مشكلة التصحر والجفاف
المؤلف:
د. كاظم عبادي حمادي
المصدر:
الثروة الحيوانية في الوطن العربي
الجزء والصفحة:
ص 237 ـ 241
2025-11-20
35
التصحر يقصد به وقوع تدهور في التربة والنبات الطبيعي وموارد المياه بما يؤثر سلبًا على صحة الحيوان والإنسان ويحرمهما من فرص الحياة وتعرف منظمة الأمم المتحدة، عبر برامجها الإنمائية والبيئية تعريفا للتصحر بانه حدوث نقصان أو تدمير في القدرة البيولوجية للأرض بما يمكن أن يؤدي إلى سيادة ظروف شبيهة بالظروف الصحراوية Desert - like في ظل تأثير مزدوج من تغير وتذبذب في الظروف المناخية مع حدوث نشاط بشري كثيف الأثر، وتكون النتيجة إصابة الأنظمة البيئية البرية بالتدهور كما ونوعا.
والتصحر هو تعرض الأرض للتدهور في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، مما يؤدي إلى فقدان الحياة النباتية والتنوع الحيوي (biodiversity) بها، ويؤدي ذلك إلى فقدان التربة الفوقية ثم فقدان قدرة الأرض على الإنتاج الزراعي ودعم الحياة الحيوانية والبشرية ، مما يؤثر تأثيرا مفجعا على الحالة الاقتصادية للدول بحيث يؤدي إلى خسارة تصل إلى 40 بليون دولار سنويا في المحاصيل الزراعية وزيادة أسعارها.
ويتعدى مفهوم التصحر ذلك ، وعلى خلاف ما قد يظنه الكثيرون من أن التصحر مشكلة طبيعية يسببها نقص الأمطار، بات من المؤكد أن التصحر نتاج عملية متصلة من تدهور الأرض يلعب الإنسان فيها دورًا أساسيا، ويتهم الإنسان بضلوعه في وقوع تدهور التربة والنبات والمياه الجوفية بفعل أنشطته غير المدروسة، مثل الإفراط في الزراعة والرعي الجائر، وقطع الغابات، وسوء استغلال الموارد المائية وغيرها من الانشطة غير الاقتصادية ، اما الجفاف والذي يعبر عنه البعض بمصطلح القحولة Aridity من أوجه التصحر ولكن يختلف عنه في بعض التأثير حيث يعرفها البعض بانها معاناة منطقة ما من تناقص ما تتلقاه من الأمطار السنوية مع معاناتها في ذات الوقت من درجات حرارة مرتفعة ، ولعل أحد مظاهر النطاقات الجافة فهو هو شدة تباين مطرها، وهو ما يتضح من أمرين ، الأول تركز سقوط المطر في فصل أو فصلين من فصول السنة ، والثاني التباين الكبير من سنة لأخرى.
في كمية المطر بحيث يصبح من المعتاد وجود سنوات غزيرة المطر تتبعها سنوات قليلة المطر ، وحينما تزداد تكرارية الفترات القليلة المطر تصل المنطقة إلى مرحلة الجفاف (Drought)
كما يختلف المصطلحان المشار اليهما عن مصطلح الاراضي الجافة والتي يعرفها البعض بانها إقليم مناخي عام ثابت القوانين وليس متذبذبا في خصائص عناصره المناخية كما هو في الأراضي التي يصيبها الجفاف.
وتنقسم الأراضي الجافة إلى ثلاثة نطاقات مناخية ، هي الأراضي شديدة الجفاف Hyper - Arid zone ، والأراضي الجافة Arid zone ، والأراضي شبه الجافة Semi - Arid zone ، وأبسط وسيلة لتعيين الحدود بين كل نوع وآخر من خلال تصنيف درجات الجفاف (حسب متوسط كمية المطر السنوي) ويؤثر التصحر والجفاف على تربية الثروة الحيوانية في الوطن العربي اذ يعد من اكثر العوامل البيئية تأثيرا على إنتاج وتربية الحيوانات وذلك من خلال تحديد مساحات الأراضي الزراعية المروية واراضي الزراعة المطرية ومساحات المراعي يعتمد الرعي في اكثر الاحيان على النمو النباتي الطبيعي الذي ترعاه قطعان الحيوان ، ونلاحظ أن نوع الحيوان يختلف حسب ظروف المطر والنمو النباتي ، فالأبقار سائدة في قطعان المناطق ذات المطر شبه الرطبة وقطعان الأبل والماعز والاغنام في قطعان المناطق الجافة وتعتمد هذه على قدرة المراعي على التحمل أي عدد الحيوانات التي يمكن ان تجد ما يكفيها من غذاء في وحدة مساحة ارض المراعي دون ان يتضرر النمو النباتي ، دون ان يفقد قدرته على النمو وتعويض ما اكله الحيوان ، وهذه القدرة تعتمد على مجموعة الظروف البيئية التي تحكم نمو النبات وقدرته على بناء الكتلة الحية ، أي ان يعتمد على معدلات المطر وخصوبة التربة ، الادارة الرشيدة لموارد المراعي نحافظ على توازن العلاقة بين الحيوان والمراعي بحيث لا تتجاوز هذه العلاقة قدرة المراعي على التحمل هذه القدرة تتباين في الموقع الواحد من فصل المطر والنمو أي فصل الجفاف ولعل نظام رعي البداوة المتنقلة بين مراعي الصيف ومراعي الشتاء كان استجابة قطرية وسليمة للتباين الفصلي في قدرة المراعي على تحمل استيعاب رعي وأطعام قطعان الماشية والاغنام وبالإضافة الى ذلك فقد توسعت الرقعة المتصحرة في اراضي الوطن العربي من خلال قيام كثير من المزارعين وخاصة خلال العقود الأولى من هذا القرن أخطر مراحل التصحر لأنها ارتبطت بالزيادة السريعة للسكان ، فزاد ضغطهم على الأرض ، وتضاءل حجم المزارع ، مما اضطر المزارعين الى استغلال اراض جديدة بقطع المزيد من الغطاء النباتي فأدى هذا الى المزيد من التعرية والتدمير للبيئة.
ومن خلال الاطلاع على ظاهرة التصحر والجفاف في الوطن العربي نلاحظ بان كثير من العمليات الطبيعية والبشرية سببت انتشاره واتساعه في مناطق كثيرة من الوطن العربي ومن هذه العمليات هي:
أـ الاستغلال المفرط أو غير مناسب للأراضي الذي يؤدي إلى استنزاف التربة.
ب ـ إزالة الغابات التي تعمل على تماسك تربة الأرض.
ج ـ الرعي الجائر يؤدي إلى حرمان الأراضي من حشائشها.
د - أساليب الري الرديئة.
هـ ـ الفقر وعدم الاستقرار السياسي.
حيث تؤكد الإحصاءات أن نحو 18% من مساحة الوطن العربي تتأثر بالتصحر وقد بلغت (2) مليون كيلومتر مربع، فهي بطبيعتها تعد من أكثر المناطق الجافة ذات الأنظمة البيئية الهشة، إذ يلعب المناخ دوراً مهماً في تركيبتها، إلا أن الآثار السلبية لهذه الظاهرة تزداد انتشاراً بمعدلات متسارعة، نظراً لارتفاع درجة الحرارة الناتج عن ظاهرة الاحتباس الحراري، ويجتاح التصحر الأراضي العربية في وقت أصبح فيه ارتفاع نسبة الإنتاج الزراعي والحيواني لمواجهة النمو السكاني وارتفاع مستوى المعيشة ضرورة ماسة جداً، وبحسب تقدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة فإن القيمة الإنتاجية المفقودة سنوياً في الدول النامية بسبب التصحر تقدر ب 16 مليار دولار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صلاح داود سلمان ، وزميله - اثر ظاهرة التصحر على تناقص المساحات الزراعية وتدهور الإنتاج الزراعي - بحث منشور في مجلة الأستاذ ، العدد ( 203 ) ، 2012 - ص 1633 - 1634.
2) زين العابدين عبد المقصود غنيمي - مشكلة التصحر في العالم الاسلامي - نشرة قسم الجغرافية - جامعة الكويت ، 1980.
(1) خولي محمد - التصحر في الوطن العربي - مركز دراسات الوحدة العربية ، ط 2 بيروت ، 1990 - ص 73- 80
(2) إبراهيم فؤاد نجيب - الأسباب الجغرافية البشرية للتصحر في الاستبس الفرنسي الأوسط - بيروت ، 1983.
(1) رمزي سلامة - مشكلة المياه في الوطن العربي ، احتمالات الصراع والتسوية - الاسكندرية ، 2001 – ص 9.
الاكثر قراءة في الجغرافية المناخية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة