الدور الذي قامت به الاسكندرية في الأدب والعلوم (الفن)
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج14 ص 266 ــ 268
2025-07-27
290
لقد كان «بطليموس الأول» يعمل جاهدًا في جعل الإسكندرية مهبط كل المعارف والفنون وأجمل مدينة في العالم غير أنه كان دائمًا يُفضل ما هو مفيد نافع؛ فقد كان يفضل علماء العمارة والهندسة «المُفْتَنِّين» الذين كان عملهم محصورًا في إنتاج عدد صغير من التحف الدقيقة، ومع ذلك فقد حُكي عنه أنه قدَّم مبلغ 60 تالنتا للمصور «نيسياس» Nicias ثمنًا لصورة «نيكيا» Nika آلهة النصر وأن المثَّال لم يقبل بيعها بهذا الثمن، وقد أمر بعمل هذه الصورة لنفسه في بدلة صيد بثمن أقل، رسمها له المفتنُّ «أنتفليس» Antiphiles وذلك لأنه كان مصري المنبت، ولأنه كان من رجال بلاط مقدونيا عاش في عهد كل من «فليب» و«الإسكندر الأكبر» وكان منافسًا للرسام «أبل» Apelle وكان أنتفيليس هذا ماهرًا في رسم الصورة الهزلية (1).
أما الفن الشعبي في هذه الفترة فلم نجد له ما يماثله من الوجهة المصرية إلا ما نراه في مقابر عامة الشعب من صور دينية متوارثة، وعلى أية حال يظهر أنه كانت توجد في الإسكندرية مدرسة للفن، والظاهر أنها كانت قبل كل شيء مركز تجميع للأشياء الفنية، وهنا نجد أقدم إنتاج للرخام الأتيكي على يد المفتنين من الإغريق سواء أكان ذلك في «أثينا» أم في «الإسكندرية» على الأغلب، ونجد في عهد مبكر أن النحاتين المحليين في مصر قد أوجدوا طرازهم الإغريقي الخاص وورَّدوا للإغريق القاطنين في «الإسكندرية» وكذلك الذين في القرى ما يحتاجون إليه منه.
وقد تفوقت مدرسة الحفْر في الإسكندرية بوجه خاص في صناعة نحت الصور ونجد في تلك الأثناء كذلك أن المفتنِّين الوطنيين كانوا مستمرين في الإنتاج لمعابدهم ومحاربهم ومقابرهم على الطريقة المصرية القديمة وقد ظهر في حالات قليلة اختلاط الطرازين معًا (2).
ولكن الأعمال الفنية التي وُجدت في مصر حتى الآن تعتبر بوجه خاص من الدرجة الثانية (3)، واللوحات الجنازية المنسوبة إلى الإسكندرية أقل إتقانًا من ذلك اللهم إلا في مدة الجيل الذي غادر فيه المُفتنُّون الأثينيون بلدة أثينا بسبب خطر «ديمتريوس» مواطن «فالرم» فقد هاجروا إلى «الإسكندرية» واستوطنوها وهناك قاموا بعمل قطع فنية من طراز إغريقي خالص.
وفي مصر نشأت عادة عمل شعر التماثيل من الجبس وقد بقي تأثير المفتن «براكسيتليس» Praxiteles عظيمًا من هذه الناحية ولم يكن ذلك في الإسكندرية فحسب، غير أنه عند صناعة التماثيل بولغ في نعومة بشرة الجلد.
وصورة أفروديتي السيرينية الجميلة الطراز تقدم لنا أحيانًا مجرد عمل فني لا قيمة له، والواقع أن قوة الإسكندرية من الوجهة الفنية كانت في صنع القطع الفنية الدقيقة الصغيرة، ومن الجائز أنها هي التي اخترعت «الفسيفساء» و«الكاميو» وهو نقش الأحجار الكريمة أو الشبه كريمة نقشًا بارزًا، ومن المدهش حقًّا أنه على الرغم من أن المثالية في الفن الإسكندري لم يكن لها نصيب فإن المدينة كانت تحتوي على تمثال الإله «سيرابيس» الذي ينطق عن مثالية في الفن غاية في القوة والجمال(4)، ومن الممكن حقًّا أنه كان من عمل «بارياكسيس» Paryaxis تلميذ «سكوباس» Scopas وقد صُنع في أيام «بطليموس الأول» ولُوِّن باللون الأزرق ورُصِّعت العينان بجوهرتين لتلمعا في أنحاء المعبد المظلم من كَوَّتِهِ المُزَيَّنة والمُنارة بصورة فخمة، وقد وُصف وجه التمثال بأنه لطيف عليه جلال ورهبة كما كان ينبغي أن يكون عليه إله عالم الآخرة، وكان يرتدي على رأسه مكيال قمح رمزًا لمصر؛ لأنها مخزن الغلال العظيم، أما الفن المصري في المعابد المصرية فله شأن آخر سنتحدث عنه في فصل خاص.
..............................................
1- راجع: Plen. XXXV, §. 140.
2- راجع: Noshy, The Arts of Ptolemaic, Egypt. 1937. PP. 83 ff; F. Poulsen, Gab es […] eine Alexanderinische Kunst? In From the collections of the Nycarlsberg Glyptothek. II (1938); G. Kleines, Bull. Soc: Arch. Alex. XXXII, (N. S. 10. 1) 1938, P. P. 41 ff. (Grave Sculpture); and Adriani Ibid. P. P. 76 ff. (portraits); Social and Economic History of the Hellenistic World by M. Rostovtzeff, vol. I, P. 380
3- راجع: J. E. A. XI, P. 179.
4- راجع: Witz, Sarapis in Rocher, Amelung, Rev. Arch. II 177; Lippold, Festschrift Paul Arndt, 1925, P. […] 5
الاكثر قراءة في العصور القديمة في العالم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة