معنى الروايات الواردة في انّ عليّاً قسيم الجنّة والنّار
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص163-165
2025-10-15
333
الأول: من وجهة نظر العمل، وهو انّ أمير المؤمنين كان له مقام الولاية والإمامة من قبل الله، وفعله وقوله حجّة، أي ان جميع أفراد البشر يجب أن يقتدوا به في جميع شئون حياتهم.
وبناءً على ذلك، فانّ كلّ من يتبعه سيكون حقّاً من أهل الصدق والصفاء والعبادة والتسليم والجهاد والجود والإيثار، ومن الواضح أنّ شخصاً كهذا هو من أهل الجنّة، وذلك لأنّ الجنّة هي ظهور الأفعال والملكات الحميدة في العوالم الأخرى، وكلّ من يرفض دعوته عليه السلام ولا يقتدي بسيرته، وينصرف إلى الكذب والخيانة والتطفيف في الميزان وأكل الربا والتكاثر في الأموال وعبادة الشهوة والسعي وراء المنفعة واتباع الهوى والإعراض عن ذكر الله، فانّ من المسلم انّه سيكون من أهل النار، لأنّ جهنّم هي ظهور الملكات والأفعال القبيحة في تلك العوالم.
وما أوجب تفرّق هاتين الفئتين وانفصالهما عن بعضهما هو أمر ونهي مقام الولاية، الذي قبلته فئة ورفضته أخرى. لذا فانّه سيكون قسيم الجنّة والنار، شأنه شأن معلم يربّي تلاميذه ويعلمهم الدروس، فهناك فئة من التلاميذ يجدّون ويسعون فيتعلّمون تلك الدروس، وفئة أخرى تتكاسل وتأبى التعلّم، فيقوم المعلّم بإنجاح الفئة الاولى وبإفشال وإبقاء الفئة الأخرى في مكانها السابق، وكما انّ من الصحيح أن نقول انّ المعلم رفع فئة إلى مقامٍ أعلى وحبس أخرى في مكانها السابق، فانّ من الصحيح كذلك أن نقول: "عليّ قَسِيمُ الجنّةِ والنَّارِ".
الثاني: من وجهة نظر الحبّ والبُغض، لأنّ نتيجة روح العمل هي المحبّة، لذا فانّ الذين يفتقرون هذه المحبّة، بل اولئك الذين يربّون- والعياذ بالله- بُغضه (عليه السلام) في قلوبهم، هم في غاية البعد عن الحقيقة والواقع، فالذي يحبّ شيئاً سيكون مسلّماً أن يحبّ آثاره أيضاً، والذين يحبّون أمير المؤمنين سيحبّون أفعاله وأقواله وسيرته، وستكون لهم محبّة لهذه الآثار. وعلى العكس فانّ أعداءه ومُبغضيه سيُبغضون سيرته وسنّته، لذا فانّ أعمالهم ستكون طبعاً أعمالًا خشنة وسيئة.
ولأنّ الأفعال الحسنة تُوجِد المحبة والصفاء والنور في الإنسان، كما ان الافعال القبيحة توجِد ظلمة القلب وقساوته، فانّ محبّي أمير المؤمنين- بناءً على ذلك- هم طبعاً أصحاب الحقيقة والصفاء والمحبّة، قلوبهم أطيب واكثر نوراً، وأنفسهم أخفّ، بينما أعداء أمير المؤمنين هم بالطبع بعيدون عن الحقيقة والصفاء، قلوبهم مظلمة وأنفسهم مُتعبة وثقيلة وأرواحهم مُدنّسة.
ولأنّ نتيجة الأعمال الحسنة هي ذلك الصفاء والنورانية والمحبّة للّه، كما ان نتيجة الأعمال القبيحة هي الظلمة والقساوة والإعراض عن الله، لذا فانّ أمير المؤمنين بسبب تقسيم الناس إلى فئتين محبّ ومُبغض قد قسمهم إلى فئتين: أهل الجنّة وأهل النار.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة