أدى تضافر عدة عوامل مثل الضغط الذي يمارسه النمو المتزايد لسكان العالم والنمو الاقتصادي على الإمدادات التقليدية للوقود الاحفوري والمخاوف بشأن الاحتباس الحراري العالمي والازدياد الحاد في سعر النفط، إلى جعل تطوير مصادر بديلة للطاقة أمراً يزداد أهمية يوماً بعد يوم. وتوفر الأبحاث الحالية في النانوتكنولوجي دلائل مثيرة للاهتمام يمكن أن تحدث ثورة في مجال استخراج الطاقة من مصادر نظيفة ومتجددة، وعلى الأخص الشمسية منها.
ويرى العلماء أن تخزين وإنتاج وتحويل الطاقة سوف يكون الاستخدام الأهم لتكنولوجيا النانو في السنوات المقبلة، ويشمل ذلك إنتاج الخلايا الشمسية وخلايا الوقود الهيدروجيني.
وتعتبر الخلايا الشمسية أحد أهم مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، وقد شهدت هذه الخلايا تطبيقات واسعة في كافة مناحي حياتنا اليومية. وبالرغم من التوسع المطرد في مجالات استخدامها، إلا أنها ما زالت تواجه بعض العقبات ،والصعوبات، من أهمها قلة كفاءتها وارتفاع ثمنها، ولهذا يقوم العديد من الباحثون حالياً باستخدام تكنولوجيا النانو في تطوير خلايا شمسية كفوءة وقليلة التكلفة.
يقول الباحث تيد" سارجنت Ted Sargent في جامعة تورنتو الكندية، ومؤلف كتاب "رقص" الجزيئات كيف تغير تقنية النانو حياتنا" The Dance of Molecules: How Nanotechnology Is Changing Our Lives عام 2006 ، يقول بأننا يمكن استغلال تقنية النانو لتخليق خلايا شمسية فلسيلة التكلفة وعالية الكفاءة وصديقة للبيئة. خلال من تركيب خلايا شمسية قليلة التكلفة تُطلى لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربية بكفاءة، ونهدف بهذا إلى وضع حد للتعارض الموجود حالياً بين تحقيق الكفاءة العالية والتكلفة المنخفضة في الخلايا الشمسية. وسوف نستخدم في ذلك "نقاط الكم الغروية" colloidal quantum dots، وهي جزيئات شبه موصلة semiconductor particles لا يتجاوز قطرها بضعة نانومترات. هذه الجسيمات يمكن رشها من طور الانحلال على مواد قاعدية مرنة كبيرة. وتمثل نقاط الكم أيضاً نظام مواد يمكن موالفته بدرجة عالية، حيث يمكن تحديد فجوة نطاقها ليس فقط عن طريق اختيار المادة شبه الموصلة المستخدمة ولكن أيضاً عن طريق حجم الجسيمات.
ويقول بأن أي بناء شمسي solar architecture يسعى إلى تحقيق كفاءات تحويل طاقة عالية جدا، لابد أن يجمع من الشمس بكفاءة الطاقة الكبيرة للفوتونات (الزرقاء) ذات الطاقة العالية، وأن يمتص كذلك الفوتونات دون الحمراء ذات الطاقة المنخفضة. وسوف يعتمد بناؤنا الأول على أجهزة تتألف من خلايا متعددة الأسطح البينية، أي طبقات من خلايا كهربائية ضوئية لها فجوات نطاق مختلفة ومكدسة فوق بعضها البعض، وسوف تجمع طاقة كل طبقة إما بداخل الجهاز وإما خلال دائرة خارجية. وسوف نسعى أيضاً إلى عمل خلايا شمسية ذات كفاءة عالية مبنية على فئات جديدة من "نقاط الكم الغروية". وقد تضمنت الأجهزة الإلكترونية البصرية optoelectronic devices الناجحة المبنية على هذه الفئة من المواد حتى الآن معادن ثقيلة مثل الرصاص lead أو الكادميوم cadmium كمواد داخلة في تركيبها. وسوف نعمل على تحسين خواص نقاط الكم الغروية التي لا تحتوي على معادن ثقيلة، ونثـيـت أنها يمكن تحويلها إلى أجهزة ذات كفاءة عالية لجمع الطاقة الشمسية. ونحن نتصدى لتحد يشمل بطبيعته تخصصات مختلفة، فهو يشمل كيمياء المواد وصناعة الأجهزة وتحسين كفاءتها والتوصيف الإلكتروني البصري الدقيق وحتى الفحص المطيافي الفائق السرعةultrafast spectroscopic investigation ومن أبرز الإنجازات العلمية الرائدة في مجال تطبيقات النانو تكنولوجي في الطاقة الشمسية، تمكن فريق من الباحثين بجامعة إيلينوي الأميركية بقيادة العالم العربي الأصل الأميركي الجنسية البروفيسور "منير نايفة" - أستاذ الفيزياء والنانوتكنولوجي بجامعة إيلينوي الأميركية في إربانا - شامبين ومؤسس ورئيس شركة "نانو سيليكون"Nanosi Advanced Technology - وبالإشتراك مع باحثين في المملكة العربية السعودية وبالاستفادة من تقنية النانوتكنولوجي في تطوير خلايا كهرو شمسية كفؤة Solar Cells حيث توصلوا إلى أنه عند وضع طبقة (غشاء) رقيقة للغاية من "دقائق نانوية من السيليكون" في داخل خلية شمسية سيليكونية، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة إنتاج طاقتها الكهربائية، وتقليل الحرارة فيها، وإطالة عمر الخلية، وقد نشرت نتائج هذا البحث في مجلة "نشرات الفيزياء التطبيقية" Appliied Physics Letters عدد آب/أغسطس 2007.
وهذا التطور الكبير في عمل الخلايا الشمسية، جاء ثمرة جهود حثيثة قام بها فريق العمل بالاشتراك مع الباحثون السعوديون، الأمير الدكتور تركي آل سعود نائب رئيس مؤسسة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية المعاهد البحوث، والدكتور عبد الرحمن المهنا المشرف على المركز الوطني لتقنيات النانو متناهية الصغر في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض، والدكتور محمد الصالحي من قسم الفيزياء بجامعة الملك سعود، وطالب الدراسات العليا بجامعة إيلينوي الأميركية "ماثيو ستوبكا".
ويوضح البروفيسور "نايفة" أهمية إنجازهم بقوله، بأنه عند وضع غشاء رقيق جداً من جزيئات نانوية سيليكونية بحجم واحد نانومتر (النانومتر يساوي واحد من مليار من المتر)، مباشرة في الخلايا الشمسية السيليكونية، وجد أنه يحسن ويعزز من أداء إنتاج الطاقة الكهربائية بمقدار 60 بالمئة عند عمل الخلية في نطاق الأشعة فوق البنفسجية من الطيف الشمسي، كما أمكن تحسين الإنتاجية في نطاق الضوء المرئي للطيف بنسبة 10 بالمئة، وذلك من خلال استخدام جزيئات نانوية بحجم 2,85 نانومتر. ومن المعروف أن الخلايا الكهرو شمسية هي نوع من المحولات يتم من خلالها تحويل أشعة الشمس مباشرة إلى كهرباء وهي تنتج كمية كبيرة من الحرارة المتبددة، إلا أن عملها لا يصاحب بأي تأثير مثل الضوضاء أو التلوث أو الإشعاع، والمدى المرئي يشمل ألوان الطيف من الأزرق إلى الأحمر.
بضع نانومترات أي اقل بعشرات الآلاف من سمك شعرة الإنسان. ولأنها توصل التيار الكهربي فإنه يمكن أن تستخدم لبناء دوائر إلكترونية. وبعض هذه الأنابيب النانوية لها خصائص أشباه الموصلات مثل السليكون وبعضها له خصائص الموصلات مثل النحاس. وحيث إن الترانزستور هو عنصر أساسي في بناء دوائر الكمبيوتر الإلكترونية فإنه تم تصنيع ترانزستورات من أنابيب الكربون النانوية.
ولكن المشكلة تظهر في ترتيب الأنابيب النانوية في دوائر إلكترونية. ومشكلة أخرى أساسية هي أن الأنابيب النانوية تكون من خليط من مواد موصلة ومواد أشباه موصلة في حين أن المطلوب هو نوع واحد فقط. وتعتمد الخصائص الكهربية للأنابيب النانوية على دقة ترتيب ذرات الكربون فيها، وهذا يشكل صعوبة في التحكم في إنتاج أنبوب نانوي ليكون له خصائص أشباه الموصلات دون أن يكون له خصائص الموصلات.
ولكن الباحث Hickey Bryan وزملائه في جامعة "ليدز" طوروا تقنية من الممكن أن تساهم في إنتاج أنابيب نانوية مع التحكم في خصائصها الكهربية. وهذا سوف يساهم بشكل أساسي في بناء دوائر إلكترونية دقيقة. حيث يتم إنتاج هذه الأنابيب النانوية على شبكة من مادة سيراميكية، ويستم وضع الأنابيب بين فتحات الشبكة ثم دراسة تركيبها الذري باستخدام الميكروسكوب الإلكتروني. بعد ذلك استخدم الباحثان ملقط دقيق للإمساك بأنبوبة نانوية تحت الميكروسكوب ووضعها على سطح أخر. يقول Chris Allen أحد الباحثين في فريق جامعة "ليدز" أنه هذه التقنية تمكنوا من تصنيع دائرة إلكترونية معقدة بدرجة لا يمكن لأي طريقة أخرى أن تنتجها.
الشمسية بجزيئات نانوية سيليكونية، سيمكن استخدامه بسهولة في مجال الصناعة وبتكلفة قليلة كما أنه سوف يسهم بشكل فاعل في دعم الجهود الدولية لإنتاج الطاقة من مصادر بديلة ومتجددة، كما سيسهم - إلى حد ما - في تقليل مشكلة التغير المناخي والاحتباس الحراري العالمية، التي أصبحت تهدد مصير واستقرار الإنسانية على كوكب الأرض.

شكل (1) البروفيسور منير نايفة ممسكاً بالخلية الشمسية التي تم تطويرها باستخدام تقنية النانوتكنولوجي، بالإشتراك مع باحثون من المملكة العربية السعودية.
وأيضاً تمكن علماء من جامعة هارفارد الأميركية، من تطوير خلايا شمسية من "أسلاك نانوية" Nanowires يبلغ قطرها 300 نانوميتر فقط. وكما جاء في مجلة "تكنولوجي رفيو Technology Review، تملك الخلية الشمسية هذه نواة من السليكون البلوري crystalline silicon وعدة طبقات متمركزة من السليكون ذات خصائص إلكترونية مختلفة، وتؤدي كل طبقة نفس الوظيفة التي تؤديها الطبقات شبه الموصلة في الخلايا الشمسية التقليدية عندما تمتص الضوء وتلتقط الإلكترونات لتوليد الكهرباء. وفي حين انه قد يتم استخدام هذه الخلايا الشمسية المجهرية في بداية الأمر لتزويد أجهزة نانوية أخرى بالطاقة، ربما أصبح من الممكن ربطها معاً بأعداد كبيرة في ما بعد لتحل محل الألواح الشمسية solar panels المستخدمة اليوم. غير أن العقبات التي تقف في طريق تسويق هذه التكنولوجيا لا تزال ماثلة ويتعين على العلماء تطوير طرق لإنتاج هذه الأسلاك النانوية الشمسية بكميات أكبر مما هو الحال اليوم، وتحسين مستوى فعاليتها الحالي (أقل من خمس إنتاج الألواح الشمسية التقليدية) في تحويل أشعة الشمس إلى كهرباء .
كما توصل فريق من الباحثين الأستراليين والصينيين إلى كشف رائد باستخدام تقنية النانوتكنولوجي قد يحقق ثورة في مجال استخدام الطاقة الشمسية Solar Energy. وقد نشرت نتائجه في عدد 29 أيار/ مايو 2008 في الدورية العلمية البريطانية الشهيرة "نيتشر" Nature وعنه يقول الباحث "ماكس" لو Max Lu الأستاذ بالمعهد الأسترالي لهندسة البيولوجيا والنانوتكنولوجى بجامعة كوينزلاند بأسترالياAustralian Institute for Bioengineering and Nanotechnology, University of Queensland إن هذا الاكتشاف يحقق خطوة نحو التوصل إلى طاقة شمسية منخفضة التكلفة، حيث تمكن العلماء من إنتاج أول بلورات منفصلة من أوكسيد التيتانيوم بكميات كبيرة ذات أسطح تفاعلية.
يقول الباحث "ماكس لو" إن بلورات التيتانيوم متناهية الصغر Titania nano-crystals هي مادة واعدة في إنتاج الخلايا الشمسية Solar Cells منخفض التكلفة، وإنتاج الهيدروجين من الماء الانشطاري Splitting Water وتنقية السولار من الملوثات، وأوضح أن ما يقوم به فريقه هو جعل تلك المواد "سهلة ورخيصة".
وعن تطبيق البلورات شديدة الفاعلية متناهية الصغر، يقول "لو" إن هذا البحث لا يمكن تطبيقه على الطاقة المتجددة فحسب، بل إنه أيضاً رائع لتنقية الماء والهواء، حيث يمكننا وضع هذه البلورات على نافذة أو جدار لتنقية الهواء في الغرفة كما أشار إلى أن إمكانية تطبيق هذه التكنولوجيا في تنقية المياه وإعادة تدويرها عالية.
ويقول "لو" إن هذا سوف يستغرق خمس سنوات حتى تتوفر تطبيقات تنقية المياه والهواء بشكل تجاري وسيستغرق من 5 إلى 10 سنوات لاستخدام هذه البلورات في تحويل الطاقة الشمسية. وقد كان توفير الطاقة إلى الأجهزة بالمقياس النانوي nanometer-scale devices يشكل للعلماء تحدياً طويلاً. فالبطاريات والمصادر الشائعة الأخرى كبيرة جداً، مما يؤدي إلى التقليل من مميزات الحجم للمعدات الدقيقة. وطالما كانت البطاريات تحتوي على مواد سامة مثل الليثيوم والكادميوم، فإنها لا يمكن أن تزرع في الجسم كجزء من التطبيقات الطبية الحيوية.
وبما أن أوكسيد الخارصين هو غير سام وملائم للجسم، فإن المولدات النانوية يمكن أن توسع لتشمل معدات ذات استخدام طبي وقابلة للزرع، بحيث تقيس لاسلكيا سريان الدم وضغط الدم داخل الجسم. كما يمكن أن تستخدم في المزيد من التطبيقات العادية.
وقد تمكن العلماء بالتغلب على هذه المسألة، ففي نيسان/أبريل عام 2007 قدم باحثون من معهد جورجيا للتكنولوجيا بالولايات المتحدة Georgia Institute of Technology، نموذجاً أولياً لمولد نانوي فائق الصغر Nanogenerator، بإمكانه أن ينتج طاقة مستمرة من التيار الكهربائي المستمر (direct-current electricity (DC عن طريق "حصد" الطاقة الميكانيكية من المصادر البيئية مثل الأمواج فوق الصوتية، والذبذبات الحركية، وجريان الدم.
وتتألف المولدات النانوية nanogenerators من مصفوفات من الأسلاك النانوية المتناهية في الصغر Nanowires، مصنوعة من اوكسيد الخارصين (الزنك) (Zinc Oxide (ZnO، وهي تتحرك بشكل متعرج ZigZag داخل لوح موصل كهربائي. هذه المحركات تمثل طريقة جديدة في توفير الطاقة للأجهزة النانوية فائقة الصغر، وبدون بطاريات أو أي مصدر طاقة خارجي.
يقول العالم زونغ لين وانغ Zhong Lin Wang، في كلية علوم المواد والهندسة School of Materials Science and Technology بمعهد جورجيا للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، "هذه خطوة رئيسة باتجاه تقنية متنقلة ومتكيفة وفعالة اقتصادياً من أجل توفير الطاقة للمعدات السنانوية. لقد كان هناك اهتمام واسع في صناعة الأجهزة النانوية Nanodevices، ولكننا لم نكن نفكر في كيفية توفير الطاقة لها. إن مولدنا النانوي يسمح لـلنا بحصد أو إعادة تدوير الطاقة من مصادر متعددة من أجل توفير الطاقة لهذه المعدات".
وتستغل المولدات النانوية اثنتين من الخصائص الفريدة لأوكسيد الخارصين، هما قابلية إنتاج شحنة كهربائية، وكولها من أشباه الموصلات، مما يسمح بإنتاج شحنة كهربائية صغيرة عندما يتم ليها أو تمديدها. يبدأ الإنتاج بإنشاء مصفوفة من الأسلاك النانوية الموضوعة بشكل عمودي، وبفارق نصف ميكرون (واحد على مليون من المتر) بين الواحدة والأخرى على لوح حاضن من زرنيخ الغاليوم، أو أوكسيد الألمنيوم، أو بوليمر مرن. يتم زرع طبقة من أوكسيد الخارصين في قمة اللوح الحاضن لجمع التيار. كما صنع الباحثون أقطاب توصيل من السليكون على شكل متعرج، وهي تحتوي على الآلاف من الرؤوس النانوية والتي تم تحويلها إلى موصلات عن طريق تغطيتها بالبلاتين ثم يوضع القطب الكهربائي تحت مصفوفة الأسلاك النانوية مع ترك مجال كاف لعدد كبير من الأسلاك للتمدد بحرية خلال الفجوة بين الرؤوس، وحينما تتحرك الأسلاك تحت تأثير الطاقة الميكانيكية، مثل الموجات أو الذبذبات، تلامس الأسلاك الدقيقة الرؤوس دوريا مما يؤدي إلى نقل شحنتها الكهربائية. ومن خلال النقاط هذه الكميات الضئيلة من التيار والتي تنتجها المئات من الأسلاك النانوية المتحركة، ينتج المولد تياراً مستمراً يقاس بالنانو أمبير.
ويستوقع وانغ" وأعضاء فريقه البحثي، أن مولدهم فائق الصغر، حينما يصل إلى أفضل أداء، سيكون قادراً على إنتاج 4 واط لكل سنتيمتر مكعب، استناداً إلى الحسابات التي أجريت على سلك نانوي واحد. إن هذه الكمية تُعدّ كافية لتشغيل مدى واسع من الأجهزة النانوية المستخدمة لأغراض الدفاع والبيئة، والعلاج الطبي - الحيوي، ومنها المجسات (المستشعرات) الحيوية، أجهزة الرقابة على البيئية، وحتى الروبوتات فائقة الصغر.
وكان فريق "يونغ" البحثي قد اعلن عام 2006 عن مبدأ المولدات النانوية. وفي ذلك الوقت كان المحرك يستحصل الطاقة من سلك نانوي. واحد في المرة الواحدة عن طريق جر مسبار فوقه. يعمل المسبار على تجميع الشحنة الكهربائية حينما يتمدد السلك، ويضمن سريان التيار باتجاه واحد.
ومع وجود المئات من الرؤوس الموصلة يعمل القطب الكهربائي المتعرج على تجميع الشحنة الناتجة عن المئات أو الآلاف من الأسلاك بشكل متزامن حاصدا الطاقة من مصفوفة الأسلاك الدقيقة. يقول "وانغ" "ان إنتاج الاقطاب العلوية كمجموعة واحدة يمثل تقدما باتجاه رفع مستوى التقنية. نستطيع الآن ان نرى الخطوات الواجب اتباعها للمضي قدما باتجاه معدات يمكنها حقا توفير الطاقة إلى التطبيقات شديدة الصغر.
وقبل حدوث ذلك ينبغي إجراء تطوير اضافي للوصول إلى أفضل إنتاج للتيار. على سبيل المثال، فإنه على الرغم من أن الأسلاك النانوية يمكن ان توضع بطول متساو تقريبا (حوالي ميكرون واحد) فإن هناك بعض التغايرات. الأسلاك القصيرة أكثر من المطلوب لا تلامس القطب الكهربائي، فلا تنتج تيارا، بينما لا تستطيع الطويلة أن تتمدد لإنتاج الشحنة الكهربائية. يقول "وانغ" "يجب أن نكون أكثر قدرة على التحكم بزرع الأسلاك وكثافتها وتجانسها. نحن نعتقد أن بإمكاننا أن نجعل مليون أو حتى مليار من الأسلاك النانوية تنتج تيارا في وقت متزامن، سوف يساعدنا ذلك في الوصول إلى أفضل أداء للمولد النانوي".
وجه الباحثون في المختبر مصدرا للموجات فوق الصوتية على مولدهم النانوي، لقياس التيار الكهربائي الخارج لأكثر من ساعة. يقول "يونسغ" إنه على الرغم من وجود بعض التقطعات في التيار الخارج إلا أن إنتاج الكهرباء كان متواصلاً طالما كان مولد الأمواج فوق الصوتية مستمراً في العمل.
ولغرض إبعاد تأثير المصادر الأخرى على قياس التيار، استعمل الباحثون أنابيب الكربون النانوية، وهي غير قادرة على إنتاج الشحنة الكهربائية، عوضا عن أسلاك اوكسيد الخارصين الدقيقة. كما استعملوا رؤوس أقطاب مسطحة. وفي الحالتين لم يتم إنتاج أي تيار كهربائي..
ويعلق "وانغ قائلا "اذا كان لك جهاز مماثل في حذائك حينما تسير فسيكون بمقدورك ان تولد تياراً صغيراً يكفي لتشغيل معدات إلكترونية صغيرة. أي شيء يمكنه أن يحرك الأسلاك النانوية داخل المولد يمكن استخدامه لإنتاج الطاقة، فتحريكها لا يتطلب سوى قوة صغيرة جداً وقد تمكن "يونغ" وفريقه من استخدام تقنية "النانو" لتطوير طريقة تستطيع أن "تكهرب" الملابس، فقد أشاروا في دراستهم التي نشرت في عدد 14 شباط/فبراير 2008 من مجلة "نيتشر" البريطانية إلى أن دقات قلب مرتدي الملابس المصنعة بتقنية النانو أو خطواته أو نسمات الرياح الخفيفة تكفي وحدها لتحريك أسلاك دقيقة صنعت باستخدام تقنية السنانو ووضعت داخل ألياف دقيقة للمنسوجات وأنه يمكن توليد تيار كهربائي عن طريق تداخل هذه الأسلاك الدقيقة وتشابكها.
حيث قام البروفيسور "وانغ" وزملاؤه باستزراع أسلاك نانوية دقيقة من أوكسيد الزنك zinc oxide nanowires على شكل نجوم متداخلة في ألياف المنسوجات ثم غزلوا هذه الألياف خيوطاً.
وعن فكرة توليد التيار الكهربائي من الألياف قال الباحثون إن تداخل الألياف مع بعضها وتحرك الخيوط بالغة الدقة يؤدي إلى تحويل الطاقة الميكانيكية إلى كهرباء عن طريق عملية تفاعل الضغط الميكانيكي مع الجهد الكهربائي مع وجود أشباه الموصلات لنقل ما ينتج عن هذه العملية من تيار كهربائي.
واكتشف العلماء إمكانية توليد شحنات كهربية من بعض المواد البلورية باستخدام الضغط الميكانيكي والجهد الكهربائي نهاية القرن التاسع عشر والتي يتولد عنها تيار كهربائي عندما يكون هناك تداخل وتشابك بين أشباه الموصلات في هذه العملية.
ويستخدم العلماء هذه الظاهرة في الوقت الحاضر في صناعة الكثير من الأجهزة الإلكترونية منها طابعات الليزر وساعات الكوارتز والولاعات الكهربية.
ويقول الباحثون إن استخدام متر مربع من هذه الأنسجة يكفي في توليد تيار كهربائي يصل إلى 80 ملي وات milliwatts وهو ما يكفي لتشغيل أجهزة إلكترونية صغيرة مثل أجهزة المحمول أو المجسات العسكرية الدقيقة.
وذكر العلماء أن الأنسجة المصنعة للاستفادة من هذه الطريقة مرنة ولينة وسهلة الطي بالإضافة إلى أنه يمكن حملها كـ "ملابس مولدة للطاقة". كما يرى الباحثون أنه من الممكن استخدام هذه التقنية أيضا في تبطين الخيام.
وعلى مسافة 35 كيلومتراً من هارفارد، في مدينة النسيج القديمة "لوويل" Lowell بولاية ماساتشوستس الأميركية، تقوم شركة تكنولوجيا متقدمة خاصة تدعى "كوناركا" Konarka باستخدام النانوتكنولوجيا في الطاقة الشمسية، فقد اخترعت الشركة عملية لاستعمال جزيئات ثاني أوكسيد التيتانيوم الكيميائي شبه الموصل semiconducting chemical titanium dioxide ذات الحجم السناتوي nanoscale-sized particles في شريط رقيق من البلاستيك plastic film يُغلّف بصبغة حساسة للضوء light-sensitive dye. وعندما يضرب ضوء الشمس أو حتى ضوء اصطناعي داخلي، الصبغة، تقوم جزيئات ثاني أوكسيد التيتانيوم بإنتاج الكهرباء. ومع أن هذه التكنولوجيا لا تزال في مرحلة التطوير، فإن شركة "كوناركا" تفكر بالعديد من التطبيقات العملية لهذا الشريط البلاستيكي المرن من الخلايا الشمسية في الحالات التي لا يكون فيها استخدام الألواح التقليدية الفولتائية الضوئية الثابتة عملياً. فعلى سبيل المثال، يمكن لف هذه الأشرطة التي تولّد الطاقة حول أجهزة مثل الهواتف المحمولة أو الكمبيوترات المحمولة لإعادة شحن بطارياتها، ويمكن وضعها على هيكليات من أي نوع كان (حتى الخيم tents) كمولدات طاقة قائمة بذاتها، أو حتى نسجها مباشرة في الألبسة لتأمين الطاقة مباشرة للأجهزة الإلكترونية الشخصية أثناء استهلاكها)
وفي آب/أغسطس 2008 أعلن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT في الولايات المتحدة عن المكن فريق من الباحثين بالمعهد من اختراع وتطوير أول بطارية نانو في العالم. والتي تحوي فيروسات حية Virus-Based Batteries لبناء الهيكل الداخلي لهذه البطارية حيث تمت هندسة الفيروسات جينيا بحيث تقوم بجذب الجزيئات الفردية من المواد المراد صنع أجزاء البطارية الداخلية بهما كالأسلاك والأقطاب الكهربائية وبذلك يستغني الباحثون عن عناء تركيب أجزاء البطارية المتناهية الصغر بطريقة يدوية خصوصا وأن الأسلاك الداخلية لهذه البطارية أصغر 17000 مرة من سمك ورقة كراس عادية ويوجد أنواع 3 لهذه البطارية:
النوع الأول وهو طبقة رقيقة تشبه الشريط الفلمي وحجمه كحجم خلية من خلايا الإنسان ومن الممكن استخدامه في تشغيل الأجهزة الطبية الصغيرة التي قد تزرع في جسم الإنسان.
النوع الثاني: وهو ذو شكل مشابه للشبكة استخدامه يتم للتطبيقات الأكبر كأجهزة اللاب توب والسيارات.
النوع الثالث والأخير: وهو ذو شكل خيطي كرستالي مشابه الخيوط العنكبوت ويتم دمجه وتخييطه مع الأقمشة لتوفير ملابس مزودة للطاقة وهذا النوع للاستخدامات العسكرية (أنظر الشكل 2)

شكل (2): البطارية النانوية التي طورها فريق بحثي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، وتحوي فيروسات حية Virus-Based Batteries.
وفي أيلول/سبتمبر 2008 أعلن فريق بحثي صيني أنهم بصدد تطوير جسيمات نانو على شكل زهور Nanoflowers تتميز بأداء إلكتروني عال يفوق أداء المواد المستخدمة في البطاريات التقليدية، ففي تقرير نشر في عدد 10 أيلول / سبتمبر من مجلة "نشرات النانو" Nano Letters يقول العلماء إن هذه الجسيمات التي تأخذ شكل الزهور سيكون لها القدرة على تشغيل الجيل القادم من الأجهزة الإلكترونية، حيث عمد العلماء أولاً على إنشاء عناقيد من أنابيب النانو الكربونية clusters of carbon nanotubes المعروفة بقدرتها القوية على التوصيل الكهربائي، وفي الخطوة التالية قام العلماء بترسيب أوكسيد المنجنيز Manganese oxide على أنابيب النانو باستخدام تقنية لعمل الطبقات تسمى بالترسيب الكهربائي electrodeposition، وهو ما ينتج عنه عناقيد بحجم النانو تشبه نبات الهدباء dandelions الدقيق تحت المجهر الإلكتروني، وقد توصل العلماء من خلال هذه التجربة للحصول على نظام بطارية بسعة أعلى في تخزين الطاقة وطول عمر البطارية وكفاءة أعلى بالمقارنة بالبطاريات التقليدية. ويذكر أن الباحثين كانوا قد طوروا أنواعاً مختلفة من جسيمات النانو على شكل زهور باستخدام مواد مختلفة، بما في ذلك أوكسيد المنجنيز الذي يعتبر المكون المعدني الرئيسي المستخدم في البطاريات التقليدية، ولكن لم يكن الجيل القديم من جسيمات النانو التي تأخذ شكل الزهور مناسباً المنتجات المستقبل التي تحتاج المزيد من الطاقة وحياة أطول للبطارية.
الاكثر قراءة في الفيزياء الجزيئية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة