الخطاب اللين امام الفرعون
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص351-353.
2025-08-19
480
الخطاب اللين امام الفرعون
قال تعالى : {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43، 44].
قال محمد بن أبي عمير : قلت لموسى بن جعفر عليه السّلام :
أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ لموسى وهارون عليهما السّلام : {اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى }.
فقال : « أمّا قوله تعالى : فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً أي كنياه ، وقولا له : يا أبا مصعب ، وكان اسم فرعون أبا مصعب الوليد بن مصعب . وأما قوله تعالى :
يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى فإنّما قال ، ليكون أحرص لموسى على الذّهاب ، وقد علم اللّه عزّ وجلّ أن فرعون لا يتذكر ولا يخشى إلا عند رؤية البأس ، ألا تسمع اللّه عز وجل يقول : {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس : 90] فلم يقبل اللّه إيمانه ، وقال {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس : 91] » « 1 ».
وقال سفيان بن سعيد الثوري : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام - وكان واللّه صادقا كما سمي - يقول : « يا سفيان ، عليك بالتقيّة ، فإنها سنة إبراهيم الخليل عليه السّلام ، وإن اللّه عزّ وجلّ قال لموسى وهارون عليهما السّلام : {اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} يقول اللّه عزّ وجلّ : كنّياه ، وقولا له : يا أبا مصعب ».
إلى أن قال : قال : سفيان : فقلت له : يا بن رسول اللّه ، هل يجوز أن يطمع اللّه عزّ وجلّ عباده في كون ما لا يكون ؟ قال : « لا ».
فقلت : فكيف قال اللّه عزّ وجلّ لموسى وهارون عليهما السّلام : لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى وقد علم أن فرعون لا يتذكر ولا يخشى.
فقال : « إنّ فرعون قد تذكّر وخشي ، ولكن عند رؤية البأس ، حيث لم ينفعه الإيمان ، ألا تسمع اللّه عزّ وجلّ يقول : {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس : 90] ، فلم يقبل اللّه عزّ وجلّ إيمانه ، وقال : { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً } [يونس : 91، 92] ، يقول : نلقيك على نجوة « 2 » من الأرض ، لتكون لمن بعدك علامة وعبرة » « 3 ».
____________
( 1 ) علل الشرائع : ص 67 ، ح 1.
( 2 ) النّجوة : المرتفع من الأرض . « المعجم الوسيط : ج 2 ، ص 905 ».
( 3 ) معاني الأخبار : ص 385 ، ح 20.
الاكثر قراءة في قصة النبي موسى وهارون وقومهم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة