي ، واليسر في العرض مع القوّة في الاستدلال ، فكان حقّا «نسيج وحده بين كتب التفسير» «12» .
ومع الاستقصاء الواسع والعرض الشامل للروايات والأخبار وآراء المفسّرين السابقين ، تقدّم «مجمع البيان» على سائر التفاسير من قبله ومن بعده ، في الجانب المأثور من التفسير ، رغم كثرة البحوث العقليّة التي انتشرت في مساحاته المختلفة ، إلّا أنّه وبالنظر إلى حجم المادّة المأثورة والطريقة العلمية والموضوعية في التعامل معها ، كان له السّبق في هذا الميدان .
وممّا يجدر التنبيه والتأكيد عليه ، هو أنّ اسلوب تعامل الشيخ الطبرسي مع المأثور من التفسير لا بدّ أن يحظى بالدراسة والعناية ، ليكون أسوة ومقتدى ، فهو- رحمه اللّه- لم يهمل رأيا ولم يحاكم رواية أو خبرا على أساس مذهبي أو رؤية مسبقة ، بل تراه يستقصي سائر المنقولات ليعرضها بأمانة علمية وأخلاقيّة أدبيّة رفيعة ، ثمّ يناقش أو يرجّح- حيث كان هناك موجب لذلك- الرأي لا القائل ، لذا كانت له جولة واسعة مع الآراء وصحب فيها من سبقه صحبة عالم لعلماء يحترم رأيهم ولا يقلّد أحدا منهم .
وربّما كان ممّا يساعد على ذلك أنّ غالب الروايات في التفسير ، لا يمكن الترجيح بينها على أساس الاسناد- لإرساله وضعفه غالبا- وهو ما يوفّر فرصة لمناقشة المتون على أساس السياق واللّغة والشواهد القرآنية والقرائن الحالية وغير ذلك من الأدلّة والبيانات .
وقد استشهدنا في كتابنا هذا وفي مواضع متعدّدة بنماذج من تفسير الطبرسي ممّا قد يبيّن جانبا من آرائه ، إلّا أنّه لا يمكن درك عظمة هذا التفسير إلّا بالرجوع إليه وسبر أغواره المتلألئة والزاخرة بالبيانات الجميلة والمعاني الرائعة ، فجزاه اللّه عن كلّ حرف خطّه في تفسيره خير الجزاء .
__________________________
(1)- راجع ترجمته في مقدّمة المحقق الشيخ آغا بزرگ الطهراني للتبيان/ ج 1/ ص أ ش .
(2)- التبيان/ مقدّمة المفسّر/ ص 33 .
(3)- مجمع البيان/ مقدّمة المفسّر/ ص 35 .
(4)- م . ن .
(5)- التفسير والمفسّرون/ الذهبي/ ج 2/ ص 123 .
(6)- م . ن/ ص 113 .
(7)- م . ن .
(8)- التفسير والمفسّرون/ الذهبي/ ج 1 : ص 367 ، 369 ، 375 ، 378 ، 404 ، 445 ، 455 و467 ، وج 2 : ص 141 ، 197 ، 212 و248 .
(9)- راجع م . ن/ ص 378 و450 .
(10)- م . ن/ ج 2/ ص 145 و251 .
(11)- راجع للاطّلاع على تفاصيل الدراسات ومحاولات الاختصار : المفسّرون ، حياتهم ومنهجهم/ السيد محمّد علي أيازي/ ص 618 .
(12)- من مقدّمة الشيخ محمود شلتوت ، والتي أشرنا لها سابقا .