شبهات وردود على آية التطهير
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج3/ص208-209
2025-12-03
17
الشبهة: أنَّ البعض ذهب إلى أنَّ الآية شاملة لزوجات النبيّ ولأصحاب الكساء جمعاً بين الأدلّة. وهذا الرأي ذهب إليه الفخر الرازيّ والزمخشريّ عند تفسيرهما الآية. ويردّه:
أوّلًا: أنَّ الدليل على دخول الزوجات هو ما نقلته أحاديث عكرمة ومقاتل التي اتّضح لنا وضعها، وكذلك التمسك بالظهور السياقيّ للآيات قد عرفت ما فيه. لذلك لا تصل النوبة إلى الجمع بينهما. فالجمع بين الدليل القاطع والشبهة المرفوضة هو الأخذ بالدليل وردّ الشبهة.
ثانياً: منع امّ سلمة من الدخول تحت الكساء، فإنَّه أقوى دليل على عدم دخول نساء النبيّ في مدلول الآية.
ثالثاً: لو كان غير على وفاطمة وابنيهما عليهم السلام مراداً، لقال صلّى الله عليه وآله وسلّم حين جلّلهم بالكساء: اللهُمَّ هَؤلاءِ مِنْ أهْلِ بَيتي، لكنّه قال: "اللهُمَّ هؤلاءِ أهْلُ بيتي وخاصَّتِي فَأذهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرا ً".
وفي رواية ذكرها ابن حجر في «الصواعق المحرقة» أنَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: "أنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَهُمْ وسِلْمٌ لِمَنْ سَالمَهُمْ وعَدوٌّ لِمَنْ عَادَاهُمْ"[1].
ورابعاً: لو كان مدلول الآية شاملًا للنساء وأصحاب الكساء معاً، فلا محالة أنَّ القصد من التطهير وإذهاب الرجس هو ليس العصمة، بل هو الطهارة المتأتّية عن التقوى والطاعة بسبب اتّباع الشرع والأمر والنهي. وهذا المعنى يدخل فيه المسلمون كافّة، وهو ينأى حصر مدلول الآية بلفظ: إنَّما.
فرغنا والحمد لله من البحث في رحاب آية التطهير، وثبت لنا أنَّ احتمال دلالة الآية على غير أهل العصمة يمثّل جزافاً في القول. بَيدَ انّنا ينبغي أن نفهم أنَّه لا مانع من شمول الآية بقيّة الأئمّة المعصومين كما دلّت على ذلك الروايات الواردة التي نقلناها عن طريق الخاصّة فيما تقدّم. لأنَّ هذا الشمول ليس من باب شأن النزول بل من باب التطبيق وظهور المصداق. في ذلك الوقت الذي جلّل الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم أهل بيته عليهم السلام بالكساء، لم تُقِلُّ الخضراء، غير اولئك الخمسة المطهّرين، لكنّ صلب سيّد الشهداء عليه السلام كان يحمل تسعة هم مصاديق لعنوان أهل البيت واحداً بعد الآخر. وهذا الموضوع كموضوع آية اولي الأمر إذ كانت في عصر النبيّ شاملة لأمير المؤمنين على وجه الحصر، لكنّ أبناءه الذين جاءوا بعده حتى قائم آل محمّد عَجَّلَ الله تعالى فَرَجَهُ الشريف كانوا مصاديق لها، ويترتّب وجوب الطاعة وفقاً للآية الكريمة. وفي القرآن المجيد كثير من أمثال هذه المسائل المتمثّلة بشأن النزول وتطبيق مدلول الآية بالمصاديق المتأخرة عن عصر النزول.
[1] «الصواعق المحرقة» ص 85.
الاكثر قراءة في شبهات وردود
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة