شروط انتشار الحرمة بالرضاع
المؤلف:
علي الحسيني السيستاني
المصدر:
منهاج الصالحين
الجزء والصفحة:
ج3 ، ص 45 - 49
2025-11-13
99
يتوقّف انتشار الحرمة بالرضاع على توفّر عدّة شروط:
الأوّل: حصول اللبن للمرضعة من ولادة شرعيّة وإن كان عن وطء شبهة، فلو درّ اللبن من المرأة من دون ولادة، أو ولدت من الزنا فأرضعت بلبنها طفلاً لم ينشر الحرمة.
مسألة 94: تنتشر الحرمة بحصول الرضاع بعد ولادة المرضعة ووضع حملها، سواء وضعته تامّاً أم سقطاً مع صدق الولد عليه عرفاً، وأمّا الرضاع السابق على الولادة فلا أثر له في التحريم وإن حصل قُبَيْلها.
مسألة 95: لو ولدت المرأة ولم ترضع فترة ثُمَّ أرضعت طفلاً فإن قصرت الفترة بحيث استند اللبن المتجدّد إلى ولادتها كان موجباً للحرمة وإن علم جفاف الثدي قبله، وأمّا إن كانت الفترة طويلة بحيث لا يستند اللبن معها إلى الولادة فلا يوجب التحريم سواء أجفّ الثدي قبله أم لا.
مسألة 96: لا يعتبر في نشر الحرمة بالرضاع بقاء المرأة في عصمة الرجل، فلو طلّقها الزوج أو مات عنها وهي حامل منه أو مرضع فأرضعت ولداً نشر الحرمة حتّى وإن تزوّجت ودخل بها الزوج الثاني ولم تحمل منه أو حملت منه وكان اللبن بحاله لم ينقطع بشرط أن يتمّ الرضاع قبل أن تضع حملها.
الثاني: حصول الارتضاع بامتصاص الطفل من الثدي ولو بالاستعانة بآلة، فإذا أُلقي اللبن في فم الطفل أو شرب اللبن المحلوب من المرأة ونحو ذلك لم ينشر الحرمة.
الثالث: حياة المرضعة، فلو كانت المرأة ميتة حال ارتضاع الطفل منها ولو في بعض الرضعات المعتبرة في التحريم لم ينشر الحرمة، ولا يضرّ كونها نائمة أو مجنونة كما لا يضرّ كونها مُكرَهة أو مريضة أو قليلة اللبن.
الرابع: عدم تجاوز الرضيع للحولين، فلو رضع أو أكمل الرضاع بعد استكمال السنتين لم ينشر الحرمة، وأمّا المرضعة فلا يلزم في تأثير إرضاعها أن يكون دون الحولين من ولادتها.
مسألة 97: المراد بالحولين أربعة وعشرون شهراً هلاليّاً من حين الولادة، ولو وقعت في أثناء الشهر يكمل من الشهر الخامس والعشرين بمقدار ما مضى من الشهر الأوّل، فلو ولد في العاشر من شهر يكمل حولاه في العاشر من الشهر الخامس والعشرين.
الخامس: خلوص اللبن، فالممزوج في فم الطفل بشيء آخر - مائع كاللبن والدم، أو جامد كفتيت السُّكَّر - لا ينشر الحرمة، إلّا إذا كان الخليط مستهلكاً عرفاً.
السادس: كون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسباً بتمامه إلى رجل واحد، فلو طلّق الرجل زوجته وهي حامل أو بعد ولادتها منه، فتزوّجت شخصاً آخر وحملت منه، وقبل أن تضع حملها أرضعت بلبن ولادتها السابقة من زوجها الأوّل ثماني رضعات مثلاً وأكملت بعد وضعها لحملها بلبن ولادتها الثانية من زوجها الأخير بسبع رضعات من دون تخلّل رضاع امرأة أُخرى في البين - بأن يتغذّى الولد في هذه المدّة المتخلّلة بالمأكول والمشروب - لم ينشر الحرمة.
السابع: وحدة المرضعة، فلو كان لرجل واحد زوجتان ولدتا منه فارتضع الطفل من أحدهما سبع رضعات ومن الأُخرى ثماني رضعات مثلاً لم تنشر الحرمة.
الثامن: بلوغ الرضاع حدّ إنبات اللحم وشدّ العظم، ويكتفى مع الشكّ في حصوله برضاع يوم وليلة أو بما بلغ خمس عشرة رضعة، وأمّا مع القطع بعدم حصوله وتحقّق أحد التقديرين - الزمانيّ والكمّيّ - فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط.
مسألة 98: يعتبر في إنبات اللحم وشدّ العظم استقلال الرضاع في حصولهما على وجه ينسبان إليه، فلو تغذّى الطفل به وبغيره على وجه ينسبان إليهما معاً لم ينشر الحرمة، نعم لا بأس بالتغذّي بشيء يسير من غير اللبن ممّا لا ينافي استقلال اللبن في التأثير .
ولو ارتضع الطفل من امرأتين متناوباً رضعة من هذه ورضعة من تلك إلى أن نبت لحمه واشتدّ عظمه، فإن استند مقدار من الإنبات والشدّ إلى كلٍّ منهما كان موجباً للحرمة، وإن استندا إليهما معاً لم ينشر الحرمة.
مسألة 99: المدار في إنبات اللحم وشدّ العظم على المقدار المعتدّ به منهما بحيث يصدقان عرفاً، ولا يكفي حصولهما بحسب المقاييس العلميّة الدقيقة.
مسألة 100: يشترط في التقديرين - الزمانيّ والكمّيّ - أن يتغذّى الطفل بالحليب فلو ارتضع ثُمَّ قاء الحليب لم يترتّب أثر على تلك الرضعة.
مسألة 101: يشترط في التقدير الزمانيّ أن يكون ما يرتضعه الطفل من المرضعة هو غذاؤه الوحيد طيلة تلك المدّة، بحيث يرتضع منها متى احتاج إليه أو رغب فيه، فلو منع منه في بعض المدّة أو تناول طعاماً آخر أو لبناً من مرضعة أُخرى لم يؤثّر.
نعم لا بأس بتناول الماء أو الدواء أو الشيء اليسير من الأكل بدرجةٍ لا يصدق عليه الغذاء عرفاً، والأحوط لزوماً اعتبار أن يكون الطفل في أوّل المدّة جائعاً ليرتضع كاملاً وفي آخرها رويّاً.
مسألة 102: يكفي التلفيق في التقدير الزمانيّ لو ابتدأ بالرضاع في أثناء الليل أو النهار .
مسألة 103: يشترط في التقدير الكمّيّ أمران آخران:
1- كمال الرضعة، بأن يكون الصبيّ جائعاً فيرتضع حتّى يرتوي ويترك من قبل نفسه، فلا تندرج الرضعة الناقصة في العدد، ولا تعتبر الرضعات الناقصة المتعدّدة بمثابة رضعة كاملة، نعم إذا التقم الثدي ثُمَّ رفضه لا بقصد الإعراض عنه، بل لغرض التنفّس أو الانتقال من ثدي إلى آخر ونحوهما ثُمَّ عاد إليه اعتبر عوده استمراراً للرضعة وكان الكلّ رضعة واحدة كاملة.
2- توالي الرضعات، بأن لا يفصل بينها رضاع من امرأة أُخرى، ولا يقدح في التوالي تخلّل غير الرضاع من المأكول والمشروب وإن تغذّى به بشرط أن يرتضع بعد ذلك جائعاً فيرتوي من اللبن لا أن يرتوي من مجموع هذا اللبن والمشروب الآخر مثلاً.
مسألة 104: الشروط المتقدّمة شروط لناشريّة الرضاع للحرمة، فلو انتفى بعضها لم يؤثّر الرضاع في التحريم حتّى بين صاحب اللبن والمرتضعة وكذا بين المرتضع والمرضعة.
وفي الرضاع شرط آخر زائد على ما تقدّم يختصّ بتحقّق الأُخوّة الرضاعيّة بين مرتضعين، وهو اتّحاد صاحب اللبن، فإذا أرضعت امرأة صبيّاً رضاعاً كاملاً، ثُمَّ طلّقها زوجها وتزوّجت من آخر وولدت منه وتجدّد لديها اللبن لأجل ذلك فأرضعت به صبيّة رضاعاً كاملاً لم تحرم هذه الصبيّة على ذلك الصبيّ ولا أولاد أحدهما على الآخر لاختلاف اللبنين من ناحية تعدّد الزوج.
وأمّا إذا كانت المرأة زوجة لرجل واحد وأرضعت صبيّاً من ولادة ثُمَّ أرضعت صبيّة من ولادة أُخرى أصبحا أخوين رضاعيّين وحرم أحدهما على الآخر كما يحرم الرضيع على المرضعة والرضيعة على زوجها.
وكذلك إذا كان للرجل زوجتان ولدتا منه وأرضعت إحداهما صبيّاً وأرضعت الأُخرى صبيّة فإنّ أحدهما يحرم على الآخر كما يحرمان على المرضعتين وزوجهما.
فالمناط - إذاً - في حرمة أحد الطفلين على الآخر بالرضاعة وحدة الرجل المنتسب إليه اللبن الذي ارتضعا منه، سواء اتّحدت المرضعة أم تعدّدت، نعم يعتبر أن يكون تمام الرضاع المحرّم من امرأة واحدة كما تقدّم في الشرط السابع.
الاكثر قراءة في أسباب التحريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة