1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المجتمع و قضاياه : البيئة :

اماطة الاذى والقذارة عن الطرقات

المؤلف:  الشيخ خليل رزق

المصدر:  الاسلام والبيئة

الجزء والصفحة:  ص198-204

20-1-2016

6294

اعطى الاسلام للفرد قيمته ومنزلته في المجتمع، بصفته لبنة في كيانه، وغصنا من اغصان دوحته، وبمقدار ما يسعد الفرد، وينال حقوقه الاجتماعية يسعد المجتمع، وتشيع فيه دواعي الطمأنينة والرخاء. لذلك كان حتما مقضيا على المجتمع في النظرة الاسلامية رعاية مصالح الفرد، وصيانة كرامته ومنحه الحقوق الاجتماعية المشروعة وبقدر ما جعل الاسلام من حقوق للفرد في المجتمع جعل بإزاء ذلك واجبات مفروضة عليه ومنها رعاية حقوق الناس، لذلك كانت التعاليم الاجتماعية في الاسلام سباقة في المساهمة والحفاظ على كيان المجتمع وقضاياه.

ومن هذه التعاليم ما اوجبه الاسلام على الفرد تجاه المجتمع رعاية واحترام المنافع المشتركة بين الناس من قبيل حفظ بيئة الشوارع والطرقات من التلوث والتقذر، وازالة الاذى والاحجار والاشواك والأوساخ من الطرقات.

ومن مجموع الاحاديث النبوية يتضح لنا ان اماطة الاذى بكل اشكاله المادية والمعنوية عن الطريق عبادة وفرض عين على كل مسلم، فالأذى هنا يشمل كل ما يضر بالطريق ويشوه جماله ونظافته او يتسبب في وقوع حوادث الطرق او الارباك المروري او غيرها من الاضرار التي يلحق بالطريق ومستخدميه، فمثلا القاء الزجاجات الفارغة والمخلفات من اوراق وغيرها في الطريق يعتبر نوعا من الاذى، واشغال ارصفة الطريق، وهي المخصصة للمشاة بما يحول دون استخدامها فيه فهو اذى وضرر، لان هذا الامر قد يجبر المشاة ان يسيروا في عرض الطريق مما يعرضهم للحوادث كما ان عدم الالتزام بتعاليم وقواعد المرور مما يتسبب في وقوع حوادث مرورية يتأثر بها اناس ابرياء يعتبر اذى، فالسائق الذي يسير بسرعة جنونية غير عابئ بما تحدثه السرعة من وقوع حوادث، كثيرا ما تكون مميتة، يرتكب مخالفة قانونية وشرعية في حق نفسه وحق الاخرين فالسرعة الجنونية دعوة للتهلكة والله ينهانا عن القاء أنفسنا في التهلكة، يقول الله تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: 195].

كما ان هذه السرعة الجنونية فيها اسراف شديد على النفس حيث يسيء استخدام نفسه والسيارة التي يمتلكها معا، ويقتضي واجب الملكية في الاسلام حُسن استخدامها وصيانتها وصلاحها كما يدعونا الاسلام إلى الاعتدال في السرعة، يقول الله تعالى:{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}[لقمان: 19].

فالاعتدال في السرعة هو حدّ الاسلام، حدّ الاتزان، وهو الحد الذي ستؤجر عليه لأنك بذلك تميط الاذى عن الطريق بسرعتك المعتدلة المعقولة كما ان الاضرار بالطريق والتسبب في الحوادث يتنافى ولا شك مع القاعدة الفقهية الاسلامية (لا ضرر ولا ضرار) فالطريق ليس ملكا لك تعبث فيه كما تشاء، ومن رحمة الله عليك انك ستؤجر في اماطة الاذى عن الطريق وتنجو عن عقاب الله تعالى الذي توعد به المفسدين والمسرفين في الارض، فهل نعقل ونتبع طريق النجاة في الدنيا والاخرة، وهل نحسن استخدام الطرق وان نمتنع عن كل شكل من اشكال الاذى بها كما امرنا الله سبحانه وتعالى.

ويمكن تلخيص احكام النظافة للشوارع وما شابهها من الامور المفروضة على الانسان بما يلي.

1ـ النهي عن التغوط فيها :

عن ابي خالد الكابلي قال : قيل لعلي بن الحسين (عليه السلام):اين يتوضأ الغرباء (1)، قال:(يتقون شطوط الانهار، والطرق النافذة، وتحت الاشجار المثمرة، ومواضع اللعن، وقيل له : وما مواضع اللعن؛ فقال : ابواب الدور(2).

وعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال لقمان لابنه اذا سافرت مع قوم فاكثر استشارتهم – إلى ان قال - : واذا اردت قضاء حاجتك (أي التغوط) فأبعد المذهب في الارض (3).

ومراد الإمام (عليه السلام) في الرواية المتقدمة من (الطرق النافذة)، الطرق المسلوكة التي يجتازها الناس ويعبرون عليها، احترازا عن الطرق التي هُجر السلوك فيها، فيشمل النافذة – بمعنى المفتوحة من الطرفين – والمرفوعة، وان كان في المرفوعة حراما باعتبار انه تصرف في ملك الغير بغير اذنه.

وعن ابي هريرة ان رسول الله (صلى الله عليه واله)  قال : (اتقوا اللّعَّانَيْن)، قالوا : وما اللعانان يا رسول الله، قال : (الذي يتخلى في طريق الناس او في ظلهم)(4).

فالمراد من اللعانين الامرين الجالبين للعن الحاملين الناس عليه، والداعيين اليهما.

وكان من صفات رسول الله (صلى الله عليه واله) انه اذا اردا قضاء حاجته في السفر ابتعد عن اماكن السكن فعن المغيرة بن شعبة، ان النبي (صلى الله عليه واله) كان اذا ذهب المذهب أبْعَدَ(5).

والمراد من (ذهب المذهب):خرج لقضاء حاجته.

وعن جابر بن عبدالله، ان النبي (صلى الله عليه واله) كان اذا اراد البَرَازَ انطلق حتى لا يراه احد.

ومعنى قوله :(اراد البراز : اراد قضاء حاجته، والبراز هو الخروج لقضاء الحاجة، وهو الغائط نفسه.

ويستفاد من هذه الاحاديث ضرورة ان يكون مكان التخلي بعيدا عن اماكن السكن وعن امير المؤمنين (عليه السلام) في حديث الأربعمائة انه قال:(لا تبل على المحجة ولا تتغوط عليها)(6).

والمحجة هي جادة الطريق.

ونقل المجلسي عن كتاب النهاية في قوله:(... ولا يجوز التغوط على شطوط الانهار، والطرق النافذة، وابواب الدور، وفيء النزّال)(7)...

ونقل ايضا عنهم (صلوات الله عليهم) ان رسول الله (صلى الله عليه واله) قال:(.. ونهى عن الغائط.. وعلى الطرق والافنية)(8).

2- اماطة الاذى عنها :

ففي بعض الروايات انه من قبيل الصدقة. فعن النبي (صلى الله عليه واله) انه قال:(ان على كل مسلم في كل يوم صدقة)، قيل : من يطيق ذلك؟ قال (صلى الله عليه واله) : (اماطتك الاذى عن الطريق صدقة، وارشادك الرجل إلى الطريق صدقة..)(9).

وفي بعضها له الاجر العظيم، فعن النبي (صلى الله عليه واله) انه قال:(من اماط عن طريق المسلمين ما يؤذيهم كتب الله له اجر قراءة أربعمائة اية، كل حرف منها بعشر حسنات)(10).

وفي بعضها ان له الجنة، فعن النبي (صلى الله عليه واله) انه قال:(دخل عبدٌ الجنّة بغصنٍ من شوك كان له على طريق المسلمين فأماطه عنه)(11).

وفي بعضها انه من علامات الايمان. فعنه (صلى الله عليه واله) انه قال:(الايمان بضع وسبعون باباً، اكبرها شهادة ان لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق)(12).

وروي عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين(عليه السلام) انه كان يمر على المدرة في وسط الطريق فينزل عن دابته حتى ينحيّها بيده عن الطريق (13).

وعن النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) انه قال:(من رفع حجرا من الطريق كتبت له حسنه، ومن كانت له حسنة دخل الجنة)(14).

وكان فيما يأمر به (صلى الله عليه واله) اصحابه :(أعزل الاذى عن طريق المسلمين)(15).

وفي بعض الروايات انه من احسن الاعمال، فعنه (صلى الله عليه واله) انه قال:(عرضت عليَّ امتي بأعمالها حسنها وسيئها فرأيت في محاسن اعمالها اماطة الاذى عن الطريق، ووجدت في مساوئ اعمالها النخاعة في المسجد لا تدفن)(16).

الى غير ذلك من الروايات التي تكشف عن مدى اهتمام الاسلام بالبعد الاجتماعي، والاخلاق الاجتماعية التي تعكس الاخلاق الفردية بحيث يتعامل الانسان مع المجتمع كتعامله مع نفسه، فتصبح مسألة اماطة الاذى عن الطريق وازالة العوائق منه والعمل على نظافته وعدم رمي الاوساخ والقاذورات فيه من المسائل التي يجب الاهتمام به كما يعتني الانسان بمنزله.

وبهذا يؤسس الاسلام لمقولة حضارية رائعة مفادها ان نظافة الطريق العام الذي يمشي عليه الانسان لا تقل أهمية عن نظافة بيته وممتلكاته الخاصة.

___________________

1ـ قوله : (أين يتوضأ) المراد بع التغوط او الاعم منه ومن البول.

2- بحار الانوار، م.س، ج77، ص179، ج11، عن معاني الاخبار، ص368.

3- نفس المصدر، ص183، ح34، عن المحاسن للبرقي، ج2، ص125 – 126.

4- صحيح مسلم بشرح النوري. ج3، المجلد الثاني، ص161.

5- سنن ابي داود، المجلد الاول، كتاب الطهارة، ص9، باب1، ح1.

6- وسائل الشيعة، م.س، باب 15 من ابواب احكام الخلوة، ج12.

7- نفس المصدر، ص190، ح48.

8- نفس المصدر، ص191، ح51، عن دعائم الاسلام، ج1، ص104.

9- بحار الانوار، م.س، ج72، ص50.

10- نفس المصدر، ص49.

11- وسائل الشيعة، م.س، ج16، ص338، باب 19 من أبواب المعروف.

12- الطبرسي، ابي الفضل علي، مشكاة الانوار في غرر الاخبار، ص40، مطبعة الحيدرية، النجف، 1965م.

13- بحار الانوار، م.س، ج72، ص50.

14- الطبراني، سليمان بن احمد، المعجم الكبير، تح. حمدي عبدالمجيد، ج20، ص102، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ودار احياء التراث العربي، ورواه الهيثمي، الحافظ نور الدين علي بن ابي بكر، مجمع الزوائد، ج3، ص135، دار الكتب العلمية، بيروت، 1988م.

15- صحيح مسلم، م. س، ج8، ص34.

16- المتقي الهندي، علاء الدين علي المتقي بن حسان الدين الهندي، كنز العمال في سنن الاقوال والافعال تح. بكري حيان وصفوة السقا، ج7، ص664، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط5، 1405هـ - 1985م.