مخالفات علمية : فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً
المؤلف:
محمد هادي معرفة
المصدر:
شبهات وردود حول القرآن الكريم
الجزء والصفحة:
ص321 -322 .
17-10-2014
2720
زَعَموا أنّ القرآن ذَكَر مراحل تكوين الجنين فيما يُخالف العِلم الثابت اليوم !
ففي قوله تعالى : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12 - 14].
جاء في تفسير الجلالَين : ( عَلَقَةً ) دماً جامداً ، ( مُضْغَةً ) لَحمَة قَدَر ما يُمضغ (1) .
وهكذا جاء في تفسير المراغي (2) وغيره مِن المتأخّرين .
ومعنى ذلك : أنّ النطفة تحوّلت دماً مُتخثّراً ، وتحوّل الدم إلى مُضغةٍ أي لَحمَة شِبه ممضوغة أو بقدرها ، ثمّ تحوّلت اللَحمة إلى العظام .
الأمر الذي يتنافى مع العِلم القائل بأنّ اللحم ينبت على العظام بعد خَلقها ، كما هو صريح القرآن أيضاً وهذا يبدو متناقضاً ( فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ) !!
غير أنّ هذه الشُبهة نشأت مِن خطأ هؤلاء المفسّرين وليست واردة على القرآن .
فقد كان تعبير القرآن أنّ النُطفة ـ وهي خليّة الذَكَر تمتزج ببويضة المرأة ـ تتحوّل إلى علقة : كُرة جرثوميّة لها خلايا آكلةً وقاضمةً تُعلّق بواسطتها وبواسطة حملات دقيقة بجدار الرحم ، تتغذّى بدم المرأة ، وهذه النُطفة الصغيرة العالقة تشبه دودة العَلَقة التي تَمتصّ الدم .
ثمّ إنّ هذه العَلَقَة تتحوّل إلى كُتلة غُضروفيّة تشبه ممضوغة العِلك في الفم ، وتكون منشأ لتكوين العظام ثُمّ تكوين العضلات بعد بِضعة أيّام ؛ لتكسو العظام أي تُغطّيها وتلتحم معها .
ومعنى ذلك : أنّ العِظام تسبق العضلات ، ثُمّ تكسو العضلات العظام ، وصدق الله العظيم حيث يقول : ( فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ) .
قال سيّد قطب : وهنا يَقف الإنسان مدهوشاً أمام ما كَشَف عنه القرآن من حقيقة في تكوين الجنين لم تُعرف على وجه الدقّة إلاّ أخيراً بعد تقدّم عِلم الأجنّة التشريحي ، ذلك أنّ خلايا العظام غير خلايا اللحم ( العضلات ) ، وقد ثبت أنّ خلايا العِظام هي الّتي تتكوّن أَوّلاً في الجنين ، ولا تُشاهد خليّة واحدة من خلايا اللحم إلاّ بعد ظهور خلايا العِظام وتمام الهيكل العظمي للجنين ، وهي الحقيقة التي يُسجّلها النصّ القرآني (3) .
وقد أشبعنا الكلام في ذلك عند الكلام عن إعجاز القرآن العلمي في الجزء السادس من التمهيد .
___________________
(1) تفسير الجلالَين ، ج2 ، ص44 .
(2) تفسير المراغي ، ج18 ، ص8 .
(3) في ظِلال القرآن ، ج 18 ، ص 16 ـ 17 .
الاكثر قراءة في التحريف ونفيه عن القرآن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة