أنواع الشائعات
المؤلف:
الدكتور بطرس خالد
المصدر:
الإعلام والحرب النفسية
الجزء والصفحة:
ص 135- 139
2025-12-04
15
أنواع الشائعات:
1- الشائعة الزاحفة:
وهي تروج ببطء وهمس وبطريقة سرية، مثل الشائعات التي تتحدث عن الفساد الإداري وهدر المال العام وغلاء السلع والشائعة الزاحفة هذه هي أقوى الشائعات تأثيراً وأكثرها قدرةً على هزيمة الحقائق نفسها إذ أنها وكما يتضح من اسمها تبدأ هادئة وبطيئة ولكنها تمتلك من القوة ما يسمح لها بالزحف في المجتمعات والانتقال بين الألسن والآذان بسرعة، بحيث تصبح راسخة قوية ومقنعة حتى وإن لم تستند إلى منطق سليم، والغرض الرئيسي للشائعة الزاحفة هو توجيه الرأي العام نحو أمر بعينه أو فكرة بذاتها، بحيث تستقر في القلوب والنفوس، وتصبح قادرة على تحطيم الروح المعنوية للأفراد.
وأشهر ما عُرف من الشائعات الزاحفة هو:
- فكرة قوة جيش العدو الصهيوني ومناعته وفكرة أنه غير قابل للهزيمة.
- خلال الحرب العالمية الثانية استخدم (غوبلز) وزير الدعاية النازي شائعة السلاح السري الألماني ليحطم إرادة الإنجليز ويوهمهم بأن هزيمتهم حتمية حتى لو أوحت تطورات الموقف بعكس ذلك.
2- الشائعة الغائصة:
وهي التي تُروّج في فترة معينة ثم لا تلبث أن تغوص تحت السطح لتعود بالظهور مرة أخرى عندما تتهياً لها الظروف والشائعة الغائصة تشبه كثيراً الشائعة الزاحفة، من حيث بطئها وتوغلها وتغلغلها، لكن تختلف عنها في أنها لا تمس شريحة خاصة من المجتمع وإنما تمس أمراً يتعلق بأوقات محدودة بعينها، بحيث تغوص الشائعة في المجتمع معظم الوقت ثم تعود إلى السطح، عندما يأتي دورها أو موسمها أو تأتي مناسبتها.
فالشائعة التي تتعلق بنقص المواد الغذائية مثلاً تختفي معظم أيام السنة لأن المواد متوفرة بالفعل ثم تعود إلى الظهور مع مواسم الصيف مثلاً أو في بدايات شهر رمضان والشائعات المالية هي أشهر أنواع الشائعات الغائصة، مثل شائعات إصدار الحكومة لقانون يبيح لها الاستيلاء على الودائع البنكية للمواطنين، أو على العملات الحرة في أرصدتهم، وهي شائعة ترتبط دوماً بالأزمات الاقتصادية فهي غائصة دوماً في المجتمع ثم تظهر فجأة إذا ما واجه المجتمع أزمة مالية، حتى ولو كانت مرحلية أو مؤقتة.
3- شائعة الخوف:
تنتشر شائعة الخوف في الحالات التي يستولي على الناس الخوف والقلق، مثل:
- الشائعات التي تتحدث عن الذراع الطويلة للعدو الصهيوني في إشارة لسلاح الجو.
- الشائعات التي تطلقها المنظمات الإرهابية حول وجود قنابل وسيارات مفخخة لإرهاب المواطنين وإضعاف ثقتهم بأجهزة الأمن.
وبعد إحداث حالة الخوف المطلوبة تستأنف ماكينة الشائعات عملها للاستفادة من حالة الخوف هذه لدفع الرأي العام نحو الإحباط ومن ثم الاستسلام.
4- الشائعة الهجومية:
وهي التي توجه ضد العدو للتشكيك في إمكانية النصر وإشاعة تيار الانهزامية، وهذا النوع من الشائعات يعتمد على نشر أكذوبة قوية مخيفة تدفع فئة ما أو حتى كل الفئات إلى الغضب والاندفاع إلى التدمير أو التخريب دون أن تتوقف للتفكير في الموقف ودراسته وتبين صحته أو كذبه، ويبدو واضحاً أن الشائعات الهجومية هي عكس الشائعة الزاحفة تماماً، فهي تبدأ بسرعة والغرض منها تحقيق نتائج سريعة ومباشرة وعنيفة.
5- شائعة الأحلام والأماني:
وهي الشائعات التي تنتشر بين الناس لأنها تمس حاجاتهم وأحلامهم وتعمل كتنفيس للرغبات والامال التي لم تتحقق، إنها تعبير عما يدور داخل الإنسان من رغبات يسعى لتحقيقها من أجل حياة أفضل، وهي أقرب إلى التفكير بصوت عالٍ وتتعلق بالإيديولوجيا السائدة في المجتمع وبالأفكار الموجودة فيه، فعند الأوربيين مثلاً تتحدث شائعاتهم الحالمة عن زيادة السيطرة والنفوذ، أما في دول العالم الثالث فيكون موضوع الشائعات مختلفاً إذ تقتصر هنا على زيادة الرواتب وتحسين الوضع المعيشي وزيادة فرص العمل، ففي بريطانية مثلاً تتحدث الشائعات الحالمة عن أن اللغة الإنكليزية ستصبح لغة العالم قريباً.
فهي تخرج من الناس أنفسهم لأنفسهم يعبرون فيها عن أحلامهم المكبوتة، وهي تنتشر بين الناس لتشبع احتياجاً جوهرياً وضرورياً ملحاً للنفس، فتجعلهم يتماسكون نفسياً ولا ينهارون، الشائعة الحالمة هي التي تقف وراء حلم يراود بعض الشباب الذين يرددون أن الدولة ستقوم بإنشاء وحدات سكنية توزعها مجاناً أو بأسعار رمزية على الذين يودون الزواج إنهم يحاولون أن يجعلوا من أحلامهم شائعة وردية اللون تصل إلى مسامع الأطراف المسؤولة، أي أن موضوع الشائعة الحالمة يحمل حاجات المجتمع.
6 - شائعة الحقد:
وهي التي تسعى لضرب الوئام الاجتماعي وتحطيم المعنويات أو هدم الأسر أو المؤسسات الاجتماعية، مثل الشائعة التي تروج لها الدوائر الأمريكية والصهيونية عن مسؤولية سورية في مقتل الحريري لضرب وحدة الشعبين السوري واللبناني وبث الحقد بينهما.
7 شائعة سحابة الدخان:
تستخدم كستار من الدخان لإخفاء النوايا لخداع العدو، فقد قام العدو الإسرائيلي قبل حرب 1967 بتصوير جنوده وهم يسبحون لخداع العرب ولإخفاء نواياه الهجومية، كما تستّر العدو أيضاً بإشاعة خطف جنديين إسرائيليين لتغطية سبب الحرب الحقيقي على لبنان، فتم استعمال هذه الأخبار كستارة دخانية لتغطية النوايا والأعمال الحقيقية، والشائعات التي يتم ترويجها من قبل أجهزة المخابرات وإيصالها تهدف لتغطية النوايا الحقيقية لهذه الأجهزة، فيمكن مثلاً إطلاق شائعة عن شراء معدات رؤية ليلية ومناظير تعمل بالأشعة تحت الحمراء لاستخدام هذه الشائعة كستار لتغطية النوايا الحقيقية وذلك لإقناع الطرف المعادي بأن الحرب معه ستكون ليلاً، بينما في الواقع يجري التحضير للحرب نهاراً.
كما كان ادعاء الولايات المتحدة الأمريكية أن سبب تدخلها العسكري في العراق وأفغانستان هو لنشر الديمقراطية وإقامة عالم حر، بينما لم يكن ذلك سوى شائعة من دخان تخفي من خلالها النوايا الحقيقية للاحتلال العسكري للعراق.
8 - شائعة الشغب:
تهدف لإطلاق الشرارة الأولى التي تحوّل حادثة بسيطة إلى مظاهرات ومشاجرات وتزيد من عنفوانها لأنها تهيئ المسرح للسلوك الجماهيري الغاضب.
مثل الشائعات التي تتحدث عن غلاء الأسعار لإثارة المواطنين، ولحملهم على التظاهر وإثارة العنف والشغب، وتؤدي لحدوث الإضرابات وتعطيل العمل في مؤسسات الدولة وإلحاق الأذى باقتصادها الوطني لخدمة جهات معادية.
ومثال ذلك عندما قامت المخابرات الأمريكية بدفع أموال طائلة لدور النشر في قرغيزيا (إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً) لنشر صورة منزل رئيس الدولة بجانب صورة الأكواخ في القرى النائية وكتبت تحت الصور العبارة التالية "هذا القصر من أموال هؤلاء الفقراء" بقصد إطلاق شائعة لاتهام الرئيس بالسرقة مما أدى لحدوث مظاهرات وأعمال شغب لم تنتهي إلا بسقوط الرئيس.
9- شائعة التنبؤ:
تستخدم للتنبؤ بوقوع أحداث سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية في وقت الأزمات والكوارث والحروب، مثل الشائعات التي تطلق من بعض المحللين السياسيين والمنجمين الذين كثر ظهورهم في وسائل الإعلام مؤخراً.
10- شائعة التبرير:
تهدف لتبرير السلوك الخاطئ أو العمل العدائي الذي تم ارتكابه، مثل الشائعة التي روجها العدو الصهيوني والأمريكي لتبرير قصف الطائرات لمبنى يتم إنشاؤه في سورية وأشاعوا أنه بناء معد ليكون مفاعلاً نووياً.
11- شائعة جس نبض الرأي العام:
لرصد ردود فعل الجماهير تجاه شخص أو شيء أو فكرة أو معرفة تجاه الرأي العام، مثل الشائعات التي تتحدث عن احتمال وقوع الحرب لمعرفة مدى الاستعداد النفسي لدى هذه الجماهير، كما تستخدم هذه الشائعة لدراسة الرأي العام حيال قضايا معينة قبل إقرارها، ويتم اختيار القرارات التي تلقى ارتياحاً أكبر شريحة من جمهور الرأي العام المستهدف.
12- الشائعة الاقتصادية:
تهدف لإثارة القلق والخوف والبلبلة في السوق المالي أو الوضع الاقتصادي وخاصة وقت الأزمات والحروب، مثل الشائعات التي تتحدث عن فقدان بعض السلع من السوق فيزداد الطلب عليها ويتم تصريفها.
وكذلك الإشاعات التي تتحدث عن خسارة البنوك لتخويف المودعين الذين يقومون بسحب أرصدتهم من هذه البنوك وبالتالي خسارتها.
13- الإشاعة على شكل نكتة:
يستخدم للسخرية من فكرة أو شيء أو شخص وهي هدامة بكل معنى الكلمة لما فيها من نقد لاذع وسخرية جارحة.
ينشأ الربط بين النكتة والإشاعة في أن كليهما يعبر عن مشاعر خاصة تجاه الأشخاص أو الأشياء دون أن يظهر الرأي الشخصي ودون أن يعبر عن مشاعره، فبدلاً من أن أقول أنا أكره فلان، أقول بحقه نكتة فحواها يحمل كراهية للشخص أو الفكرة أو الشيء موضوع الإشاعة.
14- شائعة الإرهاب:
وهي الإشاعة التي يستخدمها الإرهابيون كسلاح نفسي وتكون على شكل بلاغات وتهديدات كاذبة لترهيب جمهور الرأي العام وتهدف إلى إحباط معنوياته وتقويض أمنه وزعزعة استقراره وفقدانه السيطرة على الأمور خاصة وقت الأزمات، وبالتالي يفقد الجمهور الثقة بقادته، مثل الإشاعات الكاذبة التي تخبر عن امتلاك المنظمات الإرهابية لأسلحة كيميائية وبيولوجية لإرهاب المواطنين وترويعهم.
15- الإشاعة التعبيرية:
هي التي يعبر فيها الأفراد عن أنفسهم ومدى شعورهم تجاه الآخر أو الأزمة التي يمرون بها فتمتزج أمنياتهم وأحلامهم بإطلاق قول ويتخيلون أنه حدث بالفعل، ويطلقونه وكأنه حقيقة حدثت فيرتاحون، وقد يحدث ذلك بسبب أنهم يجهلون تماماً أية معلومات حول المشكلة فيريدون أن يصوروا لأنفسهم أن كل شي رائع ويدعم الصورة الذهنية لهم ولكل ما ينتمي إليهم حتى يحمون أنفسهم لا إرادياً من الشعور بالخطر.
16- الشائعة التفسيرية:
تصدر عن الناس أنفسهم الذين صدموا من الحدث المفاجئ ويبحثون له مع أنفسهم ولأنفسهم عن تفسير أو سبب أو إجابة لما حدث فجأة دون معرفه للسبب الحقيقي العلمي المنطقي فالذهن يقفز إلى أسباب ما يحدث ويفسرها حسب ما فيه من خلفيه معلوماتية والتي غالباً ما تكون ضحلة وغير منطقية على الإطلاق تسيطر عليها الخرافات.
الاكثر قراءة في الدعاية والحرب النفسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة