جريمة التوراة الحاليّة نحو عالَم البشريّة
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج3/ ص134-136
2025-08-11
397
يذكر القرآن الكريم أن الشيطان الذي قام بإغواء آدم قال له: «يا آدم هل أدُلُّك على شجرة الخُلدِ ومُلكٍ لا يبلي».
والتوراة تقول: أن الشيطان الذي قام بإغواء آدم قال له: إذا أكلتَ من هذه الشجرة فإنّك ستحصل على العلم والمعرفة وتستنير بصيرتك.
وطبقاً لمنطق القرآن، فإنّ آدم الذي أزلّه الشيطان وتناول من ثمار الشجرة التي نُهي عنها، طُرِد من الجنّة، وتسبّب أكله من الشجرة المذكورة في عدم خلوده لا في خلوده (كما تدّعي التوراة)، إذاً فكلام الله هو الحقّ، وكلام الشيطان هو الكذب والباطل والافتراء.
وتقول التوراة أن آدم الذي أزلّه الشيطان وتناول من ثمار الشجرة التي نُهي عنها، أصبح يملك عيناً وبصيرة وعلماً ومعرفة فوجد نفسه عرياناً، ولذا فقد تناول من أوراق شجر الجنّة ووضعها على عورته ليسترها. وأن الله إنّما أراد بمنع آدم من الأكل من تلك الشجرة ونهيه عنها، إبقاءه على جهله وعدم اطّلاعه على عورته أو كشفها؛ لكنّه بانقياده للشيطان ومخالفته أمر الله تمكّن من كشف عورته وتوصّل إلى المعرفة. وهذا يعني أن كلام الله والعياذ بالله خطأ في حين أن كلام الشيطان كان صحيحاً مطابقاً للواقع! كذلك خطأ التوراة يكمن في ادّعائها أن الله كان قد وهب الشيطان العلم والمعرفة قبل أمره بالسجود لآدم. والآية المباركة: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.[1]
تدلّ دلالة صريحة وواضحة على هذا الأمر. لأنّ المراد من الأسماء هو حقائق الموجودات حيث أن كلّ موجود هو اسم لذات الله المقدّسة وعلامة له؛ وهذه المسألة كانت واضحة مسبقاً لدى آدم وكان قد حصل على العلم والمعرفة من قبل.
بل أن الشجرة، طبقاً للعقيدة الإسلاميّة، كانت شجرة خبيثة كخبث الحسد والبخل والضغينة؛ وآدم، بإطاعته الشيطان وتناوله من تلك الشجرة، صار موجوداً مادّيّاً وشقّ طريقه نحو الحسد والبخل والضغينة، فكان مصيره أن طُرِد من الجنّة التي هي مقرّ الأطهار ودار مقامه.
وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً.
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى.
فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ ولِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى.
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها ولا تَعْرى، وأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها ولا تَضْحى.
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ومُلْكٍ لا يَبْلى.
فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى.[2]
[1] «الميزان في تفسير القرآن» ج 8، ص 45 إلى 59.
[2] الآية 31، من السورة 2: البقرة.
الاكثر قراءة في فرق واديان ومذاهب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة